رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الطمأنينة المثلثة «لأنكَ أَنتَ جَذبْتنِي مِنَ البَطنِ. جَعَلْتنِي مُطمَئنـًا عَلَى ثدْيَيْ أُمِّي» ( مزمور 22: 9 ) ربما لم يكن للمطوَّبة العذراء مريم، نظرًا لفقرها الشديد، وتغرُّبها في بيت لحم، بعيدًا عن مدينتها الناصرة، حيث لا صديقات لها أو معارف، نقول: ربما لم يكن لها قابلة تُساعدها في الولادة، وتتلقى المولود عندما يخرج من البطـن. لكن ها المسيح يقول لله: «لأَنَّكَ أَنتَ جَذَبتَنِي مِنَ البَطْنِ ... عَلَيكَ أُلْقِيتُ مِنَ الرَّحِمِ». والمسيح وهو يذكُر هذا هنا، ويتذكَّـره وهو في ساعات الألم، كأنه يقول لإلهه: في البداية لم يكن لي سواك، وإلى النهاية ليس لي إلاك. فلماذا تركتني؟ وما أعجب ما يُضيفه المسيح بعد ذلك؛ فبعد أن قال: «لأَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ البَطنِ»، يُضيف قائلاً: «جَعَلتَنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي»! ولعل الصبي الصغير يسوع أحسَّ بشعور الفزَع الذي انتاب كل من يوسف النجار والمطوَّبة مريم عند هروبهما به إلى مصر. أما هو فكان له في أثناء ذلك شعور مختلف، فيقول هنا: «جَعَلتنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي»! ويلذّ لنا أن نُشير إلى طابع الطمأنينة المُثلثة التي ميَّزت كل مسيرة ذلك المُتكِّل الأعظم، من بدايتها وحتى نهايتها. 1- طمأنينة المسيح وقت طفولته: «لأَنَّكَ أَنتَ جَذَبتَنِي مِنَ البَطْنِ. جَعَلتَنِي مُطمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي» ( مز 22: 9 ). فهيرودس الشـرير الطاغية عندما أراد أن يُهلك المسيح، أصاب المطوَّبة مريم ويوسف النجار بالفزَع، لكن المسيح في طفولته كان ينعَم بسلام عجيب وطمأنينة هادئة. 2- طمأنينة المسيح في كل حياته: «بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَل أيْضًا أنَامُ، لأَنَّكَ أنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِدًا فِي طُمَأنِينةٍ تُسَكِّنُنِي.» ( مز 4: 8 ). وربما أوضَح صور طمأنينة الرب في حياته نراها في عبور المسيح بحيرة طبرية مع تلاميذه، عندما كان تبارك اسمه في مؤخر السفينة على وسادة نائمًا. لقد انزعج التلاميذ رغم أن منهم صيادين يفهمون جيدًا في البحر، لكن أمام تلك العاصفة الشديدة اضطرب الجميع، إلا هو، الذي وبَّخ تلاميذه بكل هدوء قائلاً: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» ( مر 4: 37 - 41). 3- طمأنينة المسيح عند موته ودفنه: «لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أيضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا» ( مز 16: 9 ). فالمسيح كان له الثقة التامة أن الله لن يتركه في القبر، ولن يدَع جسده القدوس يرى فسادًا. ولقد أكرَم الله جسد المسيح القدوس بعد موتهِ، ولم يدَع أيدٍ شريرة تلمسه. ثم أُقيم المسيح بمجد الآب. |
|