رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقاء المسيح مع السامرية
+ «فلما علم الرب أن الفرِّيسيين سمعوا أن يسوع يُصيِّر ويُعمِّد تلاميذ أكثر من يوحنا، مع أن يسوع نفسه لم يكن يُعمِّد بل تلاميذه، ترك اليهودية ومضى أيضاً إلى الجليل. وكان لابد له أن يجتاز السامرة. فأتى إلى مدينة من السامرة يُقال لها سوخار، بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه. وكانت هناك بئر يعقوب. فإذ كان يسوع قد تعب من السفر، جلس هكذا على البئر، وكان نحو الساعة السادسة.» (يو 1:4-6) = = = وليس هذا الأسلوب غريباً على يوحنا الذي تعلَّم أن الراعي الصالح يترك التسعة والتسعين خروفاً ليبحث عن خروفٍ ضال، وقد كان هذا أيضاً هو أسلوب يوحنا في خدمته حتى صار أسقفاً على كنيسة أفسس: أن يهتم بالفرد، بكل فرد. ليتنا ننتبه إلى هذه الحقيقة من أجل تعزية نفوسنا، أن المسيح يهتم بك وبي وبكل إنسان مثلما نهتم بالجماهير، بل ويشتاق أن يتقابل معك شخصياً على انفراد بعيداً عن زحمة الجموع، وهو مستعدٌّ أن يقضي الليل كله معك ليشرح لك مع نيقوديموس كيف يمكن أن تولد من الله، ويسعى إليك في حر النهار لينتزعك مثل السامرية من اهتمامات العالم والجسد ليُروي عطشك إلى معرفته. ما أجمل أن يكون هذا هو اختبارنا في المسيح: اختبار الانفراد مع المسيح. يا رب، إن لم يكن لي جهد وشوق أن آتي إليك مع نيقوديموس، لأن الخطية قد أنهكت قوتي وأظلمت عقلي وضميري عن أن يعرفك، تعالَ أنت، أيها الرب يسوع، كما أتيت إلى المرأة السامرية، وأضرم محبتك في قلبي. السـامرة: كان إقليم السامرة يقع شمال فلسطين بين إقليمي الجليل واليهودية، وكان سكانها يُكوِّنون عشرة أسباط من بني إسرائيل انفصلوا بعد موت الملك سليمان وسكنوا الشمال واختلطوا بالأمم، وامتزجت عبادتهم بعبادة الأُمم وفقدوا طابع شعب الله وسمات اليهودي الأصيل، ولهذا صارت هناك عداوة بينهم وبين بقية بني إسرائيل (سبطَي يهوذا وبنيامين) الساكنين في أورشليم، ولم يكن مسموحاً للسامري أن يصعد إلى أورشليم ليُقدِّم ذبيحة، بل كانوا يُقدِّمون ذبائحهم على جبل جرزيم بالسامرة. فالسامريون، إذن، شعب مرفوض من اليهود تنجَّست عبادتهم وحياتهم بنجاسات الأمم الوثنية. لقاء حطَّم الحواجز!! نــرى في لقاء المسيح مع السامريــة مثالاً حيًّا للقاء المسيح مــع الإنسان، أي إنسان؛ إذ نــرى في هذا اللقاء أحضان الله المفتوحة لكل إنسان مهما كان أصله أو جنسه أو حياته. لقاء نرى فيه ممارسة عملية لمحبة الله لكل العالم. المحبة التي تبذل، والمحبة التي تتخطَّى كل الحدود وتكسر كل القيود من أجل خلاص الإنسان. لقاء حطَّم كل الحواجز التي تمنع أي إنسان من الوصول إلى الله.من السهل أن يقبل الإنسان أن المسيح يتقابل مع نيقوديموس الفرِّيسي، معلِّم الناموس، ولكن أن يلتقي ابن الله القدوس مع امرأة خاطئة سامرية؟؟ هذا أمر كان من العسير على الرجل اليهودي قبوله في ذلك الحين، إذ قد تجمَّعت في هذه المرأة صفات كان يمكن أن تكون كل صفة منها حاجزاً يحجبها عن المسيح. 1 - فهي امرأة سامرية، أي أنها من جنس صار غريباً عن شعب الله، فهي في نظر اليهودي وثنية. 2 - وهي امرأة، والمرأة في نظر اليهودي هي جنس أقل كرامة من الرجل ولم يكن أمراً مقبولاً أن يُشاهَد فريسيٌّ أو ناموسي يتكلَّم مع امرأة علانية حتى لو كانت هذه المرأة هي زوجته أو أخته. 3 - ثم كانت امرأة خاطئة وسيرتها النجسة حرمت عليها أن تختلط حتى بأهل المدينة التي تسكنها مما جعلها تذهب إلى البئر الذي يبعد حوالي نصف ميل عن البلدة مع أنه كان هناك آبار أخرى داخل المدينة يستقي منها أهل البلدة، ولكنها ذهبت وحيدة في وسط النهار لتستقي ماءً على غير المألوف، إذ كانت النسوة يذهبن عادة في الصباح أو المساء ويذهبن في جماعات. كل هذا لكي تتحاشى أن تقابل أهل المدينة الذين يزدرون بها من أجل سيرتها غير الطيبة. كانت هذه كلها حواجز يمكن أن تمنع هذه المرأة من أن تتحدث حتى مع أي إنسان، فما بالك لو كان هذا الإنسان هو المسيح البار القدوس؟ ولكن نشكر الله، لأنه حينما صارت الخطية حاجزاً مانعاً الإنسان أن يقترب إلى الله أتى المسيح بنفسه متخلِّياً عن مجده الإلهي، مُحطِّماً كل الحواجز ليُقيم هذا الإنسان الميت في جسده الإلهي ويُقدِّمه إلى الله. ”قد تعب من السفر“: لقد قضى يسوع ما يقرب من 6 ساعات ماشياً على قدميه إلى أن وصل إلى سوخار، حيث تقابل مع المرأة السامرية، وكان يمكن أن يقضي المسيح هذه الساعات في تعليم الآلاف من الناس، ولكن الله يهتم بالفرد الواحد كما يهتم بألف فرد حتى لو كان هذا الفرد إنساناً خاطئاً مرفوضاً.ليتنا نتعلَّم ألاَّ نحتقر أي إنسان حتى وإن كان هذا الإنسان غريباً ليس من عشيرتنا ولا من جنسنا أو من ديننا؛ حتى لو كان وثنياً خاطئاً ونجساً. مَن يدري؟ ربما يكون الذي نحتقره الآن بسبب خطيته هو القديس موسى الأسود فيما بعد، أو قد يكون اللص اليمين الذي كان أول مَن دخل الفردوس. ليت هذا يكون أسلوب كل خادم في خدمته. لأنه كم من المرات تتعثَّر الخدمة بسبب الاهتمام بالجماهير أكثر من الاهتمام بالفرد. ”وكان لابد له أن يجتاز السامرة“: لم تكن السامرة بالبلد المحبوب لدى اليهودي، بل كان يتحاشى المرور منها لئلا يتنجَّس بنجاسات أهلها. ولكننا أحياناً نجد الله يدفعنا أن نجتاز كثيراً من التجارب والضيقات في خدمتنا أو في حياتنا. ولا نعلم أن الله في تدبير صالح يُعِدُّ لنا أجمل الاختبارات والتعزيات الروحية.إن أتعبتْكَ السامرة، يا أخي، فاعلم أن في السامرة بئر يعقوب، وعلى البئر هناك يسوع جالسٌ ينتظرك. وإذا ظننتَ أن السامرة هي خدمة فاشلة، فاعلم أن هناك نفساً تنتظر كلمة الرب لتخلُص ويخلُص معها كل أهل المدينة. كم من خادم يشتهي أن يخدم في أورشليم حيث الهيكل والمجد، غافلاً عن أن المسيح دخل مرة إلى أورشليم فلم يجد في الهيكل مكاناً للصلاة ولم يستطع أن يمكث في أورشليم ولا ليلة واحدة، بينما نراه يمكث يومين في السامرة. ”فإذ كان يسوع قد تعب“: ويحي أنا الإنسان الشقي!أنا، أنا وحدي الذي أتعبتُك يا رب، في الوقت الذي كنتَ تسير فيه على أقدامك ساعياً إليَّ، كنت أجري أنا وألهث في طريق العالم لأشبعَ من شهواته. أنت الذي سعيتَ في طلبي أنا الضال، وأنا لاهٍ عن خلاص نفسي. عجباً يا رب، تتعب، وأنت الإله مُريح التعابى، تجوع، وأنت الذي تُشبع الجميع من خيراتك. تعطش، وأنت ينبوع الماء الحي. لا، لا، يا رب، لم يكن جوعك إلى خبز الجسد، بل إلى نفسي. ولم يكن عطشك إلى ماء البئر، بل إلى خلاصي. ولم يكن تعبك من عناء المشي، ولكن من حَمل خطيتي. نعم، نعم، يا رب، أنا هو الجائع والعطشان والتعبان. أعطني يا رب كما أعطيت السامرية، خبز الحياة الذي مَن يأكل منه لا يجوع، والماء الحي الذي مَن يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، حتى لا أعود إلى العالم، لأستقي من ماء آباره مرة أخرى. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تعلم لغة الحوار من لقاء السيد المسيح مع المرأة السامرية | لقاء الأربعاء |
تصميم | لقاء المسيح مع السامرية |
لقاء المسيح مع السامرية |
لقاء السامرية مع يسوع المسيح |
بوستر لقاء المسيح مع السامرية |