هناك شيء آخر وهو أن أستير قد وقفت في المكان الذي كان ممكن أن يجلب لها الموت. ذلك أنها كانت الملكة ولم تكن بحاجة أن تتعرّض لمثل ذلك الخطر. لكنها وقفت هناك كعبدة. لقد قبلت ذلك لأنه كان عندها قضية هامة: وهو أن تلغي مرسوم هامان الذي كان سوف يبيد شعبها. والمسيح، رغم أنه أصلاً كان في جوهر الله ويتمتع في نفس المجد ومعبوداً من الملائكة في السماء، ولكنه وضع مجده جانباً، وقَبِلَ أن يتجسد، وأن يقف في الساحة البشرية أمام الله كعبد يحمل قضيتنا. إذ قد كنا تحت حكم الموت الأبدي والانفصال عن الله.
لقد كان عدو النفوس يتهمنا بأن الله لا يستطيع أن يقبلنا بسبب أن الله قدوس ونحن متعدون وخطاة. ولكن يسوع قد وقف في الساحة البشرية كإنسان كامل، طالباً من الله الآب أن يرفع الدينونة عن شعبه وجنسه البشري الذي بات يشترك معه في الطبيعة ولكن بدون خطية. ويسوع له الحق أن يرفع هذه اللعنة والدينونة عن شعبه، ذلك بسبب أنه قد مات على الصليب دافعاً بدل التعدي. وهكذا كما أستير نالت نعمة من الملك ومد لها القضيب الذهبي وجلست مع الملك كممثلة لشعبها، ورفعت حكم الموت الذي كان قد فرضه هامان. هكذا يسوع بعد قيامته من الأموات قد رُفِّع كأنسان على عرش الله, وجلس عليه كممثل للإنسانية ووسيط وشفيع لها، رافعاً مرسوم الموت الروحي عن كل من يؤمن به.
كل سفر في العهد القديم يحوي كنوزاً عظيمة تجعل موضوع الفداء الذي قدمه المسيح عن الجنس البشري مُدركة أبعاده من نفوسنا وعقولنا. ذلك من خلال النبوات المباشرة أو الرمزية. وسفر أستير يدل على دول المسيح بطريقة رمزية عميقة مُقدِّماً وجهاً نبوياً لدور المسيح في الفداء وخلاص الجنس البشري ورفع حكم الموت الأبدي واستعادة الشركة مع الله، بشكل يجعل الإنسان النزيه أن يحبه ويقدر عمله الفدائي ويعبده.
هناك في الكتاب المقدس الكثير من النبوات المباشرة التي تنبأت عن مجيء المسيح. من هذه النبوات المباشرة نراها في سفر أشعياء 9: 6