رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيليا على جبل التجلي بعد أن صعد النبي إيليا إلى السماء في مركبة نارية تجرُّها خيول من نار، عاد إلى أرضنا مرة أخرى على جبل التجلي، ليلتقي بالسيد المسيح ومعه موسى. فعلى جبل حرمون العالي صعد السيد المسيح مع تلاميذه بطرس ويوحنا ويعقوب وابتدأ يصلي، وبينما هو يصلي تجلَّت هيئة وجهه وصارت ثيابه بيضاء لامعة. وجاء رجلان ليتحدثا معه هما موسى وإيليا، اللذان ظهرا بمجد، وتكلما عن خروجه الذي كان على وشك أن يكمله في أورشليم ليموت على الصليب. وأما بطرس ويعقوب ويوحنا فكانوا قد تثقلوا بالنوم، فلما استيقظوا رأوا مجد المسيح والرجلين الواقفين معه. وفيما موسى وإيليا يفارقان المسيح، قال بطرس ليسوع: «يَا رَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هٰهُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ. لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». وهو لا يعلم ما يقول وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ ٱلسَّحَابَةِ قَائِلاً: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ ٱلَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ ٱسْمَعُوا» (متى ١٧: ١-١٣ ، مرقس ٩: ٢-١٣ ، لوقا ٩: ٢٨-٣٦). ترى لماذا اختار اللّه موسى وإيليا ليلتقيا بالسيد المسيح على الجبل في هذه المناسبة الجليلة؟ لقد كان موسى وإيليا ممثِّلين للعهد القديم كله. موسى يمثل الشريعة والناموس، وإيليا يمثّل الأنبياء. وكأن الشريعة كلها والأنبياء جميعاً يتطلعون إلى مجيء السيد المسيح إلى أرضنا، فموسى وإيليا معاً يشهدان بمجد السيد المسيح. وكان لهذا الظهور أثر عظيم في نفوس التلاميذ، وفي نفوسنا نحن اليوم عندما نقرأ عن هذا. لقد اختار اللّه موسى وإيليا ليقابلا السيد المسيح، لأن الاثنين فارقا عالمنا بطريقة تختلف عن الطريق التي يفارق بها البشر العاديون أرضنا. فموسى لم يمُت من تأثير المرض أو الشيخوخة، لكنه انتقل إلى السماء وسط مظاهر ترحيب اللّه، فانطلقت روحه إلى المجد دون أن يعاني آلام الموت، وقام اللّه نفسُه بدفْن جسده في مكان لا يعرفه أحد غيرُ اللّه. أما إيليا فلم يمُت، ولم يصَب بمرض أو بشيخوخة، لكنه انطلق إلى السماء في مركبة نارية تجرُّها خيول من نار. ونحن لا نستطيع أن ندرك هذه الأسرار العجيبة، ولكننا نعلم أن هذين الشخصين الممتازين رجعا إلى أرضنا ليقدّما للسيد المسيح شهادة أنه هو مشتهَى كل الأمم ومنتظر كل الأجيال. ونعتقد أن هناك سبباً ثالثاً جعل اللّه يرسل موسى وإيليا ليلتقيا بالسيد المسيح على جبل التجلي، وهو أنهما يعلنان أن خدمتهما تمَّت بمجيء المسيح. قال فيلبس عن المسيح: «وَجَدْنَا ٱلَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءُ» (يوحنا ١: ٤٥). وقال السيد المسيح: «هُوَ (موسى) كَتَبَ عَنِّي» (يوحنا ٥: ٤٦). وعندما جاء السيد المسيح أرضنا متواضعاً لم يستطع البشر أن يدركوا حقيقة شخصه، حتى أن بطرس قال له: «يا سيد نصنع ثلاث مظال: لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة» ليساوي بين موسى وإيليا والمسيح. ولكن اللّه شاء أن يرجع موسى وإيليا مرة أخرى إلى السماء، ويبقى المسيح وحده وسط التلاميذ، ليسمعوا صوتاً سماوياً يقول: «هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا». وكأن اللّه يقول: «لا تضعوا أنفسكم تحت شريعة موسى، ولا تكتفوا بالأنبياء، مهما سمت تعاليمهم، لكن قدِّموا الطاعة والإكرام للسيد المسيح». لقد ظهر البَطَلان العظيمان موسى وإيليا على جبل التجلي للحظات قليلة، عادا بعدها إلى المجد الذي جاءا منه، بعد أن شهدا لعظمة المسيح، وكان انسحابُهما من المشهد تنبيراً على ضرورة وضع التفكير كله في شخص المسيح. |
|