13 - 01 - 2021, 05:40 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
أبوة الله
ينظر المسيحيون إلى الله كأبيهم، فهو " أبونا الذي في السموات" (مت 6: 9 و14 و26 إلخ.) وهو " الله أبو ربنا يسوع المسيح" (2 كو 11: 31 إلخ.). وهذه العلاقة الحميمة والمحبة الفائضة والنعمة الغنية هي ما يعلنه لنا إنجيل المسيح. وقد نجد مثل هذا في بعض الديانات الوثنية، فكانوا يقولون " زفس أب " بمعنى أنه الخالق، وبهذه الصفة له علاقة أبوية بكل العالم (أع 17: 24 - 28). وفي العهد القديم يعلن الله نفسه أبًا لشعبه المختار (خر 4: 22)، كما أنه أب لممثل الأمة مثل الملك (2 صم 7: 14). كما أنه يترأف كأب على خائفية (مز 103: 13).
ولكننا في إنجيل يسوع المسيح، نجد هذه الأبوة معلنة كجوهر الله، وأنها تتجه للفرد. وللوصول إلى لب الحق المتعلق بأبوة الله، يجب ألا نبدأ بالإنسان بل بالله نفسه، الذي يوجد في أعماقه الأزلية ينبوع المحبة الأبوية التي أعلنت عن نفسها في الزمان.
فقبل كل شيئ يتجلى معنى أبوة الله في علاقته بالابن الأزلي قبل كل الدهور (يو 1: 18 ) . ففي " الله الآب " نجد الإشارة إلى العلاقة الأزلية الكائنة بين الأقانيم الثلاثة في اللاهوت المبارك (مت 28: 19). وقد فهم اليهود من قول المسيح إن " الله أبوه " أنه يعادل نفسه بالله (يو 5: 18، 10: 30 و33، 19: 7). فمن هذا الينبوع الأزلي، تنبع علاقة الله كأب:
1- للعالم بالخليقة.
2- للمؤمنين بالنعمة. فقد خلق الله الإنسان ليكون ابنًا له، ولكن حالت دون ذلك الخطية، ولم يكن ممكنًا استرداد هذه البنوية إلا بالفداء. ومن هنا نرى امتياز البنوية - الذي لا يعبر عنه - الذي يقدمه الإنجيل (1 يو 3: 1) بنعمة الله لكل من يولد ثانية بالإيمان بالمسيح (يو 1: 12 و13) الذي به ننال التبني (رو 8: 14 و19)، ففي هذه العلاقة الوثيقة والقرب القريب من الآب في ملكوت ابن محبته (كو 1: 13) صار المؤمنون " أبناء الله " بمعنى يختلف عن سائر العالم، فهي ليست علاقة بالطبيعة ولكن بالنعمة. وهذه الأبوة هي الحقيقة الفاصلة والمميزة لعلاقة الله بهم (أف 3: 14).
ولكن من الخطأ أن نتكلم عن أبوة الله كأنها هي التعبير الجامع المانع عن طبيعة الله، حقيقة أن الله أب، ولكنه أيضًا وبنفس القدرة - في علاقته مع العالم - هو الرب والديان. ومن الأزل وإلى الأبد، لابد أن يعلن الله نفسه أنه ضد الخطية (رو 1: 18) وأن نعمته الأبوية لا يمكن أن تمنع الدينونة طالما ظل القلب متقسيًا غير تائب ( رو 2: 1 - 9).
ومما يجب ملاحظته أن المسيح لم يستخدم قط عبارة " أبونا " في حديثة عن الآب ، بل كان بكل وضوح يشير إلى الفارق بين أبوة الله له، وأبوة الله للمؤمنين، فيقول : "إلى أبي وأبيكم" (يو 20: 17). أما عبارة " أبانا " في الصلاة المعروفة بالصلاة الربانية (مت 6: 9) فهي ليست صلاة على لسان المسيح ولكنها توجيه منه لتلاميذه عن كيف يصلون.
ويجب أن يكون للمؤمنين ثقة - كبنين - في أبيهم، فهو أكرم من أي أب بشري (مت 7: 9 - 11، لو 11: 11 - 13). وقد أعطانا الله " روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 8: 14 و15، غل 4: 6 ).
وحياة المؤمن هي حياة المسئولية أمام أبينا (1 بط 1: 7) ولكنها أيضًا حياة الشكر والحمد للآب الذي لنا فيه كل شيئ (2 كو 1: 3، 2 تس 2: 16، 1 بط 1: 3) .
|