رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا نُورُ العالَمِ من يتبعني لا يمشي في الظلام
انجيل متى ٨ / ١٢ – ٢٠ “وعادَ يَسوعُ إلى مُخاطَبَتِهِم، فقالَ لهُم أنا نُورُ العالَمِ. مَنْ يَتبَعْني لا يمشي في الظَّلامِ، بل يكونُ لَه نُورُ الحياةِ. فقالَ لَه الفَريسيُّونَ أنتَ تَشهدُ لنَفسِكَ، فشَهادَتُكَ باطِلَةٌ. فأجابَهُم يَسوعُ نعم، أنا أشهَدُ لِنَفْسي، ولكنَّ شَهادَتي صَحيحَةٌ، لأنِّي أعرِفُ مِنْ أينَ جِئتُ وإلى أينَ أذهَبُ. أمَّا أنتُم، فلا تَعرِفونَ مِنْ أينَ جِئتُ ولا إلى أينَ أذهَبُ. أنتُمْ تَحكُمونَ بِمقايـيسِ البشَرِ، وأنا لا أحكُمُ على أحدٍ. وإذا حكمتُ، فحُكمي صَحيحٌ لأنِّي لا أحكُمُ وَحدي، بل أنا والآبُ الذي أرسَلَني. وفي شريعتِكُم أنَّ شهادَةَ شاهدَينِ صَحيحةٌ، فأنا أشهَدُ لِنَفسي، والآبُ الذي أرسَلَني يَشهَدُ لي. فقالوا لَه أينَ أبوكَ فأجابَهُم أنتُم لا تَعرِفوني ولا تَعرِفونَ أبـي. ولَو عَرَفتُموني لَعَرَفتُم أبـي. قالَ يَسوعُ هذا الكلامَ عِندَ صُندوقِ التَّبرُّعاتِ وهوَ يُعَلِّمُ في الهَيكَلِ، فما أمسكَهُ أحدٌ لأنَّ ساعتَهُ ما جاءَت بَعدُ”. التأمل: “من يتبعني لا يمشي في الظلام…بل يكون له نور الحياة” رسم أحد الفناني لوحة الاشجار في فصل الخريف بعد غروب الشمس بقليل.. كانت اللوحة تميل الى الظلام.. الاشجار عارية الاوراق, وهناك بيت منعزل بلا أضواء يقف منفردا, يواجه عاصفة ثلجية شديدة.. كل ما في اللوحة يعبر عن الظلام والكآبة والوحشة وفقدان الرجاء.. لكن الفنان لم يكن قد انتهى من رسم لوحته، بقيت بضع دقائق قبل أن يسلمها للمعرض.. بسرعة غمس ريشته في اللون الاصفر ثم رسم به نورا في نافذة المنزل، آتيا من الداخل.. يا للتغير المذهل، لقد تحول مدلول المشهد تماما وصار يعبر عن الدفء والطمأنينة والامان رغم شدة العاصفة وقساوتها.. بيت مضيء وسط الظلام وغضب الطبيعة.. رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا لبنان ورغم القلق الذي يقض مضاجع الناس، خصوصا القلق المهني مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والنقدية وتعثر معظم المؤسسات وصرف الموظفين أو إعطائهم نصف معاش، والقلق على المستقبل من الجوع والموت، والقلق من الحرب وتهديد سلامة المواطنين في صحتهم وحياتهم وجنى عمرهم… رغم كل الخيبات التي قد يصاب بها الإنسان ورغم الظنّ إلى حدّ اليقين أن لا أملاً في الافق.. لكن في دقائق قليلة يتدخل الرب ليغير كل شيء، بكلمة واحدة منه تتحول المستحيلات الى ممكنات، بلمسة واحدة منه يشفي جراحاتنا العميقة، بنظرة واحدة منه يملأ حياتنا نورا حقيقيا نابعا من الداخل.. يجعلنا سعداء حتى وان كنا في وسط العاصفة… في هذه الليلة، ليلة ميلاد يسوع المسيح، سيشعّ نور عظيم من داخل البيوت التي ظنّ أهلها أن الظلام دائمٌ لا محالة وخاب أملهم من وعود الكثيرين لكن في لحظة واحدة وضعوا كل رجائهم بالرب، وأنشدوا في سرّهم مع صاحب المزامير :”أحبك يا رب يا قوتي.. لأنك أنت تضيء سراجي.. الظلمة أيضا لا تظلم لديك والليل مثل النهار يضيء”(مزمور 18 / 1 و 139 / 12 ) لنتلو معاً في هذه الليلة المباركة صلاة البابا الرابع للكنيسة القديس اكليمندص الأوّل: يا رب أنت، المعاون الوحيد للأرواح، وإله كل البشر؛ المتأمّل في أعمال الإنسان، مُنقِذه من المخاطر، ومُخلصه من اليأس، الخالق ومراقب كل النفوس! أنت الذي تُكثِر الشعوب على الأرض واخترت من بينهم من يحبّك بيسوع المسيح ابنك الحبيب والذي من خلاله علّمتنا وقدستنا وكرّمتنا نصلّي من أجلك، يا رب! كُن مساعدنا وداعمنا كُن خلاصا للمُضطّهدين، كن رؤوفا للمتواضعين، ارفع الذين سقطوا، اظهر على الذين بحاجة إليك، اشف المرضى، اجلب الضالين من شعبك، أطعِم الجيّاع حرّر السجناء، ارفع المعذّبين واسي ضعاف القلوب فلتعلم الشعوب كلها بأنّك وحدك الرب ويسوع المسيح هو ابنك، وبأننا شعبك وخرافك. أنت الذي لا تزال مخلصا لجميع الأجيال، أنت المُحق في أحكامك، أنت الرائع بقوّتك، الحكيم في الخلق، المُكمِّل لما خلقت، المُخلص للذين يؤمنون بك، الرحيم والعطوف، خلصنا من الخطيئة والمظالم، من السقوط والانحرافات. أنر قلوب مؤمنيك في ظلمة هذا العالم. آمين |
|