الصديق هو الذى أصدق معه ويصدق معى فكرا وقولا وعملا. هو بالنسبة لى واحد من بين الف إنسان أسالمه كنصيحة يشوع بن سيراخ " ليكن المسّلمون عليك كثيرون، أما اصدقاءك فمن الألف واحد"
الصداقة الحقيقية تحترم الفروق الشخصية والجوهرية بين الناس. إننى إنسان وصديقى إنسان. ولكل إنسان ما يميزه عن الآخر
والفروق الشخصية أشبه بالألوان، تجعل الحديقة أكثر رونقا وجمالا
الصداقة الحقيقية " إمتياز" لأنها تكمل الحواس الخمسة للإنسان.
فما قيمة النطق إذا لم أجد صديق أتحدث إليه؟
وما قيمة اللمس إذا لم أضع يدى عليه وأقول " الذى لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة" ؟
وما قيمة التذوق إن لم أتذوق طعم حلاوة الحياة ونقتسمها معا ؟
وما قيمة الشم إن لم رائحة منعشة من بستان الأصدقاء وذكرياتهم
نعم إن الصداقة إمتياز لكلا الصديقين
وكل امتياز يقابله مسئولية دائما... أسرار الأصدقاء إمتياز لكليهما، تحمل للإنسان نعمة الأمان فى دفء إنسان. أحلام وأمانى الأصدقاء إمتياز لكليهما، تحمل للإنسان نعمة المشورة ورأى إثنان خير من واحد. لابد أن تقابلهما مسئولية الواقعية الناضجة والنصح المخلص والمساعدة الأمينة
إن المسئولية تمنح الصداقة جهاز تدفئة لا يفسد أبدا
والذى يحدد مسار المسئولية فى الصداقة هو حدود الضمير المسيحى. الضمير الذى يرضى لأخى ما أرضاه لنفسى، وما لا أرضاه لنفسى لا أرضاه لأخى
الضمير الذى ينقى الصداقة من النفعية، فلا يصبح الصديق قنطرة عبور للمصالح... إنما الصدلقة فى حد ذاتها هى النفع الحقيقى الذى تتغذى به مشاعر الإنسان وتقوى دعائمه
ولا بد من أن تمر الأزمات بأخلص الصداقات...فأزمات الأصدقاء قد تعلو فيها الأصوات، إنما تنتهى فيها بالقبلات فتبدو الأيادى متماسكة والأقدام ضاربه فى طريق واحد وهدف واحد
والصداقة مجالاتها متنوعه... منها مجال صداقة السمائيين: من الملائكة والقديسين... ومنها صداقة الحيوانات مثل الصداقة بين أنبا يوحنا القصير والضبعة التى فلى خدمته، وبين أنبا برسوم العريان والثعبان.... وغيرها من الصداقات المختلفة
الا أن أفضل الصداقات هى التى تستمر العمر كله.... صداقة الذى قال عنه سليمان " محب ألزق من الأخ"
( أم 34:18) ... صداقة الذى فمه لا يعرف غش (أش 9:53) ولا مكر ( 1بط 22:2)... صداقة يسوع
صداقة يسوع فى وصاياه تعطى للصداقة قيمة وتعطينى فهما صحيحا للصداقة الحقيقية. لأنها تعتمد على شخصية الرب يسوع... هذه الشخصية العجيبة التى كل من عاشرها إختبر صدقها وصداقتها.. فإسمه " الصادق" ( رؤ14:3) يقول عن نفسه " أنا الرب متكلم بالصدق" أش 19:25.... إن وفاء الرب يسوع فى صداقته لا يعتمد على عطائى... فهو أمين: إن كنا نحن غير أمناء يبقى هو أمينا
وصداقة يسوع تمنح الرؤية بصيرة، والقلب نقاوة، والجسد طهارة والسلوك إستقامة... فالذى يصادق طبيبا يتعلم الطب... والذى يصادق تاجرا يتعلم التجارة.. والذى يصادق يسوع تصبح أفكاره مستنيره ووجهه لا يخزى وقلبه بسيط نقى وجسده عفيف طاهر وسلوكه واحد فى الخفاء والعلانية
وصداقة يسوع تظهر فى أوقات الشدة بصورة لا تماثل... فليس من صديق يقف معى فى شدائدى وأختبر فوجد قويا مثل الرب يسوع... لقد إختبره القديسين وقالوا لنا الذى يهرب من الضيقة يهرب من الله. لأنه يرى ويعاشر فى الضيقات رؤية ومعاشرة الثلاثة فتية فى أتون النار المحمى سبعة أضعاف
إن صداقة يسوع فوق الزمن .... فكل صداقة قد تنتهى بعد فترة بذكريات حلوة أو مرة... إنما صداقة يسوع كلها ذكريات أحلى وتدوم بعد إنقضاء الزمن فى ابدية سبقنا إليها الآباء
إن صداقة يسوع نعيشها فى زيت مصلى، وقربانة تبارك، وماء لقان، وشمعة توقد، وبخور يحرق، وصلبان وبيارق... نعيش هذا كله بالعيان لكنه ينقلنا فى كل مرة الى صداقة يسوع الإيمانية بكل ثمراتها النقية