رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الغضب هو شعور شائع بين كل الناس. يوجد في أيّة شخصية سواء كانت شخصية خجولة منطوية، أو منفتحة. كما يوجد بين المدققين وبين المتساهلين على حد سواء، وبين الرجال والنساء والأطفال، وكل إنسان يعيش على وجه هذه الأرض. ولكوننا أشخاص غير كاملين، نعيش في عالم غير كامل، فإننا نصادف هذا الشعور بصورة منتظمة. ومن المهم جداً أن نتعلم كيف نقبل الحقيقة الثابتة بأنّ الغضب شعور إنساني مشروع. يعتقد الكثيرون أنهم إذا عبَّروا عن غضبهم لن يكونوا مرضيين أمام الله. وهذا ببساطة غير حقيقي. الغضب إذا ما تمَّ التعبير عنه بطريقة سليمة يكون أمراً جيداً، أما إذا تم التعبير عنه بطريقة خاطئة فهو يصبح في غاية الخطورة والتدمير. عندما نتخيل شخصاً غاضباً، غالباً ما نرى صوراً لأبواب تُصفع وصياح وتهديد. بالطبع كلنا يعلم أن هذه صورة لرد الفعل الغاضب. ولكن ليس للغضب مجرد هذا الوجه الواحد، فهو رد فعل ذو أوجه عديدة. هناك طرق مختلفة لتعبير الإنسان عن غضبه، تختلف باختلاف طبيعة شخصيته والبيئة التي تربى فيها، أي الأسرة والمدرسة والجيران وغيرها من المؤثرات الاجتماعية والبيئية. ولعل أهمها هي الأسرة التي نشأ فيها والتي نسميها "أسرة المنشأ" للتفريق بينها وبين الأسرة التي يكوِّنها الشخص بعد الزواج والإنجاب. الغضب الخفي مهما كانت المصيبة التي مزَّقت عالمك شديدة، فإنك ستجد راحة كبيرة في التحدث عنها مع شخص يستمع إليك بتعاطف وإحساس عميق، مثل أفراد أسرتك أو أصدقائك أو المعالج النفسي أو رجل الدين أو مجموعة دعم أو أي أشخاص آخرين في مجتمعك. وكما أن الكتمان يربطك بقوة أكبر مع نفسك، كذلك فإن كشف روحك للآخرين في الأزمات يوثِّق الترابط الإنساني معهم. فعندما تشرك شخصا آخر بآلامك الداخلية وتشاطره أحزانك، فإن الشعور بالعزلة والغربة بعيدًا عن المجتمع ينزاح عن كتفك. إن ميلك للانعزال عن الناس والبقاء وحيدًا في الأوقات العصيبة بسبب عدم رغبتك في التفكير بوضعك أو بسبب خجلك مما حلَّ بك أو بسبب اعتقادك أن عليك معالجة أمورك بنفسك، هو دعوة مفتوحة لشعور الضحية. وعندما تسمح لمخاوفك أو لأنانيتك بإنكار حاجات روحك فإنك تعيق نموك وتصبح أضعف. إن سلوكاً مثل الانعزالية أو الكبت يزرع بذارًا خفيَّة للغضب، فتصبح غضوبًا لأبسط الأمور، وبمرور الوقت يضيع السبب الحقيقي وتتشتت الأفكار بعيدًا عن جذرو هذا الغضب. خصوصًا لو كان سبب غضبك هو كبت مشاعر حزينة يراها البعض ضعفًا منك. ومصيبة مثل فقد عزيز بالموت تستحق أن تعبِّر عنها وتحزن لأجلها. وصحيح أن الموت ينهي الشخص الذي تحبه لكنه لا يستطيع أن ينهي الحب الذي وجد في العلاقة، فالحب يبقى بعد الموت ويعيش في وجداننا. لقد قال رودولف جولياني – عمدة مدينة نيويورك في سبتمبر 2001 لصبي كان يحبس دموعه في جنازة أبيه الشرطي الذي مات في حادث أليم "إن أباك لم يتركك، وكل الأشياء التي أحبها فيه لا تزال موجودة في نفسك". ولهذا السبب نفسه "لا تشفى" أبدًا من فقد الشخص الذي تحبه. فالفقد ليس شيئًا تضعه جانبًا كالجريدة عندما تنتهي من قراءتها، ولكنك تستوعب الفقد وتدمجه في حياتك، ولا يمكن لأحد كائنًا ما كان – أن يقطع الروابط العاطفية التي تكوَّنت بينك وبين هذا الشخص المتوفى، لأن قطع الروابط يجبر ألمك وحزنك على الغوص إلى الأعماق، ولكنه سيطفو لاحقًا على السطح في شكل مرض جسدي أو نفسي. وعلى الرغم من أنك بحاجة إلى مواجهة واقع الموت قبل أن تبدأ بدمجه في حياتك، إلا أن مواجهته ليست أكثر من بداية التعافي، لا نهاية للحزن كما توحي عبارة مثل "التغلُّب على المعاناة". لذلك أعط وقتًا للبكاء على من فقدته ولا تكتم حزنك، فمفهوم وقف المعاناة يستهين بتأثير الموت على الأشخاص ويلغي الوقت الذي لابد لبعضنا منه لنتغلب على آثاره علينا إلى أن نتمكن أخيرًا من استيعابه. فتقف المعاناة كنتيجة لقبول الألم وليس لأنها هدفًا في حد ذاته وعندئذ تعطي المعاناة قيمة لنعمة الحياة؟ |
04 - 09 - 2017, 01:49 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الغضب والغضب الخفي
فتقف المعاناة كنتيجة لقبول الألم وليس لأنها هدفًا في حد ذاته وعندئذ تعطي المعاناة قيمة لنعمة الحياة؟
ربنا يباركك حببتي |
||||
04 - 09 - 2017, 06:54 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: الغضب والغضب الخفي
ميرسى على مرورك الغالى |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أقوال القديس أوغسطينوس عن تحول الغضب إلى حقد | درجات الغضب |
الغضب يؤجل التوبة لأن الغضب من الكبرياء |
الحزن والغضب |
الحزن والغضب |
الحب والغضب |