النفس البشرية عموما ليست كيانا مصمتا واحدا ولكنها عبارة عن كيانات متعددة تكون متكاملة ومتصالحة ومتعاونة في حالة صحتها, ولكنها قد تنشق وقد تتصارع في بعض الحالات المرضية وتحت ضغوط معينة. وحالات الانشقاق تلك قد تأخذ أشكالا متعددة. وأساس هذا الانشقاق وجود صراعات نفسية بين دوافع ونوازع متعارضة لم تحل مما يولد قلقا لذلك فهو يُكبت ويُدفع بعيدا عن ساحة الشعور . ويعتبر الكبت مشكلة المشاكل في حالات الانشقاق إذ أن رغباتنا وحاجاتنا الغير محققة ومشاعرنا غير السارة على فترات من الزمن كل ذلك يأخذ طريقه للاختفاء والانزواء داخل اللاشعور ويتم استخدام هذا الكبت كحيلة للدفاع عن النفس ضد معاناة القلق فتُكبت الذكريات المؤذية أو النزعات الجنسية أو العدوانية وهذا الاستخدام المتكرر للكبت يعد تربة صالحة لظهور الانشقاق أمام ظرف قاسي وجديد كما أن نقص النضج ، والافتقار الى المهارات الاجتماعية يجعل الشخص ،معتمد في شئونه على الآخرين ، وقد تكون نشأته متسمة بدرجة من التدليل من قبل الوالدين والمحيطين به. وحالات الانشقاق تصيب فئة من الناس يعجزون عن رؤية وقبول مناطق معينة من أنفسهم أو يتنكرون لبعض احتياجاتهم أو يعجزون عن التعبير عن رغباتهم ومخاوفهم, فيلجأ جهازهم النفسي إلى حيلة الانشقاق خاصة وأن هذا الجهاز لديهم يكون هشا وضعيفا لذلك يسهل على الجزء المتمرد داخل النفس أن يقوم بانقلاب مؤقت فيستولي على مركز قيادة الشخصية للحظات أو أيام ويمارس كل ما كان يتمناه من طيش أو نزق أو تحقيق نزوات أو إعلان رغبات أو التهرب من مسئوليات, إلى أن تفرغ الشحنة فيعيد السلطة مرة أخرى إلى القيادة المعتادة للشخصية , تلك القيادة الخاضعة تماما للمعايير الاجتماعية السائدة, والمكبلة بقواعد أخلاقية أو عائلية ليست مقتنعة بها ولكنها تخشاها.
ويتمثل هذا الاضطراب في وجود شخصيتين أو أكثر للشخص الواحد يتوالي وجودهما فيه Multiple Personality Disorder ، ولكل شخصية نمط مختلف عن الآخر ، ويكون ظهور النمطين أو الثلاثة بشكل غير منتظم زمانا ومكانا، هذا الازدواج يمكن تفسيره على اعتباره هروب الشخص من ذاته لذات أخرى ينزع إليها من غير أن يعترف بذلك مع نسيان ما كان عليه من الشخصيات الأخرى ، ويغلب على من يقع في الازدواج بالشخصية أن تظهر لديه في أي وقت مبكر من شبابه حالات الاغماءه وأشكال من النوبات وبعض المظاهر الأولية للاضطرابات الانشقاقية والتحولية.
وتعرف الشخصية هنا على أنها نمط ثابت نسبيا من الاستقبال والتفكير والتعامل مع النفس والبيئة التي تظهر في إطار متسع من المواقف الاجتماعية والشخصية ، وهناك حالات للشخصية تختلف فقط في مدى اتساع الإطار الاجتماعي والشخصي .
في الحالات التقليدية لاضطراب تعدد الشخصية يوجد على الأقل شخصيتان كاملتان وأحياناً توجد شخصية واحدة منفصلة وحالة واحدة أو أكثر من حالات الشخصية . في الحالات التقليدية يكون لكل من الشخصيات وحالات الشخصية ذكريات منفردة وأنماط سلوكية وعلاقات اجتماعية مميزة ، وفي حالات أخرى قد يوجد درجات متفاوتة من الذكريات المشــتركة والسمات السلوكية العامة أو العلاقات الاجتماعية وتندر الحالات التقليدية التي لها شخصيتان أو أكثر لدى الأطفال والمراهقين عنها لدى البالغين ، ويتفاوت عدد الشخصيات أو حالاتها لدى البالغين من اثنتان إلى أكثر من مائة في الحالات بالغة التعقيد .
وللموضوع بقية