حكايا مريمية
ناسك إتخذ له صومعة في الجبل وانقطع عن العالم ليذكر الله نهاراً وليلاً. وكان شديد التعبد لمريم العذراء، يتأمل دائماً في حياتها، ويسير في طريق الكمال الروحي على خطاها.
كان يطلب منها دائماً الميتة الصالحة. بقي على هذا الحال طيلة حياته، ولما تقدم به السن وشعر بقرب رحيله ودنو اجله، ملأت الكآبة نفسه، وشمله خوف عظيم، إذ فقد شجاعته، وإهتز كيانه من هول الساعة، وأخذ يرتجف كريشة في مهب الريح.
عندئذ سمع صوتاً ملؤه الرقة والحنان يقول له: يا بني ماذا حدث لك ؟ وكيف ذهبت شجاعتك على حين غرة ؟ انت الذي كافحت كل ايامك ؟ لا تخف أيها العبد الأمين، فها قد جئت لمساعدتك في ساعة موتك.
فما أن سمع الناسك هذا الصوت العذب حتى قويت عزيمته وزال هلعه، وظهرت إبتسامة رقيقة على شفتيه، فشرع يتمتم بصلاته الاخيرة: صلي لأجلنا نحن الخطاة الآن وفي ساعة موتنا، وأسلم الروح بيد تلك التي أحبها وتعبد لها طيلة أيام حياته، فهرعت لنجدته في ساعة موته لتدخله بيديها الى الأخدار السماوية.
انها ام الميتة الصالحة حقاً.