شفاء الأصم الأخرس (مر٣١:٧)
ولابد أن ينتبه القارئ وتزداد حساسيته في كل عرض لقصة شفاء، لئلا يخسر السر المستعلن فيها، فمثلا هذه القصة التي للأخرس الأصم نجد أنها مربوطة ربطا وثيقا باستعلان إشعياء، هذا الذي قد تسجل منذ ٦٠٠ سنه لكي نعثر علي هداه، علي صاحب هذا الإعلان:
+«وَيَسْمَعُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الصُّمُّ أَقْوَالَ السِّفْرِ، وَتَنْظُرُ مِنَ الْقَتَامِ وَالظُّلْمَةِ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَيَزْدَادُ الْبَائِسُونَ فَرَحًا بِالرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ النَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ».(اش١٨:٢٩-١٩)
+«حِينَئِذٍ تَتَفَقَّح عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ».(اش٥:٣٥-٦)
هذه علامات ساطعة مكتوبة بأصبع الله عبرت فوق رؤوس الأجيال وحطت علي صاحبها الذي نفذها بحروفها، ولكن انسدت آذان إسرائيل وعميت عيون رؤسائها فرأوه ولم يعرفوه وسمعوه ولم يصدقوه.
والقديس بطرس ينادينا عن خبرة جازها وكادت تفوته، ولكنه إذ عرفها واستعلنت له تمسك بها وعاش يكرز بها:
+«وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ».(٢بط١٩:١)
لذلك أيها القارئ العزيز، أنت مسئول عن الربط الواعي بين النبوة وتحقيقها، لكي ينفجر نور المسيح في قلبك، لا تعتمد علي أعمال الآخرين، اجهد نفسك في البحث وراء النبوة وتحقيقها لأن هذه وحدها إنما تحسب موهبة.
الأب متى المسكين
( كتاب"تفسير انجيل مرقس"ص358 )