جدعون وحسَد أفرايم
«ما هذا الأمر الذي فعلت بنا، إذ لم تَدْعُنا عند ذهابك لمحاربة المديانيين؟»
( قضاة 8: 1 )
خلال كل سنوات الاضطهاد، لم يأخذ أفرايم أية مُبادرة للخلاص من يد مديان. لقد انتظروا سلبيًا أن يدعوهم جدعون بعد أن تم فعلاً إحراز النُصرة بالقوة. وحينئذٍ ساءهم أنه لم يطلبهم قبل ذلك «وخاصموهُ بشدَّة». كان أفرايم مُدركًا لأهميته. لقد جُرح بسرعة، وإن كان ذلك لم يُعترف به. وفي أيام يفتاح، نتج عن نزوَتهم الرديئة، حرب أهلية ( قض 12: 1 - 6). ولكن جدعون كان قد تدرَّب في مدرسة الله. لقد تعلَّم أنه في ذاته ليس شيئًا، ولم يكن يُساوي إلا رغيف شعير ( قض 7: 13 ، 14)، لذلك أخذ الموقف المتواضع، واعترف بطيبة خاطر بما عمله الله بواسطة إخوته «فقال لهم: ماذا فعلت الآن نظيركم؟ أ ليس خُصَاصة أفرايم خيرًا من قطاف أبيعزَر؟ ليَدكم دفع الله أميرَي المديانيين غُرابًا وذئبًا. وماذا قدرت أن أعمل نظيركم» ( قض 8: 2 ، 3).
كان يمكن لجدعون أن يقول: أنا هو الذي دعاني الرب، وروحه لبسني لاقتياد الشعب إلى النصرة. إن الثلاثمائة رجل الذين رافقوني قد تم اختيارهم بواسطة الله نفسه من بين 32,000 رَجُل. ونحن الذين قد خاطَرنا بحياتنا. لكنه لم يَقُل شيئًا من ذلك. لقد اعترف جدعون بالشيء الحسَن الذي أظهره إخوته، دون أن يتمسَّك بأهميته هو.
نرى في ذلك توضيحًا جميلاً لِما جاء في سفر الأمثال 15: 1 «الجواب الليِّن يصرف الغضب». كما نرى فيه الدرس الوارد في تيموثاوس الثانية 2: 24، 25 «عبد الرب لا يجب أن يُخاصم، بل يكون مُترفقًا بالجميع، صالحًا للتعليم، صبورًا على المشقات، مؤدِّبًا بالوداعة المقاومين، عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق». وبالمثل في كورنثوس الأولى نقرأ أن أعضاء الجسد الأقل موهبة ظاهريًا لا تُستبعَـد لأن أعضاء أخرى أكثر موهبة منها ( 1كو 12: 15 - 17)، والأعضاء الأكثر موهبة لا يجب أن يعتبروا أنفسهم هم وحدهم النافعون، فيحتقروا الآخرين شعورًا بأهميتهم الخاصة ( 1كو 12: 21 -24). إن جميع الأعضاء متساوية في الفائدة، والله وضع كلاً منها في الجسد كما أراد، فلا شعور بالتفوق، ولا شعور بالنقص، إذا كانت الحالة الروحية هي بحسب الله.
فلنرفع الأيدي إذًا طاهرةً بلا جدالْ
يحفظنا الرب معا من كل شرٍ وضلال