في كل ذلك كان جراسيموس المثال الصالح ونموذج الفضيلة الحي وكان يكتفي، في الصوم الكبير، بتناول القدسات. على هذا النحو سلك، سنة بعد سنة، إلى أن رقد في الرب في السابع عشر من آذار من السنة 474 او ربما 475 للميلاد. بقى ديره قائماً إلى القرن الثاني عشر.
يوحنا موسكوس الذي عاش في القرن التالي لموت قديسنا وترهب في دير القديس ثيودوسيوس القريب من أورشليم، نقل بعض أخبار دير القديس جراسيموس كما نقل، في كتابه "المرج الروحي"، عن القديس جراسيموس، هذه الرواية:
على بعد حوالي ميل واحد من نهر الأردن كانت تقع لافرا القديس الأنبا جراسيموس. في هذه اللافرا كان الآباء، كلّما ذهبنا إلى هناك، يخبروننا بشأن هذا القديس أنه فيما كان يوماً يتمشى على ضفة النهر دنا من اسد يزأر متوجعاً. كانت قدمه تؤلمه وكان يمشي بصعوبة. فإن رأس قصبة اخترقها واستقر فيها. كانت القدم منتفخة وممتلئة قيحاً. فلما عاين الأسد الراهب دنا منه وأراه قدمه المجروحة. وكان كأنه يبكي ويسأل العون. فلما رآه جراسيموس على هذه الحال جلس وأخذ القدم في حضنه، ثم فتح الجرح وأخرج القصبة والقيح، وبعدما نظف الجرح ولف القدم بقطعة قماش تركه لينصرف. لم يشأ الأسد الانصراف بل ملازمة الراهب كتلميذ جديد له. فقبله الراهب فأخذ الأسد يرافقه في دخوله وخروجه. مذ ذاك أخذ جراسيموس يطعمه الخبز والخضار المسلوقة.
وكان في اللافرا حمار يستعين به الإخوة على نقل حاجتهم من المياه، من نهر الأردن. وقد اعتادوا أن يسلموا الحمار لحفظ الأسد. فكان الأسد يخرج بالحمار إلى ضعة النهر ليرعى ثم يعود به إلى اللافرا.