إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول تابع معنى الكلمة בּטַח الجزء الرابع
إيماننا الحي - إعادة فحص
مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه
المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس
+ الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
ثانياً: شرح معاني كلمة الإيمـــــان
المعنى الأول: الثقــــــــــة والاتكال
تابع 1 – معنى الكلمة: [bâṭach – בּטַח]
عموما باختصار وتركيز مما سبق نجد أن الله – ليس في العهد الجديد فقط بل حتى على مستوى العهد القديم – هو موضوع السند الحقيقي والاتكال، مع أنه يُمكن أن تُشير الكلمة العبرية للاتكال على آخر غير الله، وهذا هو قمة السقوط والتدني من جهة نشاط الإنسان السلبي لأنه ممكن أن يتكل (بكل قلبه) على الغنى أو الناس الأقوياء ليقوموا بحمايته، أو على المدن الحصينة لكي يكون في مأمن من الأعداء أو يتكل على الفطنة والحكمة الإنسانية، وهذه كلها بالطبع تُعبِّر عن ضعف الإيمان، لأن هُناك علاقة عكسية Inverse relationship نرها هُنا، وهي كلما زاد الاتكال على هذه الأشياء والثقة فيها كلما ضعف وقل الإيمان الذي يُكاد أن يقترب إلى العدم لأن الإنسان هنا استند – بكل قلبه – على آخر غير الله، فطبيعياً يقل اعتماده عليه حتى يصل لنقطة عدم الإيمان به حتى يصل لطريق مسدود إذ يمتلئ قلبه بالجحود والرفض التام لكل تعامل إلهي ويسد آذانه عن صوت الحياة ويرفض كل نعمة وتنغلق عينيه عن النور الإلهي الفائق:
+ أن كنت قد جعلت الذهب عمدتي (مُتَّكَلِي – اعتمادي عليه)، أو قلت للإبريز أنت متكلي. أن كنت قد فرحت إذ كثرت ثروتي ولأن يدي وجدت كثيراً. أن كنت قد نظرت إلى النور حين أضاء أو إلى القمر يسير بالبهاء. وغوي قلبي سراً ولثم يدي فمي. فهذا أيضاً إثم يعرض للقضاة لأني أكون قد جحدت الله من فوق (الله العلي). (أيوب 31: 24 – 28)
+ الذين يتكلون على ثروتهم وبكثرة غناهم يفتخرون، الأخ لن يفدي الإنسان فداء ولا يُعطي الله كفارة عنه؛ لا تتكلوا على الظلم، ولا تصيروا باطلاً في الخطف، أن زاد الغنى فلا تضعوا عليه قلباً؛ من يتكل على غناه يسقط اما الصديقون فيزهون كالورق (أوراق الشجر). (مزمور 49: 6، 7؛ 62: 10؛ أمثال 11: 28)
+ لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده. تخرج روحه فيعود إلى ترابه في ذلك اليوم نفسه تهلك أفكاره. طوبى لمن إله يعقوب معينه، ورجاؤه على الرب إلهه. (مزمور 146: 3 – 5)
+ وتأتي عليك جميع هذه اللعنات وتتبعك وتدركك حتى تهلك لأنك لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي أوصاك بها.. وتُحاصرك في جميع أبوابك حتى تهبط أسوارك الشامخة الحصينة التي أنت تثق بها في كل أرضك، تحاصرك في جميع أبوابك في كل أرضك التي يعطيك الرب إلهك؛ فيأكلون حصادك وخبزك الذي يأكله بنوك وبناتك، يأكلون غنمك وبقرك، يأكلون جفنتك وتينتك، يهلكون بالسيف مُدُنك الحصينة التي أنت متكل عليها. (تثنية 28: 45، 52؛ أرميا 5: 17)
+ توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك اعرفه وهو يقوِّم سُبلك. لا تكن حكيماً في عيني نفسك، اتقِ الرب وابعد عن الشرّ؛ المتكل على قلبه هو جاهل. (أمثال 3: 5 – 7؛ 28: 26)
والعهد القديم بطبعه يُحذر دائماً من الاتكال على الباطل وإعطاءه ولاء الطاعة، أي الاستناد على آخر غير الله لخلاص النفس، لأن هو وحده السند الحقيقي وأساس خلاص إسرائيل أن قدموا طاعة الإيمان الصادق، وكل ما عداه باطل ليس فيه نفع.
+ ها انكم متكلون على كلام الكذب الذي لا ينفع. أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أُخرى لم تعرفوها. ثم تأتون وتقفون أمامي في هذا البيت الذي دُعي باسمي عليه وتقولون قد أنقذنا حتى تعملوا كل هذه الرجاسات؛ هذه قرعتك، النصيب المكيل لك من عندي يقول الرب، لأنك نسيتني واتكلت على الكذب؛ فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا أنالرب لم يرسلك وأنت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. لذلك هكذا قال الرب هانذا طاردك عن وجه الأرض، هذه السنة تموت لأنك تكلمتبعصيان على الرب. (أرميا 7: 8 – 10؛ 13: 25؛ 28: 15 – 16)
وفي عدم الطاعة هذه والثقة والاتكال على آخر غير الله المُخلص يصبح كل شيء بلا قيمة حتى العبادة نفسها والهيكل وكل المقدسات الظاهرة: هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل أصلحوا طرقكم وأعمالكم فأُسكنكم في هذا الموضع. لا تتكلوا على كلام الكذب (أن هذا هو مسكنكم لأنه لا ينفعكم بالجملة) قائلين: هيكل الرب، هيكل الرب، هيكل الرب هوَّ. (ارميا 7: 3 – 4)؛ فبالرغم من حق إسرائيل كشعب الله المختار أن يسكن في الموضع الذي فيه هيكل الرب ويفتخر ان الرب هو إلهه، لكن تُصبح هذه السكنى – وحتى الاعتراف بأن الرب هو إله إسرائيل – بلا قيمة حينما يتمردون ولا يقدمون ولاء الطاعة لله بحفظ الوصية التي أوصاهم بها (أنظر أرميا 7).
+ هكذا قال الرب: ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه (وَيَتَّخِذُ مِنَ النَّاسِ ذِرَاعَ قُوَّةٍ لَهُ)، وعن الرب يحيد قلبه. ويكون مثل العرعر في البادية ولا يرى إذا جاء الخير، بل يسكن الحرة (حَرِّ الصَّحْرَاءِ) في البرية أرضاً سبخة (مَهْجُورَةِ) وغير مسكونة. مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكلة. فأنه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد أصولها ولا ترى إذا جاء الحر، ويكون ورقها أخضر وفي سنة القحط لا تخاف ولا تكف عن الإثمار. (أرميا 17: 5 – 8)
طبعاً لا بُدَّ من أن نُلاحظ أن من الممكن ان يبحث الإنسان عن حلول بواسطة البشر ويتكل ويعتمد عليهم في التنفيذ والعمل (مثل الزوجة – الأخ – الأخت – الصديق الوفي.. الخ)، وهذا يصير عمل شرعي طالما كان شركة القديسين في النور ولم يكن بديلاً عن الاتكال على الله والثقة التامة فيه، لأن القلب يعتمد على الله كلياً لأن كل شيء في يده بالتمام، وقبل الشروع في أي عمل أو طلب وسيلة يلجأ الإنسان إلى الرب إلهه – بكل إيمان وثقة – أولاً لأن اعتماده عليه وحده في الجوهر والأساس، وذلك لكي يمد يده بالبركة ويتمم العمل لنهايته بتدخله الشخصي ويلهم الجميع الحكمة والتدبير الحسن لكي يكون كل واحد معيناً للآخر كأعضاء لبعضهم البعض، وحتى لو طلب تدخل من شخص غريب عن الله يطلبه بحكمة متكلاً على المعونة السماوية أولاً وأخيراً:
+ امرأة فاضلة من يجدها! لأن ثمنها يفوق اللآلئ. بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة. تصنع لهُ خيراً لا شراً كل أيام حياتها؛ لوقا وحده معي، خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لي للخدمة. (أمثال 31: 10 – 12؛ 2تيموثاوس 4: 11)