بطركنا ابن الرسل حدد لنا الأسفار
تادرس الطيبي
دعونا نتفكر في الإرشادات الرصينة التي أعطانا إياها هذه السنة الأب أثناسيوس رئيس أساقفة الإسكندرية القديس، التي كتبها لنا في رسالته الفصحية. فقد ثبّت أسفار الكتاب المقدس القانونية وعددها، لأنه هو أيضاً ابنٌ للرسل القديسين ويعتني جيداً بقطيع الرب معطياً إياهم "طعامهم في حينه".
حقاً إنني لما سمعتُ ذلك فرحتُ وتعجبتُ من ذلك. فرحتُ لأن ذلك سينتفع به الذين يسمعونه ويُراعونه. كما أنني تعجبتُ من الكلمة التي أعطاها الرب للرسل كتراث، وهي تعني أنه لا زال باقياً حتى اليوم على الأرض، إذ قال لهم: "ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر".
"إنه يُقيم في كل جيل، وفي جيلنا أيضاً، معلّمين كاملين يسكن فيهم لكي يحفظنا من كل خداعات الشيطان. إذن، فإنه توجد الآن، أيها الأخوة، منفعة عظيمة وشفاء لنفوسنا في الرسالة التي كتبها لنا هذه السنة. فهو قد حدّد لنا ينابيع ماء الحياة الصالحة التي يلزمنا جداً أن نشرب منها لكي نكون أصحاء بنعمة الله والأفضال التي وهبنا إياها. وافرةً هي مياه الغش والخداع والآبار المليئة بالمرارة التي حفرها البعض لهلاكهم ولهلاك الذين يشربون منها. هؤلاء هم الذين قال عنهم الأب البطريرك: "لقد ابتدعوا لأنفسهم كتباً أبو كريفية (أي غير معترف بها)، وادّعوا أنها قديمة ونسبوها إلى أسماء قديسين"! والذين تجرّأوا على ذلك، فبتصرفهم هذا جعلوا أنفسهم جديرين بالازدراء مضاعفاً، لأنهم بمعرفتهم الزائفة جدّفوا على الممتلئين بالمعرفة الحقيقية. بل إن الذين هم أقل معرفة والسُذّج من الشعب قد ضلّلهم انحرافهم الشرير عن الايمان الأرثوذكسي المدعَّم بالحق كله والصحيح في نظر الله".
ولذلك أيها الأخوة الأحباء، فلنشكر جميعاً الله الذي يعتني بنا الآن وعلى الدوام برحمته الفائضة بغزارة. بل فلنكن متيقظين ولا نقرأ الكتب التي ألّفها أولئك الهراطقة النجسين، وذلك حتى لا نصبح عاصين على الرب الذي يقول الآن لأبينا أثناسيوس ولكل أمثاله وأيضاً للذين سيخلفونه: "من يقبلكم يقبلني". وعلينا ألاّ نضلل آخرين لكي يقرأوها ويتعلموا أن يكونوا مخالفين لوصايا الكتاب المقدس التي تأسس عليها الإيمان الأرثوذكسي الذي علّمه لنا أبونا القديس.
إنني أؤكد لكم، يا إخوتي، أمام الله ومسيحه أن مزموراً واحداً يكفي لخلاصنا إذا فهمناه جيداً وتصرفنا بموجبه وراعيناه. ولكن لدينا، فوق الكل، أناجيل ربنا يسوع المسيح المقدسة وجميع الأسفار المقدسة الأخرى. وبحسب المثل الذي ذكره الرب عن اللؤلؤة الكثيرة الثمن التي "باع التاجر كل ما كان له واشتراها" بسبب قيمتها.
ثم أمر الأب تادرس (رئيس الأديرة الباخومية) أن يترجموا رسالة البابا أثناسيوس فسجلوها باللغة القبطية، ووضعوها في الدير كقانون لهم. ثم صلوا وانصرفوا وهم متعجبون من تعاليم الأسفار المقدسة.