نتائج هوى محبة الذات
يرى القديس نيكيتا ستيثاتوس أن محبة الذات هي “عقبة ضد تقدم أولئك المتقدمين جيداً”. إنها تمنع الناس من تكريس ذواتهم لممارسة وصايا المسيح. “إنها توحي لهم بأمراض وعلل جسدية خبيثة، وبالتالي تتضاءل غيرتهم ويقتنعون بالتخلي عن جهادهم الروحي على أساس أنه يشكل خطراً على حالتهم الضعيفة”. بكلمات أخرى، من خلال خلق أفكار عن الأمراض المختلفة، تكف النفس عن جهادها النسكي لكي تحفظ وصايا المسيح ولكي تُشفى من الأهواء المختلفة التي تزعجها. بالتالي تكون محبة الذات، كما يقول القديس يوحنا السلمي، حجاب. إنها ليست فقط تمنع النفس من تحقيق شفائها، لكنها أيضاً تخفي الأهواء الموجودة داخلها. لا يريد الشخص الأناني أن يرى نفسه. إنه لا يريد أن يكون واعياً بفقره الروحي.
يسمي القديس مكسيموس محبة الذات أم كل الرذائل، لأنها تلد “الأفكار الثلاثة الأولى والأكثر عمومية التي للشهوة والغضب”. هذه الأفكار الثلاثة هي النهم، والبخل، وتقدير الذات. يرى نفس الأب أن محبة الذات هي أم الثرثرة واشتهاء الأطعمة اللذيذة التي تسبب الإباحية، وهي أيضاً أم البخل والكبرياء. بوجه عام، لو كان لدى المرء محبة للذات “فمن الواضح أن لديه كل الأهواء”.
ليست محبة الذات أم الأهواء فقط، ولكنها أيضاً أم لكل الأفكار الشهوانية. يتولد فكر النجاسة من فكر النهم. يحبل فكر تقدير الذات بفكر العُجب. تنبع من أفكار النهم والبخل وتقدير الذات كل الأفكار الأخرى كالغضب، والحزن، والامتعاض، والحسد، والنميمة الخبيثة وما إلى ذلك. تولد كل هذه الأفكار من محبة الذات (القديس مكسيموس).
يعلِّم القديس هيزيخيوس القس أنه لا يوجد شر أعظم من محبة الذات. محبة الذات هي أم تلد أطفالاً كثيرين. أطفال محبة الذات هم “العُجب، الرضا عن النفس، النهم، النجاسة، تقدير الذات، الغيرة، ورأس كل هذه هو الكبرياء”.
محبة الذات هي حجاب يغطي النفس، “بحيث أنه لا يمكن أن تتكشف فيها أسس العالم، أي الجواهر الداخلية للأشياء”، وذلك بحسب قول إيليا القس. يكون الشخص الأناني أعمى تماماً حيث أنه لا يستطيع رؤية القوة التي يوجه بها الله العالم والتاريخ. حيث أن الشخص الذي يحب ذاته لا يستطيع أن يتجاوز ذاته فيرى الله والآخرين، فإنه يكره كلاً من الإنسان والله. هذا هو السبب الذي يجعل القديس مكسيموس يأمر قائلاً: “كُف عن إرضاء ذاتك فلا تكره إخوتك من البشر؛ كُف عن محبة ذاتك فتحب الله”.