الله حق فلا توجد شركه بينه وبين عمل خاطىء ، بل الخطا يفصل الأنسان عن الله كما فصلت خطيئة واحدة آدم وحواء مع الخالق . فالذي يريد أن يكون مع الله فعليه أن لا يحب مغريات هذا العالم ، لأن محبة العالم والمال عداوة مع الله . لهذا قال الرسول بولس ( لا تشاركو هذا الدهر ) " رو 2:12 " أي لا تصيروا مثله . فالذي يريد أن يعيش مع الله فعليه أن لا يلجأ الى اسلوب تقديم الأعذار أو تبرير الأخطاء من أجل تغطية خطيئته . لأن بهذا الأسلوب سيجد الأنسان مبررات لخطاياه فيقنع نفسه ويستمر بالخطيئة لهذا يقول الكتاب ( ليس لهم عذر في خطيتهم ) " يو 22:15 " .
الأعتذار وتقديم التبريرات يعني أن الأنسان لا يريد أن يتحمل مسئولية أخطاءه ، ولا يريد أن يعترف بحجم الخطيئة التي اقترفها ، بل يريد أن يظهر بأنه بلا لوم أمام الناس وأمام نفسه لهذا يقنع ضميره فلا يتقدم الى التوبة والصلاح . الله لا يقبل أعذاره بسبب قوله الواضح للبشرية ، قال ( لو لم أكن قد جئت وكلمتكم لم تكن لهم خطية وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم ) " يو 22:15 " . وهذا ما يؤكده الرسول بولس قائلاً ( أنت بلا عذر أيها الأنسان ) " رو 1:2" . لهذا الله رفض الأعذار ومنذ البداية رفض عذر آدم الذي برر خطيئته قائلاً ( .. أنها المراة التي جعلتها رفيقة لي . هي التي أطعمتني من ثمر الشجرة ، فأكلت ) " تك 9:3 " . عذر لا يستحق الرد من الله ، بل أستحق العقوبة " طالع 3: 16-19 " .
مثال آخر عن الأعتذار كان للملك شاول الذي قدم الذبيحة لله وهو ليس كاهناً . فقال لصموئيل ( لأني رأيت أن الشعب قد تفرق عني ، وأنت لم تأتِ في أيام الميعاد ، والفلسطينيين مجتمعون في مخماس ... ) " 1 صم 11-12 " . رفض النبي أعتذاره وأسمعه عقوبة الله لخطيئته وهي ، أن الرب رفضه وأختار رئيساً آخر للشعب بدلاً منه .
وهكذا رفض الله أعذار وتبريرات أيليا النبي الذي هرب من أيزابيل " 1صم 2:19 " كما لم يقبل عذر صاحب الوزنة الواحدة الذي أخذها ودفنها في حفرة في الأرض دون أن يتاجر بها ويربح كالآخرين ، بل قال ( خفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الأرض ) " مت 25: 24-25 " .كذلك عذراء سفر نشيد الأنشاد التي قرع الرب بابها وظل طول الليل يطرق حتى امتلأ رأسه من الطل وقصصه من ندى الليل وهو يناديها بأرق الألفاظ ، قائلاً ( أفتحي لي يا أختي ، يا حبيبتي ، يا حمامتي ، يا كاملتي ) ومع ذلك اعتذرت عن أن تفتح له بقولها ( قد خلعتُ ثوبي فكيف ألبسه ؟ قد غسلت رجلي فكيف أوسخه ) " نش 5: 2-3" لكن الرب لم يقبل أعتذارها فغادرها وصار بعيداً منها فعندما شعرت بخطيئتها قالت ( لكن حبيبي تحول وعبر ) أي جعلها تشعر وتقاسي من مرارة التخلي عن حبيبها فأعترفت قائلة ( طلبته فما وجدته . دعوته فما أجابني ) " نش 5: 6-8 " .
أرميا النبي أيضاص أعتذر عن الخدمة قائلاً ( لا أعرف أن أتكلم لأني ولد ) " إر 6:1 " لكن الرب لم يقبل أعتذاره بل وبخه ، قائلاً ( لا تقل إني ولد لأنك الى كل من أرسلك اليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به . لا تخف من وجوههم لأني أما معك لأنقذك يقول الرب ) " إر 1: 7-8 " وهكذا لم يقبل أعتذار موسى الذي أراد الله أن يرسله الى فرعون .
أما الرب يسوع فهو الآخر لم يقبل أعتذار من قال له ( إذِن لي أن أمضي وأدفن أبي ) بل قال له ( أتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم ) " مت 8: 21-22 " . ضعيف الأيمان هو الذي يضعف ويسقط ويتبرر ويحتمي بالأعذار ، أو الذي يحب أقتراف الخطيئة يبرر نفسه حتى أمام الناس بالأعذار . لا يجوز للمؤمن أن يقول لا أستطيع لأنني ضعيف ، بل عليه دائماً أن يقول أستطيع كل شىء في المسيح الذي يقويني . وقوة المسيح تكمل في ضعفنا . لهذا يجب أن لا نجعل الضعف مبرراً لنا ، فلا عذراً لترك مسيرتنا الروحية . لهذا نجد في الكتاب المقدس قديسون رفضوا الأعذار والتبريرات فقاوموا الخطيئة والتجارب وأنتصروا مثل نوح الذي عاش بكمال الروح في عصرمملوء بالخطاة ، لهذا أغرق الله كل الفاسدين وأنقذ نوح . كان بأمكان نوح أن يسلك وأسرته مثل العالم ويقول لله كل الناس هم هكذا . كذلك كان لوط البار الساكن في مدينة الخطاة ( ... كانت نفسه الزكية تتألم يومياً من جرائمهم التي كان يراها أو يسنع بها ) " 2 بط 8:2 " فهل كان للوط عذراً لكي يسلك مثلهم ؟
أيضاً كان يوسف الصديق الوحيد في أرض مصر يعبد الله ، أما الباقين فكانوا يعبدون الآلهة ( رع وأمنون وأيزوريس وأيزيس ) لكنه لم يسمح لنفسه أن يعاشر الخطيئة أو يجاور ذلك المجتمع الخاطىء وهو في سن المراهقة . رفض كل تلك الأعذار لأن قلبه من الداخل كان مملوء من حب الله فلا مجال للخطيئة في حياته . لذلك قال (كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطىء الى الله ؟ ) " تك 9:39 " .
نطلب من الرب أن يقوينا وقت التجارب لكي نتجنب الخطيئة ونقاومها حباً بالرب الذي مات عنا