الصليب هو سر الموت المزدوج
والموت المزدوج هو موت العالم في نظر المؤمن , وموت المؤمن في نظر العالم , وهذا ما يقوله الرسول ((الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم)) , فالمؤمن ينظر إلى العالم فيراه مصلوباً أمامه , ولا يجد فيه إغراء أو جاذبية لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة وهذه كلها قد صلبت في الصليب , ونرى مثالا لهذا في احتقار موسى للعالم كما يقول كاتب العبرانيين ((بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أن بذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة)) عب 24:11 -26 فموسى حسب عار المسيح الذي هو الصليب غنى أعظم من خزائن مصر , وكان الصليب هو سر انتصاره على العالم , ولذا فالرسول يحضنا على السير في ذات الطريق قائلا ((لذلك يسوع أيضاً لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب فلنخرج اذاً إليه خارج المحلة حاملين عاره لأن ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة)) عب 12:13 -14 فهل صلبنا الجسد مع الأهواء والشهوات وخرجنا وراء ربنا خارج المحلة ؟
يحدثنا الرسول عن اختباره قائلا ((مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ)) غلا 20:2 , أجل ! جاء يوم ذهب فيه بولس إلى الجلجثة , وتمدد على صليب المسيح , وقال يناجي رب الصليب ((ياسيد سمر يديّ اللتين قبضتا على المسيحيين وعذبتاهم , وسمر قدميّ اللتين سارتا في طريق تحطيم عملك , وكلل رأسي الذي فكر بالأفكار الرديئة بإكليل الشوك , واطعن قلبي الخداع النجس بحربة الموت لكي أموت أنا وتحيا أنت ياسيدي فيّ)) ومن ذلك اليوم مات بولس ليحيا المسيح فيه و ((الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات)) غلا 24:5