منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 07 - 2015, 03:59 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

فظاعة الخطية
"لكي تصير الخطية خاطئة جداً بالوصية" (رومية 7: 13)
"لكي تصير الخطية خاطئة جداً بالوصية" (رومية 7: 13)
استعملت عدة كلمات في الكتاب المقدس للدلالة على الانفصال الذي حدث بين الله والإنسان. فقد قيل فيه أنه تعدّ. إثم. شر، إهانة، معصية، تمرد، ولكن الكلمة المستعملة عادة لوصف سقوط الإنسان هي "الخطية". هذه هي الكلمة التي استعملها الله ذاته. فعندما أنذر قايين قال "إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة" (تكوين 4: 7).
إن المعنى الجذري لكلمة خطية هو عدم إصابة الهدف أو التقصير. والخطية هي التقصير عن بلوغ الغاية التي وضعها الله أمامنا وإخطاء الهدف الذي نصبه الله لنا. ويفسر بولس هذا في رسالته إلى أهل رومية 3: 23: "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله". إنهم لم يتوصلوا إلى المقياس الذي أراد الله أن يتوصلوا إليه.
سبب الخطية

لقد ذكر شيء عن كيفية ظهور الخطية في الفصول السابقة وكل ما نعرفه عن بدابة الخطية مسجل في الأعداد السبعة الأولى من الأصحاح الثالث من سفر التكوين. ومع أن اسم الشيطان غير مذكور في القصة إلا أنه من الواضح أنه السبب الحقيقي للخطية. كما أن القصة تبين طرفاً من الأساليب التي كان وما زال يستعملها.
1. أخفى شخصيته

"وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله" (تكوين 3: 1) وهذا هو السبب الذي من أجله اختارها الشيطان من بين جميع الحيوانات. فقد كانت أحيل الجميع.
إن للشيطان هيئات عديدة يتستر بها ويختبئ خلفها. إنه لا يقرب إنساناً قط ليقول له "إنني الشيطان". وبولس يقول أنه – أي الشيطان – يظهر أحياناً كملاك "ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور" (2 كورنثوس 11: 14).
2. بذر الشك في محبة الله

"فقالت للمرأة أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجرة الجنة" (تكوين 3: 1).
"بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر" (تكوين 3: 5). فإنه ألمح إليها أن الله يمنع عنهما شيئاً لهما كل الحق فيه.
3. ناقض كلمة لله

"فقالت الحية للمرأة لن تموتا" (تكوين 3: 4). إن الشيطان لينال نصراً كبيراً إذا ما استطاع أن يشكك أحداً في صدق كلمة الله. فالله يقول "النفس التي تخطئ هي تموت" (حزقيال 18: 4) والشيطان يقول "لن تموتا".
يقول الله "أجرة الخطية هي موت" (رومية 6: 23) والشيطان يقول "لن تموتا".
4. حاول استمالة رغبة المرأة الطبيعية

"فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت ... " (تكوين 3: 6) وبعد سنين عديدة كتب يوحنا "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة" (1 يوحنا 2: 16). وهنا يجدر بنا أن نذكر التجارب الثلاث التي جرب الشيطان بها مخلصنا يسوع المسيح.
5. عمل بواسطة المرأة ليصطاد الرجل

"وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل" (تكوين 3: 6) قال يسوع للتلاميذ الذين سلموه حياتهم "ستكونون لي شهوداً" (أعمال 1: 8). والشيطان يقول للذين يسلمون نفوسهم له: "ستكونون لي شهوداً". فللشيطان شهود في العالم أكثر مما للرب وفي غالب الأحيان نراهم أكثر غيرة من شهود المسيح.
طبيعة الخطية

في العالم آراء عديدة مختلفة فيما يتعلق بالخيطة. فهناك من ينكر وجودها، ولكن هذا الإنكار لا يبطل وجودها. فالله له تأكيدات مشددة يقولها بصدد هذا الموقف "إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" (1 يوحنا 1: 8). "إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذباًَ وكلمته ليست فينا" (1 يوحنا 1: 10). والبعض يستهزئ بالخطية ولكن الله يصف هذا البعض بأنهم حمقى "الجهال يستهزئون بالإثم" (أمثال 14: 9) والحق يقال أن الاستخفاف بالخطية غباوة ما بعدها غباوة.
هناك آخرون يفاخرون بخطاياهم. وفي وصف خطايا أورشليم ويهوذا يقول أشعيا النبي "نظر وجوههم يشهد عليهم وهم يخبرون بخطيتهم كسدوم لا يخفونها" (أشعيا 3: 9). وفي الإنكليزية مثل قديم يقول "الساقط في الخطية إنسان، والنادم عليها قديس، أما المفتخر بها فشيطان"
لكن أخطر موقف إزاء الخطية هو ذلك الموقف المقلل من أهميتها حتى لا تظهر في بشاعتها. فيطلقون عليها أسماء مختلفة مثل "سوء تكييف الإنسان لمحيطه" أو "هفوة أدبية" أو قد يذهبون إلى القول أنها مرض والإنسان غير مسؤول عنه. ولكن تغيير اسم الأشياء لا يغير شيئاً من جوهرها.
اعتاد الدكتور شابمان أن يذكر قصة عن قسيس ألقى عظة بليغة عن الخطية. وبعد الخدمة ذهب إليه أحد العاملين في الكنيسة وقال "إننا لا نرغب أن تتكلم عن الخطية بمثل هذه الصراحة، لأن أبناءنا وبناتنا إذا ما سمعوك تتكلم عنها يصبحون خطاة بسهولة. سمها غلطة، إذا شئت، ولكن لا تتكلم بمثل هذه الصراحة عن الخطية". فما كان من القسيس إلا أن أخذ زجاجة "ستركنين" وقد ألصق عليها بطاقة تقول إن ما تحويه علاج سام ثم رفعها أمام نظر الزائر قائلاَ "لقد فهمت مرادك إن ما تريده هو أن أغير البطاقة. لنفترض أنني نـزعت هذه البطاقة وألصقت مكانها بطاقة أخرى كتب عليها "روح النعناع" ألا ترى ما الذي سيحدث؟ أنك كل ما حاولت أن تلطف ما كتب على البطاقة كل ما جعلت ما بداخل الزجاجة أشد خطراً". فمهما حاولنا تغيير اسم الخطية فإنها ستظل شيئاً شنيعاً يكرهه الله.
اعتدنا أيضاً أن نصف الخطية كشيء أسود. فنقول إن جرائم سوداء قد ارتكبت مثلاً. ولكن هذا التعبير هو غير الذي استعمله الله في وصفه للخطية؟ إنه يدعوها "حمراء" أو "قرمزية" "هلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضّ كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف" (أشعيا 1: 18).
شهد أحد خبراء الأصبغة بقوله إن باستطاعة الناس تغيير القماش من لون إلى لون آخر دون كبير جهد إلا في حالة القماش الأحمر اللون. فالأسود يمكن تغييره إلى أي لون آخر بسهولة. إلا أن الحالة ليست بمثل هذه السهولة في اللون الأحمر. قد يستطيعون تغيير الأحمر إلى لون آخر ولكن لفترة وجيزة إذ أن الخيوط القرمزية لا تلبث أن تظهر لونها ثانية.
والله يصف الخطية بأنها حمراء لا سوداء. إن صباغها ثابت جداً ويصعب تغييره. وليس في العالم ما يستطيع غسلها إلا دم المسيح. "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1 يوحنا 1: 7). ويظهر أن بولس لم يستطع أن يجد الكلمة التي يصف بها فظاعة الخطية وصفاً قوياً. فبعد أن نقّب عن كلمة تفي بهذا الغرض وجد أن اللفظ الوحيد الذي يستطيع أن يقوله عن الخطية هو أن الخطية "خاطئة جداً" وفي قوله هذا لم يكن يصف خطية معينة، فهو لم يشر إلى جريمة فظيعة ليقول عنها "هذه خاطئة جداً". كل خطية، أية خطية، هي خاطئة جداً. هذا لا يعني أن ليس هناك خطايا أعظم من غيرها. فبالتأكيد هناك خطايا أعظم وأفظع من غيرها. ولكن ما أراد بولس أن يؤكده هو حقيقة كون كل الخطايا فظيعة في طبيعتها.
1. إنها ثورة ضد الله

نقول إننا أخطأنا ضد إخواننا البشر، ونحن فعلاً نخطئ ولكن كل خطية هي ضد الله. ويوحنا يقول "الخطية هي التعدي" (1 يوحنا 3: 4) أي مخالفة الناموس. وأي ناموس نعني؟ إنه ليس ناموس البشر إذ أننا لا ندعو مخالفة القانون المدني خطية. ولكننا ننعتها بنعوت أخرى مثل ذنب أو مخالفة أو جناية، أو جريمة إلى آخر ما هنالك من مثل هذه النعوت. ولكن كلمة "خطية" مقصورة على مخالفة ناموس الله.
وهذا ما يجعل الخطية شيئاً فظيعاً للغاية. إذ أنها ضد إله قدوس ومحب. وإدراك هذا الأمر هو الذي كسر قلب داود عندما وقع تحت التبكيت من جراء خطيته العظيمة ولذلك صرخ "قد أخطأت إلى الرب" (2 صموئيل 12: 13). مع أنه بالواقع قد أخطأ إلى أوريا الحثي وإلى زوجته ولكنه ما جعله يرتعب هو أنه أخطأ إلى الله. لقد كانت هذه الحقيقة تستعر في قلب داود، حتى أنه صلى نادماً فقال: "إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت" (مزمور 51: 4).
اقتاد الشيطان الرجل والمرأة الأولين إلى الخطية ليس لأنه مهتم بخلاصهما أو عدمه ولكن لأن همه الأول كان مقصوراً على أنه بواسطة خطيتهما يستطيع أن يطعن الله. وهذا هو قصده الأول من وراء كل خطية.
لا يهم الشيطان مبدئياً أن نخلص أو نهلك، ولكن همه الأعظم والأوحد أن يقودنا إلى الخطية فيستطيع من جراء ذلك أن يستخدمنا في حرية ضد الله. وهذا ما تعنيه الخطية – إننا بها نضع أنفسنا في يد الشيطان فيستعملنا واسطة لطعنه يوجهها إلى قلب الله.
ولكي نفهم طبيعة الخطية حقاً يجب أن نمضي إلى صليب الجلجثة. الخطية شيء أدى إلى صلب ابن الله. وهي التي رفعت السوط وجلدت ظهره حتى سالت دماه. وهي التي ضفرت إكليل الشوك وكللت به جبينه وهي أيضاً التي أهوت بالمطرقة لتسمِّر بالمسامير يديه ورجليه. فإن الشيء الذي ندعوه خطية هو الذي سمّر ابن الله على الصليب.
خطية من هي التي صلبت يسوع المسيح؟ قد يقول البعض "إنها خطية يهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه إلى أيدي أعدائه" أو "إنها خطية رؤساء اليهود الذين حكموا عليه بالموت" أو "إنها خطية بيلاطس البنطي الذي أسلمه إلى أيدي الجنود الرومانيين" أو "إنها خطية الجنود الرومانيين الذين سمروه على الصليب." صحيح أن خطايا هؤلاء جميعاً لها ضلع في صلب ابن الله ولكنهم لم يكونوا وحدهم في جريمتهم.
خطية العالم هي التي صلبت المسيح. وخطيتك وخطيتي اشتركنا في هذا الأمر. وبالنسبة لنا فالصليب حادث تاريخي ولكن بالنسبة لله فالصليب عملية أبدية.
إن الكتاب المقدس يتكلم عن صلب المسيح ثانية "إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه" (عبرانيين: 6: 6). وهذا ما يفعله البشر عندما يبتعدون عن محبة الله بالمسيح، ويسلمون أنفسهم للخطية. إنهم يقولون بأفعالهم وإن لم يقولوا بأفواههم "لآخذ السوط وأجلد ظهره ولآخذ إكليل الشوك وأغرزه في هامته، ثم لآخذ المطرقة وأسمِّر المسامير عميقة في يديه ورجليه."
2. عالمية في مداها

إن شهادة الأسفار المقدسة في العهدين القديم والجديد هي أن الخطية عامة. سليمان يقول "لأنه ليس إنسان لا يخطئ" (ملوك الأول 8: 46) ومرنم المزامير يعلن أنه "ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (مزمور 53: 3). أما يوحنا فقد قالها بعبارة قوية "إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذباً وكلمته ليست فينا" (1 يوحنا 1: 10) وبولس يلخصها بهذه الكلمات: "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 3: 23).
إن لفظة "كل" لفظة صغيرة ولكنها تشمل مجموعة الناس فهي ترجع بمعناها إلى بداية الخليقة وتشمل جميع الأجيال التي عاشت على الأرض. إنها تصل إلى ما وراء البحار والقارات كما تحوي كل إنسان كائن في الأرض اليوم. وتمتد إلى منتهى الزمن وتشمل جميع الأجيال المقبلة.
وهذه ليست شهادة الكتاب المقدس فقط. ولكنها شهادة الاختبار البشري. إنه لم يوجد قط رجل أو امرأة كاملان تماماً. وحتى هؤلاء الذين توصلوا إلى قمة الأعالي في الاختبارات المسيحية هم على أتم الاستعداد للإقرار بإخفاقهم وقصورهم. فليست خطايا جميع الناس متشابهة فالبعض قد تعمقوا في الخطية أكثر من غيرهم، ولكن ليس هناك من لم يخطئ.
بعض الناس لا يعدون ذواتهم خطاة لأنهم لم يرتكبوا الخطايا الجسيمة المعروفة في المجتمع. فهم ليسوا سكيرين ولا لصوصاً أو زناة أو مجرمين. ولكنهم قد يكونون مذنبين بخطايا أخرى هي في نظر الرب في نفس المرتبة. هذا هو الخطأ الذي وقع فيه الفريسي في الهيكل حينما صلى قائلاً: "اللهم أنا أشكرك إني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين" (لوقا 18: 11).
اعتقد الفريسي أنه ما دام لم يقترف أياً من تلك الخطايا الجسيمة فهو ليس خاطئاً. ولكن خطيته كانت الرياء. والرياء من أفظع الخطايا في نظر الرب. إن يسوع لم يظهر غيظه أكثر مما كان يظهره في حديثه للمرائين "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون" (متى 23: 15).
يعتبر عدم الإيمان في الكتاب المقدس أكبر الخطايا. فعندما كان يسوع يتكلم عن مجيء الروح القدس قال "ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي" (يوحنا 16: 8 – 9). وكاتب الرسالة إلى العبرانيين ينذرنا بقوله "انظروا أيها الإخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان (عبرانيين 3: 12). لم يقل يسوع أنه سيبكت العالم على خطية لأنهم سكيرون وقتلة وزناة الخ .. ولكن "لأنهم لا يؤمنون بي" وكاتب الرسالة إلى العبرانيين لا يقول "لئلا يكون في أحدكم قلب شرير في القتل والزنى أو في خطايا أخرى" ولكن "قلب شرير بعدم إيمان".
منذ عدة سنين ذكرت مجلة Sunday School Times إن الدكتور يوجين ليمان فسك الطبيب قد صرح بما يلي: "هناك خلل صحي فينا جميعاً. إن الكمال الصحي هو أندر شيء في العالم. لقد تركنا كل أمل في العثوؤ على كمال صحي، ويمكنني أن أصرح بما هو أكثر فأقول إن الوصول إليه لم يعد ممكناً. إنني لم أعثر بين الرجال الذين قمت بفحصهم على رجل من الدرجة الأولى صحياً، وحتى رجل الدرجة الثانية نادر جداً. وأكثر من هذا فمن المستحيل أن تجد نموذجاً كاملاً حتى ولا عند الولادة".
وإذا كان هذا الوصف صادقاً على كيان الإنسان الصحي فكم هو أصدق بكثير على طبيعته الأدبية. ليس هناك عينات بشرية كاملة. الله، الطبيب الأعظم، "من السماء أشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم طالب الله" فكان الحكم "كلهم قد ارتدوا معاً فسدوا ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (مزمور 53: 2 – 3).
3. الخطية التي لا تغتفر

هناك خطية يصفها الكتاب المقدس بأنها لا تغتفر. لقد قال يسوع "لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس. ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي" (متى 12: 31 – 32).
وفي الرسالة إلى العبرانيين 10: 26 تجد هذه العبارة "فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا". وفي رسالة يوحنا الأولى 5: 16 نقرأ "إن رأى أحد أخاه يخطئ خطية ليست للموت يطلب فيعطيه حياة للذين يخطئون ليس للموت. توجد خطية للموت ليس لأجل هذه أقول أن يطلب".
وحيث يقول يسوع إن هنالك خطية واحدة لا تغتفر فلا بد وأن تكون إشارة هذه الفصول موجهة إليها. إن الخطية المذكورة في هذه الأعداد خطية لا تغتفر ليس لأن الله لا يريد أن يغفرها، ولكن لأن مرتكب هذه الخطية قد قسى قلبه ضد الله حتى لم تعد هناك فيه أية استجابة للتأثير الإلهي. والخوف الذي يشعر به البعض لظنهم أنهم ارتكبوا مثل هذه الخطية لدليل على أنهم لم يرتكبوها. إن أخطأ أحد بمثل هذه الخطية ينعدم الشعور عنده بها. إنه كترابة الإسمنت التي تقسو تدريجياً حتى تصبح حجراً.
فما هي الخطية التي لا تغتفر؟ إن الأسفار المقدسة لم تكشف الشيء الكثير عنها. الخطية التي أدان بها يسوع الفريسيين كانت أنهم نسبوا العجائب التي أجراها المسيح بقوة الروح القدس إلى الشيطان. ولكن هذا كان أبعد حد في مدى قسوة قلوبهم ضد المسيح. وأخيراً فقد رفضوه عن إدراك وقصد وتصميم وإصرار وحقد. ولذلك يظهر من هنا ومن فصول أخرى في الأسفار المقدسة إن الخطية التي لا تغتفر هي نتيجة برهة طويلة لتصلب القلوب ضد التأثير الإلهي تنتهي بعمل حاسم عن قصد وتصميم نهائيين. قال الدكتور ا.هـ سترونغ نقلاً عن الدكتور جـ. ب. طمس معرّفاً الخطية التي لا تغتفر: "هي رفض الحق والنعمة الإلهيين عن سابق معرفة وتصميم ثابت وكره وتحقير، بعد إعلانهما للنفس بقوة الروح القدس المبكتة والمنيرة."
عواقب الخطية

للخطية عواقب عاجلة وأخرى آجلة، عواقب روحية وأخرى جسدية. كانت عاقبة خطية آدم وحواء عاجلة فقد أصبحا عرضة للحزن والموت وطردا من الجنة وأبعدا عن الله.
هناك خطايا ما زالت تحمل معها عواقبها. فكم من أناس يتعذبون عقلاً وجسداً من جراء خطاياهم. هناك من يقضي حياته خلف قضبان السجن نتيجة لخطاياه. وحمل كثيرون إلى القبور قبل الأوان من جراء خطاياهم. وقد نستطيع القول أن كل حزن وعذاب في العالم إن هما إلا نتيجة مباشرة أو غير مباشرة للخطية. لأنه لو لم تكن الخطية لما كانت كل هذه النتائج.
إن خير كلمة نصف بها نتيجة الخطية هي "موت". إن الخطية مخالفة لناموس الله. إن الناموس الذي لا ينص على عقوبة مخالفته هو قانون لا قيمة له. يجتمع المشرعون ويصدرون قوانين، ولكن إن لم تنص هذه القوانين على عقوبة من ينقضها، فإن المجرمين سيدوسونها بأقدامهم ويهزأون بواضعها. وكذلك ناموس الله يجب أن ينص على عقوبة من يخالفه. فإن لم ينص على العقوبة فإن الإنسان سينقضه ويستهزئ بالله.
وناموس الله ينص على عقوبة الموت. فقد قال لآدم وحواء "لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تكوين 2: 17). كما يقول على لسان النبي حزقيال "النفس التي تخطئ هي تموت" (حزقيال 18: 4). أما يعقوب أخو الرب فيقول "الخطية إذا كملت تنتج موتاً" (يعقوب 1: 15) وبولس يلخصها بهذه الكلمات "أجرة الخطية هي موت" (رومية 6: 23).
المعروف أنه في أيام الأزمات الاقتصادية تخفض الأجور. ولكن أجرة الخطية لم تخفض مطلقاً فقد حددت قيمة الأجرة في بدء الخليقة ولم تتغير منذ ذلك اليوم مطلقاً. هناك نوعان للموت وكلاهما نتيجة الخطية.
1. الموت الطبيعي

إن موت الجسد هو جزء من عقاب الخطية. فلو لم تكن الخطية لما كان الموت الجسدي. لقد دبر الله تدبيراً عجيباً به كان يمكن لآدم وحواء أن ينجوا من الموت لو لم يخطئا. لقد وضع في الجنة شجرة الحياة التي كان يمكن أن يأكلا من ثمرها ويعيشا إلى الأبد. وإننا لو أخذنا هذه الكلمات بصورة رمزية أو حرفية، فالحقيقة هي هي. لبد دبر الله طريقة بها كان بإمكانهما أن يخلصا من الموت.
يقول الكتاب المقدس إن آدم وحواء قد طردا من الجنة ليس لأنهما أخطآ ولكن لكي لا يأكلا من شجرة الحياة. "وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها. فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تكوين 3: 22 – 24).
ومنذ ذلك اليوم والموت مخيم على العالم. كل من عاش على الأرض مات ولم يشذ عن هذه القاعدة غير أخنوخ وإيليا. لقد أصبحت الأرض مقبرة واسعة. وفي بعض الحالات يكون الموت هو النتيجة المباشرة للخطية بعينها أو لعدة خطايا. ولكن الموت بوجه عام هو النتيجة غير المباشرة للخطية في الجنس البشري.
2. الموت الروحي

ليس المعنى الجوهري للموت هو الانقراض بل الانفصال مع ما يرافقه من دمار. الموت الجسدي يعني انفصال الروح عن الجسد مما يسبب انحلال الجسم. فيعود الجسد إلى التراب، وترجع الروح إلى الله. ويصف سليمان الحكيم الموت بقوله "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جامعة 12: 7). والموت الروحي هو انفصال النفس عن الله مما يسبب دمار النفس. إن الإنسان بحالته الطبيعية ميت روحياً وبعيد عن الله. ويصف بولس حالة أهل أفسس الروحية قبل إيمانهم "أموات بالذنوب والخطايا" و "بالطبيعة أبناء الغضب" (أفسس 2: 1، 3). لقد كانوا بعيدين عن الله "إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم" (أفسس 4: 18).
هذا الموت الروحي ينتهي أخيراً إلى الموت الأبدي والانفصال الأبدي عن الله ودمار النفس الأبدي، هذا إن لم يأت الإنسان إلى معرفة الله. "معطياً نقمة للذين لا يعرفون الله ... الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته" (2 تسالونيكي 1: 8 – 9).
ودمار النفس الأبدي هذا يدعى "الموت الثاني". "مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم" (رؤيا 20: 6) "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤيا 21: 8).
هناك موت أول وموت ثان، تماماً كما أن هناك ولادة أولى وولادة ثانية. هناك ولادة جسدية وولادة روحية – ولادة الجسد وولادة النفس – وعلى ذات الطريقة فهناك موت أول وموت ثان – موت الجسد وموت النفس – وكلاهما أجرة الخطية. وكما أن الولادة الروحية أمجد من الولادة الجسدية فكذلك الموت الروحي أفظع من الموت الجسدي.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الخطية خاطئة جدًا جداً
لا تنخدعوا بمنطقية الكلمات بحسب كلام الإنسانية المقنع - الخطية خاطئة جداً
24ـ الخطية خاطئة جداً 08 09 1999 محاضرات يوم الأربعاء البابا شنودة الثالث
" فرحين فى الرجاء ... صابرين فى الضيق" خلفية رائعة جداً جداً
حملة "تمرد" تصدر بيانا لـ"الشعب" قبل خطاب "مرسي"


الساعة الآن 05:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024