معمودية الأطفال: ترتيب إلهي أم بشري
هل تجوز معمودية الطفل؟ وهل يصح للمؤمن أن يعتمد مرة ثانية بعد أن كان قد اعتمد طفلاً؟
تقر وتعترف كل الطوائف بأن معمودية الأطفال قد تبنتها الكنيسة في حوالي القرن الثاني الميلادي وإنها ليست حسب تعليم الكتاب المقدس. ولقد قال أحد اللاهوتيين: "أنه لو نزل رجل عاقل من أحد الكواكب (وهذا لا يعني أننا نقترح أن الكواكب مسكونة) ليزور أرضنا هذه واعطيناه كتاباً مقدساً وطلبنا منه أن يدرسه ويعلمنا محتوياته فإنه سيعلمنا عن النبوات وإتمامها وعن الخلاص بدم الرب يسوع المسيح وحده وعن معمودية المؤمن فقط ولكنه لن يستطيع أن يجد في أي موضع من الكتاب المقدس ما يعلم به عن معمودية الأطفال لأنها ليست موجودة".
إن أول من أشار إلى معمودية الأطفال هو ايريناوس أسقف ليون من خلال كتاباته التي ظهرت في أواخر القرن الثاني الميلادي. أما تشارلز ماكنتوش، المشهور بتفاسيره لبعض أسفار الكتاب المقدس، وخصوصاً أسفار موسى الخمسة، فقد قال عن المعمودية بأنه "خلال الاثنين والثلاثين سنة التي درس فيها كلمة الله قد فتش ولو على آية واحدة تعلّم بصورة مباشرة عن معمودية الأطفال فلم يجد"
وإليك ما جاء في دائرة المعارف الكاثوليكية عن المعمودية:
"في العصر الرسولي، كما في التدبير اليهودي، كانت المعمودية تتم بلا حوض، في البحر، أو في البرك أو في الينابيع الجارية أو البحيرات.
ومع مرور الزمن وتقلص عدد البالغين المعتمدين بقصد إدخالهم إلى المسيحية، تفشت ممارسة معمودية الأطفال، مما دفع إلى تغيير حوض المعمودية. فبدلاً من أن يكون حوضاً متسعاً على سطح الأرض، بنوا حوضاً يبلغ ارتفاعه من ثلاثة إلى أربعة أقدام ليتمكن الخادم من الإمساك بالطفل فوق فتحته، أو بناء حوض من الحجارة القوية يرتكز على أرض الكنيسة، واصبح تغطيس الأطفال هو قانون المعمودية. كما وتبنوا هذه الممارسة أيضاً في حالة البالغين إذ كان الحوض متسعاً بما فيه الكفاية بحيث يسمح بتعميدهم بالتغطيس.
وفي القرن الثالث عشر أصبحت المعمودية بالرش، ووصلت إلى هذه الممارسة تدريجياً واصبح الرش هو الوسيلة المتبعة عموماً واصبح حوض المعمودية صغيراً وقليل الماء. وارتفع من على الأرض إلى قمة بعض الأعمدة. ولكن الأحواض القديمة استمرت مقبولة في إيطاليا، أما في البلاد الشمالية فإن برودة الشتاء وقشعريرته دفعتا إلى الإسراع بممارسة المعمودية بالرش، لأن هذه الوسيلة لا تتطلب إلا القليل من الماء مما جعل حوض المعمودية يتضاءل في حجمه حتى وصل إلى حجمه الصغير الذي نراه اليوم".
فمعمودية الأطفال ليست كتابية للأسباب التالية:
1. إذا كان الإنسان قد اعتمد طفلاً فمعموديته ليست كتابية لأن الإيمان والتوبة يجب أن يسبقا المعمودية.
2. إننا لا نقدر أن نقول بأن الطفل قد تعمد لكنه عمد. لنفرض أننا عمدنا طفلاً ثم بعد أن كبر رفض الإيمان بالمسيح فماذا تنفعه المعمودية يا ترى؟ والجواب لا تنفعه شيئاً البته. إذاً لماذا لا يعتمد بعد الإيمان؟ فإن كانت المعمودية لا تنفع الطفل ما لم يؤمن عندما يكبر، فلماذا إذاً لا ينتظر حتى يكبر ويؤمن وبعدها يعتمد.
3. المعمودية هي شهادة علنية أمام الناس يعلن فيها المعتمد إيمانه بموت المسيح ودفنه وقيامته، لأن الرب يسوع يقول: "فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف أنا أيضاً به قدّام أبي الذي في السموات. ولكن من ينكرني قدّام الناس أنكره أنا أيضاً قدّام أبي الذي في السموات". (متى 10: 32 _ 33).
4. فالطفل لا يقدر أن يعترف بإيمانه بالمسيح وهو طفل صغير. المعمودية هي إعلان صريح وواضح عن طاعتنا لوصية الرب التي تأمر بأن "..... توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح...." (أعمال 2: 38)
هناك نص صريح في كلمة الله مفاده أن المعمودية هي للرجال وللنساء فقط. "وكان قبلاً في المدينة رجل اسمه سيمون يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلاً إنه شيء عظيم. وكان الجميع يتبعونه من الصغير إلى الكبير قائلين هذا هو قوة الله العظيمة. وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زماناً طويلاً بسحره. ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالاً ونساء". (أعمال 8: 9 _ 12). من هذه الآيات نرى أنهم من كبيرهم إلى صغيرهم كانوا يتبعون سيمون الساحر لكنهم لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالاً ونساء، وليس من الصغير إلى الكبير. ونقطة أخرى مهمة نراها في هذا الإعداد هي "لما صدقوا فيلبس"، فالتصديق لكلمة الله والإيمان بها هما شرطان أساسيان يجب توفرهما في الشخص قبل المعمودية.
1. إن أمر الرب يسوع لتلاميذه هو أن يذهبوا ويتلمذوا جميع الأمم ويعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس، فالتلمذة في هذا النص كما نرى تسبق المعمودية أي يجب على المعتمد أن يفهم أولاً عن خلاصه بموت المسيح ثم يتتلمذ وبعد ذلك يعتمد. فهل من الممكن أن تتلمذ طفلاً؟
2. إن معمودية الطفل في الكنائس التقليدية هي لمغفرة الخطايا ولكن كما سبق وبيّنا بأن المعمودية لا يمكن أن تغفر الخطايا. فعندما كان أبلوس وبولس في كورنثوس وجدا تلاميذ كانوا قد تعمدوا بمعمودية يوحنا. فقال لهم بولس: "إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلاً للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي بالمسيح يسوع. فلما سمعوا اعتمدوا (ثانية) باسم الرب يسوع". (أعمال 19: 4 _ 5).