09 - 05 - 2015, 09:49 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
العظة علي الجبل
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح : البابا شنودة الثالث ٩ مايو ٢٠١٥
أحبوا أعداءكم مت5:44
قال السيد الرب في عظته علي الجبل:
سمعتم أنه قيل:تحب قريبك وتبغض عدوك وأما أنا فأقول لكم:أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطرودونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات فأنه يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمين لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم؟أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك؟وإن سلمتم علي إخوتكم فقط فأي فضل تصنعون ؟أليس العشارون يفعلون هكذا؟مت5:44-47تحب قريبكعبارة وردت في الشريعةتحب قريبك كنفسكلا19:18لكن عبارة تبغض عدوكلم ترد في الشريعة إنها مفهوم بشري خاطيء قد علم السيد المسيح بعكسه وذلك لسببين:
أولهما :إن الرب لا يأمر بالبغضة في شريعته بل بالحب.
ثانيهما:لأن الحب والبغضة لايجتمعان في قلب واحد.
كما يقول الرسوللا شركة للنور مع الظلمة2كو6:14
فالسيد الرب يدعو إلي الحب حتي للأعداء فعدوك لايكفي أن تحتمله بل بالأكثر أن تحبه هذه درجة سامية.
نلاحظ في قول الرب:أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم …الخ
إنه يوجد أعداء ولاعنون ومبغضون ومسيئون وطاردون
ويوجد أيضا الذين لايسلمون علينا إذن الطريق ليس مفروشا كله بالورود بل يوجد مقاومون بل كما قال الرب في موضع آخر:وتكونون مبغضين من الجميع لأجل اسميمت10:22.
فما موقفنا نحن من كل هؤلاء؟وكيف نتعامل معهم؟
وكيف يمكننا عمليا أن نطبق عبارةأحبوا أعداءكم؟
التطبيق العملي:
1-يجب أولا ننقي القلب من كل مشاعر البغضة نحوهم
إنهم في كل عداوتهم لنا-مجرد ضحايا للشيطان عدونا وعدوهم وعلينا بقدر الإمكان أن ننقذهم من العداوة التي يعاملوننا بها,لا أن نزيدها بتبادل العداء وعلي قول الرسولإن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لاتنتقموا لأنفسكم أيها الأحباءرو12:19,18.
2- لاتتكلم بالسوء عمن قد أساء إليك.
لأنه يحدث كثيرا أن المساء إليه لايتكلم حسنا عن الذي أساء إليه بل قد يخوض في سمعته ويدينه ولو من باب تبريره لنفسه وأنه كان ضحية لذلك المسيء الذي..وقد يصل عداوته لك.وتكون قد خسرته بالأكثر وفي نفس الوقت قد خسرت نفسك
3- إن اتعبتك خطايا المسيء إليك فقل لنفسك وأنا أيضا خاطيءفشعورك بأنك خاطيء لايجعلك تبغض غيرك وهكذا فعل السيد المسيح مع الذين كانوا يريدون رجم المرأة الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل إذ قال لهم:من كان منكم بلا خطية فليرمها بأول حجريو8:7.
وفي شعورك بأنك أيضا خاطيء قل لنفسك لا أريد أن تتسبب أساءة هذا الإنسان في إدخال البغضة إلي قلبي كما لا أريد أيضا أنت تتسبب خطاياي في إدخال البغضة في قلوب الناس من جهتي.
4- أيضا لاتضر عدوك ولا تعامله بالمثل بل احتمله.
علي أن الرب لايقول فقطاحتملهبل أحسن إليه.
أحسنوا إلي مبغضيكم والاحسان إلي المبغضين هو عمل ايجابي أقوي بكثير من مجرد الاحتمال وبالإحسان إليهم يمكن أن نكسبهم وأن نغير قلوبهم من جهتنا وهكذا ينطبق قول الرسوللا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخيرإن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار علي رأسهرو12:210,21لأنه سوف لايستطيع أن يحتمل احسانك إليه ويجد أنه مثقل بالخير الذي فعلته معه.
لذلك أن وجدت مبغضك في ضيقة حاول أن تساهم في فك ضيقته إن وجدته مريضا يمكنك أن تزوره وتطلب له الشفاء بل وتقدم له هدية أيضا وثق أن كل هذا سيترك في نفسه أثرا ويغير شعوره من نحوك فلا يستمر في عدواته لك.
5- كذلك تحسن إلي مبغضك بالصلاة من أجله.
وصلاتك من أجله ستجعله لايخطيء إليك في المستقبل ويتدخل الله في حياته فيغيره علي أن تكون هذه الصلاة مخلصة من قلبك وتكون بها قد نفذت وصية الرب القائلة صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطرودنكممت5:44سواء كانت هذه الصلاة بينك وبين الله أو كانت كلمة دعاء من قلبك ترجو بها له الخير.
6- ومن أفضل الوسائل أن تنسي إساءة مبغضك إليك.
إن استمرار تذكرك للإساءة يقسي قلبك من نحوه ويجعلها لاصقة بفكرك علي الدوام أما محاولة نيسان إساءته فإنها تصفي القلب من الداخل وتصفي الفكر أيضا.
وتساعد بمرور الوقت علي عودة المحبة.
7- مهما أصابك من أعدائك قل في إيمان كله للخير
وهكذا قال يوسف الصديق لإخوته الذين عادوه وباعوهأنتم قصدتم لي شرا أما الله فقصد به خيرا ليحيي شعبا كثيراتك5:20وليكن عندك هذا الإيمان أن الله يمكنه أن يحول الشر إلي خير وأنيخرج من الجافي حلاوةقض 14:14وبهذا الشعور يزول التأزم من قلبك بسبب الإساءة ولاتكون مصدرا لبغضة في القلب.
8- قاوم كل شعور رديء في قلبك من جهة المسيء.
قل لنفسك باستمرار لابد أن احتفظ بنقاوة قلبي وبالسلام والهدوء داخل قلبي ولا أجعل مشاعر البغضة تعكر صفاء ذهني وطهارة قلبي وإن كانت إساءت الناس تحاربني من الخارج فإن مقابلتها بالبغضة وبالضيق والتأزم إنما تفقدني سلامي من الداخل بل وتفقدني أيضا علاقتي مع الناس وسلامي مع الله.
فالأفضل لي أن أطلب الخير لهذا المسيء وبهذا أهدأ من الداخل ومن الخارج تتحسن علاقتي معه وبالوقت يتحول هدوئي إلي محبة.
نلاحظ أن السيد المسيح الذي أعطانا هذه الوصية في محبة الأعداء قد نفذها علي نفسه بمغفرته لصالبيه.
بقوله وهو في عمق الألم علي الصليبيا أبتاه اغفر لهم لأنهم لايعلمون ماذا يفعلونلو23:34ولم يطلب لهم المغفرة فقط بل أيضا أوجد لهم عذرا وبنفس المشاعر الطيبة قال للص المصلوب معه الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوسلو23:43.
وأظهر لليهود محبة الأعداء في مثل السامري الصالح.
وكيف أن هذا السامري قد فعل خيرا مع رجل يهودي جريح ملقي بين حي وميت وأحسن إليه واهتم به وتحنن وضمد جراحاتهلو10:34,33بينما كاناليهود لا يعاملون السامريينيو4:9
وكذلك انتهر تلميذيه اللذين طلبا منه أن ينزل نارا من السماء لتفني قرية من السامريين رفضت أن تقبله وقال لهما لستما تعلمان من أي روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلصلو9:54-56وعمل الرب علي خلاص السامرة وإيمانهايو4:39-42.
نلاحظ أيضا أن السماء سوف تشهد محبة الأعداء
أو ستشهد محبة الأبرار لمن كانوا من قبل أعداء لهم.
إن شاول الطرسوسي كان راضيا بقتل القديس أسطفانوس أول الشمامسة أع8:1.
ولاشك أنهما تلاقيا في السماء بكل محبة.
وكذلك كان شعور الشهداء في السماء بالنسبة إلي مضطديهم الذين عادوا وآمنوا ثم شعور كثير من الشهداء الذين تعذبوا علي يد أريانوس والي أنصنا وبأمره قطعت رؤوسهم ثم آمن أريانوس فيما بعد واستشهد وقابله في السماء بكل حب الشهداء الذين قتلهم.
كذلك علينا أن نحب مضطهدينا كما أحب أولئك الشهداء مضطهديهم الذين تقابلوا معهم بعد حين في السماء.
|