منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 03 - 2015, 04:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,445

ما بين الكمال والممكن

لقداسه البابا شنوده
ما بين الكمال والممكن
كلنا مطالبون بأن نصل إلى الكمال، أو على الأقل نسعى إلى ذلك. ولكن الكمال المطلق هو لله وحده. أما نحن فأقصى ما نصل إليه هو الكمال النسبي أو الكمال الممكن. نسبة لمقدراتنا، ونسبة لما يمنحه الله لنا من نعمة ومن قدرة. فالكمال المطلوب منا هو ما يمكننا عمله. مثال ذلك طفل صغير في بداية التعليم، يدرسونه الجمع والطرح في علم الحساب. فينجح في الامتحان ويحصل على الدرجة النهائية. فنقول إنه وصل إلى درجة الكمال في الرياضة (في الحساب)، طبقًا لمستواه. على الرغم من أن مستواه يعتبر لا شيء إذا ما قورن بالمستويات العليا في الرياضيات. ولكنه حصل على الكمال النسبي.

** نحن مثلًا نطالب بالسلام مع الناس. ولكن عمليًا حسب طاقتنا نُسالم جميع الناس. مثال ذلك زوجة لا تستطيع إطلاقًا أن تعيش في سلام مع حماتها، ليس من جهتها هى، وإنما من جهة معاملة حماتها لها. لذلك إن كانتا تعيشان معًا في بيت واحد: فبدلًا من أن يتكرر الشجار بينهما كل يوم، من الأفضل أن ينفصلًا، كل منهما في بيت. وبهذا تعيشان في سلام.
** مثال آخر من جهة التعليم والإرشاد: نلاحظ أن بعض المعلمين أو المرشدين الذين يحبون المثاليات، نراهم يطالبون الناس بما هو فوق طاقتهم من جهة الوصايا والتعاليم مما لا يستطيعون تنفيذه عمليًا فيفشلون. بينما الأمر يحتاج إلى تدرج للوصول إلى الوصية في كمالها. وهذا أيضًا نقوله للآباء والأمهات ومن يعملون في مجال التربية أو في مجال الإرشاد: أعطوا الناس الممكن الذي يقدرون عليه.


** إن الله -تبارك اسمه- في محاسبته للناس، يحاسب كل واحد منهم حسب مستواه، من جهة إمكانيات كل شخص، حسب طاقته، وحسب ظروفه، وحسب سنه وصحته. وليس الجميع في مستوى واحد ولا في إمكانيات واحدة. فإن الناس يتنوعون في مستوياتهم، حتى الروحية منها: فالشخص المبتدئ هو غير المُخْتَبِر الناضج. وكلاهما غير الإنسان الروحي صاحب المواهب التي منحه الله إياها. والناس يختلفون أيضًا من جهة السن. فما يستطيعه الشاب غير ما يقدر عليه الشيخ، غير ما يستطيعه الطفل. كذلك ما يقدر عليه القوى في صحته، غير ما يقدر عليه المريض... إن الكمال الممكن هو لكل هذه النوعيات. ولكن درجته تختلف من واحد إلى آخر، كل واحد على قدر طاقته.

هناك أشخاص يقدرون على حياة الوحدة والتأمل، وأشخاص لا يستطيعون ذلك وإنما يحاولون الوصول إلى الكمال النسبي والممكن في وسط الناس وخدمتهم. ونلاحظ أيضًا أن الناس يختلفون في نوعية نفسياتهم، وفي نوعية ذكائهم وأيضًا يختلفون ما بين البساطة والعمق وكل من هؤلاء له قدرته الخاصة التي تختلف عن غيره. وكل منهم يمكنه أن يصل إلى الكمال النسبي بدرجة يختلف فيها عن غيره. وكل منهم يحاسبه الله حسب الطاقات التي عنده. وينال بركة إذا كان أمينًا في التصرف حسب إمكانياته وحسب جهاده في الوصول إلى الكمال النسبي الذي يقدر عليه.


** نلاحظ أيضًا في التجارب التي يسمح بها الله، نرى من مراحم الله أن الناس لا يُجربون فوق ما يستطيعون. فما يقدر القوى على احتماله، هو غير ما لا يحتمله الضعيف.

كذلك مستوى الذين يعيشون وسط شعوب وثنية، أو شيوعية، أو مؤمنة بديانات أخرى، هو وغير ما يطلبه الناس من مؤمنين في عمق الإيمان. كل هؤلاء يحاسبون حسب إمكانياتهم ولا يطلب منهم إلا الكمال النسبي حسب الجو الذي يعيشون فيه.


** وفي عمل الفضائل يطلب الله من كل فرد ما يستطيع أن يصل إليه من الكمال النسبي. فمن جهة فضيلة العطاء مثلًا، عليك أن تعطى ما تستطيعه. فإن استطعت أن تعطى كل ما يكون في طاقة يدك أن تفعله، فهذا حسن جدًا. وإن استطعت أن تعطى الغير من أعوازك وأن تفضله على نفسك، فهذا أفضل. وإن لم تستطع فعلى الأقل تعطى المستوى الأدنى، سواء من العشور أو الزكاة. وإن طلب منك المحتاجون ما لا تقدر عليه، فعلى الأقل يمكنك أن حولهم إلى الهيئات الخيرة التي تعتني بأمثالهم وتعطيهم. وبهذا تكون قد أعطيت ولو بطريق غير مباشر. أما إن كنت لا تفعل هذا ولا ذاك، ولا الكمال النسبي ولا الممكن ولا العطاء غير المباشر، فلا شك أن ضميرك يكون مقصرًا يلومك ولابد أن يلومك.


** من جهة خدمة الآخرين: هناك درجة من الكمال أن يكرس الإنسان نفسه للخدمة ويعطيها كل حياته. ولكن ليس كل إنسان يستطيع هذه الدرجة من الكمال وظروفه العائلية والمادية لا تسمح بذلك. فعلى الأقل من جهة الكمال النسبي، أن يعطى وقت فراغه لخدمة الله والناس. فإن لم يستطع، فعلى الأقل يُعطى جزءًا من وقته لخدمة الآخرين على قدر إمكانه. وإن لم يقدر، فعلى الأقل كل من يرسله الله إلى طريقه، يقوم معه بالخدمة التي يستطيعها. ويكون مستعدًا في قلبه أن يخدم كل أحد بقدر طاقته.


** من جهة الصلاة، فإن القديسين يصلون كل حين. وهذا نوع من الكمال. والذي لا يستطيع ذلك عليه أن يصلى صلوات الساعات حسب الوصية. وإن كانت إمكانياته لا تسمح بكل ذلك، فعلى الأقل يبدأ اليوم بالصلاة، ويختم يومه بالصلاة أيضًا قبل نومه. وبإمكان كل أحد أيضًا أن يرفع قلبه في كل وقت إلى الله بصلاة قصيرة ولو بكلمة أو بضع كلمات، يطلب فيها من الله البركة أو المعونة أو المغفرة وباختصار إن لم تقدر على الوضع الكامل، فلا تهمل الممكن.

كذلك من جهة معاملة المسيئين: إن لم تقدر أن تحب من يسيء إليك وتصلى من أجله، فعلى الأقل إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه... وإن لم تقدر على كل ذلك، فعلى الأقل احتمل المسيئين، ولا تنتقم لنفسك، ولا ترد الإساءة بمثلها. وصل أن يغفر الله لمن أساء إليك، ويبعد شره عنك.

** كلمة أخيرة أقولها وهى: إن سرت في الممكن وليس في الكمال، فلا تحول الممكن إلى تسيب. لا تقصر في تنفيذ وصية الله، ولا تغطِ تقصيرك بالأعذار، وبأنه لم يكن في إمكانك غير ذلك! كلا، بل ليكن لك ضمير صالح أمام الله وأمام نفسك، في صدق وتدقيق. لئلا تصل إلى تدليل النفس في هروبها من الواجب وفي استهتارها.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القناعة (بين المستحيل والممكن)
بين المستحيل والممكن امر الله
مابين الكمال والممكن 23\5\2010
الكمال، والممكن
طوبى للذي يحب الكلام الصالح المستقيم، ويمقت الكلام الدنيء الهدّام


الساعة الآن 08:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024