ثروت الخرباوي يكشف تفاصيل لقاء الـ3 ساعات مع السيسي
نقلا عن الوطن
كشف القيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى، القيادى الحالى فى حزب «المحافظين»، عن كواليس لقاء الـ3 ساعات الذى جمعه ومختار نوح وكمال الهلباوى، من قيادات الإخوان المنشقة، بالرئيس عبدالفتاح السيسى، الأربعاء الماضى، لتجديد الخطاب الدينى، ومواجهة التطرف الفكرى، الأمر الذى يؤسس لنهاية مشاريع الإخوان والإرهاب والتطرف والتأسلم السياسى.
وقال «الخرباوى» فى حواره مع «الوطن»، إن لقاء الرئيس لم يتطرق من قريب أو بعيد لمسألة المصالحة مع الإخوان، وأن «السيسى» كان حريصاً على الاستفادة من خبراتهم فى معرفة الطريقة التى يفكر بها الإرهابيون ومنطلقاتهم الفكرية، وكيفية تفعيل الثورة الدينية فى مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن جزءاً مما تم الاتفاق عليه يتعلق بخطط لا يمكن الكشف عنها الآن.. وإلى نص الحوار:
* بداية، هل كان للقاء جدول أعمال مسبق، أم جاءت المناقشات فيه بشكل عفوى؟
- جدول أعمال اللقاء كان تجديد الخطاب الدينى وكيفية تفعيل مفهوم الثورة الدينية فى كل مؤسسات الدولة، وتناول طريقة تفكير الإرهابيين، وكيفية مواجهتهم فكرياً والآليات التى من الممكن تفعيلها فى كل مؤسسات الدولة لمواجهة هذا التطرف، وخلال اللقاء كان الرئيس حريصاً على الاستماع لكل الخبرات وأصحاب التجارب المرتبطة بهذا الموضوع، باعتبار أن لنا خبرة فى خطاب التطرف وكيفية تفكير الإرهابيين ومنطلقاتهم الفكرية، فكان من الضرورى أن يستمع لنا مثلما استمع لعلماء الأزهر من قبل، واستمع لمتخصصين مختلفين فى نفس الموضوع.
* هل تطرق الحديث إلى استراتيجية مواجهة الإخوان والتطرف والإرهاب بشكل عام؟
- لم يكن هناك حديث عن استراتيجيات معينة، لكن كان الكلام فى الأفكار العامة.
* وكيف ترى ذلك مع أن مواجهة الإرهاب تحتاج لاستراتيجية واضحة ومتكاملة بالفعل؟
- الرئيس كان حريصاً فى اللقاء على الاستماع، وهو شخص يجيد الاستماع ويفهم الملف بشكل جيد جداً، ومن خلال الحوار اتضح أنه تقريباً دارس لكل الملفات المهمة المطروحة فى الوطن بشكل جيد، وأظن أنه كان لديه فهم واستراتيجية لكيفية المواجهة، ولكنه كان يريد أن يستأنس فقط بأفكارنا، وهذا شىء جيد لرئيس يحب أن يستمع لكل الأفكار، ويكون هو استراتيجيته.
* هل تشير جملتك الأخيرة إلى أن استراتيجية الرئيس لمواجهة الإرهاب لا تزال فى مرحلة التشكل؟
- الملامح التى خرجت بها من اللقاء، أن الرئيس مواطن يؤمن بالقومية العربية وفى ذات الوقت مسلم متدين تنويرى، وله أفكار تنويرية فيما يتعلق بالخطاب الدينى، وهو مدرك لأهمية تصحيح الصورة الذهنية التى انطبعت عند الغرب بالنسبة للإسلام، ويرى أن ذلك فريضة دينية واقعة عليه وعلى كل الرؤساء والملوك لتصحيح صورة الإسلام، وأن المسألة ليست متعلقة بإرهاب قد يقضى على الأوطان قدر ما هو متعلق بالإسلام الذى يساء إليه من أبنائه.
وكان الرئيس أيضاً يحمل فى نفسه ألماً من قيادات الإخوان التى كان يظن أن لديها قدراً من العقل، وأنها من الممكن أن تختار طريق العمل الدعوى السلمى، لكنها اختارت طريق الدماء، وهو يدرك أن معظم الشباب المتطرف وقع فى التطرف بسبب الخطاب الدينى لجماعات الإسلام السياسى، ويدرك أهمية أن ننقذ هؤلاء الشباب من التطرف، وأن نمنع باقى أبناء الوطن من الوقوع فى هذا الفخ.
واتضح من كلام الرئيس أنه يريد أن يقدم للأمة مشروعاً حضارياً يهتم ببناء الإنسان، وليس مجرد مشروعات فقط متعلقة بالزراعة والصناعة والتجارة، مشروع حضارى تكون ملامحه قائمة على تطوير منظومة التعليم ودعم العلم والعلماء والبحث العلمى، وفى ذات الوقت الاهتمام بالإبداعات الثقافية للمبدعين والمفكرين وإحداث نهضة فكرية حقيقية فيما يتعلق بأدوات التواصل مثل السينما والمسرح، ويعتقد أنه سيكون لها تأثير إيجابى على الشعب، وهذه الملامح الرئيسية للمشروع النهضوى الذى كان مهتماً به، أما الكلمة التى تركت أثراً فى نفسى قوله: «أكثر ما أخشاه أن تمر الأيام والسنون ويزداد الفارق بيننا وبين الغرب، ليصل إلى حد أن يكون مشابهاً للفارق بين الإنسان والقرد».
* هل وجهتم انتقادات أو ملاحظات على الأداء الحالى فى مواجهة الإخوان والإرهاب والتطرف عموماً؟
- اللقاء لم يكن متعلقاً بالإخوان على الإطلاق، وأقول ذلك لأنى وجدت ناساً تتحدث عن «صلح ومش صلح»، والحقيقة أنه لم يكن مطروحاً على الإطلاق لا فى جدول الأعمال ولا فى الحوار مسألة أن تكون هناك مصالحة مع الإخوان، خصوصاً أن الثلاثة الذين جلسوا مع الرئيس، أنا ومختار نوح والهلباوى، لا نؤمن بمسألة مصالحة الإخوان أصلاً، بل إننا نواجه أى مشروع يقدمه شخص للصلح مع تلك الجماعة، فلا يمكن أبداً لدولة أن تعقد صلحاً مع منظمة إجرامية، وبالتالى مسألة الإخوان بتفصيلاتها لم تكن مطروحة، والثلاثة الذين حضروا اللقاء، إضافة إلى عبارات الرئيس، تدل على الرفض التام لمسألة الصلح، فالسيسى قال فى حواره معنا «هم اختاروا طريق الدم»، ولكن «تويتر» و«فيس بوك» عاشا فى مؤامرة الصلح، وهى مؤامرة وهمية ليست صحيحة، ومنطلقاتها من خيال من يكتبون عنها.
* ولكن ألم تشيروا إلى أوجه قصور بعينها فى مواجهة الدولة للإرهاب، ومسألة تدعيم المواجهة الفكرية مثلاً، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين؟
- هذا كان موضوع الحوار، والرئيس يدرك تماماً أوجه التقصير ويضع يده عليها دون الدخول فى تفصيلات، وأنا بما كتبته على «فيس بوك» لم يدر فى ذهنى أن يصل الأمر للصحافة، وكل ما أردت أن أقوله إننى كنت فى لقاء غير عادى مع رجل غير عادى، وأن من حق الأمة أن تنام وهى مطمئنة لوجوده فى الرئاسة، لكنه يحتاج إلى جهد كل المخلصين.
* هل يمكن أن تكشف عن بعض من المقترحات التى قدمتها فى اللقاء لتفعيل المواجهة مع الإرهاب؟
- ليس كل ما فى الجلسة من الممكن أن نبوح به الآن، دع الأيام تتحدث عن باقى التفصيلات.
* هل يعنى ذلك أن هناك خططاً لا تريد لها أن تفشل إذا تم الكشف عنها؟
- بالضبط.
* لكن هناك قضايا عامة لا يُعد الحديث عنها إفشالاً لأى خطط، مثل قضية العدالة الاجتماعية، التى من شأنها أن تسحب البساط من تحت أقدام الجماعات المتطرفة وأفكارها، فضلاً عن تحسين الأداء الأمنى؟
- الرئيس مدرك لهذا الكلام تماماً، ووجوب أن تتحقق العدالة الاجتماعية وأن يتحسن أداء الشرطة وكل أوجه القصور فى الدولة، وهو الذى تحدث عن هذه الأشياء وطلب من كل المخلصين الوقوف معه فى مواجهة الفساد الموجود فى بعض مؤسسات الدولة، وتحدث عن أن الأعباء تكاد تكون مستحيلة وهو يخوض المستحيل، لذلك يطلب من الأمة أن تمشى معه فى طريق المستحيل، كما أنه مدرك للأعباء الاقتصادية الضخمة، التى تنوء بحملها الجبال، وقد تؤخر نوعاً ما تحقيق كل مطالب الثورة، لكنه جاد وحريص على تحقيقها.
* هل تطرقتم إلى وضع الأحزاب الدينية التى لا تزال قائمة ومن بينها «النور»، وما إذا كانت تشكل رافداً للتطرف؟
- دع الأيام تتحدث عن باقى الحوار وتفصيلاته.
* البعض اعتبر فى تعليقاتهم على ما كتبته عبر «فيس بوك» عن اللقاء، أن لقاءً بهذا المستوى مع شخصيات مثلكم يشير لنهاية للإخوان، أو على الأقل يؤسس لذلك؟
- أعتقد ذلك وأوافق على كلام الشخصيات التى علقت هذا التعليق، فقد كان اللقاء لا يحمل نهاية للإخوان فقط، وإنما بدايات نهايات مشروعات الإرهاب والتطرف والتأسلم السياسى أو المتاجرة بالدين فى السياسة.
* هل تطرق الحوار للانتخابات من قريب أو بعيد، ومخاوف تسلل قوى «التأسلم السياسى» تلك إليه؟
- الرئيس مُدرك لأهمية دعم التجربة الديمقراطية ودعم الأحزاب وإقامة حياة ديمقراطية سليمة بشكل كامل، ويتمنى أن تُجرى الانتخابات وتسفر عن تجربة ديمقراطية هى الأولى من نوعها فى تاريخ مصر.
* بالنسبة لشباب الإخوان وجمهور المتعاطفين معهم، هل قدمتم تصورات حول كيفية التعامل مع هذا النوع من الجمهور، وكيفية انتشاله من هذا الطريق؟
- اللقاء كان حول مواجهة التطرف ومشروعاته الفكرية، والرئيس مؤمن أن من ارتكب جريمة يجب أن يُعاقب عليها ومن شارك فى إهدار الدماء يجب أن يعاقب قانوناً على ذلك، لكنه فى ذات الوقت مؤمن بضرورة إنقاذ أبنائنا من التطرف.
* وماذا كان تصوره فى هذا الصدد؟
- دع الأيام تتحدث عن ذلك.
* قلت قبل ذلك إنه كان لديه مرارة مما فعله الإخوان، هل يمكن استنتاج أنه لم يكن لديه خبرة كافية بهذه الجماعة مثلكم، وبالتالى فوجئ بما فعلوه؟
- «السيسى» كان لديه أمل أن يكونوا عقلاء ويختاروا طريق الدولة، لأن هدم الوطن والدولة لن يكون فى مصلحة أحد، فبمقدار الأمل الذى كان لديه وهو يحسن الظن بالناس، كان مقدار الألم الذى شعر به.