رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثروت الخرباوى يكشف «أئمة الشر»: خطة إشعال النار فى القِطّ «6» بعد اللقاءات الأمريكية الحالمة دوَّن الإخوان فى دفاترهم الجهادية أن المظاهرات أصبحت موضة قديمة ولا تليق بأهل الحكم كيسنجر قال لوزير الخارجية الأسبق محمد العرابى: الإخوان قادمون فى مصر.. وأنا متأكد تمامًا من ذلك.. وأمريكا ليس لديها مشكلة خرجت كلينتون تطالب بضرورة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وفقا للكشوف التى تسلمها الإخوان من رؤساء اللجان بغضّ النظر عن الطعون كفاح اللسان فى عهد مبارك هو السمة الرئيسية للجماعة لأنه الكفاح الرخيص الذى ليس له كلفة عالية الإخوان تحدثوا مع وليم بيرنز أحد الأعمدة الصهيونية الأمريكية عن رغبتهم فى خوض انتخابات الرئاسة وأنهم يريدون معرفة موقف أمريكا (فى الريف يعرف المحترفون أنهم لا يحتاجون إلى بذل مجهود لإشعال الحرائق، يكفى فقط أن يصب هذا المحترف الخبير قليلًا من الزيت على قـطٍ فى عنفوان شبابه وقوته، ثم يشعل فيه النار ويطلقه سريعًا وسط الحقل المستهدف، وسيقوم القط المشتعل بعمله خير قيام). فى عهد مبارك كشف أحد الدبلوماسيين الأمريكان عن حوار سرى تم بين القيادى الإخوانى سعد الكتاتنى وأحد كبار الدبلوماسيين الأمريكان، فخرج علينا الإخوانى الإعلامى محسن راضى من نافذة الجماعة، لكى يضع لنا ملامح حوار الإخوان مع الأمريكان، فيقول والكلمات تتقاطر من فمه كما تتقاطر عربات قطار النقل: هم أى إخواننا الأمريكان يريدون معرفة موقفنا من المرأة ووضع الأقليات وتداول السلطة والديمقراطية، والموقف بالنسبة إلى العلاقة مع حماس وإيران واتفاقية كامب ديفيد، وكل هذه الأمور التى سبق وأن أعلن الإخوان رأيهم فيها أى أن اللقاءات والحوارات تحصيل حاصل، ثم يستطرد الأخ راضى وهو يزين للأمريكان أطايب الطعام الشهى الذى طبخه الإخوان فيقول: إن الوضع المزرى للأقلية فى البحرين لم تمنع الولايات المتحدة من جعل أرض هذه الدولة مقرًا لأسطولها الخامس! وكأن محسن راضى يقول بتصريحه هذا أهلا وسهلا بالأمريكان، وإن تغاضوا عن حقوق الأقليات، طالما إنه وإننا وإنهم بكل أنَّات اللغة العربية فى الإمكان أن نجعل من بلادنا محلًا مختارًا لأسطولهم. سنصم الآذان عن كلمات الأخ راضى، وسننظر إلى الناحية الأخرى، سنجد أن كفاح اللسان فى عهد مبارك أصبح هو السمة الرئيسية للجماعة، حيث إنه هو الكفاح الرخيص الذى ليس له كلفة عالية، لذلك ارتفع الصوت الإخوانى منددا بالسياسة الأمريكية التى ترعى المصالح الصهيونية، ومظاهرات طلابية يستغلون فيها طلابهم السذج الذين تربوا على الثقة فى القيادة، وأعلام أمريكية يتم حرقها تحت الأقدام الإخوانية، ومقاطعة للبضائع الأمريكية، وعويل وصراخ، ولعن الله أمريكا الكافرة الزنديقة. ولأن اللسان غير الأنف ووظيفتهما تختلف فإنه لا تثريب على أنوف الإخوان، إن أدمنت شم التبغ الأمريكى، فقد ذهبت أنوفهم تعدو صوب دخان السيجار الأمريكى الفاخر الذى يتصاعد من السفارة الأمريكية وهى غير مدركة أن كل دخان سيتبدد ذات يوم، لكن الأخ محمد عبد القدوس مبعوث الإخوان للقاءات الدبلوماسية وقتها عرف طريق السفارة الأمريكية، يذهب إليها فى الأعياد القومية الأمريكية مهنئًا ومصليًّا «حتى لا يطير الدخان»، وكان يصطحب معه الأخ عصام العريان الذى أخذ يرسل رسائل الطمأنة للحكومة الأمريكية وللحكومة الإسرائيلية قائلا فى كلمات ألقاها فى السفارة الأمريكية وفى حوار له مع جريدة «الشرق الأوسط» منذ سبع سنوات تقريبًا العديد من التصريحات قائلا: على الحكومة الإسرائيلية أن تطمئن فسنحافظ على كامب ديفيد، ولأن رسائل الإخوان كانت وردية فقد تعودت السفارة الأمريكية على أن تدعو أعضاء جماعة الإخوان إلى ولائم السفارة من باب «اطعم الفم تستحى العين»، ومع الفم الإخوانى الذى يلوك الطعام الأمريكى، كان اللسان الإخوانى المجاهد يصرخ فى المظاهرات والتصريحات البطولية: لعن الله أمريكا وإسرائيل، احرقوا أعلام أمريكا إنهم قوم لا يتطهرون. وإذ فجأة يخرج الدكتور سعد الدين إبراهيم من سجنه بضغوط أمريكية، فيكشف الرجل بصراحته الأمريكية عن أنه كان عراب الاتفاق بين الإخوان والأمريكان بل والمجتمع الغربى كله، قال سعد الدين إبراهيم فى حوار صحفى عام 2004 «حقيقة الأمر أن حوارًا بدأ بينى وبين الإخوان المسلمين فى سجن (مزرعة طرة) وكان أساسه: لماذا اهتم العالم بىّ ولم يهتم بالإخوان. وضاعف من حرارة الحوار وقوع أحداث كونية جسيمة أهمها الهجوم الانتحارى على مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية. وكانت إجاباتى عن أسئلة الإخوان المسلمين هى أن العالم يدافع عنى، لأنه اعتبرنى صاحب رؤية ومشارك معه فى قيم إنسانية عالمية، إضافة إلى أننى أحترم الآخر. فقالوا ونحن أيضًا نشارك فى هذه القيم العالمية، وسأل (الإخوان) كيف نوصل وجهة نظرنا إلى العالم الغربى، فقلت لهم أضعف الإيمان هو الكلمة وأقواه هو الفعل، فردَّوا أن الكلام نحن نقوله ونقرّه الآن، أما الفعل فلا بد من انتظاره حتى خروجنا من السجن. وخرجت من السجن والتقى بىّ بعضُ من تحاورت معهم داخل السجن، وآخرون لم يكونوا فى السجن، وطلبوا منى مواصلة الحوار الذى بدأناه داخل سجن طرة، إضافة إلى الحوار مع الغربيين. فنقلت رغبتهم لبعض السفراء الغربيين الذين كانوا يزورونى بالسجن ويعرفون بحوارى مع الإخوان، وكان فى مقدمة هؤلاء السفراء السفير الكندى فى مصر الذى بدوره طلب الحوار معهم، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر، لكن السلطات المصرية رفضت رفضًا باتًا ذلك الحوار. لكن الأمر اختلف بعد الخروج من السجن، واجتمعنا أنا وبعض أعضاء الجماعة الإسلامية أمثال عصام العريان ومحمد عبد القدوس وبعض الغربيين وجلسنا فى النادى السويسرى بإمبابة فى مصر، واستمر الحوار يومًا كاملًا ثم تركتهم معا لاستكمال الحوار وهذا كان دورى». ومع اللقاءات الحميمية ظلت مظاهرات طلاب الإخوان ترفع راية «أمريكا عدوة الله»، وأخذ مجاهدو الإخوان يلقون بحمم ألسنتهم البركانية على أمريكا ومن والاها، ولعن الله من والاها. يُحرمونها ويعاقرونها، يلعنونها وينامون فى مخادعها، ونظرا لأن الإخوان لا يعترفون بالزواج العلنى فقد أنكروا وهم يشتمون أمريكا أن اللقاءات مع الأمريكان تخصهم، فقال متحدثهم الرسمى عندما انكشف كل شىء: هذه اللقاءات لا علاقة لنا بها، ومن حضر من الإخوان فيها حضر بصفته الشخصية! وكان أن قامت الثورة المصرية، ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وما كان دائرا فى السر قبل الثورة أصبح دائرا فى العلن بعدها، فبعد الثورة مباشرة وقبل أن يصبح «الحكم قبل الدين أحيانا»، لم يعد هناك أى مبرر إخوانى لإثارة مظاهرات ضد أمريكا الصهيونية، فقد كان هذا الكلام أيام الجهاد الرخيص، أما الآن فنحن أمام الجهاد الأكبر، جهاد السعى نحو أريكة الحكم، وبالتالى لم يعد هناك ما يستحق الإخفاء، أو الخفاء، أو التنديد والتهديد، ومع ذلك فإنه عندما قالت السيدة هيلارى كلينتون فى مؤتمر صحفى لها فى بودابست: إن الإدارة الأمريكية تواصل سياسة إجراء اتصالات محدودة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهى اتصالات مستمرة على حد قولها، منذ ما يقرب من خمس أو ست سنوات، ثم قالت: سنعادود الاتصال بالإخوان، كان مفهوم الكلام أنه كان هناك اتصال «على الهاتف الدولى»، ثم انقطع، ومن ثم ستقوم الإدراة الأمريكية بإعادة الاتصال، ثم أكدت الوزيرة الأمريكية أن هذه المحادثات كانت قد بدأت منذ بضع سنوات! وكشفت عن أهم الموضوعات التى يتم بحثها مع الإخوان هى: استمرار الإخوان فى سياسة عدم اللجوء إلى العنف، واحترام حقوق الأقباط والنساء، حسن جدا، ليس فى هذا شىء، إذ إن من حق جماعة الإخوان فى ظل حكم مبارك المستبد أن تستقوى بمن يمكن أن يخفف الضغوط الأمنية التى تواجهها، لكن قامت الثورة، وذهب مبارك إلى المكان الذى يستحقه، ولم يبق إلا الشعب الذى لا يجوز أن يستقوى أى أحد إلا به بعد الله سبحانه وتعالى، وفى هذه اللحظة الفارقة التى تختبر فيها الرؤى الوطنية للأفراد والجماعات والأحزاب، إذا بجماعة الإخوان تمد حبالها إلى أمريكا، أو بمعنى أدق، تقبل الحبال الممدودة لها من أمريكا، عملًا بوصية كلينتون التى وجهتها إلى الإخوان من بودابست، والحبال فى السياسة ليس لها إلا فائدة أو نهاية، أما الفائدة فهى أن يصعد بها من يستلم طرفها فيرتقى، وأما النهاية فهى أن يضعها من يستلم طرفها فى رقبته كمشنقة فينتهى، جاء الحبل الأمريكى إلى مقر جماعة الإخوان، وكان الحبل الأمريكى الأول هو وليم بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، وجلس مع قيادات الإخوان فى جلسة سرية، لم نعرف ما دار فيها وما حدث خلالها، حتى إن قيادات الجماعة منعت الصحفيين من حضور اللقاء، أو كلفت خاطرها فى إلقاء بيان بما حدث من مباحثات، ومع ذلك فإن لقاء الإخوان مع وليم بيرنز فى حد ذاته كان لقاءً مستغربًا، وظهر من خلاله أن قيادات الإخوان ترغب فى لقاء أى شخصية أمريكية حتى ولو كان من شأنها تلويث البحر المتوسط، فوليم بيرنز هو أحد الأعمدة الصهيونية فى الحكومة الأمريكية، وأحد أكبر الداعمين لكل الاعتداءات الإسرائيلية التى حدثت ضد الشعب الفلسطينى، ويعتبر نفسه مبعوث العناية الأمريكية لحماية أمن إسرائيل، لدرجة أنه سبق أن صرَّح بأنه لا يريد تحقيق أمن إسرائيل فقط، لكنه على حد قوله: «أنا أبحث عن رفاهية إسرائيل»، ومن فرط تصريحاته العنصرية اعتبرته منظمات حقوق الإنسان واحدا من أعداء الإنسانية، وبعد أن التقى بيرنز قيادات الإخوان أصدر تصريحات بأنه بحث مع الإخوان كل ما يتعلق بالمصالح الأمريكية وبأمن إسرائيل والمعاهدات التى عقدتها مصر مع إسرائيل، وقال إن الإخوان تعهدوا بالحفاظ على هذه المعاهدات، ولأن هذه التصريحات تعنى بطريق الاستدلال أن الإخوان تحدثوا مع وليم بيرنز فى رغبتهم فى خوض انتخابات الرئاسة، وأنهم يريدون معرفة موقف أمريكا منهم فى حالة تنفيذهم رغبتهم، فلذلك كانت الحوارات ومن أجل هذا كانت التطمينات والتأكيدات، صحيح أن الإخوان أنكروا صحة تصريحات وليم بيرنز، وكأنه كان يزور مقر الإخوان من أجل أن يصلى الظهر خلف المرشد الدكتور محمد بديع، لكن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت بيانًا تفصيليًّا باللقاء، وما تم فيه وأكدوا حصول الحكومة الأمريكية فى لقاء بيرنز مع الإخوان على تطمينات وتطمينات.بعد هذا اللقاء مباشرة التقى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق مع وزير الخارجية المصرى السابق محمد العرابى، وكان اللقاء فى إسطنبول، وفى هذا اللقاء قال كيسنجر للعرابى: الإخوان المسلمون قادمون فى مصر، وأنا متأكد تمامًا أن الإخوان سيحكمون مصر قريبًا، وإذ سأله العرابى: وما موقف أمريكا من هذا؟ قال كيسنجر وفقا لما نشره العرابى ليس لدى أمريكا مشكلة لأن كل ما يهم الإدارة الأمريكية ثلاثة أمور مفصلية فى مصر، هى: الالتزام باتفاقية السلام مع إسرائيل، وضمان سلامة الملاحة فى قناة السويس، وأن تستمر الولايات المتحدة مصدرًا لتسليح الجيش المصرى، تصريحات كيسنجر هذه كانت عقب لقاء بيرنز الإخوان، وظهر منها أن النظام الأمريكى يرغب فى جعل تفصيلات الحوارات مع الإخوان علنية. وتوالت اللقاءات الإخوا أمريكية، مرة مع جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، وجون كيرى منافس جورج بوش فى انتخابات 2004، وخرج هذا الأخير من لقائه مع الإخوان سعيدًا مبتسمًا، ثم بعد أيام وهو فى واشنطن وبعد سفر المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأمريكى إلى بلادهم خرج جون كيرى ليوجه الشكر الجزيل للإخوان لمساعدتهم رعايا أمريكا فى «السفر الآمن» والهروب من قضية التمويل! ما يعنينى هنا أن جسد جماعة الإخوان كله كان يسير فى اتجاه، وكانت رأسه تسير فى اتجاه آخر، إلا أن الجسد لم يشعر بهذا الانفصال، فقد كان سادرًا فى نشوة «أكثرية البرلمان» والانتصار المرتقب، ودولة الإسلام التى على وشك أن تعلن عن نفسها فى مصر، لم يستشعر الجسد خطورة اللقاءات مع الأمريكان التى من الممكن أن تحرق من يقترب منها، بل كان يتيه فخرا بها معتقدا أن إمبراطور العالم فى سبيله إلى أن يخضع لإمبراطورية الإخوان، وأنه أتى إليها صاغرًا، لم يدرك الجسد الإخوانى أن أمريكا دولة نفعية، لا تدور إلا حول مصالحها، ولا تبحث إلا عن الغنائم، منطق الشركات التجارية هو الذى يحركها، فحيثما كانت المصلحة فثم وجه أمريكا، ولذلك فإن أمريكا لا تمانع من التعامل مع القديس وإغوائه، أو التحالف من إبليس لإرضائه، لا يهمها من قاطع بضائعها وحرق أعلامها وأهان كرامتها، المهم أن يحقق مصالحها، وأمريكا السياسية التى يديرها دهاقنة الصهاينة لا تبكى إلا على إسرائيل، أما مصر فلا بواكى لها. وبعد هذه اللقاءات الحالمة دوَّن الإخوان فى دفاترهم الجهادية، أن المظاهرات أصبحت موضة قديمة، يتم محاصرة غزة، قطع الكهرباء عنها، عمل غارات صهيونية على أهلها، والإخوان أذن من طين وأذن من عجين، فالمظاهرات لا تليق بأهل الحكم، وأيضا المواقف السياسية الوطنية لا يجوز أن يفارقها أهل الحل والعقد، ولتستمر المفاوضات والحوارات والغزل الرفيع تحت لافتة «يتمنعن وهن الراغبات». وجاءت لحظات التمكين، وهى لحظات لو تعلمون مقدسة، ولحظات التمكين يسبقها فى العرف الإنسانى، حالة ارتفاع روحى، أو حالة غرور إنسانى، والغرور يعمى البصر ويطمس على البصائر، وبدأت الاتصالات والاتفاقات، والوعود والتعهدات، ثم أخذ الفصل الثانى من حلقة الضغوط يعلن عن نفسه، فأمريكا التى قتلت وأبادت وارتكبت أكبر وأفظع جرائم إبادة فى تاريخ البشرية، أمريكا التى لا تبحث إلا على حرية إسرائيل، وديمقراطية نفسها، إذا بها تصبح راعية للديمقراطية والحرية فى مصر، خرجت كلينتون تطالب الإدارة المصرية قبل إعلان النتيجة رسميًّا بضرورة أن تعلن النتيجة وفقًا للكشوف التى تسلمتها جماعة الإخوان من رؤساء اللجان العامة، أى طالبت أن تعلن اللجنة الرئيسية للانتخابات بإعلان فوز الدكتور محمد مرسى، بغض النظر عن الطعون التى كانت تنظرها اللجنة! وعلى نفس السياق خرج الرئيس الأمريكى أوباما موجهًا نفس الطلب للمجلس العسكرى، وكاثرين أشتون مفوضية الاتحاد الأوروبى لم تترك الساحة خالية للأمريكان، بل كانت أشد حسمًا من الأمريكان مطالبة لجنة الانتخابات بإعلان فوز الدكتور محمد مرسى، ومع هذه المطالبات التى يعرف أهل السياسة ما وراءها، كانت لقاءات الإخوان المتعددة مع المشير طنطاوى، فقد التقى به خيرت الشاطر، الذى ليس له أى موقع سياسى أو حزبى، فقط هو نائب مرشد جماعة لا تطبق القانون على نفسها، ولم تشهر جمعيتها، معتبرة أنها فوق القانون وفوق الدستور، بل فوق الدولة كلها! وكانت هذه اللقاءات فى فترة حاسمة قبل إعلان النتيجة بساعات، ومع هذا وذاك وبعد إعلان النتيجة خرج الكثير من الصحف الأمريكية لتكشف عن أن الحكومة الأمريكية كان لها الدور الحاسم فى إعلان النتيجة بفوز مرسى، معلنة عن أنه لولا أمريكا لكان للنتيجة شأن آخر، وبذلك نجحت أمريكا فى إطلاق القط المشتعل فى الحقل المصرى. وكان أن أرسل القط المشتعل رسالة شكر إلى سيده الأمريكى، ظهر هذا الشكر فى مواقف كثيرة، ففى تجربة معملية دارت رحى معركة بين إسرائيل والجانب الفلسطينى، وأطلقت حماس ومنظمات جهادية صواريخ على إسرائيل، فأسرع الرئيس المصرى الجديد محمد مرسى فى السفر إلى غزة للتدخل ووقف إطلاق الصواريخ من الجانب الفلسطينى على أن توقف إسرائيل قصف غزة، وكان التوفيق حليفًا للرئيس الجديد. سافر أوباما إلى إسرائيل دون أن يمر على مصر، وهناك عند أبناء صهيون قال «إن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل» فلم نسمع حسًا ولا خبرًا من جماعة الإخوان، بل كانت فى صمتها مثل صمت القبور، إنك لا تسمع من فى القبور، ومن فى المقطم، ومن يجلسون على كراسى الحكم، وكان الأغرب أن كل أفراد الجماعة بشبابها وشيوخها سكتوا، بعد أن كان هتافهم المفضل هو «على القدس رايحين شهدا بالملايين»، فأصبح صمتهم رسالة تقول إن الشعار تغير وأصبح «على القدس رايحين، مهنئين مباركين». ومؤخرا خرج وزير الخارجية الأمريكى على أجهزة الإعلام ليقول: لقد أخذنا تعهدات على جماعة الإخوان قبل وصولهم إلى الحكم على مد يدهم لكل القوى السياسية، وأرجو أن يلتزموا بما تعهدوا به. المهم أن الإخوان وصلوا إلى الحكم، فأصبحت هناك دولة مصرية لها خلفية عقائدية، تنظر للآخرين على أنهم مفارقون للإسلام، فتدخل فى صراعات معهم، وتتحزب البلاد، وتنقسم، تخرج مظاهرات الإخوان هاتفة: «بالروح والدم نفديك يا إسلام»، وكأن القوى السياسية المتنوعة ترغب فى القضاء على الإسلام! يحدث استفتاء على تعديل للدستور فيصبح الصراع دائرا على خلفية دينية لا سياسية، حيث يقول دعاة الإخوان ورجالهم: هذه غزوة الصناديق، من سيكون معنا فهو مع الإسلام، ومن سيكون ضدنا فهو ضد الإسلام! وتزيد رقعة الخلاف والاختلاف، وتشتعل معارك شبيهة بمعارك الحروب الأهلية لأول مرة فى تاريخ مصر كله، وإذا بسيناء تتحول إلى دولة داخل الدولة، حيث أصبحت مأوى لجماعات تطرف مجهولة النسب، خرجت سيناء بجماعات التطرف هذه من تحت سيطرة مصر، وأصبحت مرتعًا للعابثين، وفى سيناء يتم قتل مجموعة من الجنود المصريين، وتظهر الأخبار مؤكدة أن القتلة كانوا يهتفون الله أكبر وهم يصوبون الرصاص فى صدور الجنود، وتتوالى الأخبار فنعرف أن القتلة جاؤوا من غزة، وأنهم يتبعون حركة إسلامية قريبة من حماس، لكن الرئيس المصرى وجماعته يعيشون فى وادٍ آخر غير وادى سيناء. ثم كان يجب بعد ذلك أن يلتقى الصنمان، صنم الشيعة وصنم الإخوان، ومن وراء الستار كان هناك من يحرك الصنمين بحبل لا يظهر للرائى، تمامًا كما يحدث على مسرح العرائس، وحين تحرك أو حُرِّك الصنم الشيعى أحمدى نجاد، جىء به إلى مصر الواقعة رهينة تحت يد الإخوان، ودخل الصنم الأزهر وهو يبتسم، كانت الابتسامة موحية وكأنه يقول: فى هذا المكان كانت لنا أيام، وأظن أن شريطًا من الذكريات التاريخية مر ساعتها على ذهنه، فظهرت أمامه صورة حسن البنا، وتقى القمى، وآية الله كاشانى، ونواب صفوى، وآية الله الخمينى، أبطال غزو الشيعة العالم السنى، وقد كانت تلك الغزوة من أعجب الغزوات فى التاريخ. |
|