رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصيب مُضاعف _ سمعان اللاهوتي نصيب أثنين من روحك عليَّ بقلم القديس سمعان اللاهوتي الجديد أيها الأخوة والآباء والأبناء، قال لي أحد الشباب هذه القصة: "كنت تلميذاً مبتدئاً لأب جليل، أب على درجة عالية من الروحانية تضاهي القديسين العظماء الأمجاد. وكثيراً ما كنت أسمع منه عن الإضاءات الإلهية المرسلة من السماء لأولئك الغيوريين في الجهاد الروحي، والتي تشمل فيضان النور، والمحادثات التي تحدث بين الله والإنسان، وكنت أتعجب للغاية". ثم إسترسل قائلاً: "وكانت رغبتي وشوقي لنوال تلك البركة عظيمة جداً، حتى أنني - كما أعتقد - نسيت معها جميع الأمور الدنيوية والسماوية، لدرجة أنني كنت أنسى حتى الأكل والشرب والراحة الجسدية". "إلا أن هذا الرجل كان قديساً عظيمأً (هو الآن من بين القديسين)، رجل عنده موهبة النبوة. عندما رآني أنفّذ الأشياء التي رتبها لي بغيرة شديدة حتى منعت الأكل والشرب، فضعف جسدي جداً كما ولو كان ينحل نتيجة سُم، أعطاني أمراً صارماً – نتيجة شفقته الكبيرة عليَّ – بالأكل، فأكلت كرهاً إذ كنت خائفاً من خطية عدم الطاعة. كلما كنت أتناول الطعام، كنت أحترق من الداخل إذ كنت لا أستطيع تحمل هذا الإكراه (بالأكل). وكانت الدموع تنهمر مني بغزارة، حتى كثيراً ما غادرت المائدة. في حماقتي، كنت أظن أنه يضع العراقيل أمام حماسي ورغبتي، نتيجة لجهله بالألم الكبير الذي أعانيه في الداخل. ولم أكن أعرف - أنا الحقير البائس - أنه كان على علم حتى بأفكار قلبي المخفية، كما سيظهر مما يلي. "وحدث في يوم من الأيام، أننا ذهبنا للمدينة القريبة، من أجل إفتقاد أبنائه الروحيين. أمضينا اليوم بأكمله هناك بينهم، إذ أن الكثيرين كانوا ينتفعون منه حتى بمجرد حضوره بينهم. وعند المساء رجعنا إلى القلاية، جوعى وعطشى نتيجة المجهود الكبير والحر المضني، إذ أن الأب لم يكن يأخذ قيلولة قط مهما كانت حرارة الجو، بالرغم من عمره الذي كان يناهز الستين عاماً. عندما جلسنا لنتناول بعض الخبز لم آكل، إذ كنت منهوك القوى بسبب التعب. وكنت أعتقد أنني لو تناولت أي طعام أو شراب، فلن أستطيع أبداً الوقوف للصلاة، وطلب ما أريده من الله. هذه كانت أفكاري في داخلي وأنا جالس هناك. "عندما رآني القديس، ونظر إلى الجهد الذي أتكبده، أدرك سبب معاناتي، نظراً لأنه – كما ذكرت – كان يتحلى ببصيرة وشفافية عالية. وتحدث إليَّ بتعاطف كبير، وأمرني بشكل قاطع: "يا بني، كُل وأشرب، ولا تكن حزيناً من الآن فصاعداً. ما لم يكن الله قد أراد ان يتحنن عليك ما كان قد أرتضى بأن تأتي إلينا". فأكلنا وشربنا - بل وأكثر من الحاجة - إذ أنه هو أيضاً أكل معي ليضع نفسه على مستوى ضعفي. وبعد أن إنتهينا من الوجبة، قال لي: "لتعلم يا بني، أنه لا الصوم ولا السهر ولا الجهد الجسدي ولا أي عمل آخر جدير بالثناء - من الأعمال التي ترضي الله - يجعله يظهر لنا، لكن فقط: نفس وقلب متضع وبسيط وصالح". عندما سمعت هذا الكلام تعجبت أمام موعظة الأب القديس. وأكثر من أي وقت مضى كنت أحترق غيرة وشوقاً. وبإنتباه عقل، إسترجعت في لحظة واحدة كل خطاياي وإنسكبت الدموع بغزارة من عيني. وإنطرحت عند قدميه المقدسة وأمسكتهما، وقلت له: "صلي من أجلي يا قديس الله، حتى ما أجد رحمة من خلالك، إذ أن لا شيء من الأشياء الحسنة التي ذكرتها تخصني، بل فقط خطايا كثيرة، كما تعلم أنت جيداً". إلا أن الأب القديس أظهر لي تعاطفاً كبيراً وذرف الدموع، ثم طلب مني النهوض من الأرض وقال: "أني واثق ومتيقن أن الله الذي أنعم عليَّ بنعمة وفيرة، سوف ينعم عليك أنت أيضاً بنصيب مُضاعف من النعمة، وذلك بسبب الإيمان التي تظهره تجاهه، وتجاه نفسي الحقيرة". وهكذا تقبلت هذا القول كما ولو أنه صادر من الله ذاته، وتذكرت ما فعله إيليا النبي مع إليشع تلميذه (2 مل 2)، وآمنت أنه مهما كانت درجة عدم إستحقاقي إلا أن الله متعطف وكريم على الإنسان، "قريب لكل الذين يدعونه .. يعمل رضى خائفيه" (مز 145). مرة أخرى، إنحنيت في توقير، وطلبت منه الصلاة من أجلي، ومضيت إلى قلايتي، بعد أن نصحني بتلاوة تسبحة الثلاثة تقديسات ثم الذهاب إلى النوم". "وهكذا دخلت إلى الموضع الذي أعتدت الصلاة فيه، منتبهاً لكلمات أبي القديس، وبدأت في الصلاة: "قدوس الله ..". وللتو تحركت مشاعري فذرفت دموع كثيرة ممتلئاً بالشوق والمحبة نحو الله، لدرجة أنني لا أستطيع الوصف بالكلمات مقدار الفرح والبهجة التي شعرت بها. فإنطرحت ساجداً على الأرض، وللتو رأيت وشاهدت نوراً عظيماً غير مادياً مشرقأً عليَّ، وفقدت التحكم كلية بعقلي ونفسي، وأصبت بذهول على الأعجوبة المفاجئة، وصرت في حالة نشوة ودهش. علاوة على ذلك، نسيت المكان الذي أقف فيه، نسيت من أنا، نسيت أين أنا، ولم أستطع سوى الصراخ: "يارب أرحم"، إذ أنني عندما رجعت إلى نفسي أكتشفت أنني أردد هذه الكلمات. لكن أيها الأب – قال لي – من هذا الذي كان يتكلم فيَّ، ومن حرَّك لساني، لا أعلم، فقط الله يعلم. تحدثت مع هذا النور "أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم" (2 كو 12). النور نفسه هو الذي يعلم، والنور بعثر كل ما في نفسي من ضباب، وطرح عني كل إهتمام دنيوي. وطرد مني كل كثافة مادية وثقل وجسدي، وجعل أعضائي مستكينة وخَدِرة. ما أرهَّب هذه الأعجوبة!! لقد أنعشت وعززت أطرافي وعضلاتي بقوة، والتي كانت قبلاً ضعيفة من جراء الإرهاق المضني، وتراءى لي وكأنني أتعرى من لباس الفساد. إلى جانب ذلك، تدفق في نفسي بشكل لا يوصف فرحاً روحانياً رائعاً وإدراكاً وحلاوة تتجاوز كل تذوق يخص الأشياء المرئية، بالإضافة إلى الحرية ونسيان كل ما هو يتعلق بهذه الحياة. وبشكل عجيب، وهبني الله وكشف لي طريقة الرحيل من هذه الحياة الحاضرة. وهكذا، كانت كل تصورات عقلي ونفسي مُركزة تركيزاً كلياً في الفرح الذي لا يوصف الذي لهذا النور". ثم أضاف: "ولكن بعد أن أبتدأ النور اللا نهائي – إذ أنني لا أجد وصف آخر أكثر لياقة لكي أدعوه به - الذي ظهر لي في الإنذواء بشكل ما تدريجياً، وأنسحب بلطف، أستعدت إمتلاك ذاتي وأدركت تأثير قدرته وما فعله بي بشكل مفاجئ. وتأملت في رحيله، وتعجبت كيف تركني مرة أخرى لأعيش في هذه الحياة وحيداً. وإنتابني حزن وألم شديد جداً لا يمكنني وصفه بشكل مناسب: إذ أضطرم كنار في قلبي ألم حاد جداً. تخيَّل يا أبي إن إستطعت مقدار الألم الناتج من الإنفصال عن النور، لا نهائية الحب، شدة آلامي، مهابة ورفعة هذه البركة الأكثر عظمة! أنا من جانبي لا أستطيع التعبير بالكلمات أو الإدراك بالعقل: لا نهائية هذه الرؤية". فقلت له: "ولكن قل لي بالضبط أيها الأب والأخ الموقر ما هو تأثير ما رأيت على نفسك بأكثر وضوحاً". لكن هذا الرجل العزيز المملوء بالروح القدس، الذي حُسب مستحقاً لهذه الخبرة الروحية، حالاً جاوبني بصوت لطيف ينساب كالعسل: "يا أبي، عندما يظهر النور، يملأ النفس بالفرح، وعندما يختفي يجرح. أنه يقترب لي ويحملني إلى السماء. أنه اللؤلؤة كثيرة الثمن (مت 13). النور يُغلفني ويظهر لي مثل نجم، وهو غير مدرك للجميع. أنه يشع مثل الشمس، وأرى أن كل الخليقة مطوّقة به. أنه يُظهر لي كل ما يحتويه، وفي نفس الوقت يُحتّم عليَّ إحترام حدودي الخاصة. أنا محصور في الداخل بين سقف وجدران إلا أنه يفتح لي السماوات. أرفع عيون عقلي لكي أتأمل الأشياء السامية، وأرى كل شيء كما كان من قبل. وأتعجب مما حدث فأسمع صوتاً يتحدث إليَّ سراً من فوق قائلاً: "هذه الأشياء ليست سوى رموز وتذوقات أولية، إذ أنك لن ترى ما هو كامل طالما أنت في الجسد. لكن أرجع إلى نفسك، وأحرص أنا لا تفعل شيئاً يحرمك من الأمور السماوية. وإذا سقطت، فلتكن السقطة تذكرة تعيدك إلى حالة الإتضاع! لا تتوقف عن زرع أعمال التوبة، لأنه عندما تتحد التوبة مع محبتي للبشر تمحو الإخفاقات الماضية والحاضرة". عندما سمعت هذه الأمور منه، أيها الأباء والأخوة، صرت إلى حد ما في نشوة وأرتجفت كلياً. وأدركت علو درجة التأمل والمعرفة التي صعد إليها بإستعدادٍ، لمجرد أنه أحب ووثق في أباه الروحي. ومن بداياته الأولى مُنح أن يرى ويتمتع بمثل هذه البركات، كما ولو أنه قد طرح بعيداً الضعف البشري وصار ملاكاً بدلاً من إنسان. لذا أتوسل إليكم، أيها الأخوة في المسيح، لنطرح عنا بعيداً كل إرتباطات وإهتمامات هذه الحياة الحاضرة. لنكرَّه مسرات الجسد، والراحة الجسدية والتواني والكسل، التي بواسطتهم يتغلب الأردأ على الأفضل. دعونا نتسلح بالإيمان الأصيل نحو الله، ونحو أبائنا ومعلمينا الذين يعيشون بحسب الله. ولنقتني نفساً متواضعة، وقلباً منسحقاً، قلباً متطهراً من كل قذارة ودنس الخطية من خلال الدموع والتوبة، حتى نُحسب نحن أيضاً مستحقين لكي نصعد لمثل هذه الإرتفاعات في الوقت المناسب، حتى يمكننا أن نرى ونتمتع - حتى هنا والآن – بهذه البركات الفائقة الوصف التي للنور الإلهي، على الأقل جزئياً إن لم يكن بشكل كامل، وبحسب قدر إستطاعتنا. وهكذا نتحد بالله والله يتحد بنا. ولأولئك الذين يقتربون إلينا، نكون لهم نوراً وملحاً (مت 5) لأجل منفعتهم في المسيح يسوع ربنا، الذي له المجد إلى الأبد آمين. |
09 - 02 - 2015, 08:11 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| VIP |::..
|
رد: نصيب مُضاعف _ سمعان اللاهوتي
ربنا يعوض تعب محبتك
|
|||
09 - 02 - 2015, 08:13 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: نصيب مُضاعف _ سمعان اللاهوتي
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القدّيس البار سمعان اللاهوتي الحديث |
من يتكلم في اللاهوت؟ سمعان اللاهوتي الجديد |
حامل بالمسيح _ سمعان اللاهوتي |
الدهش والرؤية _ سمعان اللاهوتي |
آدم أين أنت؟ _ سمعان اللاهوتي الحديث |