منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 09 - 2014, 03:17 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

الحاجة إلى التطور والنمو
الحاجة إلى التطور والنمو



ربما كان أكثر المواضيع هيمنة في التعليم الكنسي الاجتماعي الحديث الحاجة إلى التطور.
فقد اعتبر المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني أن مفهوم التطوّر مفهوماً مستمراً لا يمكن تحديده وحصره انطلاقاً من مبادئ العدالة الأساسية "بقوة الإنجيل الدافعة يجب تطبيقها من جديد على الحالات المتغيّرة في العالم" (في الذكرى الثمانين، 24).
وقد تحدّث البابا بولس السادس عن التطوّر معتبراً إيّاه الرقي البشري، والمدني، والزمني للناس.
فعلى صعيد واحد، التطور هو التحرّر من المرض، والاستغلال، وعدم التوازن الاجتماعي، والجهل، والبنى الاجتماعية الظالمة، وفقدان الثقافة، وعلى مستوى أعلى التطور هو بحث عن إنسانية جديدة تضم القيم العليا للمحبة والصداقة، والصلاة والتأمل، والتي "ستسمح اكتمال التطور الحقيق... تحول من الظروف الأقل إنسانية إلى ظروف أكثر إنسانية" (ترقي الشعوب، 20). والانتقال مما هو أقل إنسانية إلى ما هو أكثر إنسانية يجب أن يفي "بالآمال الصاعدة للبشرية". وهذا العمل من الأهمية حتى أن البابا بولس يعادل التطور بالسلام (ترقي الشعوب، 87).


ويعني التطور أن للناس حقاً في المساهمة بدور فعال في تنظيم حياتهم، وأن يكونوا صنّاع مصيرهم. وهذا الحق في التطور "يجب أن يُنظر إليه وكأنه تداخل ديناميكي لجميع تلك الحقوق الإنسانية الأساسية التي ترتكز عليها آمال الأفراد والأمم" (العدالة في العالم، 15).


وعلى مواطني العالم الصناعي أن يعترفوا بحق الشعب الأساسي في التطور. وينطوي هذا على توقف الأشكال المختلفة من الاستغلال: كالاستعمار، والاستعمار الجديد بسيطرته الاقتصادية والسياسية، والتمييز العنصري والأيديولوجي والتنافس غير المنظم الذي لا يستطيع الفقراء التنافس فيه. إن أهم الواجبات في مملكة العدالة السماح لكل بلد أن ينمي تطوره متحرّراً من السيادة السياسية والاقتصادية. وهذا معناه بالذات أنه يجب على الدول الغنية أن يكون لها خطة منهجية للتطور تشمل تأسيس صندوق عالمي وسلطة عالمية (ترقّي الشعوب، 50-52).



ولقد كانت الكنيسة دائماً مدافعاً قوياً عن التطور الاقتصادي. فيجب أن تتوفر الحماية ضد المجاعة والشقاء والمرض وعدم الاستقرار، والمواقف التي تعتدي على الكرامة الإنسانية. إلا أنه في أنحاء عديدة من العالم وخصوصاً في أميركا الجنوبية، أصبح التطور اصطلاحاً غير مقبول لأنه يعني ببساطة دخلاً قومياً عاماً متصاعداً. كما أنه لا يعلمنا عن كيفية توزيع الثروة. وبعبارة أخرى

فالتوزيع غير المتساوي للثروة يجعل حياة الأغلبية من الناس أكثر شقاء لكونهم يعانون من تزايد العنف والظلم والسيطرة ويعيشون في نظام صُمم لحماية الأثرياء.



ولتصحيح أحادية النظرة في التطور تستعمل كلمة تحرير. إن التحرير اصطلاح أوسع يمتد إلى ما وراء الحاجات المادية. "اليوم يتوق الناس لتحرير أنفسهم من الحاجة والاعتماد على الآخرين. إلا أن هذا التحرير ينطلق من الحرية الداخلية التي يتوجب على الناس أن يجدوها من جديد بالنسبة إلى ثرواتهم وقواهم، ولن يبلغوها إلا خلال المحبة المتفوقة للإنسان، وبالتالي خلال الاستعداد الحقيقي للخدمة" (في الذكرى الثمانين، 45). ومن هنا هو اصطلاح يضع المزيد من المسؤولية على الأغنياء لا الفقراء.



"إن النضال ضد العوز، رغم ضروريته، إلا أنه غير كاف. فالمسألة بالأحرى، هي بناء عالم يكون فيه كل إنسان، بصرف النظر عن عرقه، وديانته، أو جنسيته، قادراً على أن يعيش عيشة إنسانية مكتملة، محرراً من العبودية التي فرضها عليه أناس آخرون أو قوى طبيعية لا يملك التحكم فيها تحكماً كافياً

في عالم لا تعتبر الحرية فيه كلمة جوفاء حيث يستطيع اليعازر الإنسان الفقير أن يجلس على الطاولة نفسها مع الرجل الغني... فهل هو (الرجل الغني) مستعد لتقديم الدعم من جيبه لأعمال ومشاريع في صالح أشد الناس عوزاً؟" (ترقي الشعوب، 47)، ويوضح البابا بولس أن الناس جميعهم يجب أن يتحرروا من كل ما يجعلهم أدنى مرتبة. وأول من يتحمل مسئولية ذلك أولئك الأكثر قدرة على فعل ذلك، أولئك الذين يمتلكون الوسائل وهكذا بمحبتهم للآخرين يتحررون من أنفسهم (في الذكرى الثمانين، 45).



إن لاهوت التحرير مفهوم انتشرت شعبيته. وهي عبارة غامضة يختلف معناها باختلاف الناس. وتعني أصلاً أسلوباً استنباطياً للتفكير تأخذ من معاناة الناس نقطة انطلاق. مسلّطة نور الإنجيل على تلك الأحداث. ونظراً لأنها معنية بأسباب الظلم لا بأعراضه وحسب فهي تميل إلى الالتزام. وهي تثير ثانية السؤال القديم حول دور الكنيسة في العالم. أي إلى أي مدى وبأية طريقة على الكنيسة أن تلتزم بشؤون الناس. وهذا همّ عاجل عندما ترى كنيسة محلية ظلماً منهجياً لأناس معينين من قبل حكومة أو شخص متحالف مع الحكومة. إن تعقيد وحساسية التزام الكنيسة في العالم قد ركّز عليهما البابا يوحنا بولس الثاني في زيارته للمكسيك وبولندا.



وأخيراً، هناك كلمة يجب أن تُقال حول الاشتراكية، نظراً لأن غير قليل من بلدان العالم يعيش تحت شكل أو آخر من الحكم الاشتراكي. إن المفهوم الذي سبق للاون الثالث عشر رفضه، قد شجبه بصورة أقوى بيوس الحادي عشر حتى في أشكاله الأكثر اعتدالاً.

"فالاشتراكية، وهي تجهل كلياً النهاية السامية للأفراد وللمجتمع كليهما، ولا تبدي اكتراثاً بهما تؤكد أن المجتمع الإنساني قد خلق فقط للرفاه المادي" (في الذكرة الأربعين، 118). بالإضافة إلى ذلك، فإن كرامة العامل سيضحي بها من أجل وفرة السلع المادية المنتجة اجتماعياً. وقد كان الشجب قوياً بحيث أنه "لا يستطيع أحد في نفس الوقت أن يكون مسيحياً صالحاً واشتراكياً حقيقياً" (ترقي الشعوب، 120).



وقد ميّز البابا يوحنا الثالث والعشرون في "سلام في الأرض" أيديولوجية الاشتراكية عن أعمال الاشتراكية. وتابع البابا بولس السادس هذا التمييز، فسمح بتحفظ وبضمانات لائقة إمكانية وجود مسيحي يكون أيضاً اشتراكياً. وقد شجب بوضوح أربعة مبادئ في الأيديولوجية الماركسية لا يستطيع المسيحي اعتناقها وهي: المادية الملحدة، وجدلية العنف، وامتصاص الفرد في الجماعية، وإنكار الهدف الفائق الطبيعي للإنسان. ولكن بعد بيان الفارق بين الأيديولوجية بحدّ ذاتها والنشاط العملي، دعا البابا بولس المسيحيين ألا يشكلوا أيديولوجية جديدة ولكن أن يتخطوا كل نظام وأيديولوجية للتعاون مع الناس جميعهم بحثاً عن طرق لبناء مجتمع أكثر عدالة (في الذكرى الثمانين، 38، 42).



خاتمة



إن تاريخ الإنسان متصل برسالة المسيح التي هي رسالة تحرر من الظلم وتدعو إلى الكرامة البشرية. لذا فإن المسألة الاجتماعية تمسّ الإنسان في صميم قيمه الأدبية والروحية وحقوقه المدنية. ولذا لابد من تذكير بعض المبادئ الأساسية في هذا المجال:



- إن أي حل للمسألة الاجتماعية يبقى ناقصاً إذا تنكّر للمقاييس الأدبية والروحية السالف ذكرها.



- إن التفكير في الإنسان وفي حقوقه الأساسية يجب أن يسبق التفكير في الأنظمة الاجتماعية والسياسية.



- لابد من إيجاد حل اقتصادي مبني على مفهوم جديد للتعامل بين الدول والشعوب.



- أصبحت المسألة الاجتماعية شاملة ولم تعد تقتصر على الأفراد فإنها مسألة دولية أيضاً.



يبقى تعليم الكنيسة الاجتماعي على المستوى التوجيهي والتربوي ولا يدخل في البحث عن حلول تقنية للمسألة الاجتماعية. ويأخذ هذا التعليم الدور الذي يمهّد الطريق أمام الذين يملكون القدرة على إيجاد الحلول بوضع الأسس الأدبية والروحية.



وفي التعامل مع هذا الواقع لا يحق تجاهل النمو الشامل لشخصية الإنسان.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المجدلية والنمو الروحي
التغصب والنمو
التغصب والنمو
الأنجاب والنمو والمسئولية
راعوث والنمو في النعمة


الساعة الآن 02:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024