«فإنَّ الحياة أُظهِرَت،وقد رأينا ونشهد ونُخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآبوأُظهِرَت لنا»
(1يو 2:1)،
وأن البغضة هي الشيطان وهي الموت وهي
القتل، وقد ظهرت في قايين لما قام على أخيه وذبحه لأنه حسده وأبغضه لأن
الله قَبـِلَه وقَبـِل قرابينه.
لذلك عبَّر القديس يوحنا الرسول عن البغضة
بأنها هي القتل: «مَن يبغض أخاه فهو قاتل نفس» (1يو 15:3)، وهو تعبير مخيف
ومُرعب لكل إنسان يعيش في حياة الحسد والبغضة، وقد أوضحها الرب يسوع في
عظته على الجبل:
«سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل، ومَن قتل يكون مُستوجب
الحُكْم.
وأما أنا فأقول لكم:
إنَّ كل مَن يغضب على أخيه باطلاً (أي من أجل
أمور العالم الباطلة) يكون مستوجب الحُكْم (بالقتل)» (مت 5: 22،21).
هنا كَشفٌ خطير لعمل الشيطان بإزكاء روح الحسد والبغضة
بين الإخوة من أجل أمور العالم الباطلة، وهو أيضاً كَشفٌ خطير للذات
المريضة التي أفسدتها القدوة الرديئة والتعاليم الباطلة ومشورة الشيطان
المؤدية إلى الهلاك.
وهكذا إن كان الصوم الأربعيني المقدس هو الفرصة
الذهبية لقمع الجسد وضبط الشهوات وإخماد الانحراف نحو ملذَّات العالم؛
فهو،
بآنٍ واحد، فرصة إلهية لكشف أية ميول ذاتية نحو الحسد والغيرة والبغضة،
وفي المقابل إزكاء روح المحبة والمودة الإلهيتين بالصدق والتضحية وبذل
الذات من أجل حب القريب بكل تضحية مهما كانت غالية.
فنهاية العالم وكل شيء
هو المسيح أمامكم مصلوباً ممزَّق الجسد من أجل طاعته لأبيه ومحبته للبشر
«هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد،
لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به،
بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 16:3).