الوعد بالحياة الأبدية (1)
الخميس 17 يوليو 2014 مقال لنيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس - مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية
الحياة الأبدية هى حياة روحية ليس فيها أشياء ماديه. بل هى سلام كامل وتسبيح دائم يعطى تعزية وبهجه لأولاد الله. الحياة الأبدية هى وعد لايتحقق فقط فى الحياة الأخرى لكنه وعد تستطيع ان تبدأ تذوقة هنا ونحن مازلنا على الأرض ليستمر معنا بعد أنقضاء أيامنا على هذه الأرض !!
ذلك لأنه حالة تبدأ بتعرفنا على شخص الرب يسوع المخلص لذلك يتحدث ربنا يسوع المسيح مع الآب السماوى قائلا "وهذه هى الحياة الأبدية ان يعرفوك انت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته" (يو١٧ : ٣) .
وثمن الحياة الأبدية هو الخلاص الذى صنعه الرب يسوع لأجلنا على الصليب فهذه هى كلمات الوحى الإلهى عن حديث الرب يسوع مع نيقوديموس معلم الناموس. كما رفع موسى الحية فى البرية "هكذا ينبغى ان يرفع ابن الانسان كى لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو٣: ١٤-١٦).
لذلك كان الوعد بالحياة الأبدية هى العطية والمكافأة التى يكافأ بها الله اولاده، والوحى الإلهى يذكر ذلك فى مواضع متعددة من الكتاب " تعالوا إلى يا مباركى أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم... بما أنكم فعلتموه بأحد هؤلاء الأصاغر فبى قد فعلتم " ( مت ٢٥ :٣١- ٤٠ ) .
"الحاصد يأخذ اجره ويجمع ثمرا للحياة الأبدية لكى يفرح الزارع والحاصد معا" ( يو ٤:٣٦)
وقد أظهرت لنا الحياة الأبدية من خلال ربنا يسوع المسيح، فكثيرا ما علم ربنا يسوع عن الإهتمام بالأبدية قائلا "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقى للحياة الابدية " (يو٢٧:٦ ) كما علم الرب يسوع المسيح تلاميذه ان يطلبوها بإلحاح عندما علمهم الصلاة قائلين "ليأت ملكوتك"(لو٢:١١)
وقد أشار الرب يسوع لعدة أمور تحتاج ان نحرص عليها لكى ننال الحياة الأبدية وهى:
- المحبة "اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية" (لو ٩:١٦)
- الترك "فأجاب يسوع وقال: الحق أقول لكم: ليس أحد ترك بيتا أو إخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا، لأجلي ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان، بيوتا وإخوة وأخوات وأمهات وأولادا وحقولا، مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية " (مر ١٠: ٢٩-٣٠)
وقد كانت الحياة الأبدية هى أحد الأمور التى انشغل بها قلب الإنسان منذ القديم، إذ وضع الله فى قلب الإنسان الشوق للأبدية منذ البداية. فها سليمان الحكيم يكتب عن ذلك "صنع الكل حسنا فى حينه وأيضا جعل الأبدية فى قلوبهم " (جا١١:٣). كما يكتب يشوع بن سيراخ فى سفره "من سر حتى له الحياة الأبدية" (يشوع بن سيراخ٣١:٢٤) أى من قبلنى فله الحياة الأبدية .
لذلك تذكر البشائر ان عدد من الشخصيات التى قابلت الرب يسوع وسألته عن كيفية الحصول على الحياة الأبدية.
فقد جاءه الشاب الغنى يسأل قائلا"ايها المعلم الصالح ماذا أعمل لآرث الحياة الأبدية "(مر١٧:١٠ ) كما يذكر معلمنا لوقا عن سؤال أحد الناموسيين للرب يسوع " يامعلم ماذا اعمل لآرث الحياة الأبدية"( لوقا٢٥:١٠ ).
أيضا كان الحرص على نوال هذه الحياة هى موضوع توصية الآباء الرسل للكنيسة. فمعلمنا يهوذا يكتب للمؤمنين "احفظوا أنفسكم فى محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية"(يه ٢١).
كما يكتب معلمنا يوحنا للكنيسة شارحا كيف ان الرب يسوع نفسه هو الحياة الأبدية قائلا
"ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن فى الحق فى ابنه يسوع المسيح الذى هو الاله الحق والحياة الأبدية"(١يو٢٠:٥).
ومن هذا نعلم ان الحياة الأبدية هى وعد إشتاقت له البشرية ووعد تحقق بالفداء الذى صنعه الرب يسوع.. ووعد أكدت الكنيسة على ضرورة الحرص عليه، ولكن هذا الوعد يحتاج منا لا فقط إلى رغبة، بل إلى جهاد... فالرغبة والإرادة وحدها لا تكفى، فهوذا بلعام قد قال"لتمت نفسى موت الأبرار ولتكن آخرتى كآخرتهم"(عد ١٠:٢٣) ولكنه مع وجود الرغبة إلا ان الكتاب يحكى أنه لم ينالها؟! لذلك مع وجود الرغبة والإرادة يعلمنا الكتاب أنه لابد من الأجتهاد من أجل نوال هذا الوعد.
