رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اقترب من خبرة إيليا في حوريب بقلب تلميذ، فتشاركه الألفة مع الله.
جان لافرانس 1- في المشاهدة، حذار من أن تهمل بعض أوجه سرّ الله، أوجه قد تبدو لك أحيانا متنافرة. وهكذا فإنّ حسّ قداسته يجب أن يرافق خبرة ألفته. لقد لاحظت الألفة بين موسى والربّ. وإذا ما رافقت إيليا إلى حوريب فستشترك في ألفته مع الله (1 ملوك 19/14). 2- إن هؤلاء الرجال الذين ظهروا في الكتاب المقدّس، أمثال إبراهيم وموسى وإيليا، ليسوا شخصيّات من الماضي، بل إنهم آباؤنا في الإيمان، وقدّيسو العهد القديم. فيمكنك إذاً أن تلتمس منهم أن يمارسوا تجاهك أبوّتهم الروحية. وهكذا سينال لك إبراهيم نعمة ترسيخ حياتك في الإيمان بكلمة الله. واقترب أيضا من حياة إيليا العميقة بقلب تلميذ. إنّه أبو المشاهدين الذين يحيون في البحث الدائم عن الله. وبوسعه أن يهبك حصّة من هذه النار الباطنية التي كانت تلتهمه من أجل الله: إنّي غرت غيرةً للربّ إله الجنود (3 ملوك 19/14). 3- ضع هذه الخبرة في مكانها ضمن مجموعة ظهورات الربّ. ففي هذا المكان عينه، كشف الله لموسى عن اسمه، أي عن كيانه العميق، وأعطاه الشريعة والعهد. وأظهر قداسته في إطار رهيب من الرعود والبروق. ولكن يجب تجاوز هذه الظواهر العنيفة لاكتشاف حضوره الروحي في الألفة والوداعة. 4- إن إيليا هو ذاك الذي يقف أمام الربّ ليخدمه ( 3 ملوك 17/ 1 ). لقد عمل كثيراً لأجل ملكه. إنّه قلب رسول زاخر بالغيرة لبيت الربّ. ولكن إيليا يفضّل أن يقول: الله الذي أنا واقف أمامه. وأنت أيضاً تضطرم شوقاً إلى الرسالة، إلا أن الله لا يحتاج إلى خدماتك. فالخدمة الوحيدة التي ينتظرها منك، هو الانتباه والحضور. فهو يريد أن تقف أمامه: هذا محبّ الأخوة، المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدّسة، إرميا نبيّ الله ( 2 مكابيين 15/14). 5- إن الربّ جعل نعيمه في أن يكون معك ( أمثال 8/ 31 )، وهو ينتظر أن تمكث معه. فالصلاة هي أن يصرف الإنسان وقته أمام الله مجّاناً. إنها لنعمة كبيرة أن نفرح معه وأن نشعر بحضوره. 6- ولكنّ الله، قبل أن يكشف عن ذاته لإيليا، أجازه في البرية، والعزلة والتجرّد والملل واليأس. لقد اختبر إيليا الشعور بالإخفاق الذي طالما ينتاب قلبك الإنساني والرسولي: إني لست خيراً من آبائي. ( 1 ملوك 19/4 ). ولهذا فإن القدّيس يعقوب يقارننا بإيليا قائلاً : إنّ إيليا كان خاضعاً للآلام مثلنا ( يعقوب 5/ 17 ). 7- وفي نهاية هذه الطريق الطويلة والأليمة عبر البريّة، اختبر إيليا الألفة مع إله قريب جداً. فاعرض، أنت أيضاً، وجهك التعب لمهبّ هذا النسيم الخفيّ الذي يعبّر عن روحانية الله ووداعته، بقدر ما يعبّر الرمز عن الحقيقة. 8- وقد أعطي إيليا، في لقاء حيّ، وحياً إضافيا عن كيان الله. فهو ليس العليّ القدير فحسب، بل هو أيضاً الإله الحاضر في هذه الألفة التي هي ميزة الروح الخاصة. ومن شأن الصلاة أن تذيقك عذوبة حضور الله هذا. فهل كلامه في حلقك أحلى من العسل في فمك؟ فأنت إنسان عيناك يجب أن ترى وقلبك يجب أن يذوق ما أطيب الربّ. إن كلمتك سرورٌ لقلبي ( مز 119/111). 9- وكمال الوحي الإنجيلي وحده، سيُظهر لك إلى أي مدى تبلغ هذه الألفة : إلى وسط الثالوث الأقدس؛ إنها شركة الأقانيم الإلهية الثلاثة الذين يتبادلون التلقّي والعطاء. فبقدر ما تسمع وتحفظ كلمة يسوع، تثبت في حركة الشركة هذه ويكون الثالوث حاضراً فيك. ويمكنك إلقاء الضوء على هذه الحقيقة عندما تقرأ ما جاء في إنجيل القدّيس يوحنا ( 16/ 23؛ 15؟ 1- 17 ). 10- وبوسعك أن تقول مثل يعقوب: إن الربّ لفي هذا الموضع وأنا لم أكن أعلم ( تك 28/16 ). وفي التأمل ضاعف من الغوص في سكنى الله هذه التي لا تنتزعك من العالم الواقعي، بل تجعلك أكثر حضوراً فيه. وحينما تعود إلى إخوتك، ستتطلّع هذا السرّ في قلوبهم، وتسير بحضور الربّ في أرض الأحياء |
|