البطريرك شنودة الأول الـ55
ونأتي بلمحة قصيرة عن سيرة أنبا شنودة الأول من مشاهير القديسين في القرن التاسع وهو البطريرك الخامس والخمسين في عداد البطاركة، من البتانون منوفية وكان من رهبان دير القديس مكاريوس.
بعد نياحة البابا قزمان الثاني حدث خلاف بين الأساقفة فيمن يخلفه لكنهم عادوا واتفقوا على تقدمته بطريركًا في كنيسة أبى سِرجة بمصر القديمة وامتاز هذا البطريرك الجليل أيضًا بأنه كان عالمًا تقيًا فما أن تَسَلَّم مهام مركزه حتى سعى جهده في مقاومة البدع والهرطقات.
ومن فضل الله في عهده أن أصدر الخليفة قرارًا يقضى بإعادة جميع الأراضي والكنائس والأديرة وأواني المذبح إلى البطريركية فشكرت الكنيسة الرب على الهدوء والسكينة الذي خيم عليها، وقد حدث جدب عظيم بسبب عدم نزول الأمطار، وقد شكا إليه كثيرون في ليلة أحد الأعياد وطلبوا إليه الصلاة ليمنع هذا البلاء. ولما كان الصباح احتفل بالقداس الإلهي وتوسل إلى الرب ليفرج كرب البلاد، وبعد الانتهاء من القداس فتحت السماء طاقاتها ونزل المطر مدرارًا فأخذ الجميع يمجد الله.
غير أن في عهد ولاية أحمد بن طولون حدثت مشاكل داخلية كثيرة، وكثرت الوشايات ضده ونالته شدائد كثيرة وللآسف كان كما يذكر التاريخ من بين مسببي هذه المشاكل بعض الشمامسة والرهبان الذين كانوا يسعون لارتقاء المناصب الكنسية.
وكان البابا شنودة قد اعتاد هو وبعض الإكليروس والشعب أن يتوجهوا إلى دير أبى مقار قبيل عيد الفصح،ويروى عن شجاعته أنه لما اعتدى البدو المنتشرون في البرية على المسيحيين ونهبوا مالهم، وهجموا في يوم الخميس الكبير على الدير وأرادوا تخريبه، وساد الذعر والانزعاج بين المصلين لما رأوا خطر الموت يحدق بهم خرج بعكازه إلى هؤلاء البدو الهائجين دون أن يمنعه استعطاف أبنائه له كيلا يخرج وتقدم إلى الأشرار وطلب إليهم أن يأتوا إليه ليقتلوه، فلما رأوا منه هذه البسالة وتطلعوا إلى هيئته الموقرة رجعوا إلى الوراء تاركين الدير.
ولما اظهر الرهبان تخوفهم من عودة العربان إلى الهجوم مرة أخرى بنى لهم في كل دير حصنًا متينًا. هذا وقد استمر مجاهدًا حتى تنيح بسلام في سنة 689 م.