رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب مقدمة هذه قصص منوعة لخاطئات صرن قديسات، تركن حياتهن الأولى وسلكن طريق القداسة والسهر والصوم والصلاة والانسحاق والدموع، فقبلهن المتحنن على جنس البشر كعظيم رحمته - انه لا يرفض قط تائبًا رجع إليه وألبسهن الحلة الأولى وذبح لهن العجل المسمن. تتحول أحزان السماء إلى أفراح وتهليل حسب ما هو مكتوب "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة"، وتبتهج صفوف القديسين والملائكة برجوع الخطاة الذين أهلوا لرحمة يسوع الغير محدودة ولا تزال مائدة الفرح والابتهاج مهيأة والعجل المسمن مذبوحا ولأجل ذلك يقول الكتاب "ينبغي لنا أن نأكل ونفرح". هذا الفرح الذي لما رام إشعياء النبي وصفه لم يجد شيئًا يشبهه به أفضل من قوله: "لأَنَّهُ كَمَا يَتَزَوَّجُ الشَّابُّ عَذْرَاءَ، يَتَزَوَّجُكِ بَنُوكِ. وَكَفَرَحِ الْعَرِيسِ بِالْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلهُكِ" أش5:62، وصف النبي في نبوته آلام السيد المسيح بقوله، أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن، وقوله "مسحوق لأجل آثامنا ومجروح لأجل معاصينا" ومثل خروف سيق إلى الذبح وكشاة صامتة أمام جازيها،فإذا تبنا إليه كيف لا يهبنا كل شيء؟!! ما أعظم الفرح والسرور الذي يكون في السماء برجوعنا وما أجزل الكرامة التي ننالها بعودتنا لأبينا. وما أبهظ الأجر الذي يتقاضاه إبليس منا إذا استمرينا في الخطية وبعدنا عن أبينا. أنحتقر ذاك المجد الذي وصفه الكتاب المقدس؟ "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَه" أن عدو الخير يروم أن يعدمنا ميراث ملكوت السموات إذ ننفصل عن الآب وعن الأحضان الإبراهيمية المقدسة ونلقى في العذاب الأبدي المعد لإبليس وجنوده. إنه يروم أن يفترس خراف المسيح ويبددها ويحاول أن يسقطنا في الخطية كل يوم ويفصلنا عن الكرامة الحقيقية فنجف ونسقط ونكون أشقى جميع الناس وتدهمنا المصائب. فإلى حتى نستمع لمشورته ونؤجل توبتنا!! |
14 - 07 - 2014, 12:42 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
حزن وخزي وعار لمن ينفصل عن الله لما أخطأ آدم ابتعد عن الله فاختبأ وامتلأ خزيًا وستر خزيه بأوراق التين وصار يندب ذاته منتحبًا، ولما أخطأ شمشون فارقته قوته للحال وأصبح أعمى مكبلا بالقيود وطفق يدير حجر الرحى مثل حيوان، وأخطأ داود النبي ليلة فبكى كل ليلة تحولت حياته إلى أحزان، امتزج خبزه بالدموع، وبدموعه كان يبل فراشه. ويضع التاريخ أمام أعيننا أمثلة طاهرة عن قديسين وقديسات تركوا خطاياهم مثل مريم المصرية، مريم التائبة، الشهيدة أفدوكيا.. يعقوب المجاهد، القديس أنبا موسى.. هؤلاء وغيرهم عرفوا خطاياهم وندبوها، أما نحن فلا نحس للآن بثقل خطايانا ولا نتوب عنها. إن حالة الخاطئ تستوجب النوح والبكاء ذلك انه ينفصل عن الله تعالى مصدر الخير والبركات ومعطى الحياة، فيصير عدوًا لله مبغضًا له بدلا من أن يكون صديقًا وحبيبًا بل ابنًا كما أنه يكون عدوًا للناس. لما اخطأ الإنسان أصبح له جملة أعداء من البشر ومن الوحوش الضارية والبهائم والدبابات، وحوله حشرات عديدة سامة تريد الفتك به. يقول في ذلك القديس باسيليوس الكبير: "أنه قبل المخالفة في الفردوس لم يكن في الورد شوك ولا في الحيات سم،. ويهمل الملائكة الخاطئ ويتركونه لأنه كما يقول الكتاب "مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ" فمن يكون مع الخاطئ إذن ليخلصه من الأخطار الوقتية الحاضرة والأهوال والشدائد الأبدية الآتية؟ يقول القديس باسيليوس الكبير أيضًا، ان من أسخط ملاكه الحارس له وطرده مبعدًا إياه بخطاياه، يكون الخطر المعرض له أشبه بالخطر الذي يتعرض له مركب خلا من ربان يقوده وهو في وسط الامواج المتلاطمة والرياح الشديدة والزوابع المخيفة والعواصف العنيفة، مثل خروف في أرض كلها صخور وليس هناك راع يرشده أو كطفل أدركه الظلام ولا معين يأخذ بيده.. ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم: "أن داود النبي يستدعى في مزاميره كل البرايا معًا إلى تسبيح الله تعالى وتمجيده، حتى المخلوقات المخيفة لأنه يستدعى الحيات والتنانين وأما الخطاة فإنه لم يحصهم فإنه يقول: "سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ" مز7:148، ولا يقول سبحوا الرب أيها الخطاة لان الخاطئ وحده يطرح ويطرد من صفوف المسيحيين والممجدين لله الخالق. وليس ذلك فقط بل أن صدقات الخاطئ وأعياده غير مقبولة لان الكتاب يقول: "لاَ تَعُودُوا تَأْتُونَ بِتَقْدِمَةٍ بَاطِلَةٍ". "رُؤُوسُ شُهُورِكُمْ وَأَعْيَادُكُمْ بَغَضَتْهَا نَفْسِي" اش 13:1-14. الخطية تعمل في النفس عمل الصاعقة، إنها تهدم حياة الخطاة. أفسدت الخطية قلب داود كما يشهد هو عن نفسه "وَأَنَا بَلِيدٌ وَلاَ أَعْرِفُ. صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ" مز22:73، أبقت له قضيب الملك في يده والتاج الثمين على رأسه والأرجوان الفاخر على منكبيه ولم تعدمه شيئًا من ذلك لكنه كان في الداخل مرذولًا ومهانًا، وهذا الامر بعينه يعرض للخاطئ.. له مركزه المرموق المحترم بين الناس، له مكانته في كل الأوساط لكن نفسه أفسدتها الخطية وفي الداخل هو مملوء عظام أموات وكل نتن ونجاسة. لماذا نرفض محبة الله أبويه سنين عديدة..؟ "لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ" 1بط 3:4. يكفينا تعبنا وتغربنا هذه السنين الطويلة عن الآب الحنون والصديق المحب،أين نختبئ من أمام الرب إلهنا الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها.. أفي البساتين والحقول التي زينها بالزهور الجميلة وجملها بالأثمار المختلفة لغذائنا؟ أفي الجبال والأودية تجرى فيها المياه تروى الظمأ؟ ان السيد المسيح لا يزال ينادى، ارفعوا الحجر عن قلوبكم أيها الخطاة، أرفعوا الحجر لتنظروا عظم نتانة ما بداخلكم، أرفعوا حجر الحقد والضغينة، أرفعوا حجر الشهوة الرديئة الكريهة من قلوبكم المنبعثة نتانتها التي لا تطاق. لما أعاد السيد المسيح الحياة الميت اختفت رائحة النتن. "صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا، فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ" هكذا يقيمنا الرب -ولو كنا أمواتًا بالخطايا ومربوطين بالشهوات والأدناس- بقوته المقدسة ويحلنا من خطايانا ويدعنا نسلك في طريق البر والقداسة. القصص التي نعرضها في هذا الكتاب هي قصص منوعة عن عذارى، سقطن ثم تبن التوبة الصادقة وأصبحن قديسات ويذكر عن تاريخ الكنيسة، إنها قصص نتعلم منها ضرورة الاحتراس واليقظة والسهر. إن كنا سقطنا نقوم للحال ونتوب، نهرب من الشرور كما نهرب من الحيات ولنصغ إلى قول الكتاب المقدس. + "أهرب لحياتك" تك17:19 + "أحفظ نفسك طاهرًا" 1تى22:5 + "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها" 2تى22:2 + "أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَارًا فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟، أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟" أم28,27:6 في قصتي بائيسة وتاييس نرى درسًا عمليًا باهتمام الرهبان الكبار لانتشال النفوس الغارقة في الخطية ونرى حكمة شيوخ البرية في اختيار الآباء الكبار في المعرفة والإفراز (التمييز الروحي) لهذا الغرض. في قصة بائيسة نرى رحمة الله تتجلى معها نظير ما فعلته من أعمال الرحمة قبل سقوطها وكيف دبرت العناية الإلهية طريقة لخلاصها.. وتوضح قصة تاييس خطر استهتار الأمهات وكيف يحدرن بناتهن إلى الهاوية بسوء سلوكهن وعدم ظهورهن بالمظهر اللائق. في قصة القديسة مرثا نرى كيف أن مجرد ذكر الخطية بشع جدًا فلم تحتمل مرثا المصرية صدمة كشف خطيئتها ومنعها من دخول الكنيسة ليلة عيد الميلاد، وأثر ذلك على نفسها فعزمت على التوبة للحال لما طردها ايبوذياكن الكنيسة باعتبارها امرأة معروفه بسيرتها الرديئة.. وأيضا ترى أن حياة التنعم والبذخ وإهمال وسائط النعمة ومحبة الاسترخاء والكسل قد تؤدى إلى الاستهتار والسقوط. في كل هذه القصص المنوعة وغيرها من القصص الكثيرة تظهر رحمة الله لكل الناس الخطاة التائبين ومغفرة خطاياهم الكثيرة، وهذا ما يشجعنا نحن الخطاة على الاقتراب من السيد المسيح على الفور لأنه رحوم ومحب البشر ويجزل الغفران وهو الذي قال من يقبل إلى لا أخرجه خارجًا، وتعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيل الأحمال وأنا أريحكم. |
||||
14 - 07 - 2014, 12:42 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
مصادر السير الواردة بهذا الكتاب
1) Stories of the Holy Fathers, E,A, Wallis Budge. 2) The Paradise of the Holy Fathers. 3) The Book of Paradise. 4) Les Saints d’Egypt, Cheneau. 5) The Saints of Egypt, O. Leary. 6) Synaxaire Arbbe, Rent Basse’ 7) السنكسار cuna[arion. 8) بستان الرهبان المطبوع. 9) المخطوط 175/296 طقس بالمتحف القبطى. 10) تاريخ الكنيسة للمتنيح القس منسى يوحنا. 11) البوق الإنجيلي ، |
||||
14 - 07 - 2014, 12:43 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
تائبة من قيصرية فلسطين نأتي هنا بذكر ما ورد في القصص القديمة عن خاطئة كانت بقيصرية فلسطين وتابت، وذكرت هذه القصة في كثير من المراجع منها: الفصل 1)Stories of the Holy Fathers XX1X 2)The Paradise of the Holy Fathers p. 11 page 138-140 وقد وجدنا قصة أخرى مماثلة في هذين المرجعين واكتفينا بهذه القصة وأتينا بها لأنها تبين ما تجره الخطية من الويلات والضيق والاضطراب والسقوط إلى أحط الدرك. هى ابنة لأحد كبار رجال قيصرية فلسطين، ابتعدت عن الله وسلكت طريق الغواية والشر وتدرجت في الخطية والفساد حتى سقطت في الهاوية. استمرت حياة اللهو والدنس وظلت زمانًا على هذه الحالة التعيسة تحيا حياة الإثم في غير ما وازع حتى أتت ساعة إعلان خزيها وعارها وافتضاح علاقتها عندما بدأت تظهر عليها أعراض الحمل ولم تقدر أن تخفى جريمتها واضطربت اضطرابًا كبيرًا وأقشعر بدنها واضطرب شريكها الشرير مرتكب الإثم لأن أمرها أصبح واضحًا وانكشفت الجريمة التي كانت في الخفاء فلقنها هذا الشخص الذي سقطت معه في الخطية أن تلقى التهمة على قارئ بالكنيسة ولا عجب إذا كان قد استباح لنفسه ارتكاب الإثم أن يختلق الإفك والأكاذيب، فليس له وازع يردعه الاسترسال في شروره. ولما انكشفت فضيحتها لدى أهلها، أخذ أبوها يسألها في مرارة الحزن أن تقر بجريمتها التي لا سبيل إلى إخفائها وإنكارها وهنا كاشفت والدها بأن قارئ الكنيسة هو الذي اعتدى عليها. وأشتهر عن القارئ أنه هو المعتدى الأثيم وكان الناس يتقولون عليه، هذا هو الذي يعظ في الكنيسة ويملأ أسماع الناس بأقوال الكتاب المقدس، هذا هو خادم كنيسة الله..!!، وكان لابد أن يخطر الأسقف ليتخذ من الإجراءات ما يراه ضده حتى يرتدع أمثاله،وأجرى الأسقف تحقيقًا معه وطلب إليه أن يقر بالحقيقة، لكن القارئ -وكان بريئًا- لم يشأ أن يعترف بأنه قد اقترف هذا الشر العظيم ولم يستسغ أن يتهم نفسه بجرم شنيع لم يفعله. فاغتاظ الأب الأسقف من سكوته وعدم اعترافه ووبخه قائلا: "ألا تريد أيها البائس الذي ارتكب كل هذا الشر أن تقر بخطاياك؟". أجابه القارئ: "انى أقر يا سيدى أنه لا علم لى بهذا الأمر ولم يطرأ أي فكر من جهة هذه الفتاة ولم ارتكب شرًا قط، وللحال حكم الأسقف بقطع القارئ من درجته وبإقصائه عن خدمة الكنيسة.. أما القارئ فانه بعد ما صدر هذا القرار طلب تسليمه الفتاة فأجابه إلى طلبه وترجح لديه أن القارئ مذنب وأن قلبه لم يزل متعلقًا بها ولولا ذلك لما طلب تسليمها إليه. كان هذا القارئ يخاف الله ويتقيه ورأى تخليص نفس هذه المسكينة بعد أن سقطت. فأودعها أحد بيوت العذارى وطلب إلى رئيسته العناية بأمر حياتها الروحية. استمرت مدة وجيزة وبعدها كان لابد لها أن تجنى ثمار الإثم عارًا وهوانا في هذا المكان تعذبت الفتاة كثيرًا وتعذر عليها أن تلد الطفل وكانت تعانى آلاما مبرحة وتصرخ من شدة العذاب الذي أصابها، وما زالت على هذه الحالة والألم يزداد يوما بعد آخر إلى كمال سبعة أيام، لم تستطع أن تنام طوال هذه المدة حتى أشرفت على الموت وكانت تصرخ وتقول: "ويل ويل لي أن موتى أصبح وشيكا وقد اتهمت زورًا قارئ الكنيسة. سمعت رئيسة بيت العذارى ذلك وأبلغت الأمر على الفور إلى الأب الكاهن المشرف الروحي، فلم يشأ أن يتسرع بإبلاغ الأسقف بل انتظر يومين آخرين ظنًا منه أنه ربما تفيق من آلامها فتستطيع أن تتكلم بأكثر تفصيل وتفصح عن حقيقة الأمر لكن الحالة كانت تزداد سوءًا ولم تطق العذارى احتمال رؤيتها تعانى هذه الآلام. لم يكن هناك بد من إبلاغ الأسقف بما حدث وباعتراف الفتاة ببراءة قارئ الكنيسة الذي اتهمته زورًا.. فأرسل الأسقف بعض الشمامسة إلى القارئ برسالة قال فيها: "صلى إلى الله من أجل الفتاة التي اتهمتك زورًا لكي يخلصها الرب من أتعابها" لكن القارئ لم ينطق ببنت شفة. انه بعد التهمة التي لصقت به لم يفتح بابه لأحد بل كان معتكفًا ملازما الصوم والصلاة حتى كشف الرب الحقيقة وظهرت براءته ولا شك أنه كان في صلواته يطلب إلى الله أن يخلصها بمراحمه. شاع هذا الأمر في المدينة وعرفت براءة القارئ فانطلق والدها إلى الأسقف وطلب إليه أن يقيم الصلاة لأجل نجاة ابنته البائسة من الموت، لكن رغم ذلك لم تنل الراحة من أوجاعها حينئذ كلم الأسقف القارئ وقال له: يا استاسيوس (Bustathius) قم الآن لإنقاذ الفتاة فان عذابها لا يطاق. صلى القارئ مع الأسقف صلاة طويلة وكان في نهايتها أن خلصت الفتاة وشفيت أوجاعها وولدت طفلها. وهكذا أعيد القارئ إلى رتبته وأكرمه الرب بإظهار براءته، وأن المسكينة ثابت التوبة الحقيقية وكانت تمارس كل قوانين التوبة في أسهار في الصلوات وأصوام متواصلة وظلت عابدة الرب بقية أيام حياتها حتى تنيحت بسلام. |
||||
14 - 07 - 2014, 12:47 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
القديسة تاييس التائبة بالإسكندرية إن الحديث عن هذه القديسة التائبة نافع جدًا ومشجع للنفوس الساقطة التي جرفها تيار الخطية لان مثل هذه القصة تثير الأشواق للرجوع إلى حضن الكنيسة -مهما تكن الخطايا ثقيلة- حيث تستقر النفوس وتستريح لأنه لا راحة حقيقية إلا في البعد عن الشر والالتصاق بالله وفعل الخير. ميلادها ونشأته كانت تاييس(1) مسيحية لكنها كانت يتيمة الأب، ربما منذ حداثتها، ولم تكن أمها تسير باستقامة أمام الله وأهملت تربية ابنتها التربية المسيحية الحقة، فلم تسهر على رعايتها وتعلينها بل بالعكس كانت تسلك سلوكًا مغايرًا للآداب المسيحية وكانت ابنتها بطبيعة الحال تتأثر مما تراه من أمور لا تساعد على طهارة النفس، وهكذا قد جئت الأم على ابنتها. إن كثيرات من الأمهات بتصرفاتهن وسلوكهن الرديء وملابسهن الغير المحتشمة يقدن بناتهن إلى حياة غير لائقة من حيث لا يعلن، يعثرن بناتهن وبدلا من تدريبهن في طريق النقاء والعفاف يعثرنهن فيسقطن ضحايا استشهتار الأمهات، هؤلاء الموتى قال عنهم السيد المسيح، الويل لمن تأتي بواسطته العثرات، خير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويلقى في لجة البحر. إن أم تاييس لما رأت في ابنتها مسحة من جمال وكانت تنظر إلى الناحية المادية ولم يكن لديها الغيرة على الفضيلة والطهارة والحياء ساعدت ابنتها حتى التحقت بعمل في أحد الأسواق العامة، وكانت لدى الفتاة مزايا عديدة فقد كانت ذلقة اللسان، لبقة الحديث وجذابة في المعاشرات فضلًا عن جمالها الساحر لدرجة كبيرة. لكن أبواب حواسها كانت بلا حراسة - في العمل وخارجه - فاستباحت لنفسها الخطيئة رويدًا رويدًا حتى سقطت في خطية الدنس. سقوط تاييس سقطت تاييس السقطة العظيمة واستمرأت حياة اللهو والدنس وكانت تسوق الكثيرين من الأغنياء إلى الهلاك، هؤلاء الذين بلغوا في شهواتهم الجنونية حدًا كبير حتى أنهم كانوا يضعون ثرواتهم تحت أقدامها، وهكذا ذهبت كل محاسنها أدراج الرياح وفقدت فضيلتها وعفافها وكل شيء.. واشتهرت بالإسكندرية في الدعارة وعدت من الساقطات. القديس بيساريون الكبير ينقذ تاييس أصبحت موضع حديث الناس وبلغ خبرها إلى القديس بيساريون الكبير أحد شيوخ برية شيهيت الكبار. وعلم كيف تسقط هذه الفتاة الكثيرين في الخطية، وفي كل يوم لها ضحايا كثيرون، شباب ورجال ينحدرون إلى أعماق الخطية بسببها، لقد هلكت وأهلكت الكثيرين. فامتلأ غيرة ليخلص النفوس الثمينة التي اشتراها المسيح بدمه الزكى الكريم وطلب إلى الرب يسوع ببكاء كثير وبإيمان راسخ أن يساعده على انتشال هذه المسكينة من النار. تزيا بزى علمانى وانطلق إلى مسكنها دون أن يدع أحدًا يشك في خطته وطلب مقابلتها وما أن دخل غرفتها - وكان ملازما الصلاة ليل نهار من أجلها - حتى بادرها بالقول: "ألا يوجد مكان آخر اكثر انعزالا أستطيع فيه أن أحدثك بحرية،فقالت له " يوجد لكن لا جدوى من الذهاب إليه لأنه إذا كنت تستحي من الناس فانه في هذه الغرفة لن يرانا أحد، أما إذا كنت تخشى عين الله فليس عندي غرفة لا يراك فيها، فتصنع بيساريون الكبير العجيب وسألها: "هل تعرفين أن الله موجود وأنه توجد مكافأة للفضيلة ومجازاة عن الخطية، فإذا كنت تعرفين أنه يوجد حكم ودينونة كيف تتسبين في هلاك هذا العدد الكبير من النفوس لأنك من أجل هذه النفوس الكثيرة سيكون عقابك أكثر من عقابك على جرائمك". فهمت تاييس مع من تتكلم وفهمت جدية أقوال هذا الزائر العجيب وعلمت أنه إنما جاء ليخلص نفسها، عرفت القصد من الزيارة فجمدت في مكانها وضمت يديها ونظرت إلى أسفل في حياء ولفزعها سقطت على الأرض وانفجرت باكية "يا أبى إن السماء هي التي أرسلتك، أنى أعلم أنه توجد توبة الذين يخطئون، أريد أن اترك الحياة النجسة التي سلكت فيها منذ زمن بعيد، أرجو أن تساعدني على خلاص نفسي وسأطيع أوامرك بكل دقة ومهما قلت من أمر سأفعله". علمت تاييس أن هذا الأب لم يكن إلا أحد خدام الله الذين كانت تعرفهم في طفولتها الأولى ومثل الذين كانت تراهم أحيانًا حينما تسير في الطريق الكانوبي.. أو شارع أرجيوس(2). انتقال الفتاة من الظلمة إلى النور بعد هذا الحديث الذي دار بين تاييس والقديس بيساريون الكبير طلبت إليه مهلة بضع ساعات وقالت له أني سوف أذهب حيثما تريد وأفعل كل ما تأمرني به، فأعلمها القديس عن المكان الذي يمكن أن تقابله فيه ثانية، وانصرف عنها والفرح المقدس يملأ قلبه، وفقط الذين أعادوا نفوسًا إلى الله من ظلام الخطية أو هاوية الرذيلة هم الذين يستطيعون أن يتذوقوا عذوبة التعزيات الغزيرة التي تفيض على نفوسهم من السماء. إعلان توبته بعد أن انصرف الشيخ عنها تجلدت ومسحت دموعها وأخذت تجمع كل ملابسها الحريرية وأمتعتها التي كسبتها عن طريق الخطية وفي وسط المدينة أمام جمهور كبير من الناس أحرقت كل ما كان معها، وكانوا يظنون أنه قد أصابتها توبة من الجنون - وقالت في جرأة عجيبة: "تعالوا يا جميع رفاق السوء وانظروا أني أحرق أمام أعينكم كل هداياكم وتذكاراتكم وكل ما جمعته في حياتي الشريرة".. انطلاق تاييس إلى القديس بيساريون الكبير: ان تاييس بعد أن أحرقت هذه الأشياء وقطعت صلتها بماضيها الأثيم وكل أثر من آثاره، وبعد أن أعلنت توبتها وأنها سوف لا تعود إلى ذل حياة الدعارة الأولى وارتدت بدل الملابس الفاخرة ثيابًا من خيش بالية وانطلقت إلى القديس بيساريون الكبير ليعلمها طريق التوبة حتى لا تعود إلى الشر مرة أخرى،أما هو فأخذها إلى أحد بيوت العذارى وطلب أن تعد لها قلاية صغيرة خاصة تتعبد فيها ليل ونهار، وأغلق بابها تاركا لها نافذة صغيرة، ومنها يقدم الراهبات لها طعامها وشرابها كما أوصى رئيسة بيت العذارى بشأنها وطلب أن يكتفي بإعطائها رطل خبز جاف كل يوم وتعطى من الماء كل ما تحتاجه. حينئذ قالت له تاييس بماذا تأمرني أن أصلي إلى الله حتى يغفر لي آثامي؟ أجبها القديس: "انك لست مستحقة أن تلفظي بشفتيك اسم الله أو أن ترفعي يديك نحو السماء لأن شفتيك غير طاهرتين ويديك ملطخة بالنجاسة. ارفعي بصرك إلى السماء واصرخي دائمًا بغير فتور "يا من خلقتني أرحمني". قضت تاييس في قلايتها نحو ثلاث سنوات تمارس التقشف الشديد منفذة كل وصايا القديس. مقابلة القديس بيساريون الكبير للقديس انطونيوس(3) بعد هذه المدة انطلق القديس بيساريون الكبير إلى القديس أنطونيوس لأنه كان يشعر بعظم مسئوليته أمام الله إزاء هذه النفس- لغرض التحدث معه في أمر توبة "تاييس" وليعرف منه هل سر الله بتوبة هذه المسكينة وغفرت لها خطاياها. جمع أب الرهبان تلاميذه وأمرهم أن يدخلوا مخادعهم ويصلوا بلا انقطاع إلى الله ليكشف أمر توبة تاييس، فعكفوا على الصلاة أياما، وبينما كان القديس بولس البسيط أقدم تلاميذ القديس أنطونيوس يتطلع نحو السماء رأى كرسيًا فخمًا لم يجلس عليه احد بين كراسي القديسين ورأى ثلاثة ملائكة يحملون ثلاثة مصابيح يقفون أمام هذا العرش، ورأى إكليلًا بهيًا نازلا عليه من فوق. أما القديس بولس البسيط فحالما رأى هذا المنظر قال: "أن هذا العرش لابد أن يكون لمعلمي أنطونيوس" لكن أتاه صوت من السماء قائلا: "هذا العرش لتاييس". نهض القديس بولس له الصباح الباكر وانطلق إلى القديس أنطونيوس وأعلمه بالقصة التي علم بأمرها القديس بيساريون الكبير أيضًا. واستأذن القديس بيساريون من القديس أنطونيوس في الانصراف ومضى إلى بيت العذارى ليخرج تاييس من قلايتها التي كانت حبيسة فيها لكنها ترجته في حزن وانسحاق أن يدعها فيها إلى يوم مماتها ز حينذاك قال لها الأب " الرب صنع معك رحمة وقبل توبتك " قالت له القديسة: "انه من يوم أن دخلت إلى هذه القلاية وخطاياي أمامي في كل حين كحمل ثقيل، أصلى بانسحاق قلب وببكاء أن يصنع الرب معي رحمة كعظيم رحمته.." أجابها الشيخ." ولهذا غفر لك الله خطاياك من أجل صدق توبتك ولأنك سلمت نفسك كلية للسيد المسيح. وان القديسة خرجت بعد ذلك من قلايتها ولم تعش مدة طويلة حيث قضت على الأكثر خمسة عشر يومًا، وكانت صحتها تضعف يوما فيوما مثل النبات الذي اجتلت جذوره فجأة، يبتدئ يذبل ثم يجف، ورقدت في سلام الرب تاركة للأجيال مثلا رائعا للتوبة ولظهور رحمة الله. واشتهر اسم تاييس عندما اكتشف احد الأجساد في Antinoé ورجح أن يكون هو جسدها، وشغل هذا الأمر اهتمام كبار علماء الآثار لكنه ظهر أن نسبة هذا الجسد للقديسة مشكوك فيه. والاسم الذي كان مكتوبًا على الجسد المكتشف(4) هو "Thaia". وعليه فلا يمكن الجزم برأي. وينعى ملاحظة أن القديس بيساريون الكبير Bessarion هو خلاف القديس "سيرابيون الكبير" Scrapion الذي له قصة مماثلة، ذكرت في كتاب the book of paradise" " ص413 كما ذكرت في كتاب البستان الجزء الأول طبعة سنة 1951 ص 94 وملخصها أنه سعى مرة لاختطاف خاطئة من النار ن توجه إليها وكان يتلو مزاميره وفي نهاية كل مزمور كان يقول يا رب أرحم هذه المسكينة وردها للتوبة لتخلص فسمع الرب صلاته وإذا كانت قائمة بجانبه ارتعدت فرقًا وخرت على قدميه طالبة إليه أن يخلصها فأقامها ووعظها وأرشدها إلى طريق الخلاص وأرسلها أخيرا إلى دير للعذارى وسلمها للرئيسة حيث قضت بقية أيام حياتها في بر وطهارة إلى أن تنيحت بسلام. و الخلاف بين القصتين ينحصر بالنسبة للأولى فيما يختص برؤيا العرش الذي لم يجلس عليه أحد والذي كان في وسط كراسي القديسين والذي رآه القديس أنبا بولس البسيط. درس عنيف يلقنه كبار آباء البرية لكل الأجيال بعد الفراغ من هذه القصة نصمت في دهش من تصرف الآباء الكبار حيال خاطئة والاهتمام كل الاهتمام بأمرها حتى اطمأنوا إلى توبتها الصادقة وخلصوها من النار. الآب بيساريون الكبير يتعهد نفس تاييس، يسافر إلى مدينة الإسكندرية ليعظ الخاطئة، يتكبد ثانية مشقات كثيرة في السفر للقديس أنطونيوس بشأنها، يصلى الآباء الكبار مع الصغار من أجلها وأخيرا ينصرف القديس بيساريون الكبير بعد أن استطاع بنعمة المسيح أن يخلص نفسًا من الموت. من أجل فتاة ساقطة بالإسكندرية تكلفت جهود كثيرة لإنقاذها، وما أحوجنا إلى من يلهب قلوبنا بالعظات النارية ويختطف النفوس من فم الأسد. ان كثيرين من الآباء الكبار فعلوا مثل ذلك- في القصة التالية قصة "بائيسة" ترى أن شيوخ بريه شيهيت لما علموا بأمر سقوطها في الخطية حزنوا حزنًا عظيما وصلوا من أعماق قلوبهم ليرحم المسكينة. جميل أن يحس سكان البرية بسقطات النفوس وجميل أن يصلى الشيوخ من أجل بائيسة وكان يمكن أن ينتهي الأمر إلى هذا الحد ويكون صنيعًا محمودًا فما كان لسكان البرية- حسبما يرى الكثيرون أن يفعلوا أكثر من ذلك. لكن تلك القلوب العامرة بمحبة السيد المسيح تخطت ما هو فوق ذلك وداست كل الحواجز والعوائق، حطمت كل الصخور والعثرات التي في الطريق في قوة وجرأة وشجاعة، واتخذ الرهبان موقفًا إيجابيًا حتى أخرجوا الفريسة من فم الأسد. لقد اجتمع الشيوخ بسبب بائيسة وقرروا انتداب أقدم الشيوخ وأكثرهم إفرازًا وحكمة وهو القديس يحنس القصير لكي يبحث عن بائيسة ويساعدها على خلاص نفسها، ومن ناحيتهم كانوا يجاهدون معه في الصلوات مدة غيابه حتى يرد الخاطئة عن طريق ضلالها. وهكذا أنطلق القديس يحنس القصير سعيًا وراء إنقاذ بائيسة. _____ الحواشي والمراجع: (1) تُكْتَب Thais, Thaisis أخذت عن مراجع كثيرة منها:
(2) ذكر شينو في كتابه " قديسو مصر" الجزء Canopique الثاني ص 402 و403 أن الشارع (مأخوذة من كانوب- أبو قير) هو شارع أبو قير الحالي مع امتداده بشارع Argeus سيدا المتولي الخط الطوالي القديم. أما شارع الذي كان الشارع العرضي فربما كان شارع النبي دانيال، وكانا أهم شارعين في الإسكندرية القديمة، وكانت تاييس تسير في هذه الشوارع. (3) سبب هذه المقابلة أن القديس بيساريون الكبير كان تلميذًا للقديس أنطونيوس مدة ليست بقليلة. (4) انظر في هذا الموضوع مجلة متحف Guimet الكتاب الثلاثين الجزء الثالث ورجع "شينو" الجزء الثاني ص 402 و403، Antinoé هي قرية الشيخ عباده. |
||||
14 - 07 - 2014, 12:49 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
القديسة بائيسة التائبة ولدت القديسة بائيسة في منوف من عائلة مشهورة بالتقوى والثراء- في القرن الرابع- رباها والدها في خوف الله وكانت منذ صغرها محبة للفقراء والمساكين متعبدة ليل نهار تواظب على الصلاة والصوم: انتقل والدها إلى الرب وتركا لها ثروة كبيرة فجعلت في قلبها أن تضع كنزها في السماء حيث لا يفسده سوس ولا يسرقه سارقون. فكانت توزع صدقات كثيرة على الفقراء والمحتاجين وكانت تقوم بضيافة الغرباء وخدمتهم. وذاع صيت فضائلها وبالأخص الصدقات الكثيرة والهبات المتنوعة التي كانت تهبها، في كل الأوساط حتى بين سكان برية شيهيت لان حياتها كانت المصباح الموضوع على المنارة والذي يضئ لكل الناس. استمرت على ذلك زمانًا حتى صرفت كل مقتنياتها.. ويبدو أنها كانت ترغب في أن تتجه بعد ذلك إلى أحد ديارات أو بيوت العذارى وكانت كثيرة في ذلك الزمان، كقول السيد المسيح للشاب الغنى (الذي تقدم إليه قائلا: "أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟ أنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي" (1). بينما كانت مبتهجة بالسلام الذي يفوق كل عقل، وبينما كان الهدوء والسكينة يخيمان على حياتها إذا بالشيطان عدو كل بر يرى محصول القمح الوافر خالصًا من كل شائبة، فأراد أن يلقى في وسطه الزوان ليفسده، ونصب الفخاخ لإسقاطها واستطاع بعض الغرباء عن المسيح -ذئاب خاطفة في ثياب حملان- ودخلاء ممتلئين من غش إبليس ومكره أن يستميلوا قلبها إلى الشر فزينوا لها طريق الغواية تحت ستار الترويح عن النفس وصرف السآمة والملل، ونتيجة للتراخي والتهاون تكاسلت في الصلوات وتلاوة التسابيح وانقطعت عن الصوم والسهر في العبادة، فأخذت الأفكار الشريرة تحاربها وفقدت السيطرة على ضبط النفس وكانت تتجاوب مع الأفكار الدنسة حتى سقطت في الهاوية. انطلقا فجأة السراج الوهاج، خبا نور فضائلها وصارت تتخبط في الظلام، وعلى قدر ما كانت متقدمة في الفضائل أمعنت في ارتكاب القبائح، وأصبح قلبها الطاهر مسكنًا للتنانين. وصل هذا النبأ المؤلم إلى شيوخ برية شيهيت القديسين فحزنوا حزنًا عظيمًا وأقاموا الصلوات من أجلها وانتدبوا أقدم الرهبان القمص يحنس القصير لمقابلتها ومساعدتها على خلاص نفسها وإنقاذها. أطاع القديس -وهو المثل الأعلى في الطاعة كما سيأتي في سيرته- وانطلق حيث تقيم. ومنذ أن علم القديس بخبر سقوطها لم يهدأ له بال وكان يصلى طالبًا إلى السيد المسيح أن يمده بمعونة من عنده حتى تخلص هذه النفس، ولما سار إليها كان يتلو صلوات المزامير ويستغيث بمراحم الرب. وما زال في طريق حتى وصل إلى سكنها وطرق على الباب وقال للبوابة اعلمي سيدتك بقدومي ثم دخل إليها وهو يرتل: إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي،نظر إليها وقال: لماذا استهنت بالسيد المسيح بهذا المقدار وأتيت هذا الأمر الرديء؟ فارتعدت وذاب قلبها من تأثير كلام القديس، أما هو فأحنى رأسه إلى الأرض وبكى بكاء مرًا، فقالت له "ما الذي أبكاك؟" أجابها قائلا: "لأني أعاين الشياطين تلهو على وجهك فلهذا أنا أبكي عليك "قالت له: "هلي لي توبة" أجابها: نعم، ولكن ليس في هذا المكان" فقالت له: "خذني إلى حيث تشاء" فانصرف من عندها ولحقت به مسرعة حيث دخل الاثنان البرية، ولما أمس الوقت قال لها: "أرقدي هنا ورقد هو بعيدًا وقام ليصلى صلاة نصف الليل فشاهد عمودًا من نور نازلا من السماء متصلا بالأرض وملائكة الله حاملين نفسها، فاقترب منها فوجدها قد ماتت. فألقى ذاته على الأرض وصل إلى الله صلاة طويلة بسببها فسمع صوتًا قائلًا:إن توبتها قد قبلت في الساعة التي تابت فيها أكثر من الذين تابوا سنين كثيرة ولم يظهروا حرارة في توبتهم مثل هذه القديسة. وبعد ما دفنت مضى وأعلم الشيوخ بما جرى فمجدوا الله وعظموا اسمه القدوس، وتعيد لها الكنيسة في يوم 2 مسرى. |
||||
14 - 07 - 2014, 12:51 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أفراح السماء بالخاطئات التائبات - المقدس يوسف حبيب
القديسة مرثا المصرية في القصة الأخيرة التي نعرضها في هذا الكتاب نجد أن القديسة مرثا المصرية لما منعت من دخول الكنيسة ليلة عيد الميلاد، ولما رأت تجمع الناس حولها، قلوبهم فرحة متهللة والكنيسة مزدانة متألقة بالأنوار، وهى تقف خارج الباب يمنعها الايبوذياكن من الدخول ثم يحضر الأسقف بذاته ويفاجئها بقوله: "أما تعلمين أن بيت الله مقدس ولا يدخله غير طاهر؟" أن مشاعرها اهتزت هزًا عنيفًا لهذا الفرز من الجماعة وللحال نخس قلبها وأعلنت توبتها جهارًا وصارت القديسة مرثا المصرية تعيد لها الكنيسة وتذكر اسمها في السنكسار cuna[arion. ولدت في مصر من أبوين مسيحيين غنيين وسارت سيرة منحرفة مذمومة حتى أنها كانت تخالف جهارًا الوصية السادسة، وحدث أنها أرادت أن تذهب للكنيسة ليلة عيد الميلاد، ولما توجهت للكنيسة وهمت بالدخول منعها ابيوذياكن الكنيسة وحصلت بينهما ضجة سمعها الأسقف فأتى إلى الباب ليعلم السبب فلما رآها قال لها: "أما تعلمين أن بيت الرب مقدس ولا يدخله غير طاهر؟ فصدمت بهذا الكلام صدمة عنيفة وتأثرت لساعتها بالغ التأثير وبكت بشدة وقالت: "اقبلني أيها الآب فإني تائبة من هذه اللحظة ومصممة على عدم العودة إلى الخطأ، فقال لها: إن كان الأمر حقًا كما تقولين فاحضري ملابسك الحريرية وزينتك الذهبية، فمضت بسرعة وحملت كل ما كان لها وأتت به إلى الآب الأسقف فباعه ووزع ثمنه على الفقراء والعوزين، ثم ألبسها الشكل الرهباني وأرسلها إلى دير للراهبات فجاهدت جهادًا عظيما وقامت بعبادات كثيرة، وكانت تقول في صلاتها: "يا رب أن كنت لم احتمل الفضيحة من خادم بيتك فلا تفضحني أمام قديسيك وملائكتك. وبعد أن استمرت قائمة في جاهدها العظيم مدة خمس وعشرين سنة متوالية تنيحت بسلام، وتعيد لها الكنيسة في 3 بؤونه. بركة صلاتها تكون معنا آمين. |
||||
|