رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلك نوح والطوفان في بدء الخلقة يظهر الماء كعنصر أوّلي للخلقة حيث كان روح الله يرف على وجه الغمر ليخلق. أما في قصة الطوفان فيظهر الماء كأداة إدانة للعالم الشرير، وإن كان الفلك وسط المياه يظهر كأداة خلاص لنوح وعائلته حيث يدخل بهم إلى عالم جديد. تطلع الرسول بطرس إلى الطوفان والفلك، فرأى صورة رمزية حيّة للخلاص في المعمودية بموت السيد المسيح، الذي انطلقت نفسه إلى الجحيم تبشر الذين رقدوا على الرجاء. كما رأى الرسول في الطوفان إعلانًا لقبول السيد حكم الإدانة في جسده لكي يدخل بمؤمنيه إلى قوة القيامة. "فإن المسيح أيضًا تأَلَّم مرَّةً واحدة من أجل الخطايا، البارُ من أجل الآثمة لكي يقرّبنا إلى الله مماتًا في الجسد ولكن مُحيًى في الروح، الذي فيهِ أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن، إذ عصت قديمًا حين كانت أناة الله تنتظر مرَّةً في أيام نوح، إذ كان الفلك يُبنَى، الذي فيهِ خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماءِ. الذي مثاله يخلّصنا نحن الآن أي المعمودية. لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضميرٍ صالحٍ عن الله بقيامة يسوع المسيح الذي هو في يمين الله، إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوَّات مُخضَعَة لهُ" (1 بط 3: 18-21). لقد فتح القديس بطرس بحديثه عن الطوفان والفلك في رسالتيه طريقا للآباء للحديث عنهما كرمزٍ للمعمودية بفيضٍ. * كان الطوفان الذي طهّر العالم من شره القديم يحمل نبوة خفيّة عن تطهير الخطايا بواسطة الجرن المقدس. كان الفلك الذي خلّص من كان بداخله أيقونة للكنيسة المملوءة رهبة، وللرجاء الصالح الذي صار لنا بسببها. أما الحمامة التي أحضرت غصن زيتون إلى الفلك فأظهرت بهذا أن الأرض قد انكشفت، رسمت مجيء الروح القدس في المصالحة الذي كان من المزمع أن يتحقق من الأعالي، لأن الزيتون علامة السلام [27]. العلامة ترتليان * قصة الطوفان سرّ، محتوياتها كانت مثالًا للأمور العتيدة أن تتم، الفلك هو الكنيسة، ونوح المسيح، والحمامة الروح القدس، وغصن الزيتون هو الصلاح الإلهي. كما كان الفلك في وسط البحر حصنًا لمن في داخله، هكذا تُخلّص الكنيسة الهالكين. الفلك يُعطي حصانة أما الكنيسة فتفعل ما هو أعظم. كمثال احتوى الفلك الحيوانات غير العاقلة وحفظها، أما الكنيسة فأدخلت البشر الذين يسلكون بغير تعقل ولم تحصنهم فحسب وإنما أيضًا غيّرت طبيعتهم [28]. القديس يوحنا الذهبي الفم * طارت حمامة الروح القدس نحو نوح بعد أن خرج الطائر الأسود (الغراب) وصارت كما لو كانت متجهة نحو المسيح في الأردن [29]. القديس جيروم * خذوا شهادة أخرى (بجانب رمز الخليقة السابق): كل بشرٍ فسد بآثامه، إذ يقول الله: لا يبقى روحي بين الناس لأنهم بشر (تك 6: 3)، حيث يوضح الله أن نعمة الروح تتباعد بسبب الدنس الجسدي ونجاسة الخطيئة الشنيعة، التي بسببها أرسل الله الطوفان رغبة منه في استكمال ما كان ناقصًا. أٌمر نوح البار أن يدخل الفلك وإذ انتهى الطوفان أرسل نوح غرابًا فلم يرجع، ثم أرسل حمامة عادت بغصن زيتون، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.إنكم ترون الماء والخشبة والحمامة، فهل تقفون حيارى أمام السرّ؟ فالماء هو الذي يُغمر فيه الجسد لكي تُغسل فيه كل خطية جسدية، ويدفن فيه كل شر، والخشبة هي التي عُلق عليها الرب يسوع عندما تألم لأجلنا، والحمامة هي التي نزل الروح القدس على هيئتها كما قرأتم في العهد الجديد، ذاك الذي يهبكم سلام النفس وهدوء الفكر. والغراب هو رمز الخطيئة التي تذهب ولا ترجع، إذًا حفظ فيكم البرّ في الداخل والخارج [30]. القديس أمبروسيوس * يقول البعض أنه كما جاء الخلاص في أيام نوح بالخشبة والماء، وكان بدءً لخليقة جديدة، وكما عادت الحمامة إلى نوح في المساء بغصن زيتون، هكذا نزل الروح القدس على نوح الحقيقي مُوجد الخليقة الجديدة. لقد نزلت عليه الحمامة الروحية أثناء عماده لكي يظهر أنه هو الذي يمنح الخلاص للمؤمنين بخشبة الصليب، والذي وهب العالم نعمة الخلاص بموته نحو المساء [31]. القديس كيرلس الأورشليمي استخدم القديس كبريانوس هذا الرمز كدليل على عدم قانونية معمودية الهراطقة والمنشقين، إذ يرى أنه لا خلاص إلا خلال معمودية الكنيسة الواحدة التي يمثلها فلك نوح الواحد. يقول: [لكي يُظهر بطرس (1 بط 3: 18-21) أن الكنيسة واحدة، وأن الذين في داخلها هم وحدهم الذين يمكن أن يخلصوا. قال أنه في فلك نوح ثمانية أنفس فقط خلصوا بالماء، الأمر الذي تفعله المعمودية بالنسبة لكم. لقد برهن أن فلك نوح كان رمزًا للكنيسة الواحدة. فلو أنه في ذلك الوقت كان يمكن لإنسان أن يخلص وهو خارج فلك نوح حين كان العالم يعتمد لكي يتطهر ويخلص، هكذا يمكن الآن لإنسان خارج الكنيسة أن يخلص بالمعمودية [32].] لقد أشار الرسول بطرس إلى عدد الذين خلصوا في الفلك أي ثمانية أنفس، حيث رقم "8" يشير للحياة المقامة، أي الحياة ما بعد الزمن (7 أيام الأسبوع)، وقد قام الرب في أول الأسبوع الجديد أي اليوم الثامن بالنسبة للأسبوع السابق. ورأى الرسول بطرس في نوح أنه الثامن (2 بط 2: 5). وقد شغل هذا الرقم ذهن كثير من الآباء، نعطي هنا بعض الأمثلة: جاء في المعارف الاكلمندية أن سبعة أجيال سبقت نوح [33]، فجاء نوح يمثل الجيل الثامن أو اليوم الثامن الذي لقيامة الرب. فارتبط خلاصنا بقيامة السيد، وصارت راحتنا في هذا اليوم الجديد أو السبت الجديد. ويقول الشهيد يوستين: [في الطوفان تحقق سرّ خلاص البشر. فإن نوحًا البار ومعه أناس الطوفان الآخرين، أي زوجته وأولاده الثلاثة ونساء بنيه يكَّونون (رقم) ثمانية. هكذا يظهرون رمزًا لليوم الثامن الذي فيه ظهر مسيحنا قائمًا من الأموات، ويظهر هكذا على الدوام، ويحمل ضمنًا اليوم الأول. لأن المسيح هو بكر كل الخليقة، قد صار في معنى جديد رأسًا لجنس آخر حيث تجدد هذا الجنس بالماء والخشبة اللذين وُجدا في سرّ الصليب، إذ خلص نوح بخشبة الفلك حين حمله الماء هو وعائلته... لقد غرقت كل الأرض كقول الكتاب، وواضح أن الله لا يتكلم عن الأرض بل عن الناس... وذلك لكي يظهر مقدمًا كل هذه الرموز في وقت الطوفان. أقصد الذين قد تهيّأوا بالماء والإيمان والخشبة، الذين تابوا عن خطاياهم، هؤلاء يهربون من دينونة الله العتيدة [34].] |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نوح البار والطوفان |
الفلك والطوفان نوح |
نوح والطوفان (تكوين 6/ 9 ـ 9 : 17) |
نوح والطوفان |
تاملات فى قصة نوح والطوفان |