البيت المقدس
إن بيت مارمرقس أو "بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس" (أع12: 12). كما كان يطلقون عليه الرسل، كان له موضع ممتاز في أورشليم إذ كان يقع على جبل صهيون فوق صخرة كبيرة. ولكثيرة ما كان يستجيب ربنا يسوع لدعوة تلميذه مرقس ويميل ليستريح فيه مع تلاميذه أصبح محط رحالهم ومكان راحتهم. ولهذا سر رب المجد أخيرًا أن يعوض هذا البيت بالبركة التي لن تنزع منه، فاختاره ليجعل منه أول كنيسة في العالم، بل وأول مذبح يقدس فيه ويكسر جسده المقدس ويقدم دمه الكريم لتلاميذه والبشرية.
وهناك في العلية العالية بعد أن تمم الفصح الموسوي وعلم تلاميذه عمليًا كيف يكون المعلم وانحنى وغسل أرجلهم، رسم لنا سر الإفخارستيا وأعطانا ذاته. فيالسعادتك يا مرقس ويالسعادتك يا مريم أم المغبوط يوحنا الملقب مرقس... فإن الرب الإله كانت عيناه الفاحصتان تراقبان استعدادكما وتهيئتكما للمكان بكل طهارة قلب واشتياقكما لحلوله فيه مع من يصطحبهم. وعندما وضعتما في قلبيكما أن تخصصًا له مكانًا خاصًا به دون أي استعمال آخر قبل منكما هذا العطاء، وقبل أن تتمما كل شيء أمر تلميذيه بالإلحاق بك وأنت في طريقك إلى البيت تحمل آخر جرة الماء لتستكمل كل الاستعداد، وقبل أن تصل إلى البيت زفوا إليك بشرى رغبة مخلصنا في الحلول في بيتك قائلين "المعلم يقول إن وقتي قريب عندك أصنع الفصح مع تلاميذي "مت26: 17- 19". في الوقع هذه الكلمة على قلبك. أي فرح وأي تهليل أصابك! وماذا فعلت أمك القديسة عندما بلغها هذا الخبر السعيد بتحقيق إشتياقاتها. لابد أن قلبها قد رقص طربًا، ولسانها تسبيحًا. طوبكما – لقد شهد المخلص لمحبتكما، وأكد صدق استعدادكما لاستقباله فأنبا به تلميذه اللذين أرسلهما لمقابلتك قائلًا: "فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة هناك أعدا لنا" مر 14:15".
لذلك بعد أن أكمل رب المجد فداءه للبشرية بصلبه عنا، ما أن وضع في القبر سارع التلاميذ إلى ذلك المكان المحبب لقلب فاديهم كما لقلبهم أيضًا. وهناك اختبأوا في العلية وأغلقوا على أنفسهم أبوابها ونوافذها إلى أن بشرتهم مريم المجدلية بالقيامة ثم ظهر لهم رب المجد بنفسه وطمأن قلبهم ونزع رعبهم. هكذا سجل لنا معلمنا يوحنا الحبيب وهو يصف حالهم بعد الصلب "وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين بسبب الخوف من اليهود. جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب "يو 20: 19، 20، ثم عاد وطهر لهم فيما مرة أخرى أي "بعد ثمانية أيام وكان تلاميذه أيضًا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والأبواب مغلقة" يو 20: 26، وثبت إيمانهم.
+ وفيها اجتمع التلاميذ مع النساء ومريم أم يسوع بنفس واحدة بعد صعود ربنا يسوع "حينئذ رجعوا.... ولما دخلوا صعدوا إلى العلية التي كانوا يقيمون فيها بطرس ويعقوب... هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع وإخوته" أع 1: 12- 14.
+ وفيها ثم اختيار متياس الرسول الذي اخذ أسقفية يهوذا الخائن (أع 1: 15- 26).
+ وفي نفس هذا المكان الطاهر الذي قدسه ربنا يسوع بحلوله فيه حل الروح القدس المعزى على التلاميذ وملأهم من كل معرفة. أي فيها تم ميلاد الكنيسة جمعاء (أع 2: 1-4).
+ وفيه أيضًا اجتمع التلاميذ بنفس واحدة وصارت منهم صلاة بلجاجة إلى الله من أجل بطرس وهو في السجن حتى استجابت السماء لطلبتهم وأخرجه الملاك وأوصلة حتى الزقاق الذي يصل إليها. وهناك قرع بطرس باب الدهليز. "ثم جاء وهو مُنْتَبِهٌ إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون فلما قرع بطرس باب الدهليز.. " أع 12: 12.
(ومن اللطيف أن هذا الباب مازال موجودًا ضمن بقيمة الآثار القليلة التي لازالت موجودة كجرن المعمودية الذي هو أول جرن في المسيحية، والمذبح الذي كرسه مار يعقوب الرسول أسقف أورشليم الأول، والأيقونات الأثرية التي يقال أنها من رسم لوقا الإنجيلى).
بعد ذلك كرسها الرسل كنيسة باسم والدة الإله بعد نياحتها.
وصار له أهمية عظمى بين جميع المؤمنين مما دعا إلى اتخاذه مقرًا لكرسى أورشليم. فأقام فيه يعقوب أخو الرب باعتباره أول أساقفة أورشليم وتتابعت من بعده البطاركة ردهًا من الزمن.
وهناك تم انعقاد أول مجمع مسكوني حوالي سنة 50 م (أع 15: 6- 23) حضره الرسل الأطهار.