منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 04 - 2014, 11:28 PM
الصورة الرمزية Ramez5
 
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Ramez5 متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,837

لقد كان التسبيح بالمزامير، وسط الجماعة الرهبانيّة، ممارسة نسكيّة خارجيّة exterior هامّة للغاية، مع الصوم والسهر وحفظ الصمت، وكان يُؤكِّد على تلك الممارسات كلّ آباء البريّة تقريبًا، في نهاية القرن الرابع([1]).

فالتسبيح بالمزامير هو الممارسة التي تشغل يوم الراهب بأكمله، فقد كان السهر (الذي كان يقضيه الراهب، غالبًا، في ترتيل المزامير) مُحدَّدًا بتلك السواعي التي كان من المفترض على الراهب أن ينام فيها، كما كان الصوم مرتبط بالوقت المُخصّص لتناول الطعام، كذلك الصمت يظهر في الوقت الذي يكون متاحًا للشخص أن يشترك في حوارٍ. ولكن، على الجانب الآخر، كان ترتيل المزامير يشغل كلّ وقت اليقظة في يوم الراهب، تقريبًا.

لقد كان هناك ميعادان رسميّان للصلاة في كلاًّ من نتريا والقلالي([2])، يوميًّا. فخدمة السهر كان يُحتفَل بها قبل الفجر، بينما خدمة الغروب كانت في أوّل اللّيل (في ساعة الغسق عند غروب الشمس)؛ وكانت الخدمتان ذا صبغة جماعيّة في منطقة القلالي، خاصّةً في نهاية الأُسبوع، بينما كان يُحتفَل بهما بشكلٍ فردي في القلالي الخاصّة بالمتوحّدين، وكان يُرتَّل في كلّ خدمة منهما اثنا عشر مزمورًا “قانونيًّا”([3]) وكان يعقب كلّ مزمور، صلاة، بينما كان ترتيل المزامير أو ترديد بعض المقاطع الكتابيّة؛ “الهذيذ” μελετη يمثــّل خلفيّة لأيّ عمل يقوم به الراهب في باقي اليوم، أو في السواعي التي يظلّ فيها الراهب ساهرًا باللّيل.

لقد ارتكزت تلك الممارسة، الخاصّة بالترتيل غير المُنقطِع للمزامير أو التأمُّل في الكتاب المُقدّس، على القول الأوّل ([4])first apophthegm الوارد في المجموعة (المفهرسة حسب المواضيع) اليونانيّة Greek Systemic Collection فقد ورد فيها:

“ذات مرّة، بينما كان القديس أبّا أنطونيوس في الصحراء، أصابه الضجر acedia، وكانت أفكار الظلمة تلاحقه. فخاطب الله قائلاً: ‘يا ربّ، إنـّي أريد أن أخلُص ولكن الأفكار لا تتركني. ماذا أفعل في هذه الضيقة ؟ كيف أخلُص؟’

بعد قليل، خرج القديس أنطونيوس إلى خارج [ مغارته ] فوجد شخصًا يشبهه جالسًا يعمل، ثم يقف ليُصلّي، ثم يجلس ليُكمل عمله في ضفر الخوص، ثم يقف ثانيةً ليُصلّي”.

إنــّنا هنا نجد أن القديس أنطونيوس يُشكِّل المثال archetype لراهبٍ تخلَّص من حالة الضجر acedia، وذلك من خلال ممارسة بسيطة، تتمثــّل في قطع العمل اليدوي للصلاة، بانتظام. وبالرغم من أنّ القول لا يلمّح إلى استخدام القديس أنطونيوس للمزامير أو المقاطع الكتابيّة أثناء الجلوس والعمل في ضفر الخوص، إلاّ إنّ هذا الوضع كان قائمًا في أواخر القرن الرابع، في المكان الذي كان يقطنه مار أوغريس، ممّا جعل من ذلك الافتراض أقرب إلى الحقيقة.

يصف لنا بلاديوس ترتيل المزامير الذي كان مسموعًا من قلالي الرهبان في نتريا([5])، والذين كانوا يعملون بصناعة الكتّان.

وبالمثل يشهد كاسيان أنّ الترديد المستمر “للمزامير وباقي النصوص الكتابيّة” أثناء “العمل اليدوي المستمر”، هو ممارسة مصريّة كان قد تدرَّب عليها([6]).

ولا يكتفي كُتَّاب الرهبنة المتأخّرين بالإشارة إلى ترديد المزامير أثناء العمل اليدوي، ولكنّهم يُحدّدون بدقّة عدد المرّات التي يتوقّف فيها ترديد المزامير للصلاة([7]). وهذا ما يصيغه لنا القديس إبيفانيوس الذي من سلاميس قائلاً:

“يجب على الراهب الحقيقي أن يجعل الصلاة وترتيل المزامير في قلبه بلا انقطاع”([8])

لقد كان مُدوّني سِّيَر الحياة الرهبانيّة، مُغرمين بتحديد الكمِّ لتلك “الخلفيَّة الإيقاعيّة” background rhythm المصاحبة لترتيل المزامير والتأمُّل في النصوص الكتابيّة والصلاة، في حياة بعض النُسّاك، وعلى سيبل المثال : كانوا يُدوّنون عدد المرّات، يوميًّا، التي يقطع فيها عظماء الرهبنة، ترتيل المزامير للصلاة، سواء في وضع السجود أو الوقوف أو كليهما؛ فالقديس موسَى الحبشي [ الأسود ] “كان يُصلّي 50 صلاة” يوميًّا([9])، كما شاركه في نفس العدد من الصلوات القديس مكاريوس المصري، أثناء ذهابه وعودته من قلاّيته إلى منسكه السرّي([10])، عبر النفق الذي يربط بينهما. بينما كان يُقدِّم القديس بولس (البسيط) الذي من الفرما، 300 صلاة يوميًّا، وكانت طريقته في إحصاء الصلوات هي: وضع عدد من الحصَى، مُعادِل لعدد الصلوات التي يريد تقديمها، في جلبابه، حيث يُلقي بواحدةٍ منها بعد كلّ صلاة([11]). إنّ 200 صلاة يوميًّا هو عدد الصلوات التي كان يُقدّمها أبَّا أبوللو([12])، بينما كان يشترك القديس مكاريوس السكندري ومار أوغريس في تقديم 100 صلاة يوميًّا([13])، وقد قام جابريل بانج Gabriel Bunge بحساب المائة صلاة التي أشار إليها بلاديوس في حديثه عن مار أوغريس، فوجد أنّ مار أوغريس كان يرفع صلاةً كلّ 10 دقائق على مدار اليوم؛ وقد تكون تلك الصلوات التي كان يرفعها مار أوغريس هي مزامير أو بعض الصلوات التي كانت تتخلّل المزامير الطويلة([14]).

إنّ الهدف من ترتيل المزامير والصلاة بلا انقطاع هو إعادة الذهن مرّة أخرى نحو الله، وكذلك التخلُّص من حروب الشياطين. فقد لاحظ دوجلاس برتون ـ كرستي Douglas Burton-Christie أنّ التشتيت الذي يحدث خلال ترتيل المزامير، يكون بتحريك الشياطين عن طريق ذكريات الماضي والاهتمامات الشخصيّة، لذا فإنّ ترتيل المزامير يهدف إلى استبدال ذكريات الماضي بأفكارٍ مُقدّسةٍ([15]).

إنــّنا نجد عند القديس أثناسيوس في “الرسالة إلى مارسيلّلينوس في تفسير المزامير”، أهدافًا إيجابيّة أُخرى لترتيل المزامير. وبالرغم من أنّ القديس أثناسيوس لم يُوجِّه كتابه للرهبان بشكلٍ خاص، إلاّ إنـّه ينقل رؤية “شيخ مُتجرّد في الحياة النسكيّة” تصادف كونه راهبًا([16]). يُمثــِّل الجزء الأوّل من هذا الكتاب (فصل 1 ـ 9) ملخّصًا للكتاب كلّه وبالتالي لتاريخ الخلاص بشكلٍ عام. ونجد في (فصل 10 ـ 11) المميّزات الخاصّة بكتاب المزامير، كما نجد في (فصل 13 ـ 26) بعض المزامير التي يمكن قراءتها حسب حالة النفس؛ فالمزامير تُمثــّل وسيلة لاستعادة الاتــّزان والتناغم في النفس (فصل 27 ـ 28). المزامير “ليُقرأ وليُرتّل”([17]) λεγέτω και ψαλλέτω كوحدة متكاملة كما هي مُدوّنة (فصل 29) بدون تغيير أو إضافة كلمات (فصل 30).

إن الصورة الأكثر شعبيّة وتأثيرًا لسفر المزامير، هي أنّ المزامير بمثابة مرآة للنفس:

“يبدو لي أنّ المزامير تُصبح لمَنْ يُرتّلها كمرآة، يُدرِك من خلالها تحرّكات روحه، فيتأثــّر ويُردّدها”([18])

فالمزامير لا تُظهِر، “كما في مرآة”، حياة الإنسان الظاهرة بمداها المُتّسع فقط، ولكنّها قادرة على تعديل الحياة الداخليّة للإنسان؛ وهذا يحدث عندما يجعل المرتل كلمات المزامير وكأنــّها كلماته الشخصيّة، إذ “تخترق” وجدانه الداخلي، فيتحرّك بنخس القلب، مُشارِكًا في ذلك، كاتب المزامير التائب:

“فيتأثــّر ضمير السامع كما لو كان هو المُتكلِّم، ويتحرّك داخليًّا بكلمات الترتيل وكأنــّها لسان حاله الشخصي”([19])

وأخيرًا، فإنّ كتاب المزامير بمثابة المُعلِّم الأعظم للنفس:

“لأنّ كلّ الكتاب المقدّس هو بمثابة مُعلّم للفضيلة ولحقائق الإيمان، بينما يحتوي كتاب المزامير ـ بشكلٍ خاصٍ ـ صورة الدورة الكاملة لحياة النفس”([20])

فكتاب المزامير هو بمثابة الكتاب التطبيقي (السلوكي) للدورة الكاملة لحياة النفس διαγωγη؛ فتنوُّع الصور المُذهِل الذي تستحضره النفس أثناء الترتيل بالمزامير، يعكس ويدعم اتجاهات الحياة الإنسانيّة في كلّ تعقيداتها.

رد مع اقتباس
قديم 25 - 04 - 2014, 10:16 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: المزامير كخدمة تعبدية ونسكية

مشاركة جميلة جدا
ربنا يبارك حياتك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كانت الطوباوية اليصابات فندراميني راهبة تتمتع بروح تعبدية
مسكن موسى كخيمة اجتماع
المزامير كخدمة تعبدية ونسكية أبونا الراهب سارافيم البرموسي
الذكاء الاصطناعي كخدمة
حياة تعبدية واحدة


الساعة الآن 08:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024