رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مسكن موسى كخيمة اجتماع: ناح الشعب ونزعوا زينتهم عنهم [4-6] كعلامة لحزنهم المقدس وتوبتهم، لكن الله لم يعد يجتمع مع موسى داخل المحلة التي تنجست بهذه الخطية البشعة والتزم موسى أن يأخذ خيمة وينصبها إلى خارج المحلة بعيدًا، ودعها خيمة الاجتماع [7]. هذه ليست خيمة الاجتماع التي أمر الله موسى بصنعها فإنها لم تكن بعد قد صنعت لكنها خيمة موسى الخاصة بعبادته، أي مخدع صلاته، خرج بها بعيدًا عن الشر حتى يلتقي بالله داخلها ويكلمه "وجهًا لوجه كما يكلم الرجل صاحبه" [11]. هذا لا يعني أن موسى رأى وجه الله، لكن العبارة هنا تعني أن الله كان يحدث موسى مباشرة وبصوت مسموع واضح وليس كما كان مع الشعب إذ يقفون بعيدًا جدًا كلٌ في باب خيمته ويرون عمود السحاب نازلًا عند باب خيمة الاجتماع. لقد دخل موسى خلال حبه لله ولشعبه في صداقة خاصة مع الله. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إذ كان موسى وديعًا وحليمًا جدًا كما قيل عنه "وكان حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (12: 13)، لهذا كان مقبولًا لدى الله وموضع حبه حتى قيل أنه كان يتحدث مع الله وجهًا لوجه وفمًا لفم كمن يحدث صديقه]. بهذه الخيمة هيأ الله الشعب لخيمة الاجتماع التي يقيمها موسى حسب الأمر الإلهي، إذ كانوا يرون مجد الله عند باب الخيمة، فكانوا يسجدون كل واحد في باب خيمته، بل إنهم صاروا يهابون موسى، فإذا خرج إلى الخيمة يقف كل واحد في باب خيمته وينظرون وراء موسى حتى يدخل الخيمة [8]. لقد أدركوا قدسية اللقاء مع الله وقدسية خدام الله! وكما تتلمذ يشوع الشاب على يدي موسى خاصة على جبل المعرفة المقدس، إذ رافقه هناك لكنه لم يرتفع معه على قمته (خر 24: 13) هنا صار يتلمذه على روح العبادة، إذ يقول "وإذا رجع موسى إلى المحلة كان خادمه يشوع بن نون لا يبرح داخل الخيمة" [11]. فالتلمذة لا تقف عن المعرفة ولكن يلزم أن تمتزج بالحياة التعبدية التقوية. لعل ترك يشوع في الخيمة كان لمساندة موسى أيضًا، فإذا ما خرج موسى من الخيمة للخدمة بقى يشوع في الخيمة يصلي من أجله، وكأن الكرازة والعبادة متكاملان، لا نجاح للخدمة إلاَّ بروح الصلاة والعبادة. ويرى الأب أفراهات أن عدم مفارقة يشوع بن نون للخيمة تعني التزامه بحياة البتولية، فالخيمة في ذلك لم يكن يخدم بها نساء أو تقترب إليها امرأة، فإذا أرادت النساء الصلاة يصلون عند الباب ولا يدخلونها، أما يشوع فبقى في الخيمة يكرس حياته كلها للعبادة غير منشغل حتى بالحياة العائلية. |
|