الله لا يتغاضى ولا يتهاون
حين تُهاجم ويُعتدى عليك ، تغضب وتثور وترد الهجوم والاعتداء طبعا ً . ويزداد غضبك وتتصاعد ثورتك اذا كان الهجوم ظالما ً والاعتداء مجحفا ً . هذا طبيعي ، رد فعل ٍ غريزي في الانسان . والحيوان ، ألا يتقاتل الحيوان هكذا ؟ هذا صحيح ، لكن الانسان يتميز بالادراك والقدرة على السيطرة على غرائزه ِ ، لذلك فالانسان مطالب ٌ بالتحكم بغضبه والتأني في انثقامه . وكلما زاد تحكمه في غرائزه كلما ابتعد عن الحيوانية واقترب الى الانسانية . التماسك وقت الغضب قوة ، رباطة الجأش قدرة ٌ وشجاعة . حين كان المسيح يُحاكم امام رئيس الكهنة لطمه ُ واحد ٌ من الخدام . خادم ٌ يلطم ابن الله ، ملك الملوك ورب الارباب . لم يثر المسيح ، لم يغضب لكرامته ِ ، لم ينتقم منه ، بالعكس ، كلمه بكل العقل والمنطق وقال : " إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي ؟» " (يوحنا 18: 23 ) صبر ٌ نادر وطول اناة ٍ عجيبة . البعض يتصورها ضعفا ً . الضعف هو السقوط في الغضب والتردي في دائرة الانتقام . في كل وقت المحاكمة امام الكهنة وامام بيلاطس وهيرودس كان المسيح صامتا ً ، صمت ٌ قوي ٌ ايجابي ، صمت ٌ اقوى من اي صخب ٌ او ضجة . يقول القديس بولس الرسول في رسالته لاهل رومية : " لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. " (رومية 12: 19 ) الانتقام للشر الذي يحل بنا عمل الله . الله لا يتغاضى ولا يتهاون ، لا يتركنا فريسة ً للظلم ، ولا يريدنا ان نقاوم الظلم بانفسنا ، بايدينا وحدنا . بالعكس هو يطالبنا بأن نُطعم عدونا اذا جاع ونسقيه اذا عطش . ويوصينا ويقول : " لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ. " (رومية 12: 21 ) وحين نفعل ذلك ، حين نقاوم الشر بالخير ، ونترك له مهمة الانتقام ، ينصفنا ، يرد لنا حقوقنا ، يحفظ لنا كرامتنا .