رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كاتب سفر المكابيين الأول من الصعب تبنى وجهات النظر التي بأن كاتب سفر المكابيين الأول ينتمي إلى فرقة الصدوقيين، فهو لا يعادي الفريسيين العداء، فبينما يشير إلى التسامح في قانون السبت (1مكا2: 41 و9: 43) فهو مدقَق في الشريعة ولا يفصلها عن العهد، فإن حفظ اليهود الشريعة ونبذوا الوثنية - ولو اضطرهم الأمر إلى بذل ذواتهم - فانهم سيحصلون على خيرات العهد. ومع أنه من أنصار الحشمونيين حيث يثنى على الحسيديين، فهو في المقابل لا يشيرإلى الاسينيين المتحدّرين عن المكابيين. ومع أن البعض يرى أنه صدوقى فهو لا يشير كثيرًا إلى جماعته. بل يرى بعض العلماء أن سفر المكابيين الأول غير متحيز، إذ أنه لا يتبنى أي من أفكار الفريسيين أو الصدوقيين، ولذلك فإنه كتب قبل القطيعة ما بين هركانوس والفريسيين، فالسفر يعرض لأفكار الصدوقيين ويتجنب أية أفكار تسئ إليهم، ولكنه في نفس الوقت يقدم أبناء متتيا كأبطال غيورين على الشريعة وخصوم للوثنية، وفي الوقت ذاته تجمعهم مع الحسيديين أهداف واحدة، وهكذا فهو ليس ضد الفريسيين، ومع ذلك فإنه يشير إلى خطأ الحسيديين عندما رحبوا ب ألكيمس كرئيس للكهنة، رغم عدم ارتياح يهوذا وأخوته (7: 8 - 18) ويسجل السفر هذا الارتداد الجزئى لهم مع نتائجه المأساوية، حيث يظهر ذلك من الكراهية والاستياء الموجودين وقت كتابة السفر ويظهران خلال عرض الأحداث. والكاتب يهودي من فلسطين تقى غير متعصَب، وهو شاهد أمين لأحداث السفر نظرًا لوقوفه على كافة الأحداث وجغرافية المكان بدقة، وهو مُشبَع بروح وطنية، أما عن أسلوبه في الكتابة فهو بسيط وصريح يحمل على الثقة بكتابه دون أن يترك مجالًا للشك، وهو يميل في كتابته إلى التشبه بكاتبى الأسفار التاريخية في العهد القديم. غير أنه لا يذكر اسم الله بشكل مباشر، ربما لحرمه الاسم وقدسيته (1) (منذ عصر المكابيين أو قبلها بقليل تحاشى اليهود ذكر لفظة الجلالة "يهوة" مستعيضين عنها بألفاظ ]راجع التعليق على لفظه يهوه في القيمة العقائدية للسفر[)، وربما رغبة منه في عدم مداخلة الله رأسًا في شئون البشر مما يتوافق مع عظمة الله من ناحية والحرية الممنوحة للإنسان منه من جهة أخرى، وهو كذلك لا يشير إلى الحياة الأبدية (1مكا2: 51) ولكن السفر به الكثير مما يدل على وجود مسيا وأن النصر يأتي من السماء. ومن الواضح أن هدف الكاتب كان قوميًا وتاريخيًا مع توجهاته الدينية الصدوقية الواضحة، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر حيث يلاحظ الآتي (2): 1- أن الكاتب شخص محب لوطنه، ويرى أن شعبه هو الذي اختاره الرب ليحقق بهم أهدافه. 2- وهو ناموسي مدقق، يعتقد أنه من واجب كل يهودي أن يحفظ الناموس والوصايا (1: 16، 25، 48، 49، 55، 60، 63 و2: 20 22، 27، 42، 46، 48، 50 و3: 2) وهو كذلك يستنكر كل محاولة لإجبار اليهود على تدنيس السبت والأعياد (1: 45) وأكل الطعام غير الطاهر (1: 65) والذبح للأوثان (1: 45) ومع ذلك فهو يتعامل بمرونة في مسألة حفظ السبت - كما سبق - وهو ما يتفق مع موقف الرب يسوع من السبت (مرقس 2: 27) وهو وأن كان يتوافق مع تعليم الصدوقيين، إلاّ أن متتيا أبو المكابيين نفسه قد تعامل مع السبت بشيء من التفهّم. 3- يبين السفر أن كلمة الرب كانت عزيزة في تلك الأيام، وأن الأسفار المقدسة الموجودة بين أيديهم هي المصدر الوحيد للتعزية في الحزن والضيق (12: 9). 4- لا يشار إلى الله إلا ب"إله السماء" أو "السماء" فقط (3: 19، 50، 60 و4: 10، 55 و12: 15) وهو ما يتفق مع توجَهات الصدوقيين بعد ذلك. 5- تمر مسألة رئاسة سمعان للكهنوت دون اعتراض أو تعليق، رغم تعارضها مع ما ورد في الشريعة من أن الكهنوت وقف على سبط لاوي بل وعلى عشيرة هارون فقط، وهو ما يتفق مع وجهة النظر الصدوقية أيضًا (أي عدم الالتزام بالوراثة). 6- لا توجد في السفر أية إشارة إلى التعليم بقيامة الأموات أو خلود النفس، رغم أنه من المعروف أن اليهود في ذلك الوقت كانوا عمومًا يؤمنون بهاتين العقيدتين (دانيال 2: 3 و2مكا7: 9، 11، 14، 29) ونحن نعلم أن الفرسيين كانوا يؤمنون بالقيامة (أعمال 23: 6) وقد خاض المكابيين المعارك وواجهوا الموت بلا خوف بسبب إيمانهم بالحياة الأبدية. 7- كما لا توجد في السفر أية إشارة إلى الرجاء المسيانى، رغم ما جاء عنه في الأنبياء، وما كان يؤمن به الفريسيون وما جاء في (2: 47) إنما يشير إلى الاعتقاد بأنه يومًا ما ستملك أسرة داود، ولعل الكاتب كان يرى أن هذا الرجاء كان قد تحقق في الحشمونيين. ولكن جميع ما سبق لا يوكّد أن الكاتب هو صدوقى خالص، حيث لم يكن الخلاف بين الفريقين قد تبلور تماما حتى زمن الكتابة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تأملات فى سفر المكابيين الأول |
مكابيين أول 12 - تفسير سفر المكابيين الأول |
مكابيين أول 11 - تفسير سفر المكابيين الأول |
مصادر سفر المكابيين الأول |
كاتب سفر المكابيين الثاني |