فريدا في أبوته ورعايته
السيد المسيح كان فريدًا في أبوته ورعايته. لذلك دُعي اسمه "عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام" (أش9: 6) "أبًا" نحن نعلم أنه كان دائمًا يقول "متى صليتم فقولوا أبانا الذي في السماوات.." (لو11: 2)، "إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي" (يو16: 23، 24).
كان دائمًا يتكلم عن الآب وكانوا يقولون له: الآن تُخبرنا عن الآب علانية "هوذا الآن تتكلم علانية"(يو16: 29).
أبوة الآب وأبوة السيد المسيح :
كيف نوَفّق بين أن السيد المسيح يعلِّمنا أن ندعو الآب أبًا لنا، وبين أنه هو نفسه أيضًا له أبوة روحية بالنسبة لنا؟!! بالطبع الآب فريد في أبوته، في تمايزه الأقنومي. في اللاهوت لا يوجد إلا أب واحد هو الآب السماوي. لكن الله الآب والله الابن والله الروح القدس في رعايتهم للبشر يغمرون البشر بعمل الأبوة. فالسيد المسيح من حيث عمله في الرعاية قال: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11).. كانت له أبوة روحية بالنسبة للخراف التي بذل نفسه من أجل خلاصها كراعٍ حقيقي ولذلك دُعي اسمه "أبًا أبديًا رئيس السلام" (أش9: 6). والروح القدس هو الذي يمنح الأبوة للرعاة الذين يقيمهم في الكنيسة لرعاية شعب الله. وبقوته وبسلطانه يمارسون عملهم الكهنوتي ويغفرون الخطايا على الأرض.
في صلاتنا "أبانا الذي في السماوات.." نوجّه صلاتنا هذه للآب السماوي باستمرار كما علّمنا السيد المسيح. لكن لابد لنا أن نفهم أن السيد المسيح له أبوة روحية أيضًا بالنسبة لنا. وهذا لا يتعارض مع قول الكتاب في مواضع كثيرة أنه دُعي "بكرًا بين إخوة كثيرين" (رو8: 29)... وقال "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم" (يو20: 17)ويقول الرسول بولس "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. ويُعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15). باشتراكه معنا في بشريتنا دُعي أخًا.. دُعي بكرًا بين إخوة. ولقب البِكر له معانٍ كثيرة، منها أنه أخذ البكورية -التي أضاعها آدم بسبب خطيته- عن جدارة. وفى بكوريته أعاد إلى آدم كرامته وخلّصه من سلطان الخطية والموت.
أما عن أبوّته الروحية فقد قال القديس غريغوريوس، الناطق بالإلهيات، مخاطبًا السيد المسيح "كراعٍ صالح سعيت في طلب الضال. كأبٍ حقيقي تعبت معي أنا الذي سقطت".
أبوة السيد المسيح هي التي جعلتنا نشعر بأبوة الله الآب لنا.. لذلك حينما يتكلم عن الآب، يقول أيها الآب أنا قد "عرّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26) ويقول "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9).
أبوة الله الآب لنا تلامسنا معها في شخص السيد المسيح، فعندما شعرنا بأبوة الله في شخص السيد المسيح، أُستُعلِنت الأبوة بمعناها المطلق بالنسبة للآب السماوي لأن السيد المسيح هو صورة الله غير المنظور... لكن في علاقته مع الآب؛ الابن ليست له أبوة على الإطلاق… هو الابن دائمًا الكائن في حضنه الأبوي كل حين. فعندما نتكلّم عن أبوة السيد المسيح –نتكلّم عنه من حيث علاقته بنا كبشر وليس من حيث علاقته مع الآب السماوي.