![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عذاب الضمير من نتائج الخطية من أمثلة عذاب الضمير قصة تقال عن بيلاطس: كان بيلاطس يعرف أن المسيح برئ، ولذلك قال "ها أنا قد فحصت قدامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه" (لو 23: 14). وإذ كان جالسًا علي كرسي الولاية أرسلت إليه امرأته قائلة "إياك وذلك البار. لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله". ولكنه أمر بحكم الموت ضد ضميره. ولأجل أن يريح ضميره راحة زائفة، اخذ ماءًا وغسل يديه قدام الجميع قائلًا: إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24). وتقول القصة إن بيلاطس عندما خلا إلي نفسه في منزله، وجد يديه ملطختين بالدماء فغسلهما مرة ثانية. ولكن الدم لم يفارقهما. فغسلهما للمرة الثالثة وهو يقول "أنا برئ من دم هذا البار". ولكنه عاد الدم ما يزال يلطخهما. فاستمر يغسلهما مرات عديدة وهو يصرخ في رعب قائلًا "أنا من دم هذا البار". أنها قصة تصور لنا مقدار الرعب وفقدان السلام الذي يصيب الخاطئ نتيجة لخطيئته. إن الخطية متعبة. وقد لا يحس الإنسان بمقدار خطورتها إلا بعد وقوعها، وربما بعد وقوعها بمدة، حين يستيقظ الضمير، من تلقاء نفسه أو بمؤثر خارجي.. ![]() ومن أمثلة عذاب هذه اليقظة المتأخرة للضمير. قصة يهوذا الإسخريوطي. إن يهوذا لم يشعر ببشاعة خيانته في بادئ الأمر. كان مشغولًا بالتآمر والمقابلات والاتفاقات. وكان مشغولًا بالتآمر والمقابلات والاتفاقات. وكان مشغولًا بالمال وتسلمه. وبميعاد ومكان تسليم سيده حتى إنذارات الرب له لم يحس بها. وأخيرًا عندما حوكم السيد المسيح وحكم عليه بالصلب.. استيقظ ضمير يهوذا، وظل يعذبه، فوجد نفسه أمام خطيئة بشعة ومرعبة وبدأ يتذكر كلام الرب للتلاميذ "أنتم طاهرون ولكن ليس كلكم"، "أحد منكم سيسلمني".. "ابن الإنسان ماض كما هو محتوم. ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه" (لو 22: 22).. وتذكر يهوذا أيضًا قول الرب له: ما تريد أن تعمله فاعمله بأقصى سرعة. ثم كلمة المسيح الأخيرة له "يا صاحب لماذا جئت" (مت 26: 50)، "أبقبلة تسلم ابن الإنسان" (لو 22: 48). ولم يستطيع يهوذا أن يحتمل كل هذا، وأتعبه ضميره جدًا، فقام وذهب لرؤساء الكهنة "ورد الثلاثين من الفضة قائلًا: "قد أخطأت إذ أسلمت دمًا بريئًا. فقال ماذا علينا أنت أبصر. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف" (مت 27: 3). ومع كل هذا استمر ضمير يهوذا يعذبه وظل يعذبه بلا هوادة. وتسمرت صورة خطيئته في عمق بشاعتها أمام عينيه.. وأخيرًا "مضي وخنق نفسه" (مت 27: 5). يا أخوتي ما أبشع الخطية، وما أكثر رعبها، عندما يستيقظ الضمير إن الإنسان قد لا يحس بمرارتها طالما هو في دوامه من الخطايا أو من المشغوليات ولكن بمجرد أن ينتبه لنفسه أو يرجع لذاته، يتعب ويتألم من منظر خطيئته. لذلك فإن بعض المجرمين يذهبون ويسلمون أنفسهم للعدالة معترفين بجرائمهم.. لأنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا تأنيب الضمير ولا القلق الداخلي الذي يتعبهم وفقدان السلام الناتج عن إحساسهم بالإثم.لذلك صدق قول الكتاب "لا سلام قال الرب للأشرار" (أش 48: 22). وهناك قاعدة هامه عند علماء النفس تقول إن المجرم يظل يحوم حول مكان الجريمة في الأيام الأولي لحدوثها. لأنه يكون قلقًا وخائفا من اكتشاف أمره. ويقول في نفسه "يا تري هل تركت أثرًا أم لم اترك. وهل عرف رجال البوليس أم لم يعرفوا؟!" من أجل هذا فإن رجال النيابة والشرطة عندما يكتشفون جريمة يترصدون مكانها متخفين، لكي يكتشفوا كل الأشخاص المشتبه فيهم الذين يحومون حول المكان. ومن أمثلة الخوف والقلق وفقدان السلام، ما حدث لقايين بعد خطيته: عاش تائهًا وهاربًا في الأرض، خائفًا أن يقتله احد كما قتل أخاه، شاعرًا أن الله قد طرده عن وجه الأرض، وطرده من أما وجهه (تك 4: 13، 14). وبهذا القلق قضي قايين حياته في خوف. ولم يستفد من خطيته شيئًا.. تطارده خطيته ويطارده صوت أخيه الصارخ من الأرض. هكذا الأمراض النفسية التي تصيب الخطاة نتيجة للقلق والخوف والانزعاج والاضطراب وتوقع الشر باستمرار. أما الأبرار فعلي العكس من ذلك يعيشون في فرح وسلام.. هم في فرح مستمر، لا يضطربون، ولا يقلقون، ولا ينزعجون من الداخلي، فالكتاب المقدس يقول "من ثمار الروح القدس محبة، فرح، سلام" (غل 5: 22). إذن فالشخص الذي لا يعيش في سلام، لا توجد فيه ثمار الروح القدس. قيل عن القديس الأنبا أنطونيوس، في القصة التي كتبها عنه القديس أثناسيوس الرسولي "من من الناس كان مضطرًا النفس أو منزعج القلب، ويري وجه الأنبا أنطونيوس، إلا ويمتلئ بالسلام". مجرد رؤية وجه الأنبا أنطونيوس -في هدوئه وفرحه- كانت تملأ القلب بالسلام. ليس كذلك الخطاة، ليسوا كذلك، بل هم حزن وعذاب، وبخاصة عندما يستيقظ ضميرهم ويلبهم بسياطه. وقد أخذنا فكرة عن عذاب الأشرار كيهوذا وقايين.. ونريد أن نأخذ مثالًا عن عذاب الضمير للقديسين ممثلًا أفضل تمثيل في قصة داود النبي: في أثناء الخطية، كان داود النبي في نشوة اللذة الجسدية، فلم يشعر بخطورة ما كان يفعل..! حتى أنه اتبع خطية الزنى بخطية القتل، دون أن يتحرك ضميره أو يتخرج. ولكن بعد أن واجهه ناثان وخطيته، وبدأ يحس خطورة ما فعل، حينئذ استيقظ ضميره وبدأ يتعبه علي الرغم من قول النبي له "الرب قد نقل عنك خطيئتك، لا تموت" (2 صم 12: 13). عندما استيقظ ضميره، بلل داود فراشه بدموعه. وصارت دموعه له طعامًا نهارًا وليلًا، ولصقت بالتراب نفسه، وعاش في مذله من نفسه، وصرخ إلي الرب قائلًا "إن عظامي قد اضطربت، ونفسي قد انزعجت جدًا" (مز 6). ورضي بالمذلة من اجل خلاص نفسه، وقال في ذلك "خير لي يا رب أنك أذللتني لكي أتعلم ناموسك" (مز 118). حقًا إن الإنسان عندما تتكشف له خطاياه، يصير من عذاب ضميره وكأنه في جحيم. هل تظنون أن "البكاء وصرير الأسنان" يكونان فقط في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت؟ كلا، بل يكونان علي الأرض أيضًا، عندما يتعذب الإنسان في قلبه من هول خطاياه.. يحدث هذا في أوقات التوبة، عندما يحس الإنسان التائب مقدار بشاعة خطيته، ويبكي عليها بدموع وحرقة قلب، ويلوم نفسه قائلًا: أين كان عقلي وتفكيري عندما فعلت هذا..؟! ويظل ضميره يؤنبه، فتصطك أسنانه من الألم والندم والخزي والعار والشعور باحتقار الذات.. وفي الحقيقة خير التائب أن يقاسي "البكاء وصرير الأسنان" ههنا علي الأرض، من أن يقاسيه هناك في الأبدية علي غير رجاء.. رأينا أنه من نتائج الخطية الخوف، وفقدان السلام الداخلي، والمرارة، وعذاب الضمير.. علي أن هناك نتائج للخطية.. |
![]() |
|