رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكاهن كمعالج بحسب القديس غريغوريوس اللاهوتي منحت الكنيسة لقب "لاهوتي" للقديس غريغوريوس اللاهوتي، رئيس أساقفة القسطنطينية، لأنه كان قد وصل إلي الاتحاد بالله. لقد عاين الله، وكان بالتالي قادراً علي الكلام عن الله بثقة وإلهام إلهي. أحد المواضيع الكثيرة التي يتناولها هو موضوع الكاهن كمعالج. أود جذب الانتباه لهذه المسألة، لأنه سيصبح واضحاً أن الكاهن هو أولاً وقبل كل شيء معالج، وينبغي عليه لكي يعطي الشفاء للآخرين أن يكون قد حصل هو نفسه على الشفاء بقدر الإمكان. سوف نري هذه الآراء التي للقديس غريغوريوس اللاهوتي في عظته التي عنوانها "في الدفاع عن هروبه إلي بنطس، وعودته، بعد رسامته كاهناً، مع عرض لخصائص رتبة الكهنوت". لقد فر القديس غريغوريوس اللاهوتي إلي بنطس بعد رسامته الكهنوتية، لكنه عاد بعد توسلات عديدة من أبيه. وعلي الفور بعد عودته وضع عظته الأولي "عن القيامة ومقاومته" والتي برر موقفه فيها. لكن لأن إشارته لهذا الموضوع كانت مختصرة، فإنه أعطي تفسيراً أشمل في عظة أخري. العظة التي سنتناولها الآن تغطي الموضوع كله. إنها تشتمل علي نقاط هامة عديدة، لكنني سأتناول النقاط الرئيسية فقط المرتبطة بموضوع الكاهن كمعالج الذي يعنينا هنا. 1- ما هو الشفــاء ينبغي علينا قبل أن نتناول عمل الكاهن أن نتقصى ما هو بالضبط معني الشفاء بحسب تعليم القديس غريغوريوس اللاهوتي. إننا عندما نتحدث عن الشفاء لا نعني مجرد الشفاء البدني أو الشفاء السطحي الذي لا يتعدى أكثر من مجرد تغييرات قليلة خارجية. إننا نعني قبل كل شيء الشفاء الذي يعمل في أعماق قلب الإنسان. ليس هذا مجرد أمراً أخلاقياً، لكنه شفاء داخلي. إذ يقارن القديس غريغوريوس اللاهوتي بين الشفاء البدني المقدَم من قِبَل الأطباء والشفاء الروحي المقدَم من الكهنة، فإنه يقول أن الشفاء الروحي يتطلب مجهوداً أكثر. يعتني الطب البدني فقط بالأعراض القابلة للملاحظة ولا يري سوي القليل مما يحدث في أعماق القلب. إنه يهتم بصورة رئيسية بما هو واضح، ويستطيع أن يفهم ويشفي القليل من الأمور التي تسبب أغلب الأمراض البدنية. علي العكس من ذلك، يتعامل الطب الروحي مع أعماق القلب. يقول القديس غريغوريوس: "يعتني كل علاجنا وكل مجهودنا بإنسان القلب الخفي، وتتجه حربنا ضد هذا الخصم والعدو الموجود داخلنا، الذي يستعملنا كأسلحة ضد ذواتنا، والأكثر رعباً من كل ذلك أنه يسلمنا إلي موت الخطيئة". يوجه العلاج نحو إنسان القلب الخفي. يختلف العلاج الذي تمارسه الكنيسة اختلافاً كبيراً عن الطب البدني. يوضح القديس غريغوريوس اللاهوتي الغرض من منهج الكنيسة العلاجي. إنه لا يهدف إلي جعل الإنسان متزناً، لطيفاً، صالحاً، ولكن إلي اتحاده بالله. غرض الطب البدني هو جعل الجسم صحيحاً، علي حين أن هدف الطب الروحي هو "منح النفس أجنحة، وإنقاذها من العالم والإتيان بها إلي الله، والاهتمام بكونها علي صورته، والأخذ بيدها لو كانت في خطر الضياع، وجعل المسيح يسكن في القلب بالروح القدس، وفوق كل شيء جعلها تتحد بالله، ومنحها السعادة السماوية، تلك النفس التي تنتمي لرتب السماء". من الواضح هنا أن للشفاء هدف قوي جداً. يحاول الكاهن بنعمة المسيح أن يحافظ علي صورة الله في الشخص، وأن يجعله يتحد بالله، لكي يجعله مسكناً لله الثالوث القدوس، بل وفي الواقع جعله إلهاً بالنعمة. يتضح هذا الفرق بين الشفاء الروحي والبدني أيضاً من الفرق بين الجسد والنفس. الجسد موضوع للفساد لكن النفس غير قابلة للفساد وغير قابلة للموت بالنعمة. يعتني الطب البدني بالجسد "وبالأمور الزائلة الباطلة، علي حين أن الطب الروحي، كما تمارسه الكنيسة، يعتني بالنفس "التي تأتي من الله، والتي هي إلهية، والتي لها نصيب في المجد السماوي". ليست النفس مفهوماً مجرداً. إنها ليست مجرد خاصية للجسد لكنها صورة الله. لا يؤثر الشفاء علي النفس فقط لكنه يمتد ليشمل الجسد نفسه. الغرض من العلاج الروحي هو شفاء النفس أولاً، بحيث أن النفس المتعافية "تعود لنفسها وتُصعِد المتدني (الجسد) إلي السماء، بتحريره تدريجياً من كثافته". بالتالي، تصبح النفس بالنسبة للجسد ما هو الله بالنسبة للنفس. ينطبق الشفاء علي كل من النفس والجسد. تُشفي النفس أولاً، ثم بعد ذلك يُشفي الجسد الذي هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنفس. إننا نستطيع أن نستدل من ذلك علي أنه عندما تكون النفس مريضة فإنها تجعل الجسد مريضاً أيضاً. لكي يكون العلاج فعالاً، يحتاج الطبيب الروحاني أن يعالج "العادات، والأهواء، والحياة، والإرادات، وأي أمر آخر موجود داخلنا". بمجرد أن يقضي علي كل شيء وحشي وعنيف يتعين عليه أن يُدخل ما هو "لطيف ومحبب إلي الله"، بحيث يتم الوصول لنقطة توجه فيها النفس الجسد. يختص الشفاء بكيان الإنسان كله. إنه يقتضي إخضاع الجسد للنفس بشكل عملي، وإتحاد نفس الإنسان وجسده بالله. يعرف أيضاً القديس غريغوريوس اللاهوتي مدي صعوبة هذا الشفاء. إنه يُعلَّم أنه ليس كل أحد يريد الشفاء وأن البعض يحاولون البقاء في المرض. إنه يذكر ثلاث فئات من الناس الذين لا يريدون العلاج. المجموعة الأولي هي أولئك الذين يخفون خطيئتهم في عمق النفس، كما لو كانوا يستطيعون تجنب عقاب الله ويخفون أنفسهم من الآخرين. حاول الموجودون في الفئة الثانية أن يصموا آذانهم بحيث لا يسمعون صوت أولئك الذين يحاولون "إعطائهم أدوية الحكمة التي تشفي مرض النفس". إنهم لا يقومون فقط بإخفاء الأهواء الموجودة في قلبهم وأمراض نفوسهم، لكنهم أيضاً يتجنبون السماع عن الطرق التي يستطيعون من خلالها الحصول علي الشفاء. يبتعد مثل هؤلاء الناس عن أولئك الذين يستطيعون العلاج. تتكون الفئة الثالثة من أولئك الذين يكون موقفهم من الخطيئة أكثر جرأة ووقاحة، الذين "يفتخرون بالخطيئة بوقاحة أمام أولئك الذين يستطيعون علاجها، ويتقدمون نحو كل نوع من التعدي بشكل سافر". أولئك الذين لديهم أهواء عديدة، لكنهم لا يريدون رؤيتها ينتمون إلي الفئة الأولي. تغطي الفئة الثانية أولئك الذين يعترفون بأن هناك خطأ ما داخلهم لكنهم يتجنبون سماع كلمات الشفاء. أما الموجودون في الفئة الثالثة فيكونون وقحين عديمي الحياء ويستمتعون بارتكاب الخطيئة. لا يريد أي من أولئك الحصول علي الشفاء، مما يجعل عمل المعالج صعباً وشاقاً. المقصود بالشفاء هو تحويل الأهواء، أي تطهير الناس واتحادهم بالله، بكل من المعني السلبي والإيجابي. إنه ليس نوعاً من العلاج السطحي الذي يهدف إلي مجرد تحسين حياة الشخص الأخلاقية والروحية أو تحقيق الاتزان النفسي. إن هدفه هو شفاء "إنسان القلب الخفي". 2- الكهنوت كعلم علاجي الكهنوت هو امتداد لعمل المسيح، والمسيح كما يشرح القديس غريغوريوس اللاهوتي هو طبيب البشر الأول والمطلق. عمل المسيح هو العلاج. إنه يوحد الطبيعة الإنسانية والطبيعة الإلهية في شخصه. فقد تألم، وصلب، ثم قام لكي يؤله الطبيعة الإنسانية. لو أن مهمة منهج الكنيسة العلاجي هي تأليه الإنسان، فإن كل التدبير الإلهي كان يهدف إلي ذلك. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "هذه هي أمنية المسيح، الذي هو مكمل القانون الروحي وغايته؛ هذا هو الغرض من إخلاء الذات الإلهي، ومن الجسد المُتَخَذ، ومن الاتحاد الجديد بين الله والإنسان، واحد متكون من اثنين والاثنين في واحد". إنه يمضي قدماً سارداً قائمة بكل مراحل الفداء التي للتدبير الإلهي. المسيح هو شافي الجنس البشري. لقد قدس طبيعة الإنسان. إنه أقوي علاج لشفاء أمراضنا الروحية. كل شيء فعله المسيح كان لأجل شفاء الإنسان. "كل هذا هو تدريب من الله لنا، وشفاء لأسقامنا، وإعادة آدم الأول إلي المكان الذي سقط منه، وقيادتنا إلي شجرة الحياة...". من الجدير بالذكر أن القديس يربط تدريبنا بشفاء أمراضنا، وهو أيضاً يعني بهذا المرض سقوط آدم بعيداً عن الله. لا توجد في الواقع طريقة أخري لفهم هذا التدريب سوي أنه شفاء الإنسان، وعودته للشركة مع الله والاتحاد به. يكمل الكهنة هذه المهمة. يقوم الكهنة، وفوق الكل الأسقف، بعمل المسيح العلاجي ويصبحون شركاء مع الله في خلاص الجنس البشري. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "إننا كمختارين من بين الآخرين من أجل مهمة الشفاء نعمل كوكلاء وزملاء عمل". أولئك الكهنة منا هم شركاء في هذا الشفاء وخدامه. بالطبع نحن نقيم شعائر الأسرار، لكن ينبغي علينا أن نجعلها جزءاً من العلاج، لأن الغرض من حياة الكنيسة الأسرارية والنسكية هو شفاء الناس. إنه يستشهد بيوئيل النبي الذي يحث الكهنة علي البكاء "ويريد من خدام المذبح أن ينوحوا عندما تأتى المجاعة" ويخبرهم "أن يقدسوا صوماً وينادوا بالشفاء...". "تعني المناداة بالشفاء" المناداة بالتوبة. إننا نري هنا كلمة "شفاء" مستعملة محل كلمة "توبة"، مما يعني أن الشفاء هو عودة الإنسان إلي الله والشركة معه. مهمة الكاهن هي شفاء الناس، ويجب أن يتم ذلك "بطريقة علمية". قيادة الكاهن لشخص الاتحاد بالله والشركة معه هي علم في حد ذاته، كما نري ذلك من نص آخر للقديس غريغوريوس اللاهوتي: "لأن قيادة الإنسان، الذي هو أكثر المخلوقات تنوعاً وتشعباً، تبدو بالنسبة لي فن الفنون وعلم العلوم بحق". يسمي القديس ممارسة المنهج العلاجي من قِبَل الكاهن "فن الفنون وعلم العلوم". هذا هو السبب الذي يجعل علم اللاهوت أيضاً علماً علاجياً. ليس الكهنوت مجرد ممارسة طقوس مقدسة. ممارسة الأسرار هي نفسها جزء من المنهج العلاجي. ليست مهمة الكاهن مجرد إقامة الطقوس لكنها علاجية أيضاً. إن رسالته في جوهرها هي فحص النفوس. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أن "قيادة الجمهور أو القطيع" ليست نفس الشيء مثل "اقناء سلطان علي نفوس الناس". يهتم راعي قطيع الغنم بتسمينهم، وهو يستعمل كل الوسائل لتحقيق ذلك. لا يوجد بالمرة أي راعٍ يهتم بفضائل حيواناته. علي كل حال الإشراف الرعوي (أو بكلمات أخري العلاجي) هو عمل شاق جداً. ينبغي علي الشخص أن يتعلم الخضوع، وإلا لن يتعلم قط كيف يُخضع آخرين. "في حالة الإنسان، يكون أمراً صعباً أن يعرف كيف يخضع لقيادة آخر، ويبدو أنه أكثر صعوبة أن يعرف كيف يقود آخرين". رعاية قطيع تعني مراقبة النفوس، ومراقبة النفوس ترتبط بشفاء النفوس. ينبغي علي الكاهن أن يضطلع بهذه المهمة بحرية، بموافقة الرعية. "وبالتالي يفرض علينا ناموسنا ومعطينا الناموس بصورة حازمة أن "نتعهد القطيع لا بالإكراه بل بالإرادة". محاولة العديد من التربويين والمعالجين النفسيين لقيادة الناس نحو الشفاء بالتعدي علي حريتهم هي أمر أبعد ما يكون عن التعليم الرعوي الأرثوذكسي الذي يحترم الحرية الشخصية غير المشروطة. يجب ممارسة الرسالة الرعائية والعلاجية بطريقة علمية. يصلي القديس غريغوريوس اللاهوتي لله لكي يساعدنا علي "أن نغذي قطيعنا بالمعرفة، ليس مثل الرعاة عديمي الخبرة". من الواضح هنا أيضاً أنه ينبغي أن يتم العلاج بطريقة علمية، مع معرفة بكل من المرض وعلاجه. لا ينبغي علي المعالج أن يكون عديم الخبرة، لأنه علي حين أن معرفة أن طريقة الشفاء تجلب بركة، إلا أن الجهل بطريقة الشفاء، أي عدم الخبرة الروحية، يستوجب الدينونة. تكون المعرفة مطلوبة لأنه من السهل فعل الشر، علي حين أن فعل الخير يكون صعباً. لا يريد الناس في أغلب الأحيان أن يتخلوا عن الشر. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "الرذيلة هي أمر مغري وسهل الحصول عليه، ولا يوجد ما هو أسهل منها... علي حين أن اقتناء الفضيلة هو أمر نادر وصعب". لخلاصة هي أن الكهنوت هو علم علاجي. الهدف منه هو استعمال كل الوسائل التي تمتلكها كنيستنا المقدسة. هذه هي مهمة الكاهن، والأسقف علي الأخص. 3-الكاهن والأسقف كمعالجين لقد أشرنا من قبل إلي أن الكهنوت هو علم علاجي. سوف نري الآن بشكل أكثر خصوصية حقيقة أن المهمة الأولية للكهنة والأسقف هي العلاج. سوف ننوه لبعض الجوانب المهمة في هذا الموضوع كما يشرحها القديس غريغوريوس اللاهوتي. لقد تلقي الكاهن من الله موهبة الشفاء العظمي، وبالتالي ينبغي عليه استعمالها. ليس الشفاء مجرد مسألة مسح انطباعات الشر من النفس، "لكنه يتعلق بدمج الانطباعات الصالحة". هذا هو المعني العملي للشفاء. يستعمل القديس غريغوريوس اللاهوتي المثل القائل: "إنهم يحاولون شفاء الآخرين بينما هم أنفسهم مملوئون قرحاً". ينبغي علي الكهنة الذين يحاولون علاج الآخرين أن يتحرروا هم أنفسهم من كل أنواع الجراح. القدرة علي الشفاء هي موهبة كبري للنعمة يمنحها الله. كان للقديسين الرسولين بطرس وبولس مثل هذه النعمة. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "توجد حاجة لبطرس أو بولس للعلاج أو لإيقاف المرض، رسولي المسيح العظيمين، اللذين بالإضافة إلي الإرشاد بالكلمة والفعل، تلقيا هذه النعمة وصارا كل شيء لكل الناس حتي يربحا الكل". إنها موهبة كبيرة يمنحها الله مانح كل المواهب. يكون عمل الكهنة العلاجي مؤلماً وشاقاً جداً. "المهمة خطيرة جداً وشاقة بالنسبة لقلب حساس وحزين، إنها نخر في عظام الرجل المرهف الحس". إنها مهمة شاقة لدرجة أنها تأكل في عظامه. لا ينبغي علي المرء أن يتولى مثل هذا العمل المؤلم والشاق إلا بعد إعداد مناسب. لا يستطيع من تنقصه الموهبة والخبرة الملائمة أن يتولى هذه المهمة الثقيلة. ينبغي علي الكاهن نفسه أن يخضع للسلطة قبل أن يبتغي ممارسة السلطة، ورعاية القطيع وتوجيه النفوس. "إنه ليس أمراً غريباً أو غير ملائم بالمرة بالنسبة لأغلبية الذين ينشغلون بالأمور الإلهية أن يرتقوا من الخضوع إلي السيادة، ولا يتجاوز ذلك الحدود الموضوعة من الفلسفة، ولا يتعلق ذلك بالخزي". تحتاج كل مهارة إلي فترة من التدريب، وينطبق نفس الشيء علي خدمة علاج نفوس البشر، التي هي موهبة الشفاء الروحي. الغرض من العلاج هو قيادة الشخص نحو الله، وتمكينه من اختبار حالة الاتحاد بالله المباركة. كيف يمكن للكاهن أن يحقق ذلك لو كان هو نفسه لم يلتق الله من قبل؟ ولو كان عديم الخبرة في الاتحاد بالله؟ لأن الشخص الطاهر هو فقط القادر علي الإمساك بالله الطاهر". لكي يتمم المرء هذه المهمة ينبغي علي نوسه أن يكون قد استنار، وينبغي علي كلماته أن تكون قوية وعلي سمعه أن يكون حساساً، وأن يكون قد تطهر من قبل. يفترض ذلك أن المعالج يكون قد تعافي. ينبغي أن يأتي شفاؤنا الشخصي أولاً قبل أن نستطيع علاج آخرين. لو أن المهمة الأعظم هي شفاء أمراض الآخرين الروحية، "فإنه أمر عظيم أن نتعرف علي أهوائنا وأمراضنا الخاصة، وأن نعالجها". يؤكد القديس غريغوريوس في نص تقليدي علي أنه ينبغي علي المرء أن يتطهر ويستنير أولاً قبل أن يشفي آخرين. ينبغي علي المرء أن يتطهر هو نفسه قبل أن يطهر آخرين؛ فنبغي عليه أن يصبح هو نفسه حكيماً، بحيث يستطيع جعل الآخرين حكماء؛ أن يصير نوراً وعندئذ يعطي نوراً، أن يقترب من الله فيقرب الآخرين إليه، أن يتقدس ثم يقدسهم، أن يمسك بأيدي الآخرين ويعطي نصيحة حكيمة". لا يكون من الضروري أن يكون الطبيب في صحة جيدة لكي يعالج الأمراض البدنية، لكن ذلك يكون ضرورياً في علاج الأمراض الروحية. قد يكون عالم النفس قادراً علي علاج الآخرين دون أن يكون هو نفسه سليماً بشكل مطلق، لكن في التقليد الأرثوذكسي، لأن الشفاء يعني قبل كل شيء الوصول للاتحاد بالله، يكون أمراً إجبارياً علي الطبيب الروحي أن تكون لديه خبرة شخصية في الاتحاد بالله. لا تكون مهمته مجرد إعطاء النصيحة علي المستوي الإنساني لكن قيادة المرء في الطريق إلي الخلاص. يري القديس غريغوريوس اللاهوتي أن قيادة المرء نحو الاتحاد بالله دون أي خبرة في هذه الحالة هو أمر شرير. إنه يستشهد بالمثل القائل: "يوجد شر رأيته تحت السماء: رجل يظن أنه حكيم" ويكتب قائلاً: "بل هو شر أعظم أن نأتمن رجلاً علي تعليم الآخرين لا يكون حتي واعياً بجهله الخاص". أسوأ الكل هو أن يحاول شخص ما تعليم الآخرين دون أن يدرك أنه لا يعرف شيئاً. يري القديس غريغوريوس أنه ينبغي علي ذلك أن يجعلنا نبكي وننتحب. "هذا هو هوي يقتضي بدرجة خاصة دموعنا وتنهداتنا". ينبغي علي الطبيب الروحي أن يكون أولاً عضواً في الكنيسة مؤهلاً قبل أن يدخل المذبح المقدس ليخدم. لا غني أيضاً عن طهارته الشخصية لكي يقيم الأسرار. يكتب القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً: "إننا بعيدين جداً عن القيام بخدمة الكهنوت أمام الله" ويستكمل قائلاً: "إننا نستطيع أن نكون مستحقين للمذبح فقط بعد أن نصبح مستحقين للكنيسة، وأن نكون مستحقين للأسقفية بعد أن نصبح مستحقين للمذبح". يشير القديس غريغوريوس اللاهوتي أيضاً للشروط الرئيسية المطلوبة لكي يصبح المرء كاهناً ويضطلع بمهمة علاج المسيحين. ينبغي عليه إماتة حواسه، وتوجيه انتباهه إلي الداخل، وإقصاء نفسه بعيداً عن الجسد والعالم، بمعني أنه لا ينبغي عليه أن يقتني ذهناً دنيوياً أو شهوانياً. يتحقق ذلك من خلال الصلاة النوسية في القلب. ينبغي عليه أن يعيش بعيداً عن الأمور المنظورة، وأن يقتني خبرة ومعرفة، وأن يصبح مرآة نقية تعكس أشعة النور الإلهي. ينبغي عليه أن يعيش مع الملائكة. سوف أقتبس النص بكامله من القديس غريغوريوس اللاهوتي حيث أنه نص مميز جداً: "لأنه لا يبدو بالنسبة لي أنه يوجد أمر محبوب مثل غلق أبواب حواسي، والهروب من الجسد والعالم، منجمعاً داخل نفسي، بدون أية ارتباطات إضافية مع المسائل البشرية بخلاف ما هو ضروري جداً، ومتحدثاً إلي نفسي وإلي الله، والحياة فوق الأمور المنظورة، محافظاً باستمرار في ذاتي علي الانطباعات الإلهية طاهرة وغير مختلطة بالتذكارات المضلة التي لهذا العالم الحقير، والنمو المستمر لكي أصبح مرآة نقية لله وللأمور الإلهية، مضيفاً نوراً علي نور، موضحاً ما كان غامضاً، مستمتعاً بالفعل من خلال الرجاء ببركات العالم الآتي، مصاحباً الملائكة، حتي الآن وأنا علي الأرض متخلياً عنها، ومرتفعاً للعلو بالروح القدس. لو أن أياً منكم يكون مأخوذاً بهذا الحنين، فإنه يعرف ما أعنيه وسوف يتفهم مشاعري في هذا الوقت". هذا النص لاهوتي بشدة. إنه يطالب الكاهن أن يكون مكاناً لسكني الله الحي، وأن يصل للاتحاد بالله. يتفق ذلك مع تقليد الكنيسة بجملته، الذي يربط درجات الكهنوت بمراحل الحياة الروحية: التطهير، والاستنارة، والاتحاد بالله. يقدم القديس ديونيسيوس الأريوباغي هذا الارتباط ويحلله. إنه يربط الشموسية بالتطيهر، والكهنوت بالاستنارة، والأسقفية بالاتحاد بالله. يعلم القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً: "لا يقدر أحد أن يدخل المذبح ما لم يكن طاهر النفس والجسد في أصغر الأمور". التطهير والاستنارة هما الخاصيتان الأكثر تمييزاً لأولئك الذين يضطلعون بهذه المهمة العظيمة. هذا هو السبب الذي يجعل القديس يسأل: "كيف يمكن لأي شخص مازال ملتحفاً بظلمة هذا العالم وبثقل الجسد أن يضطلع بنقاوة بكل نوسه إلي هذا النوس الإلهي الشامل، ومن وسط الأمور المتغيرة والمنظورة أن يتحد بالثابت غير المنظور؟". إنه يكون ممكناً فقط بالنسبة "لمن هو قد تطهر إلي أقصي حد" أن يري نوعاً من صورة ما هو صالح. ينبغي علي الكاهن لكي يقيم القداس، ولكي يُحسب كمعالج أن يصبح أولاً ذبيحة لله ويقدم نفسه "كذبيحة حية مقدسة". ينبغي عليه اولاً أن يقدم لله "ذبيحة التسبيح وروحاً منسحقة"، وان يفعل بيديه أفعالاً مقدسة، وأن يري الخليقة بعينيه بوضوح، وأن يكتسب ويختبر تعليم الرب. ينبغي علي كل حواسه أن تُقدم لله، وأن تصبح أدوات لله، بحيث تستقبل وتتذوق قدراته. ينبغي عليه أن يتخلى تماماً عن الفساد بحيث يُبتَلَع تماماً من الحياة. ينبغي علي قلبه أن يلتهب بالنار بواسطة كلمة الله الإلهية التي ينبغي أن تُنقَش كنقش ثلاثي علي عرض قلبه". ينبغي عليه أن يكتسب نوس المسيح، وأن ينظر جمال الله، ويصبح هيكلاً حياً لله الحي، وأن يعبر من خلال العمل ومعاينة الله إلي كل قوي المسيح وألقابه. ينبغي عليه أن يُعَد بين بني إسرائيل، أي بين أولئك الذين رأوا مجد المسيح. علي كل حال، يعرف القديس غريغوريوس اللاهوتي أن العديد من الناس يضطلعون بهذه المسئولية بدون استعداد. إنه إذ يشير للعديد من الكهنة في وقته يقول: "إلا أنه لا يوجد فيما بيننا حد فاصل بين إعطاء التعليم واستقباله". بتعبير آخر، لا يوجد تمييز بين التعليم والتعلم، بالتالي نقوم بتدريب وعلاج الآخرين دون أن نكون قد تدربنا وشُفينا نحن أنفسنا. الوضع رديء لدرجة أن "أغلبنا، ولا أقول جميعنا، قبل أن نكون قد تخلصنا من تجاعيد شعرنا الطفولية ومن لعثمتنا، وقبل أن نكون قد دخلنا بيت الله"، وقبل أن نكون قد تطهرنا من تبجح نفوسنا، "وإذ تعلمنا قولين أو ثلاثة من أقوال الكتاب الأتقياء عن طريق السماع وليس عن طريق الدراسة" نصبح علي الفور حكماء ومعلمين ونأخذ دوراً روحياً رفيعاً. "إننا ننصب أنفسنا رجالاً للملكوت ونطلب أن نُدعي يا معلم. ما هو أكثر من ذلك هو "أننا نتضايق لو لم نُمَجَد بشدة". ولو حدث أن الناس لم يمدحوننا فإننا نكون متحفزين لأن نغضب. يظهر كل ما يقوله القديس غريغوريوس اللاهوتي بوضوح أن علم اللاهوت مرتبط بالأبوة الروحية. ينبغي علي الأب الروحي، الذي يريد أن يعالج الأمراض الروحية التي لأولاده الروحيين وأن يقودهم إلي معاينة الله، أن يكون لاهوتياً. بمعني أنه ينبغي عليه أن يعرف الله من خلال الخبرة الشخصية، بالإضافة إلي التعود علي الطريق والمنهج الذي يقود إلي الثايوريا. أيضاً، عندما يصبح شخص ما لاهوتياً، ليس بالمعني الأكاديمي ولكن بالمعني الكنسي أي برؤية الشخص لمجد الله، فإنه يصبح علي الدوام أباً روحياً لآخرين لأنه يصل بالناس إلي الولادة الجديدة. من الممكن ملاحظة الارتباط بين علم اللاهوت والأبوة الروحية في حالة موسي. علي حين أن كل الناس اقتربوا من جبل سيناء، بما فيهم هارون وأولاده والكهنة والشيوخ السبعين، "فإن الباقين أُمروا بالسجود بعيداً، وموسي وحده هو الذي سُمح له بالاقتراب، ولم يكن يُسمَح للشعب بالصعود معه. لأنه ليس كل أحد يستطيع الاقتراب من الله، لكن فقط الشخص الذي يستطيع المشاركة في مجد الله مثل موسي". موسي هو وحده الذي صعد الجبل لأنه كان قادراً علي معاينة مجد الله. لقد أُبقي الباقون بعيداً بأصوات البوق، والبرق، والرعود والظلام، "وبعد تطهير دقيق بالكاد سمعوا صوت الله". علي الرغم من أنهم هم أيضاً كانوا قد تطهروا، إلا أنهم سمعوا صوت الله فقط. لقد صعد موسي علي الجبل، وعاين مجد الله، وأصبح لاهوتياً وقائداً لشعب الله. يوضح ذلك أن معرفة الله تنتقل إلي الشعب من خلال أولئك الذين اتحدوا به، أي الذين رأوا الله. لقد رأي الأنبياء الله ثم بعد ذلك دُعوا لرعاية الشعب. لقد رفضوا هذه الدعوة في بعض الأحيان: "البعض خضعوا للدعوة، والبعض ترددوا في قبول الهبة". هارون كان متحمساً علي حين كان موسي متردداً. أشعياء أطاع، علي حين أن إرمياء خاف من كونه صغيراً جداً. لم يُلام الذين تراجعوا علي خجلهم، ولا الذين تحمسوا علي غيرتهم. اللاهوتيون، الذين دُعوا لصعود جبل سيناء وطور طابور وعاينوا مجد الله، هم في الواقع معالجون بكل معني الكلمة. إنهم يعرفون بالضبط ما هو المرض وما هي الصحة الجيدة، وكيفية قيادة الناس إلي معاينة الله. لا يمكن تصور وجود من يستطيع أن يكون لاهوتياً دون أن يكون أباً روحياً، أو أن يكون أباً روحياً دون أن يكون لاهوتياً. كما قلنا من قبل، يدخل الكثيرون الكهنوت ويمارسون هذه الخدمة دون استيفاء الشروط الرئيسية. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أنه يشعر الخجل من أولئك الذين يقتربون من الأسرار المقدسة علي الرغم من كونهم ليسوا أفضل من الآخرين، بل وقد يكونون أسوأ منهم، وقبل أن يكونوا مستحقين. "إنهم يطرحون الدعاوي علي المذبح، ويندفعون حول المائدة المقدسة"، ليس لأنهم يوقرون عمل الكهنوت، "لكن لأنهم يظنون أن هذه الوظيفة هي وسيلة للعيش، أو مصدر للسلطة المطلقة، بدلاً من كونها خدمة سوف يقدمون عنها حساباً". يصبح الكثيرون كهنة لاعتبارات مهنية، لأنهم طموحون لوظيفة عليا، ولا ينظرون للكهنوت علي أنه خدمة تحمل مسئوليات. علي كل حال، تقع علي الكهنة مسئولية علاج القطيع. يتنبأ القديس غريغوريوس اللاهوتي بمجيء وقت لن يكون فيه أحد يُقاد، لأن كل أحد سوف يُعلَّم ويتنبأ بدلاً من أن يكون متعلماً من الله. أعتقد أننا نعيش في هذا الوقت، فكل أحد يتصرف كمعلم ويوجد القليل من التلاميذ الذين يتدربون من أجل ملكوت الله. إلا أنه يوجد بعض الكهنة الذين يعرفون كيف يقودون الناس، أو كيف يعالجونهم. هذا هو السبب الذي يجعل أغلب المسيحيين الذين صُدموا بغياب المنهج العلاجي يقومون بتعليم قطعانهم دون أن يعرفوا حتي أنهم هم ذواتهم يحتاجون إلي الشفاء. يتكدس الناس لدي الأطباء النفسيين ويملئون العيادات النفسية لأنه لا يوجد معالجون حقيقيون. يعطي القديس غريغوريوس اللاهوتي وصفاً واقعياً للوضع الوضيع الموجود بين الرعاة ورعيتهم في عصره. سوف أقتبس بعض النقاط الرئيسية. أدي نقص العلاج والمعالجين لشعب الله إلي حالة يرثي لها. "إننا جميعنا نصبح أبراراً ببساطة بأن ندين عدم بر الآخرين". يدخل أولئك الأشخاص غير الطاهرين "الذين لم يكن يجب أن يسمح لهم حتي بدخول كنيسة الله" إلي أقدس الأماكن. نحن بدلاً من أن نفتح أبواب البر للجميع، نفتح الطريق "لاستغلال وإهانة بعضنا البعض". إننا لا ننظر لخطايا الآخرين لكي نحزن ولكن لكي ندين، "ليس لكي نعالجها ولكن لكي نجعلها أردأ"، ولكي نستعمل جراح الآخرين كحجة لأهوائنا الشخصية. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أننا نعيش في عصر حيث يكون الكاهن مثل الشعب. علي حين ينبغي علي الكهنة أن يكونوا قد حصلوا علي الشفاء لكي يكونوا قادرين علي علاج الآخرين، وينبغي أن يكون الشعب هم متلقو العلاج، إلا أنه "لا يوجد الآن فرق بين حالة الشعب وحالة الكاهن". ينطبق هنا القول: "الكاهن مثله مثل الشعب". أعتقد أن ملاحظات القديس غريغوريوس تلك تنطبق بالأكثر علي عصرنا هذا. ليس الكهنة فقط هم الجهال بالمعني الحقيقي للشفاء، لكن الشعب نفسه لا يطلب الشفاء. يريد الناس أن يروا الكنيسة منخرطة في العمل الاجتماعي، مقدمة المساهمات للمجتمع وللأسر المحتاجة. إنهم يريدون من الكهنة أن يجاهدوا من أجل العدل والسلام، وليس من أجل شفاء الأهواء. ينبغي علي الكاهن بالطبع أن يعمل هذا النوع من العمل، لكن ينبغي علينا أن نوضح أن هذه ليست مهمته الرئيسية. مهمته الرئيسية هي شفاء القلب، أي الإنسان الداخلي، لكي يعد الناس للوصول لله بمجرد تعافيهم، بحيث تكون معاينة الله بالنسبة لهم فردوساً وليس جحيماً. يستعمل القديس غريغوريوس مثال بولس الرسول لكي يظهر أن مهمة الكاهن الرئيسية هي مهمة علاجية. كان القديس بولس طبيباً عظيماً فعل كل ما بوسعه ليعالج المسيحيين. لقد واجهه العديد من الصعاب، والأسهار، والمتاعب، والاضطهادات، والسجون، والرجم، والضربات، والمخاطر، وتحطم السفن لكي يشفي الناس ويقودهم إلي عالم الإعلان الإلهي الرائع. بالإضافة إلي كل هذه التجارب، كان لديه أيضاً "رعاية كل الكنائس، والمحبة الأخوية، والتعاطف العالمي". لقد كان ضعيفاً للضعفاء وكان "يحترق" مع المتعثرين. من الصعب أن نعرف أي الأمور نُعجب بها أولاً في منهج القديس بولس. "أمانة تعليمه؟ أم طرق العلاج المختلفة التي يستعملها؟ أم لطفه المحب؟ أم حزمه من الجانب الآخر؟ أم الخليط من الأثنين بحكمة لا تجعل لطفه يضعف ولا شدته تسخط؟". استعمل بولس الرسول العديد من الطرق لعلاج الناس. فقد كان حازماً في بعض الأحيان، وليناً في أحيان أخري، وكان الأثنين في بعض الأحيان. لقد وضع قواعد للعبيد ولسادتهم، للرجال والنساء، للوالدين وللأبناء، للمتزوجين ولغير المتزوجين، للحكماء وللأميين، للمختونين ولغير المختونين. إنه يدعو البعض فرحه وإكليله، ويوبخ الآخرين علي غبائهم. في بعض الأحيان يحرم، وفي أحيان أخري يُمَّكن المحبة. "مرة يُحزن ومرة يُفَّرِح، مرة يُرضِع باللبن ومرة يلمح للأسرار، مرة يتنازل ومرة أخري يرفع إلي مستواه الخاص، مرة يهدد بالعصا ومرة أخري يقدم روح الوداعة". يقلد بولس الرسول المسيح في كل الأمور، وهذا ما يجعله معالج مثالي للناس. إنه يعالج بقوة وقدرة المسيح. "إنه يقلد المسيح الذي صار لعنة من أجلنا، والذي أخذ ضعفاتنا وحمل أسقامنا؛ أو لكي نستعمل مصطلحات أدق، فإنه مستعد، مثل المسيح، لأن يتحمل أي شيء حتي أن يصير كواحد من الذين هم بلا إله من أجلهم لو كان ذلك هو الطريق الوحيد لخلاصهم". لقد احتمل بولس الرسول كل شيء وكان مستعداً لأن يُحكم عليه هو من أجل الأخوة، لو كان ذلك سيساعد في خلاصهم. هذا هو عمل الراعي الصالح والطبيب الصالح. ينبغي علي المرء لكي يصل إلي مرحلة قول مثل هذه الكلمات العظيمة وتنفيذها عملياً، أن يقتني موارد روحية غنية متاحة. ينبغي عليه أن يكون قد عاين الله واقتني نوراً لكي ينير الظلمة المحيطة، بدلاً من أن يظلم بها. يتضح من كل ذلك أن الكهنوت هو علم علاجي والإكليروس هم معالجو الناس. إلا أنه ينبغي علي الكاهن لكي يمارس هذه الخدمة المجيدة أن يكون هو نفسه قد تعافي بقدر الإمكان، وإلا سيصبح ذئباً في قطيع الله بدلاً من أن يكون راعياً. 4- مناهج العلاج شفاء الناس هو علم في حد ذاته، وتوجد مناهج عديدة متنوعة يمكن استعمالها. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي كل ما هو مطلوب قوله في هذا الموضوع. من المهم بالنسبة للكاهن أن يكون واعياً بأهوائه وضعفاته الشخصية، وأن يعالجها. لكن ما هو أكثر أهمية هو "القدرة علي الشفاء والتطهير الماهر للآخرين"، بحيث يكون العلاج مفيداً بالنسبة لكل من أولئك الذين يحتاجون الشفاء وأولئك الذي يمارسون هذه الخدمة. أعتقد أنه من المطلوب التركيز علي عبارة "التطهير الماهر (العملي)". يحتاج شفاء الناس لمهارة؛ إذ ينبغي استعمال المناهج الصحيحة. يستكمل القديس غريغوريوس اللاهوتي حديثه قائلاً: "أي جهاد ينبغي علينا، وأية مهارة عظمي نحتاجها للعلاج، أو للتعافي ولتغيير الحياة، وتسليم الطين للروح". ينبغي علي العلاج أن يكون بمهارة وعلمياً لأن ظروف الناس تختلف. البعض متزوجون والبعض الآخر غير متزوجين. البعض يعيشون في الجماعات الرهبانية، والبعض متوحدون. البعض مختبرون ومتقدمون في معاينة الله، علي حين أن الآخرين مازالوا في الطريق. ينبغي أن يُعالجَ كل جسد بشري بطريقة مختلفة، وينطبق نفس الشيء علي النفس: "بالمثل أيضاً تُشفي النفوس بالتعليمات والعلاجات المتنوعة". يُشفي البعض بالكلمات، والبعض الآخر يستقيم حاله بالقدوة. البعض يحتاجون للتحفيز علي العمل، والبعض الآخر يحتاجون للكبح. البعض متراخٍ في الصلاح ويحتاج لأن يُستَحَث بالكلمات، والبعض الآخر متحمس بطريقة مبالغ فيها ويحتاج إلي الحد من حماسه. يُشفي البعض بالمديح، علي حين يُشفي الآخرون بالتوبيخ، لكن ينبغي استعمالها كليهما في الوقت المناسب. يُصلح البعض بالتشجيع، علي حين يُصلح الآخرون بالتأنيب. يوجد من هم "يحتاجون لملاحظة كل شيء حتي أدق التفاصيل"، علي حين يكون من الأفضل بالنسبة لآخرين أن يتجاهلوا بعض الأمور. "يُشفي البعض باللطف والتواضع". يستفيد البعض من الإحساس بالنصر، والبعض الآخر من الهزيمة. من المفيد للبعض أن يعيشوا "بغني وقوة"، علي حين يكون من المفيد بالنسبة للآخرين أن يعيشوا في فقر وشقاء. لا يعمل نفس العلاج في منهج العلاج الأرثوذكسي مع الجميع. "لقد أُظهر في منهجنا العلاجي أن نفس الدواء لا يكون علي الدوام مفيداً أو خطيراً بالنسبة لنفس المرضي". قد يكون نفس العلاج مفيداً وضاراً. قد يساعد نوع معين من العلاج فئة معينة من الناس، علي حين تحتاج فئة أخري شيئاً مختلفاً. ينبغي علي الكاهن أن يقتني فضيلة التمييز بحيث يعرف في كل حالة أي دواء يصف للشفاء. الذين يمشون علي الحبل قد يسقطون يميناً أو يساراً، وينطبق نفس الشيء علي المعالجين الروحيين. ينبغي علينا أن نسير علي طريق الملك، متوخين الحذر لئلا نميل عنه سواء يميناً أو يساراً". يتحدث القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً أنه توجد ثلاثة أمور رئيسية لو أردنا علاج وتطهير الناس بالطريقة الصحيحة. أولاً، نحتاج "إيماناً عظيماً كاملاً"، ثانياً "معونة عظمي من الله"، وثالثاً "عدم تخطيط من جهتنا سواء في كل من الكلام والأفعال". يحتاج أيضاً المعالج بالإضافة إلي الإيمان بمعونة الله إلي موارد لكي يضاد حيل إبليس، لأن إبليس ماهر وبارع في عمله. ينبغي عليه أن يتعرف علي حيل الشيطان بوجه عام وفي الحالات الخاصة، بحيث يستطيع مواجهتها بنجاح وقيادة الناس نحو الاتحاد بالله. يكون المسيحيون أيضاً في مراحل مختلفة من النمو الروحي. لا يزال البعض أطفالاً ويحتاجون للبن، لأنهم لا يستطيعون تناول "طعام الكلمة القوي". لو أعطاهم أحد طعاماً صلباً في هذا الوقت المبكر فإنهم سيشعرون بالضيق ويتثقلون. من ناحية أخري، يتضايق أولئك الذين يحتاجون "طعاماً أعلي وأكثر صلابة" لو أُعطوا لبناً للشرب ولو تغذوا علي الخضروات. ينبغي علي الكاهن أن يتعرف علي الأطفال الروحيين (أولئك المبتدئين في حياتهم الروحية) ويعرف كيف يطعمهم، لكن ينبغي أيضاً أن يغذي أولئك الذين وصلوا للرشد الموجودين في مراحل عليا من الحياة الروحية. ينبغي عليه لكي يعرف كيف يعالج ويقود أن تكون لديه خبرة شخصية بحقائق الكنيسة بالإضافة إلي التمييز، بحيث يستطيع تقديم الغذاء الصحيح للشخص الصحيح في الوقت الصحيح. يؤدي إعطاء الطعام الصلب للأطفال إلي قتلهم. من جهة أخري، يكون إعطاء اللبن للكاملين شبيهاً بخنقهم روحياً. يعلق القديس غريغوريوس اللاهوتي تعليقاً ممتازاً. إنه يُعلَّم أن الشفاء مرتبط بالإعلان المعطي من الله، والذي تحافظ عليه الكنيسة مثل حدقة عينها. إعلان الله كثالوث قدوس هو نتيجة شفاء الإنسان. عندما يُشفي شخص ما فإنه يتلقى الإعلان. إلا أنه في نفس الوقت يصبح هذا الإعلان الطريق الحقيقي الذي يقود للشفاء والشركة مع الله الثالوث. يكتب القديس قائلاً: "يتضمن ذلك خطراً كبيراً بالنسبة لأولئك المسئولين عن استنارة الآخرين، إذ قد يتجنبون ذلك بإختزال عقيدتهم إلي أقنوم واحد خوفاً من تعدد الآلهة، وبالتالي يتركوننا مع مجرد أسماء مفترضين أن الآب والابن والروح القدس هم أقنوم واحد، أو من الناحية الأخرى يقسمون الثالوث إلي ثلاثة "ضد الآلهة" مختلفين في الطبيعة، غير منظمين وفوضويين. هكذا يسقطون من أقصي التطرف إلي خط مساوٍ في الخطورة، مثل الشجرة المشوهة التي تميل بعيداً في الاتجاه المضاد". من المهم أن القديس غريغوريوس اللاهوتي إذ يتحدث عن الشفاء يذكر أيضاً عقيدة الثالوث القدوس. لو لم نقبل هذه الحقيقة، التي هي نتيجة الشفاء، فلن نستطيع التعافي. ليس الشفاء أخلاقياً لكنه لاهوتي. إنه غير مستقل عن العقيدة، لكنه يعتمد علي إعلان الله. يتضح ذلك من حقيقة أنه، بمجرد أن يتأثر علم اللاهوت، يتغير العلاج أيضاً. المنهج العلاجي، الذي هو طريق الإيمان الأرثوذكسي الذي يقود خلال التطهير والاستنارة والاتحاد بالله، هو أساس كل حقائق أو عقائد الإيمان. بالتالي، يكون المجمع الذي انعقد في أيام القديس غريغوريوس بالاماس والذي ناقش الهدوئية وكيفية اختبار الله، الأساس لكل المجامع ولكل عقائد الإيمان. يتكلم القديس غريغوريوس اللاهوتي عن الأمراض اللاهوتية. أحد هذه الأمراض هو الهرطقة، لأنها لا تقود الناس نحو معاينة النور غير المخلوق وتبقي علي نوسهم في ظلام دائم. هذا هو السبب الذي جعل الآباء القديسين يجاهدون للحفاظ علي العقيدة، لأنه عندما تتم المحافظة علي إعلان الله يُحفظ أيضاً المدخل الصحيح للشفاء. لو كنا نؤمن أن المسيح هو كائن مخلوق، فإننا لا نستطيع أن نخلص. ينطبق نفس الشيء علي كل عقائد الإيمان. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "توجد ثلاثة أمراض في أيامنا من جهة علم اللاهوت: الإلحاد، والتهود، وتعدد الآلهة. لقد تبني سابيليوس الليبي الإلحاد، وآريوس السكندري التهود، والبعض من "الفوق أرثوذكسيين" الموجودين بيننا تعدد الآلهة. أمراض علم اللاهوت هي الإلحاد والتهود وتعدد الآلهة، لكنها تنشر بواسطة أشخاص يعيشون داخل الكنيسة. لا يستطيع الهراطقة، بمعني أن لاهوتهم خاطئ وغير سليم، أن يكونوا أعضاء حقيقيين في جسد المسيح، وبالتالي لا يستطيعون الوصول للخلاص. تنبذ الكنيسة الهراطقة لأن مرضهم اللاهوتي يظهر أنهم قطعوا أنفسهم من الكنيسة. إنهم يظهرون بوضوح مرضهم الروحي. يرتبط علم اللاهوت بالصحة الجيدة والموجود للحصول علي الشفاء. إنه، قبل كل شيء، علم علاجي. هذا هو السبب الذي جعلنا نقول فيما سبق أن كون المرء لاهوتياً يعني كونه أباً روحياً، وكونه أباً روحياً يعني كونه لاهوتياً. يرعي الكهنة الشعب بحسب علم اللاهوت، ويكون تعليمهم اللاهوتي رعائياً ومعالجاً. 5- رفض الكهنوت وقبوله وضع القديس غريغوريوس اللاهوتي هذه النظرية الشاملة عن الكهنوت كعلم علاجي وعن الكاهن كمعالج لكي يدافع عن هروبه إلي بنطس. كما ذكرنا من قبل، هرب القديس غريغوريوس إلي بنطس بعد رسامته كاهناً وعندما عاد ألقي هذه العظة. سوف نتناول هنا هروبه وعودته بتفاصيل أكثر. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أنه كان مدعواً للكهنوت في عمر مبكر وأنه قُدِم كعطية الله من رحم أمه. "وعلي الرغم من أنني دُعيت منذ شبابي، قد يكون ذلك أمراً غير معلوم بالنسبة لأغلب الناس، وكنت قد أُلقيت عليه من الرحم، وقُدِمت بوعد من أمي، وبعد ذلك تم تثبيتي في ساعة الخطر"، و "في نفس الوقت نما حنيني الشخصي". علي الرغم من ذلك، شعر القديس بأنه كان ضعيفاً جداً علي هذه الحرب. بالتالي يقول هو نفسه: "هربت، مختبئاً في خجل، وجلست وحدي، لأنني كنت مملوءاً مرارة وطلبت الصمت فاهماً أنه زمان شرير". إذ قرأ القديس العهد القديم، رأي كلمات الأنبياء عن رعاية قطيع البشر والمواهب التي يحتاجها من يتولى هذه الرسالة التي تحمل مسئولية. بالتالي، كانت كلمات الأنبياء التي قام بوضع قائمة بها عائقاً أمامه. لقد كان يعرف أنه لن يكون كما كان يريد الله من كهنته أن يكونوا. لم يكن قد أصبح مكاناً لسكني الله وهيكلاً للروح القدس، ولم تكن لديه تلك المؤهلات الأساسية. يوجد سبب آخر وهو محبته للهدوء، الذي من خلاله يلمس المرء الله، أو بتعبير أدق، يصبح هيكل الله. إنه يكتب قائلاً: "ثم أتي عليّ اشتياق غيور لبركات الهدوء والعزلة، الذي افتتنت به في البداية بدرجة كبيرة كما أظن أكثر من أي دارس للرسائل....". لقد أراد أن يميت حواسه، وأن يبتعد عن الجسد والعالم، وأن يتحدث مع الله، وأن يصبح مرآة نقية، "مضيفاً نوراً علي نور". إنه يقول أيضاً أنه لو أن أحداً لديه هذا الاشتياق القوي، فإنه سيفهم ما يعنيه وسوف يسامحه علي رغبته العظيمة. إنه يكتب قائلاً: "لو أن أحدكم قد أُخِذ بهذا الاشتياق، فإنه يعرف ما أعنيه وسوف يتعاطف مع مشاعري في هذا الوقت". لقد رأي الهدوء، بكل معني الكلمة، كشرط رئيسي للوصول لله. في النهاية أطاع الله وعاد. إنه يصف الصراع الذي دار داخله والأفكار التي اختبرها. لقد كان قلقاً من أمرين يخيفانه: الخوف من وظيفة الكهنوت والخوف من عدم الطاعة. في البداية كان مغلوباً من الخوف من الوظيفة الكهنوتية، ومن الاقتراب من المذبح المقدس دون أن يكون مستحقاً لذلك، بالإضافة إلي الخوف من عدم الطاعة. إلا أنه بينما كان متذبذباً بين الاثنين، غُلب من الخوف الأقوى الذي هو الخوف من عدم الطاعة. "إذ ملت أولاً في هذا الاتجاه ثم في ذلك، خضعت أخيراً للأقوى، وغلبني الخوف من عدم الطاعة وفاز بي". إنه يكتب في بداية العظة أنه غُلب علي أمره واعترف بالهزيمة قائلاً: "لقد غُلبت، واقتنيت هزيمتي. لقد أخضعت نفسي للرب وصليت إليه". إنه يبرر هذه الهزيمة بأن يشير إلي الأسباب التي جعلته يعود. كان السبب الأول محبته لأولئك الذين أحبوه. "اشتياقي إليكم، والشعور باشتياقكم لي، جعلني أكثر من أي أمر آخر أعود، لأنه لا يوجد ما يجعلنا ننحني بهذه الشدة للمحبة مثل المحبة المتبادلة". كان سببه الثاني هو قلقه علي أبيه وعلي أمه التقية وواجبه من نحوهما: "كبر سن وضعف أبواي القديسين". إنه يشير إلي أبيه بوصفه إبراهيم أبي الآباء وأنه شخص ينبغي أن يُكرم. "إبراهيم أبو الآباء ذلك... وسارة اللذين تألما في ولادتي الروحية بتربيتي في الإيمان". السبب الثالث والأهم هو ما حدث مع اليونان. لقد هرب من حضرة الرب، لكن الرب أراد منه أن يكرز بالتوبة. يعطي القديس غريغوريوس اللاهوتي تعليقاً مميزاً، أري أنه ينبغي أن يتولد في ذهن كل المرشحين للكهنوت وأولئك الذين يمارسون هذا السر العظيم. "لاحظ كيف أنني قمت بدقة بعمل الاتزان بين المخاوف، لا اشتهاء وظيفة لم تُمنح لي، ولا رفض وظيفة ممنوحة لي". بتعبير آخر، ينبغي علي الشخص ألا يطلب القيادة الرعوية ما لم تُعطَ له، لكن لا ينبغي عليه أيضاً أن يرفضها عندما تُقدم له. تظهر هذه النقطة النضج الروحي الذي للقديس غريغوريوس. يختم القديس بعبارة شخصية مؤثرة يوجهها للرعاة، وللقطيع، ولأبيه الشخصي. سوف أوردها هنا كاملة: "ها أنذا يا رعاتي وزملائي الرعاة، ها أنذا أيها القطيع المقدس المستحق للمسيح الذي هو رئيس الرعاة، ها أنذا يا أبي، مستسلماً بالكلية وخاضعاً لكم بحسب قوانين المسيح وليس بحسب قوانين الأرض: هنا طاعتي، فكافئوها ببركتكم. قودوني بصلواتكم، وارشدوني بكلماتكم، وثبتوني بروحكم. بركة الأب ثبتت بيت الأبناء، لعلني أثبت أنا وهذا البيت الروحي، البيت الذي اخترته، والذي أصلي أن يكون راحتي للأبد، عندما أعبر من الكنيسة هنا إلي الكنيسة هناك، التي هي الاجتماع العام للأبكار المكتوبين في السماء". علي الرغم من أن القديس غريغوريوس اللاهوتي كان قد قَبِل مهمة رعاية القطيع، إلا أنه مازال يطلب بركة وإرشاد أبيه الروحي، أسقفه الذي كان أيضاً أبيه بالجسد. الطريق طويل جداً علي أي أحد لكي يعبره وحده. الضمان هو أن الكاهن كمعالج يستطيع النجاح في مجهوداته لو خضع للأسقف ولكل تقليد كنيستنا، ولو كان لديه مرشداً روحياً. يحدد المقدار الذي اشترك فيه الكاهن في المنهج العلاجي المقدار الذي يستطيع به أن يطبقه علي الآخرين. يظهر هذا التحليل لعظة القديس غريغوريوس اللاهوتي أن الكهنوت هو أولاً وقبل كل شيء علم علاجي، وأن الكاهن هو معالج لشعب الله. الكنيسة هي مستشفى روحي. تماماً مثلما يكون اهتمام الأطباء الرئيسي في المستشفى هو علاج الناس وليس حل المشاكل الاجتماعية والسياسية والأسرية، هكذا مهمة الكاهن في مستشفى الكنيسة الروحي هي علاج المرضي، وإحضار نوسهم الميت إلي الحياة. سوف يتم التغلب علي كل المسائل الأخرى (الاجتماعية، أو المنزلية، أو الزوجية، أو الاقتصادية) من خلال علاج وشفاء النوس الميت. هذا هو عمل الكاهن الرئيسي، وخصوصاً الأسقف. توجد بالطبع أعمال إنسانية ينبغي عملها أيضاً، لكن لا ينبغي إغفال المهمة الروحية الخاصة بعلاج النوس المجروح، والمريض، والميت. مجداً للثالوث القدوس |
|