إيمان فتاة صغيرة
" كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه" (متى 21: 22)
كان في الحادية عشر من عمره، وفي يوم شديد البرودة سار الصبي في شوارع المدينة ممسكاً بيد شقيقته التي لم تتجاوز الثامنة، وهما يعانيان من فقر مدقع تدل عليهما ثيابهما الرثة، ومع ذلك فقد كانا نظيفين وشكلهما العام يدل على تربية منزلية حسنة. ولما دخلا بيتهما المتواضع في أحد الأزقة. اقترب شارلي من فراش أمه التي سألته قائلة: ألم تنجح في الحصول على عمل؟
لا يا أمي، وقد قطعنا أنا وأختي دوت شوارع المدينة بحثاً عن عمل لكن بدون جدوى. والنتيجة يجب علينا أن نتسول أو نهلك جوعاً. والراعي في الكنيسة يقول: "ارم خبزك على وجه المياه" فقلت في نفسي أن الأفضل إعطاء الخبز لأناس فقراء نظيرنا، لا أن نرميه على وجه الماء.
فقالت له أمه: " إنك لم تفهم المقصود يا شارلي " وهنا قاطعتها ابنتها دوت الصغيرة قائلة "ماما ... هل يعني ذلك أن الرغيف إذا رميناه في المياه يعود إلينا رغيفاً أكبر".
نعم يا عزيزتي. يعني أن الذي نعطيه للرب يرده لنا ثانية مئة ضعف.
وفي المساء صنع شارلي فنجاناً من الشاي لأمه، وكان آخر ما عندهم. وبعد أن أكل كل منهم قطعة من الخبز، بقي لديهم كسرة صغيرة في الدولاب ذهبت دوت وأخذتها، وخرجت وكانت أمها نائمة. ولم تكن تعرف أين تجد المياه، فسألت سيداً مارّاً بجانبها: من فضلك، أين يمكنني أن أجد مياه كثيرة ؟
فأجاب: هل تعنين النهر يا عزيزتي ؟ قالت دوت: نعم يا سيدي لأنه يجب عليّ أن ارمي الخبز في المياه أولاً ثم يعود إلينا أكثر. واستمرت في سيرها.
أما السيد، فمن فضوله تبع الفتاة الصغيرة وسار وراءها على مسافة قصيرة.
وصلت إلى النهر. ثم أخذت كسرة الخبز وصلّت قائلة: يارب هذا كل ما نملك من الخبز، فإن كانت المئة القطعة التي ستردها ستطول مدتها، فأرسل شيئاً من النقود إلى شارلي ليشتري لنا خبزاً أو جد له عملاً، أرسلهم يا رب إلى منزل دوت هورن في حارة توماس. لأجل خاطر يسوع . آمين" ثم رمت كسرة الخبز على المياه.
مسح الرجل الدموع، وتبع الصغيرة حيث قابلت شقيقها شارلي وكان يبحث عنها بالقرب من المنزل. وبينما كانت بين ذراعي والدتها، أجابت دوت رداً على استفهام أمها أين كانت. أما والدتها فقد تأثرت وفاضت الدموع من مقلتيها إلى وجنتيها، ولم يسمح لها قلبها بتأنيب الفتاة لأجل إيمانها البسيط .
وفيما كان شارلي يشعل المصباح ليجلس بالقرب من السرير ويبدأ في قراءة الأجزاء اليومية من الكتاب المقدس قبل النوم، سمع قرعاً على الباب، ثم دخل رجل إلى البيت ووضع كيساً كبيراً على الأرض وخطاباً، وخرج بدون أن يتفوه بكلمة واحدة. وخرج شارلي إلى الباب للبحث عن الرجل فلم يراه أو يجد له أثراً. نظر إلى الكيس وفحصه فرأى عليه بطاقة مكتوب عليها "إلى دوت هورن، خبزها المرتد لها من المياه". ولما فتحوا الكيس وجدوا خبزاً ودجاجة ، وكمية كبيرة من أنواع البقالة وكيساً من الدقيق. فتناول شارلي الرسالة ووجدها معنونة باسمه " إلى السيد شارلي هورن" لقد عينتكم مخازن جون لينوكس وشركاه ساعياً للبريد الخاص بالشركة.
كان هناك شكراً حاراً لله في تلك الليلة، أما ذلك السيد الذي تبع دوت فقد جمع المعلومات الكافية عن العائلة من الجيران ووضع في قلبه أن هذا الإيمان العظيم يجب أن لا يبقى بدون مجازاة.
والآن... أصبح شارلي على مرور السنين شريكاً في المؤسسة. ووالدته استردت صحتها وتعافت. وكلاهما ينسبان نجاحهما إلى إيمان دوت الصغيرة.