اهمية سفر المزاميروشموليته لكل عناصر الصلاة المزامير في الكنيسة المقدسة اهمية سفر المزامير وشموليته لكل عناصر الصلاة المزامير لها أهمية كبيرة في الكنيسة المقدسة. وكتاب المزامير هو أشهر كتب الصلاة. هو شعر وموسيقى وعواطف وانفعالات واشتياقات روحية وصلوات وابتهالات. هو نماذج حيَّة عملية للتخاطب مع الله. ومنذ زمن قديم كانت المزامير تصلى بطريقة الغناء بنغمات موسيقية، كل مزمور له لحن خاص به. ونجد مثل هذا في التسبحة، فالهوس الثاني والثالث والرابع تقال بالألحان، فهي مزامير ملحنة. وكان هذا هو ما يحدث في العهد القديم أيضًا فنسمع في (1أي5:23) أن هناك 4000 مغني في الهيكل يسبحون الله بآلاتهم الموسيقية منهم فرقة أساف. فكان بيت الله مملوء غناء وتسابيح. وكثير من الآلات الموسيقية مذكورة في المزامير مثل العود والقيثارة وذوات الأوتار والمزمار... (مز 150). وبيت الله نجده مملوء فرحًا. وهكذا سمعنا بعد الخروج مريم أخت موسى وهرون تمسك الدف وتغني ورائها فرق من الفتيات. وهذا ما كرره بولس الرسول "مكلمين بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح.. (اف19:5 + 1كو26:14 + كو16:3). فاستعمال المزامير قديم جدًا منذ العهد القديم واستعملوها الرسل وواظبت الكنيسة على استخدامها، ودائمًا يسبق قراءة كل إنجيل قراءة مزمور، بل في أسبوع الآلام لا نقرأ من العهد القديم سوى المزامير فقط. وكثير من الألحان مأخوذة من المزامير. وكان المسيحي في ذهابه للكنيسة يرتل مزمور "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" بدلًا من أن يفكر في مشاكله وفي الدنيويات. وإذا دخل الكنيسة يقول مساكنك محبوبة.. وأمام الهيكل يقول "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك.. " هو يهيئ نفسه وذهنه للصلاة بدلًا من دوامة العالم حتى لا يشرد ذهنه في مشاكل العالم فلا يستطيع الصلاة. والكنيسة تصلي في شهر كيهك المزمور الكبير وهو تجميع لغالبية الآيات التي تشير للعذراء ولعيد الميلاد. وفي عيد الغطاس المزمور الكبير كله يكون عن الماء. وفي صلاة الأجبية نستعمل 77 مزمور منهم المزمور الكبير الذي هو على حسب الحروف الأبجدية العبرية (22 حرفًا) وكل مزمور أو قطعة منه عبارة عن 8 آيات (وهم 75 مزمور بحسب طبعة بيروت) وبعض الطوائف البروتستانتية لا تصلي المزامير وبعضهم يصلون بها. وحتى من لا يصلي بها يستخدمها في التراتيل. فلا يوجد من يستغني عن المزامير. وكنيستنا في نهاية كل قداس تصلي المزمور ال150 أثناء التوزيع. ولأهمية المزامير وشهرتها قسم المسيح العهد القديم وقال "موسى والمزامير والأنبياء" (لو44:24). وكثيرًا ما استعمل المسيح والرسل آيات من المزامير. بل وهو على الصليب قال إلهي إلهي لماذا تركتني وهي الآية الأولى من مزمور 22. المزامير تستخدم في إخراج الشياطين بدأ داود الشاعر بفطرته والروحاني في طبيعته يرتل مزاميره وهو راعي صغير وكان موسيقار يضرب على العود والمزمار. وحين كان الملك شاول تنتابه نوبات الجنون بسبب الروح الشرير كانوا يقولون إبحثوا عن رجل يحسن الضرب على العود فقالوا داود بن يسى، وأتوا به فكان يصلي مزاميره بترتيل فتخرج الشياطين؟ ومازالت المزامير مستخدمة حتى الآن في إخراج الشياطين. فالشياطين لا تحتمل المزامير. ونجد في بستان الرهبان أن أحد الرهبان يقول أنه لا يفهم المزامير فرد عليه آخر وقال له ولكن الشياطين تفهمها وتخاف منها. وأحد الأساقفة كان يقول للشيطان الذي يصعب عليه إخراجه "إذا لم تخرج سأصلي طوباهم أي المزمور الطويل (119) فكان الشيطان يخرج. المزامير كلها نبوات لذلك تقرأها الكنيسة في أسبوع الآلام فقط فهي مملوءة نبوات عن المسيح والكنيسة في أسبوع الآلام لا تصلي بالأجبية، بل تصلي مزامير ساعات البصخة فقط لأن كل مزمور يوافق الإنجيل الذي نقرأه في تلك الساعة، ويكون المزمور كنبوة عما نقرأه في الإنجيل. ولا نقرأ باقي المزامير لأنها نبوات عن أشياء أخرى. ونحن نعيش أسبوع الآلام بحسب حوادثه. من الذي كتب المزامير؟ تنسب المزامير لداود دائمًا أيًا كان المزمور. وهناك رأيان في هذا الموضوع: رأي يقول أن كل المزامير لداود ورأي آخر يقول أن داود وضع 73 مزمور وموسى وضع (90، 91)/ وسليمان (72، 127)/ وقورح وبنوه (11) مزمور/ وأساف (12) مزمور/ وهيمان (88)/ وإيثان (89). وهناك مزامير مجهول اسم واضعها. ومن يقول أن داود هو واضع كل المزامير يقول أن المزامير المجهولة كلها لداود ( والكتاب المقدس فعل هذا وقارن مز 2 مع اع 4 : 25) أما قورح وبنيه وأساف وهيمان وإيثان ما هم سوى مغنين فقط وليس واضعون. ومن يقول العكس يتساءل وكيف يقول داود "على أنهار بابل.. ثم كيف يقول رضيت يا رب عن أرضك.. وهما يتكلمان عن الذهاب للسبي والعودة من السبي. ومن يقول أن داود واضع كل المزامير يرد بأن داود يتنبأ كما في (مز 22) عمومًا فكل المزامير تنسب لداود فهو واضع معظم المزامير. ويسمى إمام المغنين. قد يكون إمام المغنين هو قائد فرقة الإنشاد في الهيكل ومن ضمن من نسب كل المزامير لداود القديس أغسطينوس. ونجد في المزامير مقدمات فيها اسم كاتبها والمناسبة التي قيلت فيها والآلة المستعملة. كيف كتبت المزامير؟ هل المزامير كانت كلام داود لله؟، أو كان الله يكلم داود؟ "الكتاب كله موحي به من الله". لقد كان داود يكلم الله بكلام وضعه الله على فم داود. فهناك صلوات لا توافق مشيئة الله "تصلون ولا تستجابون لأنكم تصلون رديًا" إذًا جمال صلوات المزامير أنها صلوات توافق مشيئة الله. كان داود يعزف على العود وكان الروح القدس يعزف على داود وبهذا خرجت هذه المزامير الجميلة. ولذلك قال داود "لساني قلم كاتب ماهر" لأن الروح كان يملي وداود كان يكتب على المزمار والقيثار والعشرة الأوتار. ولذلك سمى داود مرنم إسرائيل الحلو (2صم1:23) والمزامير بدأ كصلوات وتأملات بالنسبة لداود كفرد ثم تطورت وأصبحت صلوات عامة للناس. وكون داود فرقة خورس (كورال) من موسيقيين ومغنين بكل الآلات ليصلوا بها في الهيكل فصارت صلوات عامة. وهذه المزامير هي أعمق صلوات وانتقلت من جيل إلى جيل. المزامير تشمل كل عناصر الصلاة 1. اللجوء إلى الله في الضيقة داود في كل ضيقته كانت تعزيته في المزامير. وكلمات اشتدت عليه الضيقة يحتمي في مزمور "كثيرًا ما حاربوني منذ صباي ولم يقدروا عليّ" هم لم يقدروا عليه لأنه كان يحتمي بالله ويصلي مزاميره. وهو صلى مزاميره هذه في عمق آلامه. ومن هو في ضيقة ويصلي لله بنفس طريقة داود وبكلمات داود فمن المؤكد سيجد تعزية. فالمزامير تعلمنا أسلوب الحب والشوق والعتاب مع الله، تعلمنا أسلوب الكلام مع الله. وهي تعلمنا كيف نصلي لله بكلام الله. وكيف ننال فضيلة الرجاء وسط الضيقة. فالمؤمن يشعر بوجود الله وسط الضيقة وغير المؤمن يشعر بتخلي الله عنه. ومن يصلي بالمزامير يقول مع داود في ضيقته "يا رب لماذا كثر الذين يحزنونني.." (الأعداء قد يكونوا أشخاص يضطهدونني أو خطايا وشهوات تحاربني) ثم يكمل مع داود نفس المزمور أنت يا رب ناصري مجدي ورافع رأسي. فيشعر بوجود الله. ومن لا يشعر بوجود الله في ضيقته يسقط في التذمر والكآبة واليأس بل قد يشعر بأنه لا فائدة من الحياة مع الله، بل يقود للتجديف وأن الله غير متحنن وهو ليس ضابط للكل. أما من يصلي مع داود فيشعر أن الضيقة موجودة لكن ربنا موجود والخلاص موجود ولو تأخر. بل أن داود في ضيقته كان يرى الخلاص قبل أن يأتي فيشكر لأن الله استجاب ولم تكن الاستجابة قد حدثت بعد، ولكنه يراها بعين الإيمان والرجاء وبخبرته التي رأي فيها خلاص الله مرارًا. بل في ثقته في خلاص الرب يقول "أنا أضطجعت ونمت" وهو في وسط الضيقة. ولغة الرجاء تملأ المزامير وأن الله لن يترك البائسين ولا المتضايقين. بل نجد نصف المزمور الأول فيه يشكو داود ونجد النصف الآخر ابتهاج وتسبيح على خلاص الله "إلى متى يا رب تنساني.. أسبح الرب المحسن إليَّ " هذه هي لغة الرجاء التي نتعلمها من المزامير فنتعزى في ضيقاتنا، ومن يصلي مع داود لا تسيطر عليه الكآبة في الضيقات. هناك من يضع الضيقة بينه وبين الله فيتزعزع، وهناك من يتعلم من داود أن يضع الله بينه وبين الضيقة فيكون له رجاء وتختفي الضيقة. مزامير داود لو ترجمت لأي لغة تظل محتفظة بجمالها، فجمالها ليس في الشعر والقافية بل في المعاني والروح. فالمزامير لحن جميل يقرأها الإنسان فينسى ضيقاته. ضع خط أسود على كلمات الضيقة في الأجبية وضع خط أحمر على كلمات المعونة فتجد أن داود لا يسمح للضيقة بأن تنفرد به بل يمسك دائمًا برجائه بالله. 2. المزامير فيها تعليم. المزامير تعطي تعاليمًا كثيرة لمن يصليها فمثلًا: أ- يا رب بالغداة تسمع صوتي (أي في الصباح الباكر).. يا الله إلهي إليك أبكر هذا التعليم يعطي روح التبكير في الصلاة ويوبخ من يصلي متأخرًا. ب- أن يقول داود أنه يسبح الله سبع مرات يوميًا وأن يقول كنت أذكرك على فراشي فهذا التعليم يعلمنا أن نذكر الله دائمًا حتى على فراش نومنا. مثال آخر محبوب يا رب هو اسمك فهو طول النهار تلاوتي. فهذا يعطي فكرة عن التصاق القلب بالله طول النهار. هذه مثل صلوا بلا انقطاع.. هذا تعليم العهد الجديد. ت- عطشت نفسي إليك كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه تعطي تعليمًا عن وجوب اشتياق القلب للصلاة وتبكيت للقلب إذا كان هناك تراخي. ث- داود الملك الذي يملك كل شيء وله قصره يتكلم عن بيت الله باشتياق ويقول واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب واتفرس في هيكله المقدس ويقول مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب. هذا يعطينا تعليمًا كيف يجب أن نشتاق ونحب الذهاب لبيت الرب وللأديرة. بل نسمع عن الاحترام والخوف حين يدخل مساكن الرب فيقول "بكثرة رحمتك أدخل بيتك.. أي أنا غير مستحق للدخول لولا رحمتك. ويقول أمام الملائكة أرتل لك وأسجد قدام هيكل قدسك.. ويقصد أنه يرى أن بيت الله مملوءًا بالملائكة وهو يدخل ليسجد في وسطهم. هو شاعر أن البيت مملوء ملائكة. فهناك ملائكة للبيت والملائكة الحالة حول خائفي الله والملاك الحارس لكل واحد وهذا يعطي هيبة وخشوع. فهل نقف بتراخي أمام من تخشع له الملائكة. ج- حين يقول ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية أمامك يعلمنا أن نرفع أيدينا في الصلاة. ويكون ذلك على شكل الصليب.. في الليالي إرفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الرب. ح- أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك. تعلمنا ضرورة التوبة والنقاوة قبل أن نأتي للعبادة في بيت الرب. خ- حين يقول هوذا ما أحسن وما أحلى أن يسكن الإخوة معًا يعلمنا أن نجتمع في حب لنقدم عبادة جماعية. 3. المزامير تعلمنا كيف نطلب الله. حين يقول من الأعماق صرخت إليك يا رب.. نرى أنه يجب أن نطلب الله في عمق الضيقة، عمق الخطية. والمزامير تعلمنا كيف نطلب وماذا نطلب. وكيف نهتم بالطلبات الروحية. وكيف نطلب مجد الله. 4. المزامير تعلم حياة الشكر. المزامير تعلمنا الاعتراف بجميل الله والتغني بإحسانات الله وجوده وكرمه. 5. المزامير تعلمنا حياة التسبيح. فهناك مزامير كثيرة كلها تسابيح بلا أي طلب. هو يصلي لا ليطلب بل ليسبح. الله بالنسبة له هنا ليس وسيلة إنما غاية. هو يريد الله نفسه "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها. هو لا يطلب بل يتأمل في الله. وكأنه يقول "أنت غايتي وأنت كفايتي وكفي. ونراه يقول مستعد قلبي يا الله مستعد قلبي أسبح وأرتل في تمجيدي استيقظ يا مجدي استيقظ يا مزمار.. هو يطلب من كل شيء أن يستيقظ لكي يقف أمام الله ويعترف له. هو يريد أن يصحو باكرًا وتصحو معه كل الخليقة لتسبح ويصحو معه المزمار والعشرة الأوتار ليعترف للرب بجميله عليه بل داود في جمال تسابيحه يرى الطبيعة كلها تسبح الله.. الفلك والسموات والشمس والقمر والنجوم والأيام والجبال والزهور.. الخليقة كلها هي سيمفونية رائعة ونراه يقول أن الرياح صانعة كلمته. بل هو يطلب من الملائكة أن يسبحوا الله. (مز103) فيقول باركوا الرب يا جميع ملائكته يا جميع جنوده. هو في فرحه بالرب يطلب أن يسبح كل أحد وكل شيء الرب. لم يوجد في البشر من أحسن تسبيح الرب مثل داود. بل هو بعد أن يشبع تسبيح يقول سبحوا الرب تسبيحًا جديدًا.. أي كل يوم قولوا تسبحة جديدة. بل هو يتغنى بناموس الرب وشريعته وكيف هو كامل. هل بدون المزامير ستكون لنا هذه الإمكانية أن نسبح الرب هكذا مثل داود. 6. المزامير تعلم حياة التسليم. فهو لا يعتمد على فهمه وحكمته بل يطلب من الله أن يقوده ويرشده "علمني يا رب طرقك" "إهدني في سبيل مستقيم" هو يطلب إرشاد روح الله القدوس أن يقوده ليكن طريقه مستقيمًا." فهناك طريق تبدو للإنسان مستقيمة وأخرها طرق الموت" (أم12:14). فالذين بلا مرشد يسقطون كورق الشجر. فالمزامير تعلمنا كيف نصلي. 7. المزامير تعلم حياة الانسحاق ولأهمية حياة الانسحاق تعلمنا الكنيسة أنه في بداية كل صلاة نصلي صلاة الشكر ثم المزمور الخمسين "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك" هنا يقف الإنسان كمذنب أمام الله يطلب الرحمة كمحكوم عليه.. كثرة رأفاتك تمحو إثمي.. لك وحدك أخطأت وأحزنت قلبك وتجاهلت إحساناتك.. فالخطية أي خطية هي موجهة لله لذلك نخاف. ولأن الخطية قذارة يقول اغسلني فأبيض.. فهو يعترف بقذارته وأنه محتاج للغسيل. خطيتي أمامي في كل حين. هذا هو حال النفس المنسحقة أما النفس المتكبرة فتنظر لخطايا الناس. وداود يقول خطيتي أمامي في كل حين بعد أن غفرت خطيته، فالصلاة بدون انسحاق هي صلاة متكبرة "إن نسينا خطايانا يذكرها الله لنا وإن ذكرنا خطايانا ينساها الله لنا". وهذا التعليم ضد الفرح الزائف الذي يبشر به البعض بأن الله غفر كل خطايانا وأننا خلصنا فهذا يقودنا للكبرياء، بل علينا كل حين أن نذكر خطايانا وننسحق ونبكي ونشعر باحتياجنا لله. نجني من الدماء يا الله.. هذه تجعلني أحاسب نفسي عن كل واحد أكون قد أعثرته ربما في أيام جهلي وأنسحق بالأكثر حتى لا يطالبني الله بدمه فأنا تبت لكن هم ربما لم يتوبوا بعد. أعوم كل ليلة سريري وبدموعي أبل فراشي هذه صورة داود أمام الله، أما أمام شعبه فهو داود القائد المنتصر الجبار الذي له الحرير والثياب الموشاة بالذهب والقوة والسلطة والسيف والدرع أما أمام الله فيجلس على التراب والرماد وعيناه تقطران دمعًا باستمرار.. دموعي في زق محفوظة عندك... فالدموع هي سلاح العاجز الذي لا يجد شيئًا يقوله لله، فأمام الله يستد كل فم.. في المساء يحل البكاء.. هذا أمام الله. وحين يقول "يا رب لا تبكتني بغضبك ولا تؤدبني بسخطك تكون عيناه على غضب الله يوم الدينونة، فهنا على الأرض هناك مجال للرحمة لذلك يصرخ ارحمني يا رب. أدبني هنا على الأرض حتى لا أضيع في يوم الدينونة. هل نصدق من يقول لنا إضحكوا وهللوا، هل نصدق هذا الغش، هل نفرح والشيطان مازال ينتصر علينا وعلى إخوتنا. حقًا "أمينة هي جراحات المحب وغاشة هي قبلات العدو" علينا أن نجاهد في حياة الروح بانسحاق حتى نكون من الفرحين في اليوم الأخير. لا مانع من مجاملة الناس في أفراحهم "فرحًا مع الفرحين" ولكن إذا خلونا مع أنفسنا نتذكر خطايانا ونبكي عليها بل نتذكر خطايا أخوتنا وسقوطهم وخطايا الجيل الذي نعيش فيه ونبكي طالبين رحمة الله. بل داود لا يذكر الخطايا الكبيرة فقط بل يقول الهفوات من يشعر بها والخطايا المستترة طهرني يا رب منها. ومعنى قول الكتاب بكآبة الوجه يصلح القلب أن نبكي في خلوتنا ولكن أمام الناس نبتسم ونفرح ولكن لا نكون مهذارين. إذا جلسنا مثل داود الآن في الرماد نسمع أن الله هو الذي يقيم المسكين من التراب ويرفع البائس من المزبلة. فلننسحق لأن داود يقول قريب هو الرب من المنسحقي القلب.. إليك يا رب رفعت عيني يا ساكن السماء فها هما مثل عيون العبيد.. هذا هو الانسحاق عند داود الذي يقف أمام الله يطلب المغفرة حتى لا يدخل الله في المحاكمة مع عبده..أن كنت يا رب للأثام راصدًا فمن يثبت.