12 - 05 - 2012, 02:30 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
حياة التواضع والوداعة 15
الذات سبب الكبرياءج
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
كيف نتخلص من الذات من الأنا... لكي نتخلص بذلك من الكبرياء
يمكننا أن نتخلص من سيطرة الذات بالأمور الآتية:
1- قهر الذات:
الصوم والعفة يدخلان في قهر الذات من جهة ضبط طلبات الجسد و,شهواته وهناك قهر آخر للذات من جهة شهوات النفس.
فقد تشتهي النفس حب الظهور وأن تعلن عن ذاتها وتسعي وراء العظمة وفي هذا كله ينبغي أن نقاومها وسعيد هو الإنسان الذي يراقب نفسه ويمنعها كلما تشرد وراء التنعمات العالمية ويقنعها بأن التنعم بالله أفضل.
إن مالت نفسك أو مال جسدك إلي متع هذا العالم أمنعهما بشدة لا قسوة عليهما وإنما ضمانا لأبديتك لأن الذي يدلل نفسه هنا يهلكها..
والذي يتراخي في ضبط ذاته تقوي ذاته عليه وتتمرد علي سلوكه الروحي بعكس الذي يدرب ذاته ويروضها في دروب الرب.
إن الوسيلة التي تبني بها ذاتك هي أن تقهر ذاتك وتغلبها لأنك بقهر الذات وغلبتها تصل إلي المجد الحقيقي للذات الذي هو غير المظاهر الخارجية من العظمة واللذة والشهرة ...كل هذه الأمور البرانية,بينما ينشد المرتل قائلا في المزمور كل مجد ابنة الملك من داخلمز45.
ثق أن في قهر الذات لذة روحية لاتعادلها كل ملاذ الجسد.
لذلك إن أردت أن تبني ذاتك اقهرها من جهة تطلعاتها الخارجية لكي تبنيها من الداخل وحينئذ تجدها في الله وتجد الله فيها وتبصرها صاعدة نحو الأبدية.
ومن هنا كان الزهد من وسائل علاج الأنا.
في الزهد تبني ذاتك-لا في هذا العالم الحاضر-إنما في العالم الآتي وكما كان يوسف الصديق يخزن قمحا للسنوات المقبلة كذلك أنت أخزن ما ينفعك يوم تقف أمام الديان العادل وكما خزنت العذاري الحكيمات زيتا لحين مجيء العريس مت25كذلك أخزن أنت زيتا من عمل الروح القدس فيك..
أقهر ذاتك في أمور العالم لأن العالم يبيد وشهوته معه1يو2:17.
إن أرادت نفسك أن تنتصر علي الغير اقهرها فالانتصار الحقيقي هو الانتصار علي الذات.
أما الغير:فبدلا من أن تنتصر عليهم اكسبهم لأن الكتاب يقول رابح النفوس حكيم أم11:30...إن الانتصار علي الناس سهل ولكن كسب الناس هو الذي يحتاج إلي مجهود إن كنت فيه تقهر ذاتك.
+ نقطة أخري في علاج الأنا وهي محبة الآخرين وخدمتهم.
محبة الآخرين وخدمتهم
اخرج من حبس ذاتك داخل نفسك إلي نطاق الآخرين.
يقول المزموراخرج من الحبس نفسيمز142:7وأي حبس هو أقوي من أن تحبس نفسك داخل هذه الأنا؟!اخرج منها إذن واندمج في العالم الخارجي مع الآخرين تحبهم وتخدمهم وتتعاون معهم.
قطعا,الشخص الذي يحب ذاته لاتهمه محبةالآخرين.
حاول إذن أن تخرج من التركيز علي الاهتمام بنفسك إلي الاهتمام بالآخرين وثق أنك ستجد في هذا لذة وسوف يبادلونك حبا بحب وتجد في محبتهم ما يشبع نفسك.
انتقل من مجال الأخذ إلي مجال العطاء.
تدرب علي أن تعطي الغير تعطيهم خدمة تعطيهم وقتا تعطيهم حبا وجهدا ومساعدة وإذا نما الإنسان في تدريب العطاء فإنه يعطي حتي نفسه وهذا أسمي ما يصل إليه في الانطلاق خارج الذات..
وإن كان من أخطاء الأنا:البخل,فالعلاج هو العطاء.
يتدرب علي اليد المفتوحة باستمرار الممدوة بالعطاء إلي الغير في سعة وفي رفق وحنان.شكرهم سوف يشبعه ومساعدتهم ستغير قلبه ,وتملأه بمشاعر نبيلة فيعطي أكثر ويزداد في خدمة الآخرين وفي إسعادهم.
ويتعود أن يتعب لأجل الآخرين.
لايهتم براحة نفسه إنما براحة غيره علي عكس الأناني الذي يجعل راحته علي تعب الآخرين وكلما ينمو في الاهتمام براحة الآخرين قد يصل إلي حياة التكريس لأن المكرس هو الذي حياته كلها لأجل الآخرين.
+ نقطة أخري في معالجة الأنا هي التواضع.
التواضع
الإنسان الذي يعيش في محبةالأنايهمه أن تكبر ذاته باستمرار وفي المقارنة يريدها إن تكون أعلي من غيره وعلاج ذلك أن يضع أمامه قول الرسول:مقدمين بعضكم بعضا في الكرامةرو12:10
وعن ذلك يقول الشيخ الروحانيفي كل موضع تحل فيه كن صغير إخوتك وخديمهمبل إن السيد الرب يقولإن أراد أحد أن يكون أولا فليكن آخر الكل وخادما للكلمر9:35وهكذا يمارس فضيلة المتكأ الأخير.
والمقصود بالمتكأ الأخير أن يكون الأخير لامن حيث المكان بل من حيث المكانة.
فلا تحسب نفسك أهم الموجودين في المكان الذي تحل فيه ولا أن رأيك هو أهم الآراد وقرارك هو أهم القرارات ومركزك هو الأهم!!!ولاتفكر في أنه ينبغي أن تكون أنت المطاع والمحترم بين الكل!
لاتعط لنفسك كرامة وتفرضها علي الآخرين إنما اترك الناس يكرمونك من أجل ما يرونه من تواضعك ووداعتك..لاترغم الناس علي احترامك فالاحترام شعور داخل القلب لايفرض بالإرغام إنما بالتقدير الشخصي.
قد ترغم إنسانا علي طاعتك ولكن لاتستطيع أن ترغمه علي احترامك.
وفي معاملاتك مع الناس كن نسيما لاعاصفة.
كثيرون يحبون صفة العاصفة لأنها تحمل معني القوة أما النسيم فيمثل الوداعة واللطف اللذين ينبغي أن يتصف بهما من ينكر ذاته وفي تواضعك لاتفضل نفسك علي غيرك علي أن يكون ذلك بعمق الحب وعمق الاتضاع وبغير رياء.
في اتضاعك قل أنا من أنا؟مجرد تراب ورماد.
بل قبل أن أكون ترابا كنت عدما.. خلق الله التراب قبلا مني ثم صنعني من هذا التراب...وهنا يختفي منك الاعتداد بالذات.
+ وفي اتضاعك أيضا تصل إلي فضيلة إدانة الذات
إدانة الذات
الإنسان المصاب بالأنا يكون باستمرار بارا في عيني نفسه.
إذا أخطأ لايعتذر لأنه يظن أنه علي حق ولم يخطيء وإذا حدث سوء تفاهم بينه وبين أحد من الناس لايذهب إليه ليصالحه لأنه يأمل أن طلب الصلح لابد أن يأتي من الطرف الآخر باعتبار أن الخطأ من ذلك وليس منه!
بل حتي مع الله قد لايعترف بأخطائه لأن ذاته تقنعه أنه لم يخطيء!
العلاج إذن أن يحاسب الإنسان نفسه بغير تحيز ويدينها.
يدين ذاته في داخل نفسه ويدينها أمام الله وأمام أب اعتراف ويدينها أمام الغير حينما يلزم ذلك.
يدينها في اتضاع ولا يجلب اللوم علي غيرها كما فعل أبونا آدم وأمنا حواءتك3 ولايبرر ذاته من جهة أسباب الخطأ وظروفه فكل دواعي التبرير سببها الذات وتمسكها ببرها الذاتي..
إن الإنسان الذي لايعكف علي تمجيد ذاته وتكبيرها بل يهدف باستمرار إلي تنقية ذاته مما يشوبها من أخطاء ونقائص...تراه يلوم نفسه ويدينها لأنه بهذا يمكنه تقويمها وتصحيح مسارها.
في إحدي المرات زار البابا ثاوفيلس منطقة القلالي وسأل الأب المرشد في ذلك الجبل عن الفضائل التي أتقنوها فأجابه:
صدقني يا أبي لايوجد أفضل من أن يأتي الإنسان بالملامة علي نفسه في كل شيء.
هذا هو الأسلوب الروحي الذي يسعي به الإنسان إلي تقويم ذاته:يأتي بالملامة علي نفسه وليس علي غيره وليس علي الظروف المحيطة وليس علي الله!!ظانا أن الله لم يقدم له المعونة اللازمة!
ليتنا ندين أنفسنا ههنا حتي ننجو من الدينونة في اليوم الأخير.
لأننا بإدانتنا لأنفسنا نقترب إلي التوبة وبالتوبة يغفر لنا الرب خطايانا أما الذي لايدين ذاته بسبب اعتزازه بهذه الذات فإنه يستمر في خطاياه ولايتغير إلي أفضل ويكون تحت الدينونة وصدق القديس الأنبا أنطونيوس حينما قال:
إن دنا أنفسنا رضي الديان عنا.
إن ذكرنا خطايانا ينساها لنا الله
وإن نسينا خطايانا يذكرها لنا الله.
كما أن إدانتنا لأنفسنا تساعدنا علي المصالحة بيننا وبين الناس يكفي أن يعتذر الشخص ويقول لأخيه لك حق أنا قد أخطأت في هذا الأمرلكي يضع بهذا حدا لغضب المساء إليه ويتم الصلح معه أما إذا استمر المخطيء في تبرير موقفه فإن الخصم يشتد بالأكثر في إدانته وما أجمل قول القديس مكاريوس الكبير:
أحكم يا أخي علي نفسك قبل أن يحكموا عليك
+ نقطة أخري تساعدك علي علاج الذات وهي
ضع أمامك مثال المسيح
إن كان الإنسان الأول قد انهزم في حرب الذات واشتهي أن يصير مثل اللهتك3:5فإن السيد المسيح الذي بارك طبيعتنا فيه صحح هذه النقطة وكيف ذلك؟يقول الرسول عنه إنه:
أخلي ذاته وأخذ شكل العبد صائرا في شبه الناسفي2:7.
وعاش علي الأرض فقيرا ليس له أين يسند رأسهلو9:58بلا وظيفة رسمية في المجتمع وتنازل عن كرامته ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاهوأحصي مع أثمةأش53:12,7ولم يدافع عن نفسه.. أنكر ذاته من أجلنا ووضع ذاته لكي يرفعنا نحن ووقف كمذنب لكي نتبرر نحن.. ذاته لم يضعها أمامه بل وضعنا نحن...
أليس هذا درسا لنا من هذا الذي عظمته لاتحد...درسا لنا نحن المحاربين بالأنا بينما نحن لاشيء.
السيد المسيح أخلي ذاته من المجد الحقيقي
أما أنت فتخلي ذاتك من كل مجد باطل
إن إخلاء المسيح لذاته موضوع واسع ليس الآن مجاله...يمكنك أن تقرأ عنه مقالا طويلا في كتابناتأملات في الميلاد من ص7إلي ص.28
+ نقطة أخري في علاجالأناوهي:
تدريب :الميل الثاني
قال السيد الربمن سخرك ميلا فاذهب معه اثنين من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضامت5:41,40
وبنفس الوضع تحدث الرب عن الخد الآخر فقالمن لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضامت5:39
وكأنه أراد أن يقول :كن مظلوما لاظالما وكن مصلوبا لاصالبا لاتنتقم لنفسك إن الذات تريد أن تأخذ حقها وتأخذه بنفسها وهنا علي الأرض وبسرعة علي قدر الإمكان أما تعليم الرب لنا في إنكار الذات فهو:لاتقاوموا الشرمت5:39.
لاتجعل ذاتك تتدخل لتنال حقوقك أو لتنتقم.
واذكر قول الكتاب لي النقمة أنا أجازي يقول الربرو12:19ومع أن النقمة للرب لكن لاتطلبها أنت منه لنفسك بل الكتاب يقول:المحبة لاتطلب مالنفسها1كو13:5.
ولماذا لاتطلب مالنفسها؟
لأنها بعيدة عن الذات بعيدة عن الأنا التي تطلب...
+ تدريب آخر في التخلص من الذات وهو قول الرسول لأحيا لا أنا...غل2:20.
اسمح لي أيها القاريء العزيز أن أترك هذا التدريب للعدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
</B></I>
|