أهمية التناول وفائدته
إن التناول من السرائر الإلهية من أهم الوسائط الروحية وأعمقها أثرًا في الإنسان. سواء من جهة مفعول هذا السر بذاته كما شرح الرب، أو فائدته الروحية الواضحة في الاستعداد له، أو من جهة نتائجه الواضحة وتأثيره الروحي في المتناول.
1-أول أهمية له هى الثبات في الرب
وذلك حسب قول الرب في إنجيل يوحنا " من يأكل جسدي ويشرب دمى، يثبت في وأنا فيه" (يو 6: 56). وهنا لا يتحدث عن الحياة مع الله فقط، وإنما بالأكثر الثبات فيه.
2-كذلك التناول هو الخبز الروحي
قال عنه الرب في (يو6) إنه الخبز الحي النازل من السماء، هو خبز الحياة " إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد " وهو " الواهب الحياة للعالم" (يو 6: 33، 48، 50، 51). ولذلك فإن الذين يترجمون الخبز في الصلاة الربانية بعبارة "خبزنا الذي للغد" يركزون على الطعام الروحي اللازم لأبدية الإنسان، وبخاصة هذا الخبز السماوي الذي للغد أي للحياة الأبدية. كما قال الرب "من يأكل جسدي ويشرب دمى، فله حياة أبدية.، وأن أقيمة في اليوم الأخير" (يو 6: 54).. "من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد" (يو 6: 58). إنه خبز الحياة، لأنه سبب حياة روحية للإنسان.
3-هذا التناول هو عمليه تطعيم كما في الأشجار
إذ يمكن أن تطعم شجرة ما بشجرة أفضل، فتبقى هذا الشجرة الأفضل، بدلًا من طبيعة الشجرة الأولى. وهكذا فإن طبيعتنا البشرية -في سر الأفخارستيا- تحدث لها عملية تطعيم بجسد الرب ودمه..
وقد أعطانا الرب مثالًا لعملية التطعيم، بكنيسة العهد الجديد (الزيتونة البرية) التي أمكن تطعيمها في الزيتونة الأصلية التي للعهد القديم، فأصبحت " شريكًا في أصل الزيتونة ودسمها" (رو 11: 17).. وبالتناول، كأغصان في الكرمة (يو 15: 5)، حينما نثبت فيها بالتناول، تسرى فينا عصارة الكرمة، فنتغذى بها ونحيا " ونأتي بثمر كثير "..
4-نذكر في التناول أيضًا بركاته التي نسمعها في القداس الإلهي في الاعتراف الأخير، إذ يقول الكاهن:
"يُعْطَى عنا خلاصًا، وغفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه").
من منا يستطيع أن يستغنى عن هذه البركة الثلاثية: الخلاص والغفران والحياة الأبدية؟! إن المغفرة التي نستحقها بالتوبة والاعتراف، ننالها في التناول. لأنه "بدون سفك دم لا تحدث مغفرة" (عب 9: 22). وسر الافخارستيا هو استمرارية لذبيحة المسيح الذي نتناول دمه الكريم. وكما قال القديس يوحنا الرسول عن هذا الدم إنه "يطهرنا من الخطية، يعدنا للحياة الأبدية.
5-التناول أيضًا هو عهد مع الله
كما نذكر قول الرب الذي نردده في القداس الإلهي "لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتى، وتعترفون بقيامتي، وتذكرونني إلى أن أجئ" (1كو 11: 26). فهل نحن في كل تناول، وندخل في عهد مع الرب أن نذكره إلى أن يجئ؟!
من أجل هذا العهد بين الرب وبيننا، فإن يوم الخميس الكبير الذي سلم فيه الرب هذا السر لتلاميذه القديسين، نسميه (خميس العهد).. ليتك تذكر باستمرار في كل مرة تتناول فيها، أنك تدخل في عهد مع الرب..