"لا تضطرب قلوبكم"
لقد قيلت تلك الكلمات في مشهد اضطراب قلوب التلاميذ لرحيل الرب عنهم، ذاك الذي ربح بمحبته قلوبهم وأسر مشاعرهم. ومع أن الرب لم يكن يتكلم عن متاعب الحياة اليومية، إلا أنه كم من المتاعب هانت عند الكثيرين بواسطة تلك الكلمات الرقيقة. ولكي يزيل الرب عنا الاضطراب، فإنه يُخبرنا بثلاثة أمور:
أولاً: شخصه المبارك في المجد موضوع ثقة قلوبنا وغرض إيماننا: "أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي". نحن نؤمن بالله الذي لم نَره بعيوننا. هكذا إذ يغيب المسيح عن أنظارنا الآن ويذهب إلى المجد، فإنه يستطيع أن يقول لنا: "فآمنوا بي". وعلى هذا فإن المسيح كإنسان في المجد يصبح مصدر ثقة وطمأنينة القلب. قد تُحيط بنا المُفشلات من كل جانب على الأرض، وقد يجرّبنا العالم ويخذلنا الجسد، ولكن المسيح في المجد يبقى كغرض الإيمان الذي لا يمكن أن يتخلى عنا أبداً، وكمصدر راحة وطمأنينة القلب.
ثانياً: لنا بيت في المجد ينتظر قدومنا هو بيت الآب الرحيب والسعيد: لراحة قلوبنا يكشف الرب لنا عن بيتنا الجديد. نحن هنا غرباء ونزلاء وليس لنا على الأرض "مدينة باقية". لم يكن للمسيح مكانٌ هنا على الأرض، كما أنه لا يوجد سوى مكان صغير لأولئك الذين هم له. ولكن في بيت الآب توجد منازل كثيرة لكل الذين هم للمسيح. وإلا فإنه كان قد أخبر تلاميذه.
إنه لم يكن ليجمع تلاميذه ويقودهم إلى خارج هذا العالم لو لم يكن ضامناً لوصولهم إلى مكان البركة والسعادة المعروف له جيداً وهو بيت الآب. إلى هذا البيت كان الرب مزمعاً أن يمضي. وهكذا فإننا نستطيع أن نرتفع فوق كل الضعف والفشل الذي يحيط بنا هنا على الأرض، ونُحمل فوق كل متغيرات الظروف لنحلّق بالروح في جو أفضل وأسمى حيث نجد أنه قد أعد لنا هناك منزلاً في بيت الآب.
ثالثاً: لنا إنسان في المجد يشتاق إلينا وسوف يأتي كوعده: "آتي أيضاً وآخذكم إليَّ". نعم إنه يشتاق إلى الكنيسة المحبوبة، عروسه الغالية، وسوف يأتي سريعاً لكي يُحضرها لنفسه (أف 5: 27 ). آمين تعال أيها الرب يسوع.
أشكرك أحبك كثيراً
يسوع المسيح يحبكم جميعاً