التجلي
الحقائق اللاهوتية لسر التدبير الإلهي الضرورية لخلاصنا، ومنها عيد التجلي:
1). المسيح هو الله
بالعودة للمقطع الإنجيلي لحادثة التجلي نلاحظ أنه يحدثنا عن النور الغير المخلوق الذي يصدر من المسيح فينير كل من حوله، وعن “سحابة نيّرة” التي هي علامة في الكتاب المقدس لظهور الله، وصوت يُسمع من وسط هذه السحابة يقول: “وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا” (متى5:17)، بالإضافة لأن الأنبياء الكبار أي موسى وإيليا الذين ظهروا داخل هذه السحابة كشفوا لنا أن المسيح هو سيد الأحياء والأموات وليس نبي مثلهم وليس شخص معادي لله كما حاول اليهود إظهاره حيث تكلّموا معه عن “خروجه” (لو31:9) الذي سيتم في أورشليم، ولن ننسى التلاميذ الذين سقطوا على وجههم غير قادرين على تحمّل نور المسيح الإله، كل هذه الأمور توضح وبشكل جلي الطبيعة الإلهية للمسيح. تلك الطبيعة الإلهية المخفية بإرادته وراء الطبيعة البشرية، والتي يكشفها للذين يطلبونه بقلب نقي.
2). الطبيعة البشرية للمسيح الممجدة
فاض، في حاثة التجلي، نور بهي من جسد المسيح، حتى من ثيابه أيضاً (لو29:9). هذا الحدث لم يظهر فقط الطبيعة الإلهية للمسيح بل مجّد الطبيعة البشرية، مجد آدم الجديد الذي لم يتلوث أبداً بالخطيئة.
طبيعة المسيح البشرية كانت ممجدة من لحظة الحبل به من والدة الإله ولكن هذا المجد لم يظهر حتى التجلي، فقد أمسكت أعين التلاميذ عن رؤية هذا المجد، ولكن الآن ولأول مرة انفتحت أعينهم ليروا ما لدى المسيح منذ لحظة ولادته، بالحقيقة المسيح لم يظهر شيء مخفي بل أعين التلاميذ هي التي تجلت روحياً وأصبحت قادرة أن ترى النور الغير المخلوق. النور الذي سينير دوما ملكوت السموات حيث لا يكون ليل أبداً “ولا يكون ليل هناك ولا يحتاجون إلى سراج أو نور شمس لأن الرب الإله ينير عليهم” (رؤ5:22).
ما قام به المسيح سيفعله البشر المؤمنون عندما يستنيرون بنوره لأنه قال: “حينئذٍ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم” (متى 43:13)، ويؤكده لنا أولاً بذاته عندما تجلى وأظهر نوره وثانياً عندما سيرسل لنا نعمة الروح القدس، في يوم العنصرة، عندها سينعم المؤمنون بالنعمة الإلهية وسيؤكدونها القديسون بحياتهم الجهادية عندما يضيؤون بنعمة الروح القدس عبر كل العصور.
3). الطاعة للمسيح الإله المتجسد
المسيح هو إله كامل وأحد أقانيم الثالوث القدوس الذي تجسّد وأخذ الطبيعة البشرية الكاملة، يجب أن نعترف به كمخلّص وأن نتبع وصاياه، وهذا أساس ما نطلبه في الصلاة كما علّمنا هو “ليتقدس اسمك، ليأتي ملكوت، لتكن مشيئتك”.
عندما نحيا ونجاهد لاقتناء الروح القدس سنعاين مجد الله وملكوته على الأرض كما حدث مع الأنبياء والرسل وكل القديسين عبر كل العصور، ولن تصبح المادة وكل احتياجاتها أساسية في حياتنا، وهذا ما رأيناه جلياً في حادثة التجلي. علّقت كل الحاجات البشرية في جبل ثابور، فلم يفكر الرسل ماذا سيأكلون أو سيشربون، بل فقط بالمسيح وبموسى وايليا وأن يصنعوا لهم ثلاثة خيم رغم أنهم لا يدرون ماذا يقولون “قال بطرس ليسوع يا معلم جيّد أن نكون ههنا، فلنصنع ثلاث مظال، لك واحدة ولموسى واحدة و لايليا واحدة وهو لا يعلم ما يقول” (لو33:9). هم فكروا بملكوت السموات وتحقيقه على الأرض.
بالتالي ماذا سيحدث إن لم نعترف بالمسيح كمخلص لنا وإن لم نُطِعْ وصاياه؟ طبعاً الجواب واضح ومن عالمنا الحالي، ولنقارن بين أناس استناروا بنور التجلي وأصبح طريق الحياة أمامهم واضحاً يوصلهم لملكوت السموات وآخرون لم يستنيروا بهذا النور الغير المخلوق بل بآخر طبيعي مخلوق طبعاً سيرون أمامهم الطريق الطبيعي الذي نهايته على الأرض تحت التراب بعكس النور الغير المخلوق الذي نهايته ملكوت السموات، فلنستنير بنور المسيح كي يزول الخوف من حياتنا ولنضمن السلام والراحة في ملكوت السموات.