|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صحفي الـ "الصباح" يخترق ميليشيات الإخوان الإليكترونية ويكشف تفاصيل خطيرة جدااا ليس قرارًا سهلًا أن تمد يديك إلى «عش دبابير»، وليست نزهة صحفية، أن تخترق واحدًا من التنظيمات «الحديدية» الأكثر انغلاقًا على نفسها، خصوصًا بعد وصولها إلى الحكم. «اللجان الإلكترونية الإخوانية».. أو بعبارة أخرى، الصفحات التى يزدحم بها العالم الافتراضي، للترويج للإخوان، هذه المنصات، التى تشن الهجمات العنيفة ضد كل من يحمل لواء المعارضة ضدهم. من هنا تبدأ الحرب، وهى حرب لا تلتزم بأخلاق الفرسان، فالنيل من السمعة، عمل لا يغضب الله، وتزوير التصريحات مباح، لأنها حرب بين الإيمان والكفر، كما يؤكد القائمون على هذه اللجان، وكما سيتضح فى هذا التحقيق الاستقصائي. الالتحاق بحد ذاته، لم يكن عملًا يسيرًا، فمن مقابلة إلى أخرى، ومن اشتراك فى اعتصام مع شباب الجماعة، إلى حماية مقراتها، من أجل إثبات الإخلاص والولاء.. ومن امتحان إلى امتحان، حتى تمكن محرر «الصباح» أخيرًا، من أن يصبح عضوًا باللجان. ثمة تعليمات بتشويه المعارضة، وأخرى بالترويج للجماعة، وثالثة بتقصى موقف الرأى العام، وهناك أسرار حول التدريبات التى يتلقاها عضو اللجان، وكذا عن مصادر تمويلها.. كلها تتكشف فى هذه التجربة الغريبة «الخطيرة» التى اجتازتها «الصباح»، لتكون أول صحيفة مصرية أو دولية، تنقل الصورة من الداخل. لم يخطر ببالى أن أكون عضوًا بجماعة «الإخوان المسلمون»، ولم أتخيل أنى سأكون موظفًا فيما يسمى باللجان الإلكترونية، أهاجم معارضى الجماعة، وأتعمد تشويههم بعد تلقى «تدريبات إعلامية» على هذا الدور.. لكن شاءت الأقدار، أن أنضم لهذا العمل، وأن أمر بتجربة شديدة الخصوصية، تكشف إلى حد كبير، عن طريقة العمل داخل هذه اللجان، وأيضًا عن التركيب المعقد «الاستخباراتي» للجماعة كتنظيم. البداية كانت مناقشة مع أحد الأصدقاء «الإخوان» على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، حول موقفى «المعارض» لسياسة الجماعة.. وهو الموقف الذى اعتبره صديقى «كراهية للمشروع الإسلامي» الذى تمثله الجماعة، ما دفعه لأن يردد عليّ «أنت مغيب، تقول بكلمات المعارضة الكافرة، لو دخلت على صفحات الإخوان، ستكتشف حجم أكاذيب إعلامكم الكافر الفاجر». بعد هذه العبارات المليئة بالاتهامات، أرسل إلى بريدى الإلكترونى روابط، لعدد من الصفحات الإخوانية، ومنها: صفحة «الإخوان المسلمون تربية وجهاد»، فإذا بى وجها لوجه، مع كميات لا نهائية من الأخبار، التى يمكن وصفها بـ «الملونة» على أقل تقدير، هذا بالإضافة إلى صورة «مزورة بالطبع» للرئيس محمد مرسي، يرتدى زيًا عسكريًا، مع جنود الجيش المصري، لحظة عبور قناة السويس فى حرب السادس من أكتوبر. بعد هذه «الصدمة».. تحركت «غريزتى الصحفية»، فبدأت أبحث عن وسيلة للتعرف على منهج العمل بهذه الصفحات، وكان منطقيًا أن تكون أفضل وسيلة لاختراقها، هى العمل بها. لجأت إلى صديق دراسة «إخواني»، وله أخ مرشح لمنصب وزاري، فى التشكيل المقبل، ما يعنى أنه «من أهل الثقة بالجماعة» لأبدى له رغبتى فى الالتحاق بالإخوان. وهكذا دارت المحادثة الهاتفية بعد السؤال عن الأحوال والصحة: *أريد الانضمام إلى الجماعة، فما أراه من المعارضة التى تريد تخريب الثورة، وبعث دولة مبارك، يزيد كراهيتى لها. *وكيف توصلت إلى أن المعارضة تريد بعث دولة مبارك؟ *أنت تعلم.. أنا صحفي، وأطلع على الأخبار، وقد قرأت على عدد من الصفحات الإلكترونية، الشىء الكثير عن مؤامرات المعارضة. *حسبنا الله ونعم الوكيل.. إنهم لا يريدون للمشروع الإسلامى أن يكتمل. *لا أجد سببًا لرفض الإسلام، إلا أن تكون القلوب عمياء. *إنهم كافرون ينفذون أجندات الغرب العلماني. *معك الحق بلا شك. *اطمئن يا صديقي.. طالما أن نواياك طيبة، سيجعل الله لك الأمر يسيرا. وتحدد خلال المكالمة، موعد مع رئيس إحدى «الشعب» الإخوانية، بمنطقة القاهرة، وهو شاب ثلاثيني، ملامحه قاسية، وكان «مجاهدًا فى أفغانستان»، ومتخرج من كلية الحاسب الآلى بجامعة القاهرة، التقيت وإياه بحضور صديقي، بمقهى بميدان الدقي، حيث أبديت له «حماستي» لـ «المشروع الإسلامي»، فقال لي: إن أهم شرط يجب توافره فى الإخواني، أن يكون سامعًا مطيعًا، وكلما التزمت بالسمع والطاعة، كلما تقربت إلى الله.. فهززت رأسى موافقًا على الفور. وهكذا حظى طلبى بالقبول مبدئيًا، لكن كانت هناك عدة اختبارات، ينبغى أن أجتازها، حتى يتم التأكد من مدى صدقى والتزامى بالسمع والطاعة، فشاركت لمدة شهرين فى كل الاعتصامات وكنت مع شباب الجماعة لدى محاصرتهم المحكمة الدستورية، فى ديسمبر الماضي، وخلال تأمين مقرات الإخوان، من المتظاهرين، وتعرضت حياتى للخطر مرات. وخلال هذه الاعتصامات، كنت شاهد عيان، على كميات الطعام، «مما لذ وطاب» التى كان يطلبها القياديون الشباب بالجماعة، من أكبر المطاعم، ويقدمونها لنا بسخاء كبير، هذا بالإضافة إلى الاتصالات الهاتفية التى كان القياديون أنفسهم، يتلقونها من قيادات الصف الأول بالجماعة، وتحديدًا من الدكتور عصام العريان، زعيم الأغلبية بمجلس الشورى، والقيادى بالجماعة، ومن محمد البلتاجي، القيادى بالجماعة. وكان المتصلون، فيما يعلنون لوسائل الإعلام، أن «لا شأنًا لجماعة الإخوان بالمتظاهرين، يطالبوننا بالمثابرة والبقاء فى أماكننا، وعدم مغادرة الاعتصام، حتى ننتصر على الكافرين». وبعد أن توثقت علاقاتى بعدد من «قادة المظاهرات» طلبت إلى صديقى القديم، أن يساعدنى على أن أجد عملًا فى «أحد المواقع الإخبارية» أو الصفحات الإخوانية، ولم أنس أن أؤكد أننى صحفي، وأريد أن أجعل خبرتى فى خدمة «المشروع الإسلامي»، وللرد على الصفحات الليبرالية «الكافرة». وبعد يومين تلقيت اتصالًا هاتفيًا، من أحد المشرفين على «لجنة إخوانية إلكترونية»، وحدد لمقابلتى موعدًا، التزمت به تمامًا، فالانضباط فى المواعيد، من أهم سمات «عضو اللجنة»، وهذه كانت وصية صديقي. المقابلة الزمان: الساعة العاشرة صباحًا، فى اليوم الثامن عشر من ديسمبر، والمكان: مكتب فى التجمع الخامس.. وبعد أن سلمت هاتفى المحمول، لموظف أمن، قابلت مشرف لجنة «حملة شباب الجماعة»، فسألنى عن خبراتى المهنية، ومدى تمكنى من استخدام الحاسب الآلي، وبرامج الإنترنت، ولم يبد خلال المقابلة موافقة أو رفضًا لالتحاقى بالعمل، لكنه وعدنى بالتواصل معى خلال يومين. وانتظرت أسبوعًا، حتى تلقيت اتصالًا من الرقم ذاته، فأخبرنى بأنه تمت الموافقة على طلبي، وأعطانى رقمًا هاتفيًا لمدير المجموعة التى سألتحق بها، فاتصلت به، فحدد لى بدوره موعدًا، فى الأسبوع الأخير من ديسمبر الماضي، الساعة الثانية عشرة ظهرًا، بمدينة السادات، بجراج لسيارات النقل الثقيل، وانتظرت لفترة أطول من ساعة. وعلى طريقة «أفلام الجاسوسية»، وبعد انتظار ثقيل، تلقيت اتصالًا آخر، من نفس الرقم، فاعتذر لى المتحدث على الطرف الآخر على التأخير، وأعطانى عنوانًا أقصده، فتحركت إليه، وفى الطريق لاحظت أن شخصين يتتبعاني، فتجاهلت الأمر، حتى وصلت إلى الشقة رقم عشرة بالدور الثالث بعمارة رقم 208 بمدينة السادات. طرقت الباب لأكثر من دقيقتين، فلم يفتح أحد، وقرعته بقبضتى بعنف، بلا رد، حتى كدت أنصرف عائدًا، فإذا بالشخصين اللذين كانا يتتبعاني، يقفان خلفى وأحدهما يخرج المفتاح، ويدعونى للدخول قائلًا: «تفضل يا أخ مصطفى». داخـل الشقة التقيت «م- د»، مدير المجمـوعة، وهو شاب فى بداية العشرينيات، طويل القامة نسبيًا، متين البنيان، له لحية مـهذبة بعناية، ومسـاعده الشخـصى «أ-ج»، وكان ضئيلًا هزيلًا، وفى نحو منتصف العشرينيات. مدير المجموعة بدأ يكسر حاجز الصمت قائلًا: «أعتذر على التأخير، فقد حدثت أمور هامة، وأنت تعلم، نحن لا نتعامل مع الغرباء».. فابتسمت وتجاهلت سؤاله عن ماهية هذه الأمور الهامة، وتحدثت عن رغبتى فى دعم «المشروع الإسلامي».. ويبدو أن عبارتى راقت له، فأسند ظهره إلى كرسى كان يجلس عليه، وعلى وجهه ارتسمت علامات الارتياح، ثم قال: إن أظهرت كفاءة وإخلاصًا وبُعدًا عن الجدل، ستتولى الإشراف على إحدى اللجان، لكن أريد أن أعرف أولًا.. ماذا لديك؟ قلت: لدى الكثير من مستندات الفساد ضد رموز النظام السابق، وأريد أن أفضحهم حتى يتقى الناس شرهم، فالصحف يسيطر عليها رجال أعمال ينتمون إلى «الفلول»، وكذلك الفضائيات. أجاب: إن شاء الله سيكون لك مكان بيننا، وعسى أن ينتفع بك الدين والأمة، ثم دعانى إلى صلاة الظهر جماعة فى مسجد قريب. بعد الصلاة، قال لي: سنذهب إلى مكان آمن، نستطيع التحدث فيه بحرية، فلم أتساءل عما يكون هذا المكان، وفى الطريق تجاذبنا أطراف الحديث فى الشأن السياسي، وتحديدًا عن مشروع الدستور، ورفض المعارضة له، لأنها «كافرة» تكره الإسلام، وأخبرنى بأنه سيساعدنى فى ملاحقة «الفلول الفاسدين» فى حال كانت لدى مستندات فساد، وهذا سهل لأن الجماعة، حسب تعبيره، لها «رجال مؤمنون بالمشروع الإسلامى داخل هيئة القضاء»، كما سألنى عن عملي، فأخبرته بأنى أعمل بدار نشر كبرى، لكن الراتب ضئيل. وأخيرًا.. وصلنا إلى «إنترنت كافيه»، على بعد نحو خمسين مترًا من المسجد، وكان فى استقبالنا شاب سورى الجنسية، ووجدت المكان عبارة عن غرفة لا تزيد مساحتها عن 25 مترًا، تضم ثمانية أجهزة كمبيوتر، متصلة بشبكة الإنترنت، فائق السرعة، وأمام كل جهاز يجلس شاب فى منتهى التركيز. فى هذه الغضون، تلقيت اتصالًا من أحد الأصدقاء، فاستأذنت للخروج، وعلى باب «الكافيه»، سألت الشاب السورى عما يفعله الجالسون أمام الأجهزة، فأجاب: «لست مهتمًا بما يفعلون، فأنا أتقاضى راتبًا شهريًا، وهم «أصحاب مكان»، وليس من حقى أن أسأل أحدًا عما يفعله». ودخلت إلى «الكافيه»، فقال لى مدير المجموعة: «يا أخ مصطفى إذا رغبت أن تعرف معلومة ما، فاسألنى مباشرة، فهذا الشخص لا يملك جوابًا لأسئلتك».. فخمنت حينئذٍ -تأكدت فيما بعد- أن المكان تحت المراقبة بالكاميرات المتصلة بشبكة الإنترنت، من الداخل والخارج. وبدأت أتلقى الأوامر «سامعًا طائعًا»، وأصبحت مكلفًا بمتابعة الدكتور محمد البرادعي، وتتبع كل حواراته فى الصحافة المصرية والأجنبية، وترجمتها حرفيًا إلى اللغة العربية باستخدام برامج ترجمة متقدمة موجودة على كل كمبيوتر. وما هى إلا أيام، وبعد أن فعلت كل ما بوسعي، والتزمت التزامًا تامًا بالسمع والطاعة، فتقرر تثبيتي، وأصبحت من أعضاء اللجان الإلكترونية، وتعرفت على كلمة السر فى الرسائل المتبادلة بين أعضاء اللجان المختلفة، هاتفيًا أو عبر البريد الإلكتروني، وهي: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وغفرانه». وبعدئذٍ عقدت اجتماعًا مع مدير الصفحة، التى أصبحت «أدمن» فيها، وتعرفت على بعض المصادر من الشخصيات التى تروج الجماعة، إلى أنهم منشقون عن الجماعة، لكنهم ما يزالون معها «سريًا»، وما أستطيع الكشف عنه فى هذا الصدد، أن معظم المنشقين ما يزالون يرتبطون بالجماعة بصلة أو بأخرى، وبالطبع تعتبر الشراكات والمصالح الاقتصادية المتصالحة، مع رجال أعمال الجماعة، على رأس هذه الصلات. وتمثلت التعليمات فى الحرب على البرادعى ما يلي: *تصيد الأخطاء والبحث عما إذا كان هناك تناقض بين التصريحات الجديدة والسابقة. *اقتطاع أجزاء من الأحاديث بحيث تكون خارجة عن سياقها العام، والتركيز عليها بما يظهر البرادعى مدانًا أمام الرأى العام. *الاهتمام بدرجة قصوى، بأى كلام يتعلق بحقوق الأقليات الدينية، وطرحه فى سياق أنه «ضد الإسلام». *لا بأس من «تحريف الترجمة» لأن هذه حرب بين «المشروع الإسلامي» وأعداء الإسلام من «الليبراليين الكفرة». ووفق هذه التعليمات، كنت أحارب البرادعي، منقسمًا على نفسي، ففى حين أنى أؤيده سياسيًا، كان استكمال هذا الاستقصاء، يتطلب أن أؤدى دوري، وأعترف بأنى شننت على الرجل هجومًا «مسعورًا» على خلفية قبلته لنجمة السينما الأمريكية «أنجلينا جولي»، وأخذت أنشر له «صور القبلة» متهكمًا عليه، واصفًا إياه «بإمام الليبراليين». واهتممت أيضًا بالتركيز على تشويه موقف البرادعي، من غزو العراق، وتشويه تصريحاته بأن العراق يخلو من أسلحة الدمار الشامل، وانتقاده للعدوان الأمريكى البريطانى عليه، وبالتوازى مع تشويه التصريحات السابقة، بالاعتماد على أن القطاع الأكبر من الشعب، ليس مطلعًا، كنت أبث تصريحات حديثة يطلقها البرادعى ضد الإخوان، بما يساهم فى زيادة الكراهية له. وكلما استطاع العضو أن يوثق التصريحات بالصوت والصورة، كلما كان أكثر نجاحًا، وبعد الانتهاء من عمل صورة ما بـ «الفوتوشوب» أو فبركة تصريح، أو عمل ترجمة مشوهة لتصريحات للصحافة الأجنبية، تتولى عشرات الصفحات الإخوانية، نشر «المنتج النهائي»، وينقل المنتمون للجماعة، هذه المواد على صفحاتهم الشخصية، فيراها عشرات وربما مئات الآلاف، وهكذا يسود رأى عام، يعادى البرادعي، ومن ثم يخسر نسبة من مؤيديه غير المطلعين على مواقفه. الصباح |
|