|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سيرة مار أفرام السرياني البطريرك زكا عيواص بطريرك انطاكية وسائِر المشرق علىالسريان مار افرامالسرياني سيرته - مؤَلفاته - اقوال مأَثورة له - بعض ما قيل فيه سيرته وُلد مار افرام في مدينةنصيبين في مطلع القرن الرابع للميلاد ، من ابوين مسيحيين ، ويَذكر في احدىكتاباته التي نُقلت الى اليونانية في عهده ثم نقلت الى العربية بعدئذ "انّاللذين ولداه بالجسد ثقّفاه في الايمان المسيحي وربّياه على مخافة الربوحدّثاه عما سبق فكابده آباؤه من العذاب في سبيل الحفاظ على الايمان وحبالسيد المسيح تَتلمذ ، في شرخ شبابه ،لمار يعقوب اسقف نصيبين ، واعتمد على يديه وهو ابن ثماني عشرة سنة فاحبّههذا كثيراً واتخذه تلميذاً وكاتباً في آن واحد ورسمه شماساً والبسه الثوبالرهباني ، واصطحبه عام 325م الى مجمع نيقية ، وعلى اثر عودتهما من المجمعاسّس مار يعقوب في نصيبين مدرسة سلّم زمام التعليم فيها الى تلميذه مارافرام . وبعد انتقال مار يعقوب إِلى جوار ربه سنة 338م تسلّم مار افرامادارة المدرسة ، وفيها نظّم القصائد البديعة والأناشيد الشجيّة التي تُعرفبالنصيبينية ، وتُعد صوراً رائعة لحياة ذلك العصر في تلك المنطقة ، ففيهايصف لنا ما قاسته مدينته في الحصارات والحروب ، حيث كانت بحكم موقعها علىحدود الدولتين الفارسية والرومانية ، تتعرّض لحروب طاحنة ، فتخضع لسلطانالفرس حيناً والرومان احياناً ، وقد عاصر مار افرام هذه المآسي في الاعوام 338 و 359 و 363 ، ويظهر بكتاباته ما كان يكنّه قلبه الكبير وقلب كل مواطنصالح من ايمان بالله واتكال عليه تعالى ، كما انّه يقوّم ويثمّن مواقفرجالات الكنيسة المشرفة ، بتشجيع رعيتهم اوقات الحروب للدفاع عن المدينةببسالة باذلين في سبيل ذلك النفس والنفيس كما يقرض اساقفة نصيبين وهم ماريعقوب (+ 338) وخلفاءه بابويه (338-349) وولغش (349-361) وإِبراهيم (361- ) وكانت اللغة السريانية لغةالتدريس الرسمية في مدرسة نصيبين حيث كانت نصيبين في القرن الرابع مدينةسريانية قلباً وقالباً ، لغة وحضارة . وكانت مدرسة نصيبين تتّبع في الفلسفةطريقة مدرسة انطاكية التي كانت تعتمد على ارسطو اكثر من افلاطون ، وكانتمبادئها توجب في كل موضوع بساطةً في المنهج ، وكمالاً في الايضاح ،وادراكاً في تعليم الايمان وقد تخرّج في هذه المدرسةعلماء نوابغ ، ولا غرو فقد كان مديرها واستاذها الاول مار افرام عملاقالادب السرياني ، الذي منذ نعومة اظفاره كان يقضي بياضَ نهاره وسوادَ ليلهفي الدرس والتحصيل مكبّاً على مطالعة الكتاب المقدس فتعمّق في علومه ،واتقن اللغة السريانية وآدابها حتى عُدّ في الرعيل الاول بين اقطابها بل هوفارسها الذي لايجاري وكان مار افرام صوّاماقوّاما ، ذبل جسده ورقّ نتيجة لتطرفه واغراقه في حياة الزهد ، وقد وصفه مارغريغوريوس النوسي (+396) قائلا : " انه لم ياكل سوى خبز الشعير والبقولالمجفّفة ، ولم يشرب سوى الماء ، حتى حاكى هيكلاً عظيماً بل تمثالاً منالفخار ، امّا لباسه فكان ثوباً خلقاً بل اطماراً بالية" ولم تكن الرهبانية لديهتصوّفا وانقطاعاً عن العالم وصوماً وصلاةً فحسب بل كانت ايضاً خدمةللانسانية ، ووسيلة لحفظ التراث القومي ، لذلك جعل من الاديرة مركزاً مهماًللعلم والمعرفة حيث ازدهرت العلوم والآداب ، واقتداءً به اكبّ تلاميذه ومنبعدهم اغلب الرهبان السريان على الدرس والتحصيل ، وعكفوا على البحثوالتأَليف ، فتركوا لنا آثاراً ادبية قيّمة ونفيسة تعجّ بها مكتبات العالماليوم وبذلك اسهموا في رُقي بلادهم وازدهارها ونشر الحضارة فيها وعندما سُلمت نصيبين الىالفرس سنة 363م هجرها مار افرام وبرفقته نخبة طيبة من اساتذه مدرستهاوتلامذتها وجاءوا الى الرها ، فكان مار افرام تارةً يتنسك في مغارة فيجبلها المقدس ، وتارةً يتفرغ للتدريس في مدرستها الشهيرة التي كانت قد اسستفي فجر المسيحية فجدّدها مار افرام وصحبه وازدهرت على ايديهم ، ودامت حتىعام 489 . وكان تلامذتها - واغلبهم من بلاد فارس - يتلقون دروساً في شرحالكتاب المقدس بعَهديه معتمدين بذلك على تفسير مار أَفرام وهو اقدم من فسّرالكتاب المقدس عند السريان ، كما كانوا ياخذون عنه العلوم اللاهوتيةلاثبات حقائق الدين المبين ومناهضة تعاليم طيطيانس ومرقيون وبرديصان ومانيوآريوس ، وبدعهم الوخيمة . فَعَدت كتاباته مثالاً للتعاليم اللاهوتية فيالكنيسة السريانية واهتمّت مدرسة الرها ايضاً بتدريس الفلسفة على مذهب ارسطو وتلقين طلابها العلوم اللغوية والادبية باللغتين السريانية واليونانية وقيل انّ مار افرام قد زارالانبا بشواي وغيره من النسّاك في مصر . كما زار بعدئذ القديس مارباسيليوس اسقف قيصرية قبدوقية ( +379 ) . ويستبعد بعض النقاد هاتينالزيارتين وفي الرها الّف مار افراماول جوقة ترتيل من الفتيات السريانيات اللواتي علمهنّ ما ابتكره ، او ماكان اقتبسه من الانغام الموسيقية ، وما نظّمه من القصائد الروحية ،والتراتيل الشجيّة التي ضمنها العقائد الدينية وصورة الايمان المستقيم ،فكنّ يتغنين بها في الكنيسة اثناء الصلاة20. فالى مار افرام يعود الفضل فيتنظيم الحياة الطقسية في الكنيسة السريانية وبتآليف الجوقات الكنسية وعندما حلّت المجاعة فيالرها في شتاء عام 372 - 373 ومات عدد غير يسير من اهلها اخذ مار افراميطوف دور الاغنياء ويحثّهم على اعمال الرحمة ويجمع منهم الصدقات ويوزعهاعلى الفقراء . كما اسّس دوراً جمع فيها ثلاثمائة سرير وقيل الفاً وثلاثمائةسرير صارت ملجأً للعجزة . وكان يشرف بنفسه على الاعتناء بهم . وعلى اثرالجوع انتشر وباء الطاعون ، فانبرى مار افرام في تطبيب المرضى وموآساتهمحتى اصيب بدوره بداء الطاعون واحتمل صابراً آلامه المبرحة ، وفاضت روحهالطاهرة في 9 حزيران عام 373م ودفن في مقبرة الغرباء في ظاهر مدينة الرهابناء على وصيته ، وبني على ضريحه دير عُرف بالدير السفلي ثم نُقل رفاتهالطاهر الى مقبرة الاساقفة في كنيسة الرها الكبرى ، وقيل انّه نُقل عام 1145م الى اوروبا مع ذخائر بعض القديسين وعيّدت له الكنيسة شرقاً وغرباً وفي الساعات الاخيرة منحياته المجيدة ، وفي لحظات احتضاره الرهيبة ، املى على تلاميذه وصيتهالاخيرة شعراً فاهتموا بتدوينها حالاً ، وقد ترجمت الى اليونانيةبعد وفاتهبمدة وجيزة ، واستشهد بها القديس غريغوريوس النوسي (+396) خمس مرات فيتقريضه اياه . وقد اعترف مار افرام بوصيته هذه بايمانه ، وبين تمسكهبالعقيدة المسيحية ، وحثّ تلاميذه على التشبه به مؤَلفاته ادرك مار افرام اللغةالسريانية نقيّة صافية خالية من العجمة وسائر الشوائب ، وغنيّة واسعةواداة طيّعة في التعبير عن مختلف الاهداف الفكرية ، وشتى الاغراض الكلامية ،فكتب فيها تفاسيره نظماً ونثراً ، ودبج روائعه وبدائعه التي صارت مفخرةالادب السرياني . وكان له القدح المعلى في تقديم مدرستي نصبين والرهاالسريانيتين حيث وَجدت لها اللغة السريانية مرتعاً خصباً فنمت وازدهرت تناول مار افرام الكتابالمقدس بعهديه شرحاً وتفسيراً وقد اعتمد الترجمة البسيطة ، ولكثرة شروحهصرّح بعضهم قائلاً : " لو نفذت ترجمة الكتاب المقدس السريانية الاصليةلتيسر جمعَ نصوصِها من تصانيف مار افرام " وقد اتبع بالتفسير طريقةمدرسة انطاكية بشرح النص آية آية بالمعنى الحرفي بمفهوميه الحقيقي والمجازيولم يبق من تفاسيره هذه سوى شرح سفر التكوين وجزء من سفر الخروج ، وشذورمتفرقة من أَسفار العهد القديم نجدها في مجموعة الراهب سويريوس (+ 861) اما تفسيره للانجيلالمختلط المعروف بالدياطسرون الذي وضعه ططيانس عام 170 م فلم يصل الىايدينا منه سوى ترجمته الارمنية33 كما لم يبق من تفاسيره لرسائل الرسولبولس سوى آيات يسيرة ضمن تفسير الانجيل ليشوعداد المروزي اسقف الحديثةالنسطوري (840 - 853) . وله مواعظ هي شروح لفصول من الكتاب المقدس ، ولهايضاً مقالات في محبة العلي وفصول مختارة من كتاب وُسم بـ "كتاب الآراء" وهو في حياة النسك والرهبنة . وارسل خطابين الاول الى دمنوس في نقضالهراطقة ، والثاني الى هيباتيوس رداً على مرقيون وبرديصان وماني ، ورسالةبعث بها الى الرهبان ساكني الجبال ، ومجموعة قوانين في الرهبنة فُقد اصلهاالسرياني وحُفظ النقل اليوناني اورد ذكرها غريغوريوس النوسي (+ 396) ، ولميبق من القصص التي الّفها سوى قصة بطرس الرسول . وقد نسب اليه كتاب وُسمبـ" غار الكنوز " وهو قصة آدم وحواء بعد ان طُردا من الجنة ، كما وُضع عليهخط عظة في نهاية العالم ورد فيها ذكر غزوة الهون التي حصلت في تموز سنة 396م اي بعد وفاته بثلاث وعشرين سنة . وكذلك عُزي اليه تأَبين للقديسباسيليوس الكبير الذي مات بعد موت مار افرام بست سنوات لقد نظم مار افرام الشعرالسرياني على البحر السباعي خاصة ، وارتأَى بعضهم انه قد استنبطه فسُميايضاً بالافرامي او انّه اخذه عمّن سبقه من الشعراء الذين فقد شعرهم وتعدّابيات بعض قصائده بالآلاف . كما نظّم المداريش اي الاناشيد وهي ابيات منالشعر تُصاغ على اوزان مختلفة والحان شتى بلغ عددها الخمسمائة استنبطهابرديصان (222 +) . ولم يعتمد مار افرام القافية في نظمه ، لأنّ السريان لميدخلوها في شعرهم حتى صدر القرن التاسع متأَثرين بذلك بالعرب ، ولا نعرفعدد قصائده واناشيده التي ضاع جانب كبير منها ، وما تبقى منها اليوم يُعدبالمئات وهو شاعر فحل ، طويل النفس، يمتاز اسلوبه بالاسهاب ، وشعره عامة سلس ، يرسله على السليقة فيتدفقكالسيل العرم . وتناول بشعره شتّى المواضع الدينية ، العقائدية منهاوالروحية ، فبجّل السيد المسيح، وطوّب امه العذراء مريم ، ومدح الابراروالصالحين وغبط الزهاد والمتوحدين ، ورَى النفس الخاطئة وحثّها على التوبة،وهجا الكفرة وكفرهم بشخص يوليان الامبراطور الجاحد ، وقرع البدعوالمبتدعين خاصةً ماني ومرقيون وبرديصان وآريوس ، واكثر من سرد الحكم فيقصائده النفيسة ، واناشيده البديعة ، التي كانت تعبّر عما احتواه قلبهالكبير من الايمان ، وما استوعبه عقله الجبار من الحكمة ، وقد حازت مكانةالقمة في الكنيسة السريانية فادخلت الطقس البيعي وهو حيّ ولاهمية مؤَلفات مار افرامنُقلت الى اليونانية وهو حي او في العقد الاول بعد وفاته ، كما نُقلتبعدئذ الى لغات شتى نخصّ بالذكر منها لغة الضاد فقد نقل اليها ابراهيم بنيوحنا الانطاكي سنة 980م عدداً من مقالاته في الرهبنة ، كما وصل الينامنها ايضاً احدى وخمسون مقالة نقلت من اليونانية اليها حوالي القرن الحاديعشر نقلاً فيه الجيد وفيه الملحون واصلها السرياني مفقود . ومنذ القرنالثامن عشر وحتى اليوم حقّق علماء الاستشراق الافذاذ وبعض الشرقيين ، اغلبمؤَلفات مار افرام الشعرية والنثرية ونشروها بالطبع وترجموها الى اللغاتاللاتينية والانكليزية والفرنسية والالمانية والايطالية وغيرها . ومن محاسنمؤلفات مار افرام ان ترجمتها لم تفقدها شيئاً من عذوبة فصاحتها الفطريةفهي اذا قرأَت باليونانية مثلاً احدثت نفس التاثير والاعجاب الذي تحدثهقراءتها في اصلها السرياني" لقد زينت آثار مار افراممكتبات الشرق والغرب وهي تعتبر من نفائس المخطوطات في دنيا المكتبات ونظرالعلم والفن ، اذ يرجع تاريخ بعضها الى القرون الخامس والسادس والسابعللميلاد . وتوجد في مكتبات معظم حواضر الشرق العربي الشهيرة ، ومدينةالفاتيكان ، والمتحف البريطاني ، واوكسفورد ، وبرمنكهام ، وكمبرج ، وباريس ،وشيكاغو وغيرها اقوال مأثورة - ان الحكيم لا يبغض احداً ، وان ابغض فإنما يبغض الجاهل . اما الجاهل فلا يحب احداً فانّه يحب رفيقه الجاهل - اقتن الذهب بمقدار امّا العلم فاكتسبه بلا حد ، لان الذهب يكثر الآفات واما العلم فيورث الراحة والنعيم - كن في فتوتك متواضعاً لترتفع في شيخوختك - انّ الحكمة افضل من الزينة ، والعلم خير من الاموال ، وفتى حدثاً حكيماً خير من ملك شيخ جاهل - الحسد سهم نافذ يقضي على راميه - من يمتلك ذهباً خالصاً لا يخشى من امتحانه بالنار - ليس بكثرة البنين تكون الحياة للآباء - اذا شاء ربّ البرايا قام الولد الواحد مقام الكثيرين قالوا في مار افرام قال القديسغريغوريوس النوسي(+ 396) " افرام كرمة الله الكثيرثمرها .. ان ضوء سيرته وعلمه قد انار العالم وصار افرام معروفاً عند كل منتطلع الشمس عليه ولن يجهله الاّ من جهل باسيليوس الكبير الذي هو كوكبالكنيسة المنير" وقال القديسيوحنا فمّ الذهب (+407) "افرام كنارة القدس ، ومخزن الفضائل ، معزى الحزانى ومرشد الشبّان ، وهادي الضالين ، كان على الهراطقة كسيف ذي حدّين" وقالسوزومينالمؤَرخ اليوناني (+ 423) "انه ارفع من كل ثناء وقد زيّن الكنيسة كلّها افخر زينة ، وفاق الكتّاب اليونانيين ورونق كلامه واصالة رأيه وسداد برهانه" وقال القديسهيرونيموس (+ 430) "افرام شماس كنيسة الرهاالّف كتباً كثيرة في اللغة السريانية وقد بلغ من الشهرة والتوقير ان بعضالكنائس تتلو ما كتبه على الشعب في الكنائس ، بعد تلاوة منتخبات الاسفارالمقدسة . وقد طالعت في اليونانية كتابه في الروح القدس مترجماً منالسريانية ووجدت فيه قمة الذكاء السامي في الترجمة ايضا" وقال القديسيعقوب السروجي (+ 521) "مار افرام الينبوع الفياضالذي روت مياهه ارض الايمان ، والخمرة المعتّقة التي اخذت صفاتها من دماءالجلجلة... النسر الذي انتصب بين الحمامات الوديعة... الذي ضارع موسىالكليم واخته مريم بتلقينه العذارى والفتيات ولفيف المؤمنين ، انغاماًمحكمة بثّ فيها تعاليم الكنيسة الحقّة ، واحرز بواسطتها اكليل الظفروالانتصار على اعدائها ..... الشاعر المبدع الذي جاش قلبه كالبحر الخضمبالميامر التي لا تحصى والمداريش التي لا تعد .. انه تاج الامة السريانيةجمعاء |
|