رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
درس الكتاب المقدس: بمناسبة عيد الغطاس الماء ورموزه في الكتاب السبت 19 يناير 2013 بقلم قداسة البابا شنودة الثالث رموز الماء: في يوم عيد الغطاس,وفي كل يوم للمعمودية عموما,حينما نذكر أن السيد المسيح غطس في الماء,وأن المؤمنين يغطسون في الماء,في معموديتهم.ولذلك يسمي عيد الغطاس....وفي كل ذلك نسأل عن الماء: لماذا الماء بالذات؟وما هي رموز الماء في الكتاب المقدس؟ولماذا تكون المعمودية معمودية الماء,والروح؟وما العلاقة بين الماء والروح؟ الماء يرمز إلي الروح القدس وإلي عمل الروح القدس. ويرمز إلي نفسه,ويرمز إلي الحياة,ويرمز إلي النقاوة والتطهير. يرمز إلي الروح القدس: رمز الماء إلي الروح القدس,واضح من قول الرب في الإنجيل المقدسمن آمن بيكما قال الكتابتجري من بطنه أنهار ماء حي قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه(يو7:38). إن الله قد شبه نفسه بالماء بقولهتركوني أنا ينبوع الماء الحي لينقروا لأنفسهم أيارا مشققة لا تضبط ماء(أر2:13). وهكذا أصبح الأشخاص الممتلئون بالروح يشبهون بالأنهار وهكذا قيل عن الكنيسة المقدسة في المزمور:هو علي البحار أسسها,وعلي الأنهار هيأها (مز24) وأصبح الإنسان الروحي الذي يحيا مرتويا من الروح القدس يشبه بشجرة مغروسة علي مجاري المياه(مز1) إنها تحيا بهذا الماء وبه تنمو,ودونه تموت. لأجل هذا ارتبط الماء بالحياة ولقب في الكتاب المقدس بالماء الحي,كما ورد في سفر الرؤيا(22:1). ارتباط الماء بالحياة: يرتبط الماء بالحياة سواء الحياة الأرضية أو الحياة الروحية أيضا. الحياة الجسدية ترتبط بالماء سواء كانت حياة إنسان أو حيوان أو نبات,وقد قل في قصة الخليقة في سفر التكوين أن الله أخرج من الماء ذوات الأنفس الحية(تك1:20, 21). والحياة الروحية ترتبط أيضا بالماء:إذ أن السيد المسيح يدعونا إلي مائه ويقول:إن عطش أحد,فليقبل إلي ويشرب(يو7:27) وقد دعا المرأة السامرية إلي مائه الحي وقال لها:من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلي الأبد بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلي حياة أبدية(يو4:14). داود النبي يسميه في مزمور الراعيماء الراحة. فيقول عن علاقته بالله الراعيإلي ماء الراحة يوردني(مز23),أي إلي الماء الحي ماء الروح القدس وما نتيجة هذا؟يقوليرد نفسي يهديني إلي سبل البرهذا بلا شك هو عمل الروح القدس في الإنسان يقوده في الحياة الروحية وفي التوبة وأيضا يعطيه الفرح كما يقول في مزمور آخر:مجاري الأنهار تفرح مدينة الله(مز45). إنه الفرح بالخلاص أو كما يسميها المرتلبهجة خلاصك(مز50). علاقة الماء بالغسل والتطهير: هذا الأمر واضح في غسل أرجل التلاميذ,وقول الرب لهم بعدهاها أنتم طاهرون.....(يو13:10). لقد غسل أرجلهم قبل منحهم سر الإفخارستيا المقدس إشارة إلي وجوب الطهارة قبل تناول الأسرار المقدسة, هذه الطهارة التي تذكرنا بأن الأب الكاهن قبل أن يبدأ القداس يغسل يديه بالماء ثلاث مرات ويقول أثناءها: أغسل يدي بالنقاوة,وأطوف بمذبحك يارب(مز25) لايقول:أغسل يدي بالماء إنماأغسل يدي بالنقاوةلأن الماء هنا يرمز إلي النقاوة,كما ترمز إليها الملابس البيضاء التي يلبسها الكاهن وقت الخدمة وكما كان يغتسل هرون رئيس الكهنة وبنوه قبل تقدمهم إلي المذبح(خر30:18-21). وعلاقة الماء بالطهارة التطهير تظهر واضحة في قصة تطهير نعمان السرياني كان هذا الرجل أبرص والبرص كان نجاسة,وكان يرمز إلي الخطية ويحتاج إلي تطهير فكيف تم تطهير نعمان من برصه؟لقد أمره اليشع النبي أن يغطس في نهر الأردن ليبرأ(2مل5:10). ونهر الأردن يذكرنا بمعمودية يوحنا حيث كان اليهود يأتون إليه ويغطسون في الأردنمعترفين بخطاياهموينالون مغفرة خطاياهم,فيطهرون روحيا(مت3:5, 6) أنخرج من هذا بأن ماء الطهارة أيضا له رمز إلي المعمودية. والماء هنا له علاقة بالطهارة وبالشفاء, والخطية مرض, الطهارة منها شفاء. في قصة إبراء مريض بيت حسدا نجد أن الشفاء أيضا مرتبط بالماء وما أجمل قول الكتاب في تلك القصة إن ملاكا كان ينزل إلي البركة ويحرك الماء(يو5:4) ويتم الشفاء لمن ينزل إلي البركة بعد تحريك الملاك للماء. فالملاك إذن كان بتحريكه للماء يعطي الماء فاعليته وقوة.يذكرني هذا بالأب الكاهن,عندما يمسك صليبه يحرك به الماء في جرن المعمودية أو في اللقان وهو يرشم هذا الماء ويتلو عليه صلوات فيعطيه قوة وفاعلية بعمل الروح القدس. أتذكر أيضا بركة سلوام التي أرسل إليها السيد المسيح رجلا مولودا أعمي,لكي يغتسل من مائها فيبرأ من العمي ويستنير(يو9:7). والمعمودية تسمي أيضا استنارة. يمكن أن نضم الدموع أيضا إلي موضوع الماء والغسيل والتطهير. فالدموع ماءيحدث بها تطهير للنفس وشفاء للروح كما حدث في ماء بركة سلوام وبركة بيت حسدا. في قصة المرأة الخاطئة التي علمت أن السيد المسيح متكئ في بيت سمعان الفرنسي فأخذت قارورة طيب كثير الثمن,ووقفت عند قدمي المسيح باكية وكانت تبلل قدميه بدموعها وتدهنهما بالطيب(لو7:38). صدقوني لست أعلم:أيهما كان أطيب رائحة:الطيب أم دموع هذه التائبة؟بلاشك كانت الدموع صاحبة الفاعلية. كانت دموع هذه المرأة طيبا من نوع غالي الثمن جدا والسيد الرب طوب هذا الطيب الجديد الذي تبللت به قدماه. إذن الماء مرتبط بالتطهير حتي ماء العيون حينما يحركه ملاك ترسله النعمة. ورمز الماء إلي الطهارة كان معروفا حتي بين الأمم... فبيلاطس البنطي لكي يريح نفسه الآثمة من تعب ضميره, غسل يديه بالماء وهو يقول:أنا برئ من دم هذا البار(مت27:24) طبعا هو لم يكن بريئا ولكننا هنا نذكر مجرد إيمانه برمز غسيل الماء إلي الطهارة.. هنا ونود أن نطرح تأملا بسيطا خاصا بماء الطوفان: لانفكر أن مياه الطوفان كانت فقط عقوبة من الله.ولكن هل يقف الأمر عند مجرد العقوبة؟أم كانت هذه المياه أيضا تطهيرا للأرض من الخطية والخطاة,تطهيرا للأرض من الفساد الذي نجسها فغسلها الله من خطايا الإنسان بالماء ليطهرها ويجددها لكي تحيا مرة أخري في نقاوة.... نتذكر أيضا في موضوع التطهير قول المرتل في المزمورانضح علي بزوفاك فأطهر(مز50) وماذا أيضا؟إنه يقول: أغسلني فأبيض أكثر من الثلج والغسيل في المسيحية يتم بطريقتين هما المعمودية والتوبة... ونري أن الخاطئة(مملكة يهوذا) التي وردت قصة تطهيرها في الإصحاح16 من سفر حزقيال النبي قال لها الربوجدتك مدوسة بدمك....فحممتك بالماء ودهنتك بالزيت. والماء هنا يرمز إلي ماء المعمودية الذي به يطهر الإنسان من كل خطاياه السابقة:الجدية والفعلية والزيت يرمز إلي زيت الميرون الذي يعطي به الروح القدس ولكن بعد الماء. يجرنا هذا إلي نقطة أخري وهي: علاقة الماء بالمعمودية: في المعمودية يولد الإنسان من الماء والروح,حسبما قال الرب لنيقوديموس إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لايقدر أن يدخل ملكوت الله(يو3:5). ونلاحظ هنا أنه لم يقلمن الماء فقط وإنمامن الماء والروحلذلك قال أيضا يولد من فوق(يو3:3). هذا هو الميلاد الثاني الذي يولده الإنسان المسيحي في المعمودية فيصير ابنا للكنيسة وابنا لله وعنه قال القديس بولسلا بأعمال في بر عملناها نحن,بل بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني....(تي3:5). فالعمودية هي عملية غسل للإنسان ليس لجسده وإنما لروحه من جميع الخطايا السابقة للمعمودية ومنها الخطية الجدية الأصلية. عن هذا الغسل,قال القديس حنانيا الدمشقي لشاول الطرسوسي بعد اهتدائهأيها الاخ شاول...لماذا تتواني؟قم واعتمد واغسل خطاياك(أع23:16). إذن شاول الطرسوسي علي الرغم من لقائه مع السيد المسيح وعلي الرغم من أعماله واختياره للكرازة لم يكن قد اغتسل من خطاياه وكان محتاجا إلي هذه المعمودية لكي يغتسل من خطاياه. لذلك كانت المعمودية لازمة للخلاص ويشبهها القديس بطرس الرسول بالخلاص في الفلك فيقولحين كانت أناة الله تنتطر في أيام نوح,إذ كان الفلك يبني الذي فيه خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماء الذي مثاله يخلصنا نحن أيضا أي المعمودية...(1بط3:20, 21). ولعل البعض يعترض بأننا قد غسلنا من خطايانا بدم بالمسيح. وذاك حسب قول الكتاب في سفر الرؤياالذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه(رؤ1:5) ونحن لا نذكر أننا قد اغتسلنا من خطايانا بدم المسيح ولكن الوسيلة لذلك كانت هي المعمودية التي فيها يموت إنساننا العتيق ويقوم المعمد مع الرب في جدة الحياة(رو6:4, 6). إننا في المعمودية نغتسل من خطايانا بدم المسيح,وفي التوبة أيضا نغتسل بدمه...الدم إذا هو الأساس أما المعمودية والتوبة فهما الوسيلتان عينهما الرب لننال بهما استحاق الدم. وليست المعمودية هي لغسل الجسد فقط ولا تأثير لها علي الروح! فهذا يرد عليه القدس بطرس الرسول في مثال الفلك حيث يقولالذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله(1بط3:20, 21). وإن كانت المعمودية لغسل الجسد ماكان السيد المسيح يجعلها سببا للخلاص بقولهمن آمن واعتمد خلص(مر16:16). وما كان بطرس الرسول يطلب من اليهود أن يعتمدوا لمغفرة الخطايا قائلا لهمتوبوا وليعتمد كل واحد منكم علي اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا...(أع2:38). إن مجرد غسل جسد الإنسان لا يخلص نفسه,ولا يكون سببا لمغفرة خطاياه فليس هذا هو تعليم السيد المسيح ورسله. في المعمودية يتطهر الإنسان من خطاياه لذلك يقول الرسول عن علاقة المسيح بالكنيسة: مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة(أف5:26). فالكلمة-أي الكرازة-تقود إلي الإيمان والإيمان يقود إلي المعمودية أي غسل الماء والمعمودية تطهر المعمد. لهذا كانت الكنيسة منذ البدء تحرص علي عماد المؤمنين هم وكل أهلهم... فما أن آمن اليهود في يوم الخمسين حتي عمدوهم في اليوم نفسه علي الرغم من كثرة العددثلاثة آلاف(أع2). ونفس الوضع بالنسبة إلي الخصي الحبشي(أع8) وكرنيليوس (أع10) وسجان فيلبي(أع16) وهكذا يقول بطرس الرسول عن كرنيليوس الأممي والذين معه...أتري يستطيع أحد أن يمنع الماء حتي لايعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا(أع10:47) وأمر أن يعتمدوا باسم الرب. وفي قصة إيمان ليديا بائعة الإرجوان يقول الكتاب إنهااعتمدت هي وأهل بيتها(أع16:15) وكذلك سجان فيلبي اعتمد في الحال والذين له أجمعون(أع16:33) ومن غير المعقول أنه لم يكن هناك أطفال في كل أهل هاتين العائلتين. لهذا كانت الكنيسة منذ العصر الرسولي تعمد الأطفال... ولا توجد في الكتاب المقدس آية واحدة تمنع في صراحة عماد الأطفال الإيمان السابق للمعمودية كان لازما للكبار أما الصغار فلم تكن لديهم أية عوائق للإيمان وكان يعمدون علي إيمان والديهم وسأشرح هذا الأمر للقارئ العزيز في كتاب عن المعمودية. في العهد القديم كان الطفل يختتن في اليوم الثامن ويدخل في عداد شعب الله دون أن يدري شيئا عن الختان وعهد الله مع إبراهيم(تك17:9-14). إنما كان الطفل يختتن علي إيمان والديه وكان الختان يرمز إلي المعمودية(كو2:11, 12). وهناك أمثلة عديدة أخري في الكتاب ليس مجالها الآن. فلنتقل إلي نطقة أخري وهي: الماء والدم: عندما طعن السيد المسيح بالحربة خرج دم وماء(يو9:34) ولست أريد اليوم أن أدخل في عظمة هذه المعجزة ودلالتها اللاهوتية...إنما أريد أن أعوض لتأمل بسيط خاص بموضوعنا الحاضر وهو الماء ورموزه والمعمودية. شهد القديس يوحنا الحبيب بمعجزة خروج الدم والماء من جنب السيد المسيح (1يو4:6) وقالوالذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم...والثلاثة هم في الواحد(1يو4:8). حقا ما أعجب هذه الآية في موضوع خلاصنا فما سرها وما معناها وبماذا يشهد هؤلاء الثلاثة الروح والماء الدم. يمكننا أن نفهم أن الخلاص الذي قدمه المسيح علي الصليب بالدم تناله أنت بالماء والروح في المعمودية ويشهد الثلاثة علي خلاصك, دون الدم لا حياة ولا خلاص لأنهدون سفك دم لاتحصل مغفرة(عب9:22) ولكن كيف تنال هذا الخلاص المقدم لك بالدم؟....يقول السيد المسيح من آمن واعتمد خلص(مر16:16) وفي المعمودية يولد من الماء والروح(يو3:5) وينال مغفرة الخطايا(أع2:38). والماء والدم نراهما أيضا في سر الإفخارستيا. حيث إن الأب الكاهن في صلاة القداس الإلهي يقول في صلوات القداس وكذا الكأس بعد العشاء,مزجها من خمر وماء..... وبهذا الدم الذي نتناوله ممزوجا بالماء ننال الحياة ومغفرة الخطايا ونري في كل منهما علاقة بالحياة في الدم وفي الماء. ملاحظات بمناسبة العماد: 1-نريد أن كل إنسان يتذكر يوم معموديته والتعهدات التي تعهدتها أسرته نيابة عنه من جهة جحد الشيطان وكل أعماله الشريرة وأيضا من جهة إعلان الإيمان... 2-نريد أن لا يكون العماد صوريا عند الكبار كما في حالة الذين يقبلون العماد الأرثوذكسي لكي يتزوجوا ولا يتأكد الأب الكاهن من أرثوذكسيتهم ويبقون كما هو في نفس أفكارهم العقائدية السابقة... 3-حبذا لو أمكن توزيع نبذة علي أسرة كل معتمد فيها فكرة مختصرة عن فاعلية المعمودية المقدسة وعن واجب الأشبين في تربية الطفل إيمانيا وروحيا... 4-علي مدرسي مدارس التربية الكنسية أن يهتموا بتعليم الأطفال العقائد الإيمانية وفي دروس العماد والمعمودية يجب أن يحفظوا الآيات الخاصة بها كل فصل بحسب مستواه.. 5-إن سر المعمودية لم يعهد به الرب إلي كل أحد إنما إلي رسله القديسين بقوله لهماذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم جميع ما أوصيتكم به(مت28:19, 20) والرسل سلموا السر نفسه لتلاميذهم من الأساقفة والقسوس وهكذا صارت ممارسة سر المعمودية خاصة برجال الكهنوت. 6-يوم العماد يوم عيد نفرح به ونسر والمعمدون يلبسونهم ثيابا بيضاء رمزا للحياة النقية التي نالوها في المعمودية ورمزا إلي أن هذه النفس المعمدة قد صارت عروسا للمسيح... نكتفي بهذا الآن ونرجو لكم في عيد الغطاس المجيد بركة ونعمة من الرب. |
|