لا للـخلـع
كنت مع بعض الأصدقاء نتحدث فيما يحدث حولنا، فتطرق الحديث للقلق الدائر الآن حول قوانين الأحوال الشخصية وموضوع الخلع والطلاق، كل من حولي غير راضين عن موضوع الخلع، وليتها جاءت على الخلع فقط بل يرفضون أصلا أن تطلب المرأة الطلاق لأنها بذلك ترفض النعمة >>
أرجو ألا تغضب مني النساء، فهذا تفكير معظم الرجال، فالرجل لا يتصور نفسه مرفوضًا، بل لو كان هناك من يرفض فلابد أن يكون هو وليست المرأة، وعندما احتدم النقاش، وأصر بعض الأصدقاء على أن الرجل الذي يوصل الأمور إلى أن تخلعه زوجته أو تقيم ضده قضية طلاق ليس رجلا، حيث لا بد أن يرفض من رفضت الحياة معه، بينما تعلل آخرون بأن الموضوع "مش لعبة وبمزاجها تعيش ولما تحب تخلص الموضوع تخلصه"، المهم عندما احتدم النقاش كما قلت لكم وجدت أحد الأصدقاء يطرح سؤلا أصابنا جميعًا بالخرس، فقد قال: أنت يا أحمد دون الباقين، ألم تتحمل الأهوال أنت ووالدك في الفترة الماضية بسبب زوج أختك؟ كلنا عشنا معك هذه اللحظات، هل نسيت أنك صممت على قتله لو لم يطلق شقيقتك؟، أصابنا الوجوم كما قلت لكم وتذكرت كم كانت تجربة قاسية لنا جميعًا حتى أنني حمدت الله أنني لم أنجب بنتًا، رغم حبي لإنجاب البنات، فقد عانت شقيقة صديقي أيامًا سوداء، وفي النهاية لجأت إلى الخلع ولم تنله إلا بصعوبة. تكهرب الجو قليلا بعد سؤال صديقي، بخاصة أن أحمد هذا هو أكبر الرافضين لموضوع الخلع وأكثرنا تشددًا في هذا الأمر، وانصرف أحمد حتى دون أن يودعنا، وتفرقنا دون أن نستكمل حوارنا ويبدو أننا ارتبكنا فعلا، فقد اكتشف معظمنا أن بعضنا يكيل بمكيالين، لكن واحدًا فقط من أصدقائي صاحبني في رحلة عودتي، فرغمًا عنا اضطررنا لاستكمال النقاش، لماذا الرجل يكاد يقتل زوج ابنته لو آذاها ولا يفعل نفس الشيء مع نفسه لو تسبب في إيذاء زوجته؟ هل كل رجل يتصور أنه شيء مختلف؟ أنا لا أتصور ذلك، لكن يبدو أن الرجل، لأنه يحسبها بعقله، يقبل على الزواج بقلق خوفًا من الإخفاق في النهوض بمسؤولية أسرته، وعندما يبذل كل ما لديه لإسعاد هذه الأسرة لا يتصور أبدًا أن يحرمه أحد منها، فالرجل يقدر الحياة الأسرية أكثر من المرأة صدقوني ويرعبه الطلاق أكثر منها بمراحل. لذلك تخيفه فكرة الطلاق لأنها تحرمه من أسرته، فيصب كل غضبه على هذه المرأة التي تريد إبعاده عن كهفه. لكن الأمرليس كذلك مع اخته وابنته، لأن الوضع هنا يختلف، فهو مسئول عن تخليص هذه المسكينة من براثن من يريد إذلالها، المشكلة معقدة إلى حد يجعلنا نفرد لها مساحة أخرى في أسابيع قادم